الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت احرونوت 7/8/2024

أكثر تطرفا، أكثر خطرا

بقلم: افي يسخاروف

اختيار حماس يحيى السنوار لرئاسة المكتب السياسي للحركة بدلا من “الشهيد” إسماعيل هنية يمثل المسار الذي اختارت حماس السير فيه في بداية الحرب: هذه حركة رجل واحد، مع رؤيا واحدة او بكلمات أخرى السنوار يقول لكل باقي كبار حماس: انا سأتصدر وأنا سأوجه الدفة. من لا يعجبه، سيكون مصيره كمصير محمد شتيوي. محمد شتيوي كان مسؤولا كبيرا في الذراع العسكري لحماس، عزب الدين القسام. كان قائد كتيبة زيتون بل ومسؤول التوجيه في اللواء الجنوبي لحماس. عائلته كلها كانت تعتبر مقربة جدا من الذراع العسكري وقيادة حماس. لكن في شباط 2016 أعلنت حركة حماس بانه اعدم على جرائم أخلاقية. غير ان شتيوي اعدمه اغلب الظن يحيى السنوار ورجاله للاشتباه بالتعاون مع إسرائيل وتسليم معلومات في اثناء حملة الجرف الصامد أدت الى محاولة تصفية محمد ضيف التي فشلت في حينه بينما زوجته وابنيه قتلا.

بعد بضعة اشهر من نهاية القتال اقتحمت بيت شتيوي قوة من مسلحي حماس بقيادة يحيى السنوار نفسه. امتشق محمود شتيوي من بيته امام عيون أبناء عائلته المذهولين. كل استجداءات أبناء العائلة لمسؤولي حماس لتحريره من السجن وادعاءاته بتعذيب شديد تعرض له، لم تلقى جوابا. بعد نحو سنة من اعتقاله اعدم.

شتيوي لم يكن الفلسطيني الأول الذي يعدمه السنوار. في السجن الإسرائيلي كان يلقب “أبو طنعش” أي أبو الـ 12، للاشتباه بانه قتل 12 مشبوها بالتعاون (ادين بقتل خمسة منهم). لقد اثبت السنوار بافعاله حتى قبل الحرب وبالتأكيد منذ 7 أكتوبر بانه رجل خطير، ذو رؤيا مسيحانية، اكثر تطرفا من اكثر المتطرفين من بين رجال حماس، اكثر وحشية وذكاء من معظمهم. فقد قاد حماس الى الحرب الأكثر وحشية وضراوة شهدتها غزة وفهم جيدا بانه يوشك على أن يضحي بالاف الفلسطينيين على مذبح رؤياه – ان يكون صلاح الدين الايوبي الفلسطيني.

لقد فهم بان 2.2 مليون فلسطيني سيدفعون ثمنا رهيبا وفظيعا على جنوناته، لكن شيئا لم يمنعه أو يؤخره من أن يخرج الى حيز التنفيذ خطة إرهاب خطيرة بهذا القدر ستكلف حياة اكثر من 1200 إسرائيلي، اختطاف 242 لكن أيضا حياة عشرات الاف الفلسطينيين الذين حتى عددهم الدقيق ليس معروفا. غزة في الخرائب، الذراع العسكري لحماس في الخرائب والان الذراع السياسي للمنظمة التي سارت على الخط مع الرجل الذي قاد الغزيين الى الكارثة الأكبر التي شهدوها منذ “نكبتهم” في 1948.

يشكل اختيار السنوار في واقع الامر اخضاعا للمكتب السياسي كله للسنوار. فلئن كان حتى يوم امس فصل ما، او توزيع للصلاحيات، تقسيم المناصب بين كبار المسؤولين في الخارج (هنية واخرين) وبين أولئك الذين في غزة، فان الحركة كلها الان تخضع لامرة السنوار في غزة، على المستوى النظري أيضا.

لقد تحول هنية الى زعيم رمزي للمكتب السياسي في لاسنوات الأخيرة منذ غادر الى قطر، وكان لا يزال له قول وتأثير سياسي ما. أما الان فلن يكون من يتجرأ حتى على الاختلاف مع الزعيم كلي القدرة، الذي يرى نفسا مخلصا بل وربما كمسيح للفلسطينيين. وهو سيعمل كل شيء كي يثبت مكانته طالما كان على قيد الحياة وسيحيد كل تهديد دون تردد. بمفاهيم كثيرة فان حماس في واقع الامر اختارت رجلا متطرفا جدا، مندفعا أيديولوجيا في اتجاه متطرف حتى اكثر مقارنة بـالاتجاه الذي تبنته حتى الان. وهذا يسمى في أماكن معينة “القطبية” على اسم احد زعماء الاخوان المسلمين سيد قطب الذي خلف مؤسس الاخوان حسن البنا. قاد قطب الاخوان الى خط متطرف اكثر بكثير من خط المؤسس (الذي هو الاخر كان متطرفا) وشكل بعد ذلك الهاما أيديولوجيا لحركات كالقاعدة وداعش. وهكذا ستبدو حماس في السنوات القادمة تحت قيادة السنوار (التي نأمل الا يعيش لزمن طويل آخر): ثابت، لا يتردد في المس بالفلسطينيين الذين يتجرأون على تحديه وبالتأكيد الإسرائيليين.

——————————————–

هآرتس 7/8/2024

نصر الله: الانتظار في إسرائيل هو جزء من ردنا

بقلم: عاموس هرئيلِ

اسرائيل وحزب الله واصلا أمس تبادل اللكمات على الحدود اللبنانية، لكنهما ما زال بانتظار المرحلة القادمة: هجوم كثيف يخطط له التنظيم الشيعي في مركز البلاد وفي الشمال ردا على اغتيال رئيس اركانه في الاسبوع الماضي فؤاد شكر. من تصريحات ومنشورات في ايران وفي لبنان فانه يبدو أن حزب الله يقود رد المحور الشيعي على اسرائيل، سواء على اغتيال شكر في بيروت أو اغتيال زعيم حماس اسماعيل هنية في طهران. اسرائيل، لاسباب سياسية، لم تنفذ ضربة استباقية لايران أو حزب الله، بل تستعد في هذه المرحلة دفاعيا للرد على الهجوم بمساعدة الولايات المتحدة ودول اخرى، وتوجيه ضربة قاسية في حالة أدى الهجوم عليها الى اصابات كثيرة.

ظهر أمس قتل الجيش الاسرائيلي في هجوم جوي في جنوب لبنان خمسة من رجال حزب الله. بعد ذلك بفترة قصيرة اطلق حزب الله، حسب بيانه، سرب من المسيرات نحو قاعدة شرغا التابعة للواء غولاني في جنوب نهاريا. يبدو أن أحد صواريخ الاعتراض التي اطلقت نحو المسيرات اخطأ الهدف وانفجر في شارع شمال القاعدة، 19 مواطن وجندي أصيبوا في هذا الهجوم، احدهم في حالة خطرة. الآن حزب الله يوسع مدى اصابته باتجاه اهداف اكثر جنوبا مما يهاجم بشكل عام، ويحاول اثبات قدرة هجوم أكثر فتكا.

رئيس حزب الله، حسن نصر الله، قال أمس في خطابه في بيروت بأن هجمات المسيرات للحزب تكشف اسرائيل في حالة ضعفها. في السابق ذكر بأن الجيش الاسرائيلي كان يعترض المسيرات حتى وهي في سماء لبنان؛ الآن “نحن نصل الى عكا رغم استعداد اسرائيل الكبير”. في جزء من المستوطنات في الجليل وفي هضبة الجولان طلب من السكان أمس البقاء قرب الملاجيء.

التقديرات في اسرائيل بخصوص خطط المحور برئاسة ايران ترتكز على تجربة حزب الله في توجيه اصابات قاسية لقواعد الجيش الاسرائيلي ومنشآت امنية أخرى، في الشمال وفي غوش دان. المحلل المقرب من حسن نصر الله، محرر صحيفة “الاخبار”، ابراهيم الامين، كتب امور بهذه الروحية أمس. فقد قال إن “ساحة الرد يمكن أن تكون تل ابيب، ويمكن أن تشمل المس بالمدنيين على هامش الهدف الرئيسي”. وقد وعد الامين بتوجيه ضربة بارزة في المركز، الجهة التي قررت عملية التصفية وشاركت في تنفيذها، الامر الذي يبدو كاشارة لمعسكر هيئة الاركان الموجود في مقر وزارة الدفاع.

الدكتور شمعون شبيرا، الخبير في شؤون حزب الله والذي شاهد خطاب حسن نصر الله، قال أمس بأن الامين العام يظهر غاضب بشكل واضح على موت شكر الذي عمل معه جنبا الى جنب لبضعة عقود. قبل حسن نصر الله ألقى نجل فؤاد شكر، محمد، خطاب وهو يرتدي الزي العسكري، والامين العام تفاخر بأنه قام لقيادة الحزب جيل محارب لمواصلة الدرب. وحسب شبيرا “عملية الاغتيال لا تشبه عمليات اغتيال قادة حزب الله الذين كانوا اصغر سنا من حسن نصر الله. بسبب اغتيال شكر في بيروت هو مستعد للارتفاع درجة في الرد ويخاطر ايضا باشعال حرب. العقبة الكأداء تم اجتيازها في شهر نيسان في هجوم ايران الكبير على اسرائيل بعد اغتيال الجنرال الايراني في دمشق. يبدو أنهم في هذه المرة سيتجرأون أكثر وسيذهبون حتى النهاية”. مع ذلك، من اقوال حسن نصر الله لم يظهر أي تهديد صريح بحرب اقليمية، التي يبدو حتى الآن أن حزب الله وأسياده في ايران يريدون تجنبها.

حسن نصر الله اعطى اشارات على أن حزبه ملزم بالرد، وأن القرار حول ذلك تم اتخاذه. السؤال هو هل هذا الرد سيكون بصورة متوازية مع اعضاء المحور الآخرين. حجم النيران التي سيتم اطلاقها يتعلق حسب قوله بمصالح الشركاء. اضافة الى ذلك فقد قال “هم قادرون على اصابة كل نقطة في اسرائيل من عدة جهات. الانتظار الطويل هو جزء من الرد. هو يشد حسب رأيه اعصاب اسرائيل ومواردها في انتظار الرد. وقد اضاف حسن نصر الله بأن حزب الله يعمل “رويدا رويدا”، يوجد لدينا صبر”.

في الجانب الاسرائيلي يوجد صبر أقل، لكن ايضا اذا تبدد التوتر الذي وصل الى ذروته فيما بعد، بعد تبادل اللكمات فانه لن يكون هناك أي حل للمشكلة الاستراتيجية في الشمال. الجليل يتعرض للهجمات منذ اشهر، و60 ألف من سكانه مهجرين ويد الدولة عاجزة عن الانقاذ.

الرسائل التي تأتي من ايران اقل حزما من الرسائل من لبنان رغم التهديد التقليدي لاسرائيل. الانطباع هو أن حزب الله يمكنه أن يقود العملية وايران توفر له الدعم، لكن ليس بالضرورة أنها ستنقض وتهاجم.

في زيارة رئيس مجلس الامن القومي الروسي، سيرجيه شفيغو، في طهران أول أمس، طلبت ايران حسب “نيويورك تايمز” شراء منظومات دفاع جوية متطورة وطائرات هجومية من روسيا، هذه امور تحتاج الى وقت. وكالة “رويترز” نشرت أن شفيغو نقل لمستضيفيه رسالة من الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، تقول بأنه يجب عليهم أن لا يضروا بردهم المدنيين الاسرائيليين.

مما قيل يمكن سماع موافقة بوتين على حق المحور في ضرب مواقع عسكرية في اسرائيل. دعم روسيا لايران، وبشكل غير مباشر لحزب الله وحماس، كان واضح خلال فترة الحرب. فقط قبل بضع سنوات تفاخر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأن علاقته مع بوتين تعكس “درجة مختلفة”. ولكن يبدو أننا انخفضنا درجة.

——————————————–

هآرتس 7/8/2024

ماذا تنتظر دولة إسرائيل غير “الكارثة الكبرى”؟

بقلم: أسرة التحرير

بعد عشرة أشهر من هجمة حماس في 7 أكتوبر، تقف إسرائيل على شفا حرب إقليمية ضد إيران وحلفائها. يعيش الجمهور في حالة قلق متزايد عقب تهديدات الإيرانيين وحزب الله في ردهم على اغتيال فؤاد شكر في بيروت وإسماعيل هنية في طهران. الجيش الإسرائيلي لا يمكنه التصدي وحده لـ “طوق النار” الإيراني، بل يعتمد على ائتلاف بقيادة الولايات المتحدة، التي عززت قواتها في المنطقة وتجند المزيد من الحلفاء لإنقاذ إسرائيل، هذا رغم غضب من سياستها، إذ وجه الرئيس بايدن انتقاداً شديداً لرئيس الوزراء نتنياهو.

نتنياهو مسؤول عن التدهور الحالي، ويقود إسرائيل عن وعي إلى الكارثة مرة أخرى. فقد وعد “بنصر مطلق” على حماس، نصر لم يتحقق حتى بعد أشهر طويلة من الاحتلال، بل تقويض، وتدمير، وخراب، وقتل وإبادة في غزة. وهو الآن يجر الدولة إلى فشل مطلق حيال إيران، ويشاركه رؤساء أجهزة الأمن والاستخبارات، الذين يراهنون على أعمال استعراضية لرفع المعنويات ويتحدّون نتنياهو بالتسريبات التي تعرضه كجبان، رغم صورته القوية والحماسية. نسي نتنياهو قول المفكر العسكري البريطاني ليدل هارت: الحد بين الشجاعة والغباء دقيق جداً.

في الماضي، تجلدت إيران على أعمال استعراضية نفذتها إسرائيل في حدودها، من سرقة الأرشيف النووي، واغتيال العالم الكبير محسن زاده، والهجوم على قاعدة المسيرات كرمانشاه، غير أنها تستغل التورط في غزة والشمال الآن كي تغير السياسة وترد على استفزازات إسرائيل. وحتى بعد الهجوم الليلي في نيسان الذي أطلقت فيه مئات الصواريخ والمُسيرات من إيران إلى إسرائيل رداً على اغتيال زاهدي في دمشق، لم يتعلم الدرس، فأقر نتنياهو مرة أخرى عملية لرفع المعنويات الإسرائيلية المتردية. في هذه المرحلة، كان عليه أن يفهم بأن كل هذه الأعمال لم تضعف الحرس الثوري حتى لو أحرجته للحظة قصيرة.

يفترض بنتنياهو أن يفهم علاقات القوى بين إسرائيل وإيران، التي تقترب من حافة النووي، وهو يعرف جيداً أنه تحت غطاء الخطابات الحماسية ووعود الجيش “للضرب في كل مكان” تضطر إسرائيل إلى معونة بايدن وحاملات طائراته. يجمل به أن ينصت لبايدن في القسم الدبلوماسي من سياسته أيضاً. وبدلاً من قرع طبول حرب أخرى وخطيرة، على نتنياهو أن يعمل على وقف نار في غزة. وهكذا يعاد المخطوفون ويحل هدوء في الشمال، وتتمكن إسرائيل من ترميم الجيش الإسرائيلي وإعادة مواطنيها إلى البلدات المهجورة في حدودها. لا رد أفضل من هذا على الضائقة التي جر نتنياهو الدولة إليها من أجل بقاء ائتلاف اليمين المتطرف برئاسته، واستمرار مؤامرة الانقلاب النظامي، وتدمير الديمقراطية. حان وقت التوقف وتغيير المسار.

——————————————–

معاريف 7/8/2024

وصلنا الى المفترق

بقلم: آفي اشكناي

رياح الحرب تهب في الشرق الأوسط – ايران، حزب الله في لبنان ومعهم كل الوكلاء من اليمن، من العراق ومن سوريا. ليس واضحا حاليا كيف ستنتهي المعركة. هل ستهاجَم إسرائيل ومتى، ماذا سيكون حجم الهجوم وكيف سترد إسرائيل.

في معمعان الفزع والحرب النفسية، نسينا موضوعا هاما، من اجله انطلقنا الى المعركة التي فرضت علينا – تحرير الرهائن المخطوفين لدى حماس. وبالطبع، تسوية حماس سواء عسكريا أم سلطويا.

تقف إسرائيل منذ بضعة أيام امام مفترقT. حكومة إسرائيل يمكنها أن تقوم بخطوة تكتيكية تخلق واقعا استراتيجيا هاما. يمكنها أن تنفذ خطوة عاجلة تتمثل باتفاق لتحرير مخطوفين. المعطيات التي تكتب هنا نقية من مواضيع سياسية واحابيل إعلامية، وهي تستند بشكل صاف على معلومات عسكرية وامنية.

وضع حماس: 75 في المئة من قوتها ابيدت.

الوضع السلطوي لحماس: كل مسؤولي المنظمة الكبار في غزة قتلوا باستثناء يحيى السنوار الذي يعمل في هذه اللحظة كذئب منفرد وكفيل، حسب تقارير مختلفة ليوم أمس، ان يخلف هنية.

اعمال التصفيات تؤثر جدا على رجال حماس في كل المستويات. الضغط هو كبير وهم مستعدون اليوم لان يدفعوا اثمانا اعلى مقابل وقف مؤقت للقتال.؟

إسرائيل تؤمن بانه في الاتفاق الإنساني ستتمكن من انقاذ بين 25 و 35 مخطوفا.

إسرائيل يمكنها في الأيام القريبة القادمة أن تعمل وتركز الجهد في محور فيلادلفيا كي تكشف وتدمر الانفاق التي بقيت في المكان. يمكنها بضمانات أمريكية ان تخرج من المحور حتى ستة أسابيع. في هذا الزمن التهريبات لن تغير، اذا كانت ستغير على الاطلاق، وضع الذخيرة لدى حماس.

ثمن السجناء الذين ستحررهم إسرائيل على الـ 35 مخطوفا سيكون ادنى جدا من الثمن الذي دفعته مقابل تحرير جلعاد شاليط.

الامريكيون سيمنحون إسرائيل تسوية في محور الدول المعتدلة.

إسرائيل ستطالب الأمريكيين بفرض اتفاق في الشمال أيضا.

إسرائيل يمكنها أن تنظم نفسها لمواصلة قتال اقوى واكثر تركيزا حيال حماس فور انتهاء المرحلة الأولى.

إسرائيل كفيلة بان تتلق في مثل هذا الاتفاق ذخيرة وقطع غيار تحتاجها لمواصلة التحديات الإقليمية.

هنا المعطيات والامتيازات. في جهاز الامن متفقون في الرأي على أن هذا هو الموعد الأخير لاتخاذ القرار بالنسبة للاتفاق. الثمن معروف، المقابل معروف، المخاطرة قدرت وفحصت. الان بقي فقط القرار – إما ان نأخذه او نواصل القتال فيما أنه ليس واضحا متى سنصل الى المفترق التالي، اذا كنا سنصله على الاطلاق.

——————————————–

هآرتس 7/8/2024

الاستعراض الذي سيدفن المخطوفين

بقلم: تسفي برئيل

أخيرا نجحنا في انتاج استعراض حقيقي. ليس شجار على مستوى الحي أو تبادل اللكمات مع عصابات. الآن توجد أمامنا حرب شاملة محتملة، “حلقة نار” أمام “حلقة نار”، التي اذا اندلعت فان من شأنها أن تعيد مجددا رسم خارطة الشرق الاوسط. فقط هناك سؤال صغير آخر، الذي ربما حتى من غير الجدير طرحه مع الأخذ في الحسبان حجم اللحظة، وهو ماذا سيحدث لمواطني دولة اسرائيل عندما تسقط آلاف الصواريخ والمسيرات وكل “الاجرام السماوية” على التجمعات السكانية، وتهدم مبان عامة وتقتل آلاف السكان.

الآن الدول تطلب من مواطنيها الخروج من لبنان، وشركات طيران تقوم بالغاء رحلاتها الى اسرائيل ولبنان. في حين أن مواطني اسرائيل، الذين سيشكلون الضرر العارض المتوقع في هذه الحرب، فان المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي ما زال يقترح عليهم عدم الذعر، وأنه فقط يجب عليهم الامتثال لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية التي لم تتغير بعد. بكلمات اخرى، “اشربوا الماء، كل شيء على ما يرام، الحياة كالعادة”. تنقص صياغته الباردة فقط كلمات مهدئة مثل “حزب الله مرتدع” و”ايران مرتدعة” من اجل استكمال هذه القصيدة.

يبدو أن النظرية، التي وجهت وزير الدفاع السابق، اهود باراك الذي في العام 2011 توقع بأنه “لا توجد أي احتمالية لأن يقتل 50 ألف شخص أو 5 آلاف شخص أو حتى 500 شخص” في هجوم مضاد لايران، ما زالت سارية المفعول، رغم أنه منذ ذلك الحين اصبح في حوزة حزب الله عشرات آلاف الصواريخ الدقيقة وترسانة ايران العسكرية امتلأت بكل الانواع.

التوتر والرعب من الحرب الاقليمية ربما بدأت تثقل قليلا على الشعور بالراحة الذي جلبه لنا الانجاز الساحر، تصفية اسماعيل هنية وتصفية فؤاد شكر. وبعد قليل سنجد صعوبة في تذكر اسميهما. ولكن في المقابل حصلنا على المزيد من المكاسب، التي هي أهم بكثير من عمليات التصفية ومؤثرة أكثر من توقع الحرب. هذا سيكون الاستعراض الاضخم الذي سيخفي مرة والى الأبد موضوع المخطوفين، وسيلغي “الصفقة” المغروسة مثل حجرة في نعل الحكومة وتسبب عدم ارتياح قليل لرئيسيها.

من الذي يفكر الآن، في الوقت الذي فيه ايران تقف على الجدار، بالخروج للتظاهر في ميدان المخطوفين؟ كم من الصبر وحب الاستطلاع بقي من اجل سماع المزيد من القصص وتجارب العائلات التي تحطم عالمها؟ وماذا عن المخلين؟ الامر محزن ومثير للغضب، ولكننا مجبرين على أن نشتري وبسرعة المزيد من المياه المعدنية لأن المنافسة الكبيرة عليها بدأت.

لكن هنا ايضا تبدأ قصة من يسمون رؤساء جهاز الامن، رئيس الموساد ورئيس الشباك ورئيس الاركان ووزير الدفاع. قبل لحظة كانوا هم آخر ابطال الاخلاق وحماة الدولة، ليس فقط من العدو في الخارج، بل بالاساس العدو في الداخل، ضد عصابة زعران ورئيسها الذين يقومون بنهب الدولة وينزعون عنها طابعها الانساني. حتى الآن هم الوحيدون الذين تجرأوا على قول الحقيقة لرئيس الحكومة، والطلب منه بأن يتوقف عن زرع العبوات الجانبية في الطريق الى صفقة التبادل. نحن نطلب منهم ايضا بأن يقولوا لنا الحقيقة، وأن يقوموا بكشف جرائم نتنياهو تجاه المخطوفين وعائلاتهم. نحن نلح عليهم ونتوسل اليهم “لا تتعاونوا”، وحتى نقترح عليهم تقديم استقالاتهم لهز الحكومة، وبالاساس هز الجمهور.

لكن ماذا حول مسؤوليتهم عما يبدو كافشال اخير للصفقة؟ هل قاموا بعرض سيناريو فيه تصفية هنية ستعطل الصفقة؟ أو أنهم انقضوا على الفرصة الاستخبارية والعملياتية وكأنهم وجدوا غنيمة كبيرة، وقالوا بصوت واحد “يجب علينا القيام بعملية التصفية”؟ هل قدروا أن هذا “الانجاز” سيدخل اسرائيل وكل المنطقة الى دوامة، وسيدخل مواطني الدولة الى خوف وجودي ويبقي المخطوفين في الانفاق المظلمة لاشهر اخرى من المعاناة؟. في نهاية المطاف هم الذين قالوا وما زالوا بأن حملة تسوية الحساب القاتلة مع حماس سيكون بالامكان استكمالها في أي وقت، حتى بعد الحرب وربما بعد سنوات. فهل هم ايضا يكذبون؟.

——————————————–

هآرتس 7/8/2024

في حيفا يخشون من هجوم من لبنان يمس بالمواد الخطيرة في خليج حيفا

بقلم: عدي حشمونائي

التوتر الامني والاستعداد المتزايد في اسرائيل لردود من ايران وحزب الله، زادت التخوفات في اجزاء في الشمال، التي حتى الآن لم تتضرر من الصواريخ أو المسيرات، بالاساس في حيفا. في خطابه أمس عاد رئيس حزب الله، حسن نصر الله، وأشار الى أن هذه المدينة يمكن أن تكون احد الاهداف الرئيسية التي سيهاجمها حزب الله ردا على تصفية قائد كبير في حزب الله، فؤاد شكر، قبل اسبوع في بيروت.

السيناريو الذي يقض مضاجع الكثير من سكان حيفا هو الهجوم الذي سيصيب مصانع البتروكيماويات والمصافي ا التي ما زالت تحتوي على كميات كبيرة من المواد الخطيرة. عزاء صغير لسكان حيفا يتمثل في أن صهريج الامونيا لشركة حيفا للكيماويات تم افراغه في السنوات الاخيرة، بعد عقد من النضال البيئي. ولكن  قرار اخلاء المنشآت الاخرى يتقدم ببطء والتهديد ما زال ملموس.

“من الواضح أنني أخشى بالاساس من حدث لمواد خطيرة، نحن نجلس على برميل مواد متفجرة ونخشى كثيرا مما يمكن أن يحدث هنا”، قالت رفيت شتوسل، وهي من سكان المدينة ومركزة جمعية “لننظف ميناء حيفا”. وزارة حماية البيئة قامت في 2022 بمسح لاخطار المواد الخطيرة، الذي لم يستكمل، وفي الجزء الذي نشر تم الحديث عن 1500 مصدر للخطر و800 نوع من المواد الخطيرة التي توجد في ميناء حيفا، كما قالت شتوسل. وحسب قولها فانه في هذا المسح تم فحص الاحداث التي يمكن حدوثها في الوضع العادي، ولكنهم لم يستمروا في فحص سيناريوهات الاضرار التي ستنتج عن عمليات تخريبية أو هجمات.

في الاسبوع الماضي، منذ اغتيال شكر وهنية، فان قيادة الجبهة الداخلية اصدرت تعليمات لمصانع كثيرة في الشمال لتقليص المواد الخطيرة فيها، وقيدت نقلها على الشوارع. منظمات البيئة تخشى من أن تكون هذه الاجراءات غير كافية. “هناك عشرات المصانع التي تعمل بالمواد الخطيرة، وهناك ايضا خزانات للغاز جميعها توجد في نفس المنطقة. هذا الوضع يظهر بشكل كبير اهمية البدء في اخلاء صناعة البتروكيماويات من خليج حيفا. ويظهر ايضا التأخر الهستيري”، قالت شتوسل. “نحن نطالب بتقليص آخر للمواد الخطيرة في المصانع وتسريع الجدول الزمني لاغلاق الصناعات الكيماوية في حيفا الكبرى. اضافة الى ذلك بقي علينا فقط أن نصلي لاله الحظ”.

ليس فقط مصانع البتروكيماويات هي التي تقلق سكان حيفا. نوعا شاك، وهي من سكان المدينة ومهندسة معمارية، تخشى من ضرب مبان فيها الكثير من السكان، أو من ضرب عدة احياء في المدينة التي يوجد لها مدخل ومخرج واحد، التي تسميها احياء محبوسة. “يكفي اغلاق طريق واحدة لسبب ما حتى سنصبح في حالة صعبة من اجل انقاذ مصابين”، قالت شاك. “في المدينة هناك ايضا عدد كبير من المنشآت العسكرية التي توجد قرب المباني السكنية. حتى أن مستشفى رمبام يوجد قرب قاعدة لسلاح البحرية. هذه المنشآت تعتبر هدف مفضل للهجوم من لبنان، الامر الذي سيعرض للخطر السكان والمنشآت المدنية الحيوية”.

مواطنة اخرى قالت إن قلقها في جزء منه ينبع من عدم ثقتها بمن يديرون الازمة. أنا قلقة لأنني لا أثق بحكومة اسرائيل ونواياها وطبيعة ادائها. في بلدية حيفا يستمرون في الاعلان بأن المدينة مستعدة لأي سيناريو، سواء من ناحية حماية السكان من اطلاق النار أو من ناحية الاستعداد لاحداث تتعلق بالمواد الخطيرة.

“نحن نعمل حسب تعليمات قيادة الجبهة الداخلية، التي اصدرت تعليمات ايضا حول معالجة نقل المواد الخطيرة في الميناء، وكل ذلك من اجل تقليص بقدر الامكان المواد الخطيرة”، قال افيهو هان، وهو نائب رئيس بلدية حيفا ورئيس جمعية “المهتمون بحماية البيئة في خليج حيفا”. “نحن اجرينا عدة تدريبات لوضع الحرب، بما في ذلك سيناريو أحداث مواد خطيرة”. وحسب قوله ايضا في ارجاء المدينة اجريت تدريبات لاعداد الحماية. “لقد قمنا باعداد مواقف السيارات تحت الارض من اجل استيعاب السكان الذين ليست لديهم حماية. ايضا محطات القطار في الكرمل التحت ارضية تم اعدادها، ونحن نبلغ السكان باستمرار حول التأهب. أنا اعتقد أن السكان مضغوطين، لكن هذا الضغط ينخفض كلما قمنا باشراكهم في الاعداد”.

——————————————–

إسرائيل اليوم 7/8/2024

تخوف نصرالله

بقلم: شاحر كلايمن

“نرد بحذر، يواش يواش. الانتظار من الجانب الإسرائيلي هو جزء من العقاب ومن المعركة”، هكذا قال أمس امين عام حزب الله حسن نصرالله، في خطابه من الوكر. بعد أسبوع من تصفية فؤاد شكر يده اليمنى، رئيس منظمة الإرهاب ادعى بان التأخير هو جزء من معركة نفسية ضد إسرائيل. وهدد بان الردود ستأتي من ايران، من اليمن ومن لبنان ودعم حماس لن يتوقف. وعلى حد نهجه فان الخطر المركزي هو نصر إسرائيلي في غزة يدفن “القضية الفلسطينية” و “نعرض كل المنطقة للخطر”.

تخوف مشابه يفهم لدى محرر صحيفة “الاخبار” اللبنانية، إبراهيم الأمين. الصحافي المقرب جدا من حزب الله، كتب في مقال له يقول ان المحور المؤيد لإيران على وعي من أن دوره في هذه المرحلة هو “خدمة غزة”. وعلى حد قوله فان ضغط “الجبهات في الشرق الأوسط يستهدف تعقيد الحرب الإسرائيلية، الدفع الى وقف نار تام – وهكذا منع انهيار منظمات الإرهاب هناك.

ألمح الأمين بالهدف المفضل. أشار الى أن حزب الله يمكنه أن يختار أهدافا في تل أبيب ويمس بالمدنيين في زمن الهجوم. بزعمه، الفاعلية ستكون لضرب اهداف مركزية لجسم اتخذ القرار بتصفية فؤاد شكر. كان هناك من قدروا بان المقصود هو كريا الجيش الإسرائيلي في تل أبيب. الى جانب ذلك، كتب مقرب نصرالله بان تأثير ما يجري في غزة وخوف الجمهور اللبناني من الحرب يؤخذان هما أيضا بالحسبان.

لحزب الله يوجد سبب وجيه للتخوف من نصر إسرائيلي في غزة. فصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية كشفت النقاب عن مصادرها بانه كلما استمرت الحرب في القطاع، ينجح الجيش الإسرائيلي في وضع يده على مزيد فمزيد من القيادات في حماس. السببان المركزيان اللذان طرحا في المقال هما التقدم في تدمير الانفاق واعتقال الغازيين الذين يقدمون معلومات استخبارية باهظة القيمة.

تداخل هذين العنصرين يضع مصاعب امام مسؤولي حماس للاختباء. في كل مرة يدمر فيها نفق ما، يفقد نفق آخر الاكسجين او يقطع خط الاتصال به. في كل مرة تأتي معلومات من معتقل، تنكشف شقة اختباء من على وجه الأرض. ولهذا فان مسؤولي وقادة المنظمة ينكشفون الواحد تلو الاخر ويلقون حتفهم.

تخوف آخر عبر عنه نصرالله هو من التحالف الإقليمي الذي ينسج بين إسرائيل والدول العربية. وقد حاول الأدعاء بان نصرا في غزة سيعرض للخطر ايضا الاردن ومصر، وان العلاقات مع إسرائيل لا يوجد لها أي تأثير على القضية الفلسطينية. وبزعمه، فان الحلف الدفاعي حيال ايران، والذي ظهر في أيلول الماضي هو بالذات دليل على ضعف. مشكوك أن يكون صدق نفسه.

قبيل نهاية خطابه حاول امين عام حزب الله وضع معادلة رعب بين إسرائيل ولبنان. فقد تباهى بان لأول مرة يترك الإسرائيليون أيضا بيوتهم في اثناء الحرب مثلما يتركها اللبنانيون وان شركات الطيران تلغي رحلاتها الى مطار بن غوريون وليس فقط مطار الحريري. من تحت هذه المعادلة يعشعش خوف من حرب شاملة، ستثبت على ما يبدو بان ميزان القوى مختلف جوهريا.

هذا لا يعني بالطبع ان نصرالله مردوع. فتصعيد هجماته بما فيها استخدام مُسيرات من نوع جديد يشهد على أنه مستعد لان يأخذ مخاطر اكبر. وعلى الرغم من ذلك تقترب اللحظة التي يقع الخطأ فيها في منظومة حساباته. بدون يده اليمنى، الذي كان على حد شهادته “عقل استراتيجي” فان هذا الخطأ اقرب من أي وقت مضى.

——————————————–

معاريف 7/8/2024

معادلة متوازنة: دون وقف نار في قطاع غزة فان احتمالية المعركة الإقليمية اعلى

بقلم: داني سترينوبتس

حافظ الأسد، الرئيس السوري الراحل، حاول في عهده ان يحقق “توازنا استراتيجيا” مع اسرائيل.  السلاح الكيميائي الذي انتجته سوريا وقدرات صواريخ أرض أرض السورية شكلت عناصر استراتيجية في هذه الإرادة. من خطاب حسن نصرالله أمس يفهم على ما يبدو بان “محور المقاومة” يعتقد انه وصل الى مثل هذا التوازن، في ضوء الفهم بانه بخلاف الحروب السابقة، فانه ليس فقط لا يمكن لإسرائيل أن تدافع عن نفسها بقواها الذاتية بل ونشأت أيضا معادلة متوازنة بين الثمن الذي يدفعه المحور وبين الثمن الذي تدفعه إسرائيل.

يخيل أن هذا التفكير يؤدي بنصرالله الى الفهم بان من الصواب استخدام هذا التوازن الاستراتيجي لاجل التأكد من الا تتمكن إسرائيل من هزيمة “المقاومة الفلسطينية”. على نحو يشبه تفكير الولايات المتحدة بالنسبة لفيتنام في عهد الحرب الباردة، في نظر نصرالله اذا ما هزمت حماس في القطاع، فانها ليست سوى مسألة وقت الى أن يكون كل العالم العربي في خطر من إسرائيل بسبب سياستها المتطرفة بل وحتى المواقع الاسلامية المقدسة.

في ضوء ذلك، ليس بوسع المحور وبالتأكيد نصرالله ان يوقف المعركة في الشمال في الوقت الحالي ومن الصواب استخدام قوة المحور لاجل فرض وقف النال على إسرائيل.

هذا الفهم خطير للغاية اذ له معنى واحد – لا يمكن ضعضعة الارتباط المصيري الذي خلقه حزب الله في 8 أكتوبر بين حماس قطاع غزة وحزب الله في لبنان، وستكون المنظمة مستعدة لان تواصل المواجهة مع إسرائيل الى أن توافق هذه على اتفاق وقف النار في القطاع، سينقذ عمليا حماس. وحتى لو غيرت إسرائيل نمط عملها، وطالما لا يكون وقف نار في غزة، فان النار في الشمال ستستمر.

في ضوء هذا يضع نصرالله امام إسرائيل عمليا خيارين: وقف نار في غزة تسمح لحماس بالنجاة عسكريا وسياسيا، او استمرار المعركة في الشمال لن تسمح فقط للمواطنين الإسرائيليين بالعودة الى بيوتهم. معقول الافتراض بان هذه الخطوات ستؤدي الى معركة واسعة في الشمال في ضوء ارتفاع درجة ردود فعل حزب الله في الاشهر الأخيرة، والذي يتضمن توزيع مدى نار المنظمة في شمال إسرائيل.

هذا، بالطبع، اذا لم تصل الأطراف الى معركة فيما بينها في اعقاب رد المنظمة على تصفية فؤاد شكر، والذي من الواضح أنه سيكون مختلفا جوهريا عن كل الاعمال التي قام بها حزب الله حتى الان حيال إسرائيل – سواء بالحجم ام في المدى وربما حتى في نوع السلاح. عاد نصرالله وتعهد برد من هذا النوع وبالتالي، لاجل الحفاظ على ردع المنظمة وفي ضوء الحاجة لان يضع لإسرائيل خطا احمر في نظره في كل ما يتعلق بالمس بكبار مسؤولي المنظمة، ولا سيما “في القلب النابض” لحزب الله – الضاحية في بيروت – ردا شديدا سيصل دون أي صلة بالضغط الذي يمارس على المنظمة داخليا في لبنان أم خارجيا من جهة دول مختلفة.

في السطر الأخير، توجد الأطراف على شفا تصعيد واسع لكن حتى لو منع هذا، واضح انه بدون وقف نار في القطاع لا توجد لحزب الله أي نية لوقف النار في الشمال، دون صلة بما تفعله إسرائيل. هذه الحقيقة تضمن تصعيدا تقريبا في كل سيناريو مهما كان.  من خطاب أمس واضح ان نصرالله واثق ان ليس فقط إسرائيل غير معنية بالحرب بل ان قدرات المنظمة هي في مستوى يجعل إسرائيل تفكر مرتين في سياقات توسيع المعركة، واذا ما فرضت هذه عليهم – فان المحور سيتمكن من إسرائيل.

*باحث مختص بالشؤون الإيرانية في معهد بحوث الامن القومي

——————————————–

هآرتس 7/8/2024

من ناحية عملية، هناك طريقة واحدة فقط يمكن لاسرائيل البقاء من خلالها

بقلم: نمرود شيفر

في مقال نشره أمس في “هآرتس” العميد احتياط ران كوخاف (رانخو) والعميد احتياط نير يناي، الضابطان اللامعان، بعد تحليل الاحتمالات التي تواجه اسرائيل في الوقت الحالي، فان ابداء الرأي أو تحديد موقف من البديل المناسب بالنسبة لها، هو أمر نادر جدا. التحليل طرح ثلاثة بدائل للعمل، الاخير من بينها هو استمرار المراوحة الحالية في المكان. والاول هو التطلع لانهاء الحرب مع عدة ترتيبات ستمكن من الاستقرار واعادة البناء (الكُتاب يسمون ذلك هدنة استراتيجية لاعطاء القاريء، وربما متخذي القرارات، الشعور بأنه في المستقبل يمكن العودة الى القتال). والثاني هو الحرب الشاملة التي تهدف الى هزيمة التهديدات الكبيرة التي تواجه اسرائيل، لا سيما ايران وحزب الله، وضمن ذلك منع ازدياد قوتهم في المستقبل، الامر الذي حسب كوخاف ويناي سيشكل من جديد ميزان القوى الاستراتيجي في الشرق الاوسط.

لكن نظرة اكثر عمقا في هذه البدائل تظهر بوضوح أنه اذا كانت دولة اسرائيل ترغب في البقاء فان امامها احتمالية واحدة فقط، الاحتمالات الاخرى ستؤدي حقا بالشرق الاوسط الى تشكيل علاقات القوى الاستراتيجية من جديد، لكن بصورة واضحة لغير صالح اسرائيل، في حالة أنها لم تنجح في ذلك.

احتمالية المراوحة  ستعمل على تآكل قوة اسرائيل العسكرية بسبب النشاطات التي لا تتوقف، والاستعداد العالي للقوات في الشمال، وتآكل الاحتياط، وخلال ذلك التآكل المستمر لتماسك المجتمع في اسرائيل، والمس باقتصادها وتدهور علاقاتها الدولية، بما في ذلك وقف ارساليات السلاح الاحتياطي. كل ذلك سيضعف اسرائيل حتى اللحظة التي تقرر فيها ايران بأنه حان الوقت لشن الحرب التي تهدف الى هزيمتها. وحتى لو تقم ايران باختيار هذا المسار فان معنى استمرار الوضع الحالي لفترة طويلة سيكون صعب على التحمل. هذا ما عرفه الآباء المؤسسون عندما حددوا في العقيدة غير المكتوبة بأن دولة اسرائيل بحاجة الى قدرة على الحسم، الذي هدفه هزيمة العدو وضمان الحروب القصيرة.

الاحتمالية الثانية التي يسميها كتاب المقال بـ “الحرب الشاملة” هي احتمالية صعبة جدا على اسرائيل حتى في افضل الاوقات، مع جيش مستعد ومؤهل وغير متعب من حرب استمرت لعشرة اشهر وجنود احتياط تم تدريبهم والذين لا يعودون للمرة الثالثة لفترة خدمة تستمر لاشهر بعد ايام كثيرة متعبة جدا، ومع شعب متكافل يقف وراء الحكومة ويثق بها (الاستطلاعات الاخيرة تظهر أن 25 في المئة فقط من الجمهور يثق بالحكومة). ايضا في الاوقات العادية، “التسبب بضرر كبير ومستمر لايران وحزب الله”، حسب كتاب المقال، هو انجاز تقريبا غير ممكن لاسرائيل، وبالتأكيد ليس عندما يجب أن يتحقق في الساحتين معا وفي نفس الوقت، هذا في الوقت الذي فيه الجوثيون في الجنوب يواصلون جهود الاستنزاف (الذي يثبت على الاقل قوات دفاع جوية حيوية)، وفي الوقت الذي ما زالت فيه الحرب في القطاع مستمرة وتبتلع القوات وتجبي مصابين في طرفنا. كل ذلك دون دعم الدول الجارة، التي حتى الآن عمليات دفاع اسرائيل ما زالت تحظى بدعمها، لكن الحرب الشاملة التي ستبادر اليها من المؤكد أنها ستواجه بادارة الظهر، بشكل خاص من قبل هذه الدول.

هذا يبقي لنا احتمالية واحدة يمكنها ايصال اسرائيل الى بر الأمان وتمكينها من اطلاق سراح المخطوفين والنهوض الوطني والتجند الاجتماعي والاستعداد لمبادرة عسكرية في ظروف محسنة. حتى لو أن هذه المبادرة ستكون بعد سنوات. ربما، من يعرف، أن الوقت المطلوب لبلورة اتفاقات سياسية تخفف الحاجة المستقبلية الى استخدام القوة.

هذه الاحتمالية، التي يتم طرحها كبديل أول في مقال كوخاف ويناي، هي بالفعل الاحتمالية الوحيدة التي لن تجر اسرائيل الى وضع خطير جدا، فيه هي آخذة في الضعف وحتى لا يمكنها تحقيق أحد اهدافها السامية أو اهدافها الوطنية. في الحقيقة هذا الخيار من غير السهل تحقيقه، لكن بسبب أنه الخيار الوحيد الذي يضمن الأفق واعادة المخطوفين واعادة البناء والازدهار، فانه مطلوب من قادة الدولة (اذا كان احدهم قرب دفة القيادة) السعي الى تحقيقها حتى بعد الرد على تصفية زعيم حماس في طهران ورئيس اركان حزب الله في بيروت.

——————————————–

معاريف 7/8/2024

معظم عناصر حماس موجودون في وسط قطاع غزة، سبب عدم دخول جيش الاحتلال

بقلم: بار شيفر

يظهر تحقيق أجرته شبكة سي إن 5-8-2024 أن حماس بعيدة كل البعد عن التدمير. وفي التحقيق، فحصوا جميع كتائب حماس، التي تنقسم إلى 24 كتيبة – بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي، وتبين أنه حتى الأول من يوليو – تم تدمير ثلاث كتائب فقط من أصل 24 كتيبة وهي غير فعالة، وثمانية لا تزال فعالة و 13 فقدت قوتها لكنها ما زالت تقاتل، كما كشف التحقيق أن سبع كتائب في شمال قطاع غزة، ثلاث منها فعالة وأربعة تم إضعافها وتقليصها، قد بدأت في إعادة تأهيلها.

كما أفادت التقارير أن كتائب وسط غزة هي الأقل تضرراً في القطاع، بحسب المصادر العسكرية الإسرائيلية والتحليلات.

وتقول مصادر إسرائيلية إنها لم “تتعامل” بشكل كاف مع هذه الكتائب، لأنها تعتقد أن العديد من المختطفين موجودون هناك. البيانات الخاصة بتعزيز الكتائب لا تشمل كتائب الشمال حيث لم يتمكنوا هناك من جمع كل المعلومات.

خريطة كتائب حماس كما ظهرت في تحقيق CNN

تم إجراء التحليلات من قبل مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد أمريكان إنتربرايز، ومعهد دراسة الحرب وشبكة CNN.

وتعني الكتائب القتالية الثماني الفعالة أنها قادرة على تنفيذ مهام ضد الجنود الإسرائيليين على الأرض في غزة. يمكن للوحدة القتالية الفعالة إنجاز المهمة الموكلة إليها. يتم تعريف الوحدات المصنفة CTP وISW على أنها محاربون فعالون عندما يتم تقييمهم للدفاع عن الأرض باستخدام تكتيكات متطورة وأنظمة أسلحة أكثر تقدمًا.

تم تقليص عدد القوات الـ 13 المتبقية، ولا يمكنها سوى تنفيذ هجمات متفرقة، ومعظمها غير ناجحة على طراز حرب العصابات. وقد تعرضت هذه الوحدات لخسائر تعيق قدرتها على تنفيذ المهام، ولا تظهر إلا بعض خصائص الوحدة القتالية الفعالة. وربما فقدت العديد من قادتها في فترة قصيرة من الزمن، وقد تشير إليها التقارير العسكرية الإسرائيلية على أنها وحدة منحلة.

تأسيس حماس

ركزت تحليلات CTP وISW وCNN لقدرة حماس على ترسيخ نفسها على 16 كتيبة في وسط وشمال غزة، وهي أطول أهداف الهجوم الإسرائيلي. إعادة الإعمار عبارة عن مجموعة من العمليات التي تهدف إلى استعادة مستوى مقبول من الفعالية القتالية لمهمة معينة بعد التدهور الشديد. تتكون إعادة الإعمار من مهمتين: التجديد وإعادة التنظيم.

ووفقاً لتحقيق CNN، يبدو أن حماس تعيد ترسيخ نفسها في جنوب مدينة غزة، وكذلك في أجزاء من شمال قطاع غزة – بما في ذلك منطقة جباليا. وذلك باستثناء جنوب قطاع غزة، حيث أنه غير معروف إعلاميا بسبب معطيات جزئية.

وتمكنت سبع من تلك الكتائب الـ16 من إعادة تشكيل – إعادة بناء بعض قدراتها العسكرية – مرة واحدة على الأقل خلال الأشهر الستة الماضية. وكلها تقع في شمال القطاع. ولم تشمل التحليلات المنشورة في تقرير CNN جنوب غزة بسبب البيانات التاريخية الجزئية حول وضع ألوية حماس الثمانية التي يعتقد أنها تعمل هناك.

خلال التحقيق بأكمله، قامت CNN بمراجعة آلاف الادعاءات من قبل حماس والجيش الإسرائيلي، وحددت جغرافيًا عشرات من مقاطع الفيديو التي تظهر المعارك في غزة في الأشهر الأخيرة، من أجل التحقق من النتائج التي توصلت إليها معاهد الأبحاث في واشنطن العاصمة وتحليلها. كما ساعدت المقابلات مع مصادر عسكرية إسرائيلية ومدنيين فلسطينيين على الأرض في غزة على تأكيد الاتجاهات الواردة في الدراسة.

قيام حركة حماس في شمال قطاع غزة

وكانت هناك أدلة على عودة قوات حماس إلى الظهور في النقاط الساخنة الرئيسية. وفي مخيم جباليا للاجئين، قالت إسرائيل إنها عادت في مايو/أيار إلى مقاومة “شرسة” من ثلاث كتائب تابعة لحماس، على الرغم من تدمير المنطقة في حملة قصف استمرت قرابة ثلاثة أشهر في الخريف. وشنت إسرائيل أربع غارات على حي الزيتون بمدينة غزة، بحسب التحليلات.

وقال العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي بيتر منصور، الذي ساعد في الإشراف على نشر 30 ألف جندي أمريكي إضافي في العراق في عام 2007 – وهي استراتيجية لمكافحة التمرد تُعرف باسم “الموجة”: “إذا تم تدمير كتائب حماس إلى حد كبير، فإن القوات الإسرائيلية لن تستمر في القتال”. وكان منصور ضابط عمليات لدى الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس، رئيس القوات المتعددة الجنسيات التي كانت تقودها الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وأضاف: “حقيقة أنهم ما زالوا في غزة، وما زالوا يحاولون طرد عناصر من كتائب حماس، تظهر لي أن رئيس الوزراء نتنياهو مخطئ”. وأضاف أن “قدرة حماس على استعادة قواتها المقاتلة لم تتضاءل”.

وتزعم إسرائيل أنها قتلت نصف قادة حماس وأكثر من 14 ألف مقاتل في غزة. وتشكك حماس في هذه الأرقام، على الرغم من أنها لم تقدم إحصاء خاصا بها للضحايا. ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، قُتل ما يقرب من 40,000 شخص وأصيب أكثر من 91,000 آخرين منذ بداية الحرب.

وقال ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN، دون الكشف عن هويته: “أينما ترفع حماس رأسها، سندخل”. “هل يمكن أن تستمر لعبة البينج بونج هذه إلى الأبد؟ لا. مجتمعنا لم يُبنى لذلك. وكذلك المجتمع الدولي.” ومضى يقارن العملية في غزة بـ “عداء الماراثون الذي لا يعرف أين يقع الملعب. أنت تركض ولا تعرف ما إذا كنت تسير في الاتجاه الصحيح”.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء على شبكة CNN.وقال فلسطيني فر مؤخراً من المنطقة لشبكة CNN، طالباً عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام: “إن وجود حماس في شمال غزة أقوى مما تتخيل”. وقال الرجل الذي فقد ما يقرب من 40 من أفراد أسرته في غارة جوية إسرائيلية: “إنهم بين المدنيين. وهذا يساعدهم على إعادة بناء قواتهم”.وقال فلسطيني آخر إنه رأى سجنا مؤقتا تديره حماس في مدينة غزة يحتجز فيه فلسطينيين متهمين بالنهب. وأضاف: “لمعاقبة اللصوص، يقومون بربط أيديهم وتغطية أعينهم”. “لقد حولوا غرفة محروقة إلى زنزانة سجن، ووضعوا هناك دلواً لاحتياجاتهم”.

“حماس تجند مقاتلين شباباً فقدوا عائلاتهم”

ولنتذكر أنه في بداية شهر يوليو/تموز الماضي، نشر تحقيق في صحيفة “وول ستريت جورنال” أوضح فيه يوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إحدى المجموعات الدولية، أن حماس تقوم بتجنيد الشباب الذين لقد فقدوا عائلاتهم ، وأن هذا مستنقع: “سيكون صراعًا منخفض الحدة لفترة طويلة. يمكنك استخدام عملية عسكرية لدفع حماس، ولكن في النهاية يجدون طريقهم للعودة عبر الأنفاق – أو فوق الأرض، يقومون بتجنيد مجندين جدد كل يوم، على سبيل المثال، يأتي الشباب الذين فقدوا عائلاتهم للتجنيد”.يقول المزيد من المحللين العسكريين لصحيفة “وول ستريت” إن حماس قامت بنقل قواتها من مكان إلى آخر، متجنبة في كثير من الأحيان المواجهة المباشرة مع جيش الدفاع الإسرائيلي من أجل البقاء وشن حملة – باستخدام تكتيكات الكر والفر التي تستخدمها قواتها في الميدان وقال المقدم عساف أوريون: “في انتظار أن نقضي عليهم، فإنهم يتنقلون ويتجنبون الاتصال بالمعنى الواسع لأنهم يعملون على الحفاظ على قوتهم”.

——————————————–

هآرتس/ ذي ماركر 7/8/2024

“حكومتك بلطجية”.. رسالة شديدة اللهجة من المستشارة القانونية: الحكي له واسمعي يا إسرائيل

بقلم: جي رولنغ

في الأسابيع الأولى بعد 7 تشرين الأول، كان كثيرون في المعسكر الديمقراطي – الليبرالي في إسرائيل على قناعة بأنها مسألة وقت إلى أن يضطر المبادر للانقلاب النظامي في 4 كانون الثاني 2023 إلى الاستقالة من منصبه مع عار يلاحقه. إذ إنه أمام الكارثة الأمنية الأكبر في تاريخ إسرائيل، لا يمكن لرجل الدعاية المخادع والأكثر خبرة في سياسة إسرائيل أن يبقى على قيد الحياة، ولن يتمكن من تنظيف نفسه أبداً من دماء الـ 1200 قتيل ومئات المخطوفين والجنود الذين قتلوا في غزة. لقد انتهى.

لكن كانت لنتنياهو خطط أخرى. فقد فهم أنه حتى من 7 تشرين الأول يمكنه إنتاج المزيد من الكوكتيل المدهش الذي أبقاه في الحكم في السنوات الأخيرة، “الفوضى، الخوف، الأكاذيب، السم والاستقطاب”. في البداية، استخدم كل ذلك من أجل البقاء، يوماً بعد يوم وأسبوعاً بعد آخر. والآن زاد السرعة ويستخدمها ليخرج الانقلاب إلى حيز التنفيذ، الذي فشل في تمريره في السنة الماضية بسبب معارضة غير متوقعة من المجتمع المدني.

الانقلاب النظامي يحدث تحت أنوفنا منذ بضعة أشهر. هذه عملية ممنهجة وسريعة لا أحد يتنبه لها لسببين: الأول هو صدمة المعسكر الليبرالي، الغارق في الخوف من التهديدات الأمنية. والثاني ماكينة الدعاية التي تديرها سلطة الدمى ويحركها نتنياهو ويعززها في الأستوديوهات والشبكات الاجتماعية، وهي تغرق وعي الإسرائيليين بأكوام القمامة وحرف الانتباه، التي طمست أي قدرة على التركيز وفهم الواقع.

أمس، حاولت المستشارة القانونية للحكومة بمحاولة قد تبدو الأخيرة في نوعها، إيقاظ الجمهور الليبرالي لتشرح له بكلمات واضحة: نتنياهو يترأس حكومة بلطجية لا تمتثل للقانون. إذا كان خرق القانون غير متواتر، ولم يحصل البلطجية على دعم الجمهور محرض ووسائل إعلام مركزية، فثمة احتمالية جيدة بأن يخضع جميعهم لتحقيقات جنائية جديدة الآن.

إقالات فعلية

أرسلت بهراف ميارا رسالة موجهة كما يبدو لرئيس الحكومة نتنياهو، لكن العنوان الحقيقي هو الجمهور الليبرالي. فقد أدركت منذ زمن بأن نتنياهو معني بحل سلطة القانون في إسرائيل تمهيداً لتحطيم الديمقراطية وتأسيس سلطة دكتاتورية وإلغاء محاكمته الجنائية.

هاكم ما كتبته في الرسالة: “منذ فترة طويلة، والقرارات المهمة للحكومة تُتخذ بإجراءات عمل مشوشة، هذا بدون أن يسبقها عمل لفريق مهني، مع تمريرها لأخذ رأي الجهات ذات الصلة في وقت قريب من جلسات الحكومة أو خلالها، بصورة لا تمكن الجهات المهنية والوزراء من أداء دورهم وواجبهم؛ حتى بالاستناد إلى رأي قانوني لمن هو غير مخول بذلك سواء كانت جهة خاصة أو سكرتير الحكومة. والنتيجة خرق للقانون ومس بالجمهور”.

الترجمة: حكومتك حكومة بلطجية، تشوش إجراءات اتخاذ القرارات كل يوم.

وواصلت المستشارة القانونية: “حذرنا في السابق من استخدام إجراءات العمل في الحكومة، ومن خرق القواعد التي تنظم عمل الحكومة. مؤخراً، وصلت الأمور إلى مكان بعيد. مثلاً، اتخذت الحكومة قراراً يخالف القانون، هدف إلى منع المستشار القانوني للحكومة من التأكد بأن خطوات الحكومة حول تجنيد طلاب المدارس الدينية وتمويلهم أمر قانوني. المحكمة العليا ألغت هذا القرار. وثمة مثال آخر خطير، وهو رسالة سكرتير الحكومة في 31 تموز التي قدم فيها رأياً قانونياً له تداعيات ثقيلة في مجال الأمن. هذا الرأي تم تقديمه مع تجاوز الصلاحيات”.

الترجمة: أنتم بلطجية. مخالفاتكم غير مقتصرة على الوظائف والتعيينات الفاشلة وتضخيم نفقات مقرات رئيس الحكومة والنفقات الصغيرة، بل هي خرق للقانون في مواضيع مهمة جداً تطال الأمن العسكري والأمن الاقتصادي لإسرائيل.

وصاغت بهراف ميارا أقوالها بلغة قانونية جافة، لكن محظور علينا التشوش. ليس هناك سابقة في تاريخ دولة إسرائيل، وجهت فيها المستشارة القانونية للحكومة لرئيس الحكومة مرة تلو الأخرى تشير إلى تجاهل وإخفاء وعدم تطبيق الإجراءات الأساسية في عمل الحكومة.

في حين أن دمى نتنياهو ومن يخدمونه يصرخون في كل أستوديو وشبكة ومنها “اكس” بوجوب إقالة المستشارة القانونية، فإن المستشارة القانونية نفسها اضطرت في نهاية المطاف للاعتراف ضمنياً أنها أقيلت فعلياً؛ فالحكومة لم تطبق بشكل منهجي توجيهاتها عندما حذرت من خرق القانون.

رئيس الحكومة، بواسطة خادمه الأمين سكرتير الحكومة يوسي فوكس، استغل نشر الرسالة لمواصلة خط الدعاية الثابت: محاولة خلق واقع وكأن المستشارة القانونية هي التي تزعج الحكومة. الحقيقة معاكسة: المستشارة القانونية أيدت 99 في المئة من قرارات الحكومة في الحرب وفي حالة الطوارئ، والحكومة تطرح مبادرات غير قانونية، وبعد ذلك تتهم المستشارة بأنها تصد هذه المبادرات.

العجز

في طريقة الحكم داخل إسرائيل، خلافاً لمعظم الدول، لا يوجد حراس عتبة لسلطة القانون باستثناء المستشارة القانونية للحكومة؛ فهي الأخيرة في منظومة التوازن والكوابح داخل سلطة القانون في الدولة. لا يوجد جيش للمستشارة القانونية أو شرطة (التي أصبحت بالتدريج مليشيا خاصة وعنيفة لوزير الأمن الداخلي بن غفير)، ولا تملك القدرة على تنفيذ قراراتها. ليس سوى معايير السلطة التي قد تجعل رئيس الحكومة والوزراء يحترمون القرارات، لكننا منذ خمس أو سبع سنوات ونحن في عملية تفكك لمعايير السلطة في إسرائيل. والمستشارة، مثل معظم الجمهور، بدت عاجزة.

لسوء حظها، إن كل ما بقي للمستشارة القانونية هو التحدث مباشرة للجمهور وتحذيره مرة أخرى: “يجب أن تعرفوا بأن لديكم رئيس وزراء يتخذ القرارات بدون توازنات وكوابح في الفترة الأكثر أهمية في تاريخ الدولة، التي قد يكون لكل قرار فيها آثار وجودية”.

طوال كل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، التي أدت إلى سلسلة إشارات من الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب، يتعزز تقدير بأن الجهة الوحيدة الذي تريد الحفاظ على وضع الحرب في المنطقة، هو نتنياهو. جهات دبلوماسية دولية تعتبره زعيماً أصيب بالجنون ويمسك بأبناء شعبه كرهائن. هذه أيضاً هي الرسالة التي تظهر في رسالة بهراف ميارا. الأشخاص الذين أرسلت لهم هذه الرسالة، التي تأتي من الداخل والخارج، هم من الجمهور الديمقراطي والليبرالي في إسرائيل والمجتمع المدني ورجال الاقتصاد. أنتم تفقدون الدولة. عليكم أن تستيقظوا وتعملوا. الأخطار تزداد مع مرور كل يوم. استيقظوا الآن قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً.

——————انتهت النشرة——————