هآرتس : يجب وقف الضم والذهاب إلى حل الدولتين وإنقاذ إسرائيل

بقلم: ليئو عميحاي

المسار الاخباري: في حين أن مواطني اسرائيل يتابعون تطورات الحرب، تسير الحكومة بهدوء وتصميم نحو الهاوية في جبهة يقل التحدث عنها. الى جانب قضية المخطوفين فان الحرب في قطاع غزة وفي الشمال وعشرات آلاف المهجرين، كل ذلك ابرز في السنة الماضية المهمة الرئيسية للحكومة: ضم المناطق وتحويل اسرائيل من دولة يهودية وديمقراطية الى دولة يهودية مسيحانية.

هذه هي نتيجة الصفقة السياسية التي تمكن من وجود سلطة حكومة اليمين الكاملة: الحريديون يحصلون على اعفاء من التجنيد، بنيامين نتنياهو والليكود يحصلون على الحكم (مع تدمير الديمقراطية)، واليمين المسيحاني يحصل على الضم على طبق من فضة. في حين أن تدمير الديمقراطية ومسألة تجنيد الحريديين تحصل على نوع من الرد من المحكمة العليا، الى جانب معركة شجاعة من قبل جمهور مصمم، فان ضم المناطق يتقدم بوتيرة سريعة مع عدم وجود أي معارضة أو نضال جماهيري. النتائج مذهلة. 

إن فرض السيادة الاسرائيلية على المناطق المحتلة بدون اعطاء حقوق متساوية للفلسطينيين يعني تحويل اسرائيل الى دولة غير ديمقراطية. هذه المهمة الوطنية – تحويل اسرائيل الى دولة ابرتهايد – توجد لها تداعيات مدمرة على الدولة، الى جانب الاضرار بالفلسطينيين والطابع الاخلاقي، وفي المقام الاول المس بأمن الدولة واقتصادها وعلاقاتها الخارجية.

الباحثون الذين يتابعون الاستيطان في حركة “السلام الآن” وثقوا اقامة 43 بؤرة استيطانية غير قانونية منذ بداية الحرب. وللمقارنة، في السنة يقيم المستوطنون بالمتوسط حوالي 6 بؤر استيطانية في السنة. في حين في هذه السنة اقاموا بؤرة في كل اسبوع تقريبا. رغم عدم قانونية البؤر الاستيطانية إلا أنه لم يتم اخلاء أي بؤرة منها. بالعكس، الجنود يحرسونها رغم النقص في القوى البشرية في الجيش.

البؤر الاستيطانية غير القانونية مرتبطة بالحبل السري مع عنف المستوطنين وطرد الرعاة والمزارعين الفلسطينيين من اراضيهم، وهذه ظاهرة يعتبرها رئيس الشباك “ارهاب يهودي”. ورغم ذلك، في ظل الحرب، جند الجيش المستوطنين لحراسة المستوطنات والبؤر الاستيطانية، والوزير ايتمار بن غفير عمل على أن توزع الشرطة السلاح عليهم. النتائج: منظمة حقوق الانسان “بتسيلم” وثقت أنه منذ بداية الحرب تم طرد 19 تجمع فلسطيني من اراضيهم بشكل كامل، و12 تجمع تم طردهم بشكل جزئي، وعشرات التجمعات تتعرض للهجمات بشكل روتيني.

اقامة البؤر الاستيطانية هي فقط جزء من هذا الاسلوب. الى جانبها تم الدفع قدما في المستوطنات بطريقة قانونية بحوالي 9 آلاف وحدة سكنية، بما في ذلك اقامة خمس مستوطنات رسمية جديدة. اضافة الى ذلك فانه منذ بداية السنة تمت مصادرة في المناطق اكثر من 24 ألف دونم (مساحة تساوي في حجمها مساحة هرتسليا)، من خلال الطريقة المعروفة بالاسم المغسول “اعلانات عن اراضي دولة”. هذا الاسلوب استهدف تبرير مصادرة اراضي الفلسطينيين في الضفة ونقلها لاحتياجات المستوطنات. مساحة الاراضي التي تمت مصادرتها هذه السنة اكبر من مساحة الاراضي التي تمت مصادرتها بنفس الطريقة منذ العام 2000 وحتى السنة الحالية. 

الحرب اضرت بشكل كبير بالاقتصاد الاسرائيلي، ولكنهم في المستوطنات لم يشعروا بذلك. ميزانية وزارة الاستيطان، الزائدة، التي تترأسها الوزيرة اوريت ستروك، ازدادت اثناء الحرب من 167 مليون شيكل الى 665 مليون شيكل بواسطة تحويلات في لجنة المالية لـ “اموال الائتلاف”. اضافة الى ذلك فانه بعد التقليص العرضي في الميزانية حصلت مشاريع خاصة في المستوطنات على اضافة بمبلغ 400 مليون شيكل. الحكومة حولت هذه السنة للمرة الاولى بشكل مباشر 75 مليون شيكل الى بؤر استيطانية غير قانونية. 

في نهاية المطاف، القرار الذي نشر في نيسان الماضي عن الاتفاق بين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وبين وزيرة المواصلات ميري ريغف على خطة خماسية بمبلغ 7 مليارات شيكل لشوارع بين المدن في المستوطنات. هدف هذه الشوارع هو أن تربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية التي توجد في عمق المناطق مع دولة اسرائيل وتحويلها الى ضواحي قريبة من القدس والمركز. في التسجيلات التي كشفها اعضاء حركة “السلام الآن” سمع سموتريتش وهو يقول بصراحة بأن هدفه هو ضم الضفة الغربية بدون اثارة غضب المجتمع الدولي. 

للمرة الاولى تم القيام ايضا بخطوات عملية للضم الرسمي والقانوني للمناطق. وللمرة الاولى حول الجيش بتشريع عسكري صلاحياته هو نفسه على المناطق الى وزارة حكومية (وزارة الدفاع). هكذا، تشكلت له وزارة الضم التي يقف على رأسها الوزير سموتريتش (وزير في وزارة الدفاع)، وله وزارة تماما (ادارة الاستيطان) مع مدير عام وموظفين عامين ورجال قانون يعملون على اخراج الى حيز التنفيذ مشروع الضم المدمر. 

القائمة طويلة جدا. في الطريق كانت هناك زيارات الوزير بن غفير في الحرم على أمل جر اسرائيل الى حرب يأجوج ومأجوج مع كل العالم الاسلامي، واضعاف متعمد للسلطة الفلسطينية على يد الوزير سموتريتش، الذي خلافا لموقف الجيش من شأن ذلك أن يخلق جبهة قتال اخرى، التي ستخلق فرصة عسكرية لتسريع خطوة الضم.

اسرائيل تسير بشكل مباشر نحو تحولها الى دولة مسيحانية تسيطر على كل الفضاء من النهر الى البحر. المفارقة المريرة هي أن بالتحديد المواضيع الثلاثة المهمة جدا بالنسبة للجمهور في اسرائيل – الأمن (على رأس ذلك قضية المخطوفين)، الديمقراطية والاقتصاد – هي الاكثر تضررا من انقلاب الضم. 

إن النجاحات العسكرية مهما كانت كبيرة امام حزب الله، حماس وايران، لا يمكنها أن تعمي عيون الجمهور عن رؤية الاخطار الكامنة في النظرية الاستراتيجية التي حلمها هو الضم. يجب سؤال، هل من اجل الضم نحن على استعداد للتضحية بالأمن؟ هل من اجل الضم نحن على استعداد للتنازل عن اتفاقات سياسية، أمنية واقتصادية، مع الدول العربية؟ هل الاحتلال العسكري المباشر لملايين الفلسطينيين في القطاع وفي الضفة اضافة الى مئات البؤر الاستيطانية الاسرائيلية هو شيء نريد أن نفعله الى الأبد؟.

إن حل الدولتين يطرح رد على الكثير من اخفاقات نظرية الضم؛ هو يسمح بخلق اتفاقات سياسية مع الدول العربية، التي شكلت تعاون اقتصادي، وبالاساس أمني، ضد ايران ومنظمات الارهاب. هذا الحل ايضا سيرسخ مكانة اسرائيل كدولة متساوية في اوساط الشعوب، ويوقف الضرر الذي يتسبب به الاحتلال العسكري المباشر للفلسطينيين.

لقد حان الوقت للاستيقاظ والعمل. يجب أن نطلب من منتخبي الجمهور وقف الضم والدفع قدما بحل السلام. يجب اسماع صوتنا في كل المناسبات، في الشبكات الاجتماعية وفي المظاهرات وفي صناديق الاقتراع. محظور السماح للحكومة بجرنا الى الهاوية. لقد حان الوقت للنضال على مستقبلها، ومن اجل الدولة اليهودية والديمقراطية التي حلمنا بها. نحن يجب علينا وقف الضم وانقاذ اسرائيل.