الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 1/11/2024

من سيحل محل “الأونروا” في عملها الإنساني… جلاد الفلسطينيين؟

بقلم: أسرة التحرير

الإثنين من هذا الأسبوع، أقرت الكنيست بأغلبية قانونين ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين الأونروا. يقضي القانون الأول بأن على الوكالة وقف كل أعمالها داخل إسرائيل، أما الثاني فيحظر على كل مؤسسات الدولة أن تكون على اتصال بها. معنى القانون الأول هو أن على الأونروا العاملة في القدس منذ 75 سنة أن تتوقف في غضون 90 يوماً عن كل أعمالها في المدينة والتي في معظمها في مخيم اللاجئين شعفاط، بما في ذلك إغلاق 6 مدارس، وعيادة، وخدمة جمع القمامة، ومقر عام ينسق كل الأعمال في الضفة. بلدية القدس والحكومة اللتان فشلتا منذ عقود في تقديم الخدمات الأساسية لسكان شعفاط، تعدان بتوفير مكان لكل التلاميذ.

والقانون الثاني أبعد أثراً في معناه؛ ففي غضون 90 يوماً لن تتمكن الأونروا، التي توفر نحو نصف المساعدات الإنسانية في غزة، من عمل ذلك. لأنه يحظر على الجيش الإسرائيلي التنسيق معها لإدخال المساعدات. وستضطر لوقف أعمالها في الضفة حيث تشغل 90 مدرسة، و43 عيادة، ومستشفى واحداً، لأن القانون يحظر على أناس الإدارة المدنية الاتصال بعامليها، وعلى البنوك الإسرائيلية ألا تقدم لها الخدمات.

تعد القوانين المقرة خطوات عقابية عقب ادعاءات طرحتها إسرائيل بأن موظفين من الأونروا شاركوا ظاهراً في 7 أكتوبر أو أعربوا عن تأييد لحماس. بزعم الأمم المتحدة، فإنه من أصل 30 ألف موظف أونروا في غزة والضفة، فقد تحت تحقيقات ضد 66 موظفاً (0.22 في المئة) فقط، 12 (من أصل 13 ألفاً) هم من غزة. حتى لو صحت الادعاءات وحتى لو كانت الأونروا غير نقية من محافل الإرهاب، فإن إقرار القوانين يعد مؤشراً على التسيب. فعلى مدى السنة الأخيرة منذ بدأت الحرب، لم تحاول إسرائيل إدخال أي جهة أخرى تحل محل الوكالة، وموظفوها هم الوحيدون تقريبا الذين يحولون بين مليوني غزاوي والمجاعة الجماعية. في 57 سنة احتلال انقضت، لم تكلف إسرائيل نفسها حتى عناء إيجاد بديل للأونروا في مخيمات اللاجئين في الضفة وفي شعفاط، وتمتعت بحقيقة أن الأونروا مولت خدمات تعليم وصحة للحكم العسكري الإسرائيلي.

هذان القانونان ينتهكان القانون الدولي والتزامات إسرائيل الدولية، ويستدعيان مزيداً من الضغوط عليها، في الوقت الذي تواجه فيه الأزمة الأمنية والسياسية الأكبر في تاريخها وتضطر لصد ادعاءات بالإبادة الجماعية. عقب إقرار هذين القانونيين، أعلنت حكومة بريطانيا أول أمس النظر في تشديد العقوبات على إسرائيل.

لقد انجرف نتنياهو وراء المحافل المتطرفة والأكثر شعبوية في الكنيست، ومعه -لشدة العار- المعارضة أيضاً. خيراً يفعلون إذا ما صحوا وألغوا هذين القانونين الضارين.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 1/11/2024

عين على الأسد وأخرى على هوكشتاين.. لنتنياهو وجيشه: “الخروج من الحمام مش زي دخوله”

بقلم: ناحوم برنياع

 “مروحين” قرية سُنية صغيرة – 220 منزلاً بالإجمال – تقع على السفوح الغربية لجبل بلاط، شمالي القرية الزراعية زرعيت. أجواء قمم وطلة تحبس الأنفاس – من صور والنبطية في لبنان إلى خليج حيفا؛ من البحر المتوسط حتى جبل ميرون. الارتفاع يمنح المحتل وهم السيطرة. في 2006 اجتزتُ القرية ليلاً في قوة لواء ألكسندروني بقيادة قائد اللواء شلومي كوهن. جئنا من النور – إلى ظلام الحرب. لبنان أشاح لنا بوجهه.

في بداية الحرب إياها، قصف سلاح الجو القرية، فقتل بين 18 و28 مواطناً، معظمهم أطفال. اللبنانيون سموا الحدث “مذبحة مروحين”. صبوا غضبهم على إسرائيل والأمم المتحدة؛ على إسرائيل لأنها قصفت، وعلى الأمم المتحدة لرفض جنودها فتح بوابات مجالاتهم لطالبي اللجوء. المجالان -المنطقة التي بين القرية والجدار الحدودي- يحل فيهما اليونيفيل اليوم. جنود من غينيا يجلسون في مواقعهم ويعبئون التقارير التي لا منفعة منها. طلبت منهم إسرائيل الإخلاء، فرفضت الأمم المتحدة. والجيش وحزب الله يخوضان حربيهما من فوق رؤوسهم.

أما مروحين فكانت قرية، ولم تعد كذلك. بداية، اختفى السكان. ومقاتلو لواء الاحتياط 205 الذين احتلوا القرية وجدوا في المنازل غذاء منتهياً تاريخه. السجلات في مبنى المجلس انقطعت قبل سنتين: إما أنه لم يكن مواطنون ليسجلوهم أو أن رئيس القرية أخذ معه آخر السجلات. والأكثر تشويقاً هو أن الجنود وجدوا وثيقة نقل ملكية تخص منزلاً من مواطن محلي إلى حزب الله. ويوقع على الوثيقة فؤاد شكر، الذي كان القائد الأعلى للمنظمة، إلى أن صفي في بيروت.

مكان السكان هذا احتله جنود الرضوان والدفاع اللوائي. ملأوا منازل القرية بالذخيرة: كله بمواصفات رسمية، مسجل، مصون – جيش مرتب، غني، ممول. خصصت إيران مليار دولار لحزب الله كل سنة. والنتائج ترجمت إلى الميدان: مجالات محصنة، وذخيرة، ومصانع إنتاج، ووحدات خاصة، وتجنيد وتدريب قوات، وعقارات. ينشغل الجيش الإسرائيلي الآن في لبنان بتدمير القيمة من الجو وعلى الأرض.

الإغلاق الذي فرضته إسرائيل على الموانئ، على مطار بيروت ومعابر الحدود إلى سوريا، محكم أو شبه محكم. يبدو أنه لا يوجد طريق لأن تعاد مخازن حزب الله التي فقدها إليه، وحسب التقدير السائد، نحو ثلثي مخزونه من الصواريخ.

نحن نكثر من الاهتمام بما تفعله قوات معادية لإسرائيل في كل الجبهات، ويقل اهتمامنا بما لا تفعل. نظام الأسد يكاد يتعرض لهجمات كل ليلة ينسبها العالم لإسرائيل. أصيبت في الهجمات طرق توريد إلى لبنان والجهات المسؤولة عنها في الجيش السوري. واختار الأسد عدم الرد. خطة الحرب لدى نصر الله بنيت على تعاون سوريا. آلاف الصواريخ كان يفترض أن تتفجر في الأراضي الإسرائيلية. أما الأسد فقرر البقاء على الحياد. ويدعي محللون متفائلون بأنه يحاول الآن شق طريق جديد، بين المحور الإيراني والمحور السعودي.

للروس طريق خاصة بهم ليكونوا في القصة وألا يكونوا فيها في الوقت نفسه. هم حاضرون في سوريا، لكنهم يحافظون على مسافة. سجلوا أمامهم نجاعة دمر فيها سلاحنا الجوي بطاريات الـ اس 300 التي قدموها للدفاع الجوي الإيراني. فهل سيزودون إيران الآن ببطاريات محسنة من طراز اس 400؟ ليس مؤكداً. كل رئيس وزراء إسرائيلي اقترح فكرة على بوتين، من باراك وأولمرت وبينيت حتى نتنياهو سمع على لسانه جواباً قاطعاً، “أفعل ما هو جيد لروسيا فحسب”. أو كما قال لي ذات مرة إسرائيلي تفاوض مع الروس في الميدان: “الكل يعمل وفقاً لمصالحه، لكن هذا متصلب أكثر بكثير لدى الروس. لا مشاعر لديهم”.

المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين الذي وصل إلى البلاد أمس، يبدأ جولة المحادثات الحالية في أجواء متفائلة. يبدو أن الجميع يتمنون وقفاً للنار في لبنان: الأمريكيون، البريطانيون، الفرنسيون، الروس، وربما الإيرانيون أيضاً، والحكومة في لبنان، والجيش الإسرائيلي، وحزب الله. الأساس هو قرار مجلس الأمن 1701 لعام 2006. الجدال يدور حول الشروط المرافقة. اعتقد جهاز الأمن أن تحقيق تفاهم مع الولايات المتحدة سيكون كافياً، تفاهم يفيد بأنه عندما ينتهك الاتفاق، يحق للجيش الإسرائيلي الرد بالنار وبالدخول إلى لبنان، بدعم الأمريكيين.

الآن، على خلفية الإنجازات العسكرية، وعلى خلفية توقعات السكان في الشمال، وعلى خلفية الثمن الذي تدفعه إسرائيل كل يوم بالدم – 88 قتيلاً في أكتوبر فقط، في لبنان وغزة، وأمس في المطلة والكريوت – باتت إسرائيل مطالبة بمزيد من الضمانات. نتنياهو، الذي خاف من الدخول إلى لبنان، يخاف الآن الخروج منه.

هدد غالنت بأن يعيد لبنان إلى العصر الحجري. في “مروحين” وبلدات أخرى قرب الجدار الحدودي، تحقق التهديد بكامله. أول أمس، عندما تجولت في المنطقة، ترددت في مسألة ماذا سيحصل هناك بعد خروجنا؛ ما الذي نريد حدوثه. الجنود الذين التقيتهم يتخيلون شريطاً فارغاً من الناس، مقفراً كما هو الآن. ومثلهم سكان الشمال. هل هذا هو الحل الصحيح. هل هذا هو الحل الممكن؟

سلاح في كل بيت

قائد لواء المدرعات 205 هو العقيد يوآف شنايدر، ابن كيبوتس في الشمال، لحيته التي طالت في الشهر الذي قاتل فيه اللواء داخل لبنان، تشهد على أنه ولد أشقر. التقينا أول أمس، في مدخل زرعيت. تفجر صاروخ واحد من صواريخ كثيرة على مقربة من المكان، وهز أرض القرية التي أصبحت تحت جنازير الدبابات. يفضل الجيش التحرك في جيبات هامر مفتوحة داخل لبنان: هي غير محصنة، لكن سرعتها توفر الأمن.

المحطة اللواء الأولى في لبنان كانت لبونا، أرض محصنة من شمال رأس الناقورة. قال اللواء: “تخيل 8 آلاف دونم من الأحراش تضم بنى تحتية عسكرية، من فوهات وأنفاق وخنادق، ووجدنا أيضاً حقائب ظهر من كوريا الشمالية. كوريون شماليون كانوا هناك أيضاً”.

أراني الخارطة: عشرات من النقاط الحمراء ترمز إلى الأماكن التي عمل فيها حزب الله. وقال: “فجرنا وطهرنا، عدنا إلى زرعيت ودخلنا من جديد، إلى جبل بلاط”.

في الـ 18 سنة التي كانت إسرائيل فيها داخل لبنان، كان على رأس جبل بلاد استحكام للجيش الإسرائيلي يسمى “كركوم”. يوجد مكانه الآن جهاز استشعار يستخدمه حزب الله للاتصالات. تسلق جندي عامود الاستشعار وعلق عليه علم إسرائيل.

نظرنا إلى غرب لبنان من أعلى الجبل. سحابة دخان سوداء تصاعدت من ضواحي مدينة صور: سلاح الجو قصف هناك. والجيش الإسرائيلي دمر كل البيوت على الجبل إلا واحداً.

نزلنا إلى مروحين. فقال قائد اللواء: “في كل بيت من بيوت القرية وجدنا سلاحاً”. أكبر مباني القرية هو المسجد. لسبب ما، لم يؤشر عليه في الخرائط ككنيسة. لم يتبقَ منه شيء غير الأنقاض والمئذنة. كل المنازل في القرية دمرت باستثناء اثنين.

في حرب لبنان الثانية، في 2006، بقيت القرى سليمة تقريباً. الدمار الحالي يعلل بكميات السلاح الهائلة التي اكتشفت في البيوت. ليست بيوت سكن، بل مخازن سلاح. لكن ربما يوجد هنا شيء آخر أيضاً، إرادة كامنة لخلق واقع جديد: كون كل لبناني حي يعتبر الآن عدواً، والأمنية هي تفريغ المنطقة من كل لبناني. والثأر أيضاً مثلما يحصل في غزة – ألا يكون لهم مكان يعودون إليه.

هذا مفهوم على خلفية مشاعر حزن بلا أساس في اختبار الواقع، وبلا أساس أيضاً من ناحية أخلاقية. في النهاية، سيتحقق اتفاق، وسيعود الناس، وستبنى البيوت في جنوب لبنان وغزة أيضاً. يقلل الناس الآن من القراءة في الكتب المقدسة (التناخ) اليوم. وخسارة، سفر التكوين يروي عن سكان سدوم وعمورة، الذين وقعوا في خطايا جسيمة جداً. قرر الرب إبادتهم. “حذار أن تفعل مثل هذا الأمر، فتقتل الولي مع الشرير”، صرخ إبراهيم على الرب. لعل الرب يسمح لنفسه، لكن دولة إسرائيل ليست الرب.

حظيرة جنود تنزل من رأس الجبل. لم يلصق أحد منهم شارة “مسيح” إلى كمه، إشارة لصحة العقل أو مؤشر على التأثير المبارك للقول الذي لا لبس فيه من رئيس الأركان. اثنان منهم يسحبان عبوة ثقيلة على الظهر – ذخائر تركها حزب الله في الميدان، إحداهما في جذع شجرة زيتون وأخرى في حرج. وجندي ثالث وجد علماً لبنانياً قديماً ممزقاً ومثقوباً. “إذا بقينا هنا لأشهر سنجد المزيد من الأشياء كل يوم”، قال أحد الضباط.

وروى يقول إن الجنود بدأوا يعلمون الصخور هنا بعلامات زرقاء وبيضاء وبرتقالية مثلما في “الدروب الإسرائيلية”.

النقيب احتياط بنيامين تروبر، خدم بين 7 أكتوبر 2023 و7 أكتوبر 2024 ما مجموعة 284 يوماً. ينبغي أن تضاف إلى هذا العدد ثلاثة أسابيع انقضت منذئذ. هو مقدسي، متدين، له خمسة أبناء، قريب عائلة للنائب حيلي تروبر. في الحياة المدنية هو مرشد جولات للجمهور الديني القومي في شرقي القدس، وفي الجيش هو قائد كتيبة 21 في اللواء.

يقول عن طول الخدمة: “هذا لا يمكن إدراكه”.

ما كنت أعتقد أني سأصمد في هذا، قلت، فابتسم وقال: “زوجتي بطلة العالم. عندما أعود إلى البيت فإني أزعجها وأشوش النظام فيه.

إن استعداد جنود الاحتياط للخدمة لزمن طويل بهذا القدر مذهل، ويدل على تعطش الإسرائيليين، بعد سنتين من خلاف داخلي عسير، للإجماع والوحدة. ومثلما هي ظاهرة مؤثرة، فإنها هشة أيضاً والكل يفهم هذا.

قال تروبر: “عندي قادة سرايا تصرخ عليهم زوجات الجنود في اتصالات هاتفية. لا يتلقى الجندي التسريح إلا لواحد من سببين: السلام العائلي أو الولادة. كان لنا جندي وصل ابنه إلى سنة البلوغ بعد “فرحة التوراة” السنة الماضية. ألغي احتفال سن البلوغ، لكننا أعطيناه تسريحاً هذه السنة لاحتفال بسن بلوغ متأخر”.

——————————————–

معاريف 1/11/2024

للجيش الإسرائيلي: “حزب الله” لن يستسلم.. بل على موعد معكم في بيروت 

بقلم: جاكي خوجي

من لم يرَ بيان وزير الدفاع غالانت فقد فوت استعراضاً لامعاً لحديث متبجح من النوع الذي يفهمه حزب الله جيداً. قبل بضع ساعات من ذلك، أعلنت قيادة حزب الله تعيين نعيم قاسم خلفاً لحسن نصر الله. لم يتح غالانت للأمين العام الجديد ولو يوم رحمة واحداً. في تغريدة على “إكس”، أرفقت بها صورة قاسم، كتب فيها وزير الدفاع بالعربية وبالإنكليزية: “التعيين مؤقت، بدأ العد التنازلي”. 

ليس هناك ما هو أوضح من هذه الصيغة حتى ترسل إلى بيروت رسالة تفيد بأن قاسم لا تراه إسرائيل هدفاً مشروعاً فحسب، بل هو الهدف التالي أيضاً. وفي الغداة، ألقى قاسم خطابه الأول في منصبه. بعد نصف ساعة تقريباً، قطع الخطاب لبضع دقائق. وروى الصحافي عميت سيغال، بأن نتنياهو قال في حديث من مكتبه، بتهكم: لعل الأمر يلمح إلى شيء ما. ولم يتخلف وزير الخارجية، إسرائيل كاتس، حيث كتب في حسابه على اكس: “نعيم قاسم يعد بالسير في طريق نصر الله. سنتأكد من هذا قريبا”. 

لغة المافيا هي اللغة التي يتحدث بها حزب الله منذ 42 سنة معنا، ومع ذاك لا يبدو أن الشعب اللبناني مستعد لأن يأتمر بإمرته. هذه لغة قوة تعوزها الكياسة والثقة بالنفس. بالفعل، حياة قاسم في هذا الوقت تبدو في يد إسرائيل. فإذا أرادت القيادة الإسرائيلية قتله ستفعل. وإذا أرادت أن تعفيه عفت عنه. لم يسبق أن كانت حياة زعيم حزب الله زهيدة بهذا القدر، ونعيم قاسم يعرف هذا. 

غير أن هذه اللغة تنم أيضاً عن خيبة أمل هذه الأيام. فإسرائيل تجد صعوبة في فرض التسوية التي كانت تريدها على حزب الله. فالمنظمة المتمردة تستعرض العضلات ولا تستجيب لمطالب “القدس” [تل أبيب]. وزير الدفاع يعرف كل هذا، وعليه فقد وجه مسدساً إلى رأس نعيم قاسم. لو كان قاسم يبدي مرونة في الاتصالات، لما نشرت تلك التغريدة. 

إسرائيل تطلب في المفاوضات منح نفسها مساحة عمل في لبنان من النوع الذي لم يكن في يديها لسنوات. قوة اليونيفيل لم تكن معدة لتقاتل بدلاً منا. هؤلاء مجرد مراقبين. مهمتهم أن يتلقوا شكاوى الطرفين عن الانتهاكات ثم نقلها، أو التحذير عندما تنتهك الاتفاقات الدولية. أما عملياً، فقد فعل حزب الله وإسرائيل في لبنان ما يشاءان. هؤلاء في الجو وفي البحر، وأولئك في البحر. والآن تطلب إسرائيل قوة دولية معززة تتمتع بصلاحيات الإشراف وتحرص على عدم تهريب حزب الله السلاح إلى لبنان أو جلب منصات وصواريخ إلى الجنوب، وجعل البلدات والقرى قواعد عسكرية. وأن تعمل هذه القوة في جنوب لبنان وفي معابر الحدود مع سوريا، وفي مطار بيروت وكل موقع قد يستخدمه رجال حزب الله لأغراض عسكرية. إضافة إلى ذلك، تطلب إسرائيل حرية عمل لجيشها في حالة وجود تهديد من لبنان. وألا يعتبر أي عمل هجومي له بروح الاتفاق انتهاكاً، بل حق مشروع. 

لقاسم مزاج 

استخدمت قيادة حزب الله الفيتو على هذه المطالب. صحيح أنها مستعدة للتسوية، لكن بروح إقرار مجلس الأمن 1701 الذي جاء في نهاية حرب لبنان الثانية وأعطى للجيش اللبناني الصدارة، وقضى بالانتشار على طول الحدود مع إسرائيل كجيش سيادي. بعد الحرب إياها بقليل، بدأ حزب الله يحتل مكان الجيش اللبناني، فانهار قرار الأمم المتحدة 1701. ليس صدفة أن وافقت قيادة حزب الله على العودة إلى القرار إياه، بل هي متحمسة لذلك وبلا عجب. هكذا رمم نفسه وسيفعل للجيش اللبناني ما فعل به منذ 2006 فما بعد. 

ليس لحزب الله الكثير من الخيارات غير أن يقول لا لقائمة المطالب الإسرائيلية. فصمود مقاتليهم أمام الجيش الإسرائيلي يمنحهم مجال العمل الذي يتيح الرفض. سيعتبرون موافقتهم استسلاماً، وهم بعيدون عن ذلك. بعد هذه السنة، والمكان الدون الذي قادوا لبنان إليه – الخراب، النازحون، الخسائر – فإذا نزلوا على ركبهم فسيكون هذا إهانة لسنوات قادمة. “يريدوننا أن نستسلم كي يسيطروا على حياتنا، على مستقبلنا وعلى مستقبل الأجيال”، قال نعيم قاسم في خطابه أول أمس. 

يتذكرون 1982 

يعتقد حزب الله أن إسرائيل تعتزم مواصلة القتال بأشهر أخرى، بل والوصول إلى بيروت في عملية برية مثلما فعلت في 1982. وهم يتذكرون التاريخ أفضل منا، ويعرفون أن العادة تتكرر. صحيح أنهم يفقدون مقاتلين، لكنهم موجودون لهذا الغرض؛ للقتال بل للتضحية. سينتظرون الجيش الإسرائيلي في بيروت، ساحتهم البيتية، حيث يأملون بالنصر. إذا لم ينتصروا، فعلى الأقل لن يرفعوا علماً أبيض، مثل الفلسطيني المحبوب لديهم هذه الأيام، يحيى السنوار. 

رغم كل ما قيل آنفاً، تسجل إسرائيل تفوقاً كبيراً على أعدائها. فالجيش فكك حماس، وفرض على إيران الرعب. بفضل حزب الله، انكشف لجهاز الأمن سلاح سري. القدرة على معرفة وجود كل واحد من قادة العدو، في كل مستوى ومهاجمته مباشرة. هذه وسيلة غامضة وغير مسبوقة. إلى جانب التفوق الجوي وفي ميدان المشاة أيضاً، فالجيش الإسرائيلي اليوم يعتلي حصانه أمام أعدائه في غزة وبيروت وطهران. 

لقد علمنا التاريخ أن هذا التفوق عابر. وعليه، الأفضل استخدامه لنصر سياسي وتسويات تجدي إسرائيل. هذه لحظة مناسبة، وعلى إسرائيل أن تعقل استغلالها. إذا فوتت فرصة تصميم الواقع وأعداؤها مضروبون، فربما ينفد هذا التفوق. أعداؤنا سيرممون قدراتهم وسيرغبون في القتال مرة أخرى، مثلما فعلوا بعد كل مواجهة من قبل.

——————————————–

هآرتس 1/11/2024

ما الذي أعطاه حقا وعد بلفور للشعب اليهودي

بقلم: شاؤول اريئيلي

في هذا الأسبوع سيتم احياء الذكرى الـ 107 لوعد بلفور. الفلسطينيون يرون أن بداية النزاع مع إسرائيل كانت منذ تاريخ إعطاء هذا الوعد (2 تشرين الثاني 1917)، “الذي خلق الأساس القانوني لمطالبة الصهيونية بفلسطين”، كما قال ادوارد سعيد، عضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف (القضية الفلسطينية، 1979). 

الإسرائيليون أيضا يعتبرون الوعد الذي اعطي من قبل الحكومة البريطانية الأساس السياسي والقانوني لمطالبتهم بإقامة دولة يهودية في ارض إسرائيل. هذا الأساس تم التأكيد عليه في صك الانتداب الذي تضمن الوعد، وتم منحه لبريطانيا العظمى في مؤتمر سان ريمو في نيسان 1920 ووافقت عليه عصبة الأمم المتحدة في 24 تموز 1922. الكثير من الإسرائيليين يعتقدون بالخطأ أن الإعلان (الوعد) والتفويض قد اعطى للشعب اليهودي ارض إسرائيل وشرق الأردن بالكامل، أو على الأقل ارض إسرائيل الغربية بالكامل. ولكن هذا غير صحيح تاريخيا.

ادعاؤهم هو أن شرق الأردن تم اقتطاعه من فلسطين في 1922 خلافا لوعود صريحة أعطيت في وعد بلفور وفي صك الانتداب. هؤلاء الإسرائيليون يستمرون في الادعاء بأن الشعب اليهودي اضطر رغم انفه الى قبول تقسيم فلسطين، الذي منح العرب 77 في المئة من مساحتها (90 ألف كم مربع التي هي شرق الأردن). في حين أن اليهود اضطروا الى الاكتفاء بـ 23 في المئة فقط من مساحتها (26 ألف كم مربع، التي هي ارض إسرائيل). من كل ذلك تنبع حسب رأيهم نتيجة عملية لهذه الأيام: يجب عدم الموافقة بأي شكل على تقسيم آخر للمنطقة التي توجد غرب نهر الأردن.

ادعاءات بهذه الروحية تنتشر في الخطاب العام في إسرائيل. آريه الداد، عضو الكنيست السابق، كتب في 2016 بأنه “في 24 تموز 1922 صادق مجلس عصبة الأمم على صيغة الانتداب البريطاني، التي كانت ترتكز الى وعد بلفور، لكن بعد شهرين قرر مجلس عصبة الأمم، بناء على طلب من الحكومة البريطانية، أن أوامر الانتداب بشأن إقامة وطن قومي لليهود لا تسري على شرق الأردن. عبد الله بن حسين، ملك الحجاز، تم تعيينه كأمير على شرق الأردن. هكذا تم اقتطاع 77 في المئة من ارض إسرائيل، “الوطن القومي لليهود”، الذي وعد به في وعد بلفور تقلص الى 23 في المئة من ارض إسرائيل” (“داعت”).

الجميع يتفقون على أن صلب الوعد الدولي للشعب اليهودي في سياق حقه في تقرير المصير في وطنه التاريخي يوجد في “وعد بلفور”. ولكن هل حقا كان في هذه الوثيقة وعد باعطاء اليهود شرق الأردن أو ارض إسرائيل الغربية بالكامل؟. هنا يجب متابعة باختصار الاحداث التي أدت الى الوعد، وكذلك استعراض الاحداث التي ارتكزت عليه فيما بعد. 

في تشرين الثاني 1914، هاربرت صموئيل، وزير الداخلية اليهودي في الحكومة البريطانية، طرح على وزير الخارجية ادموند كريه اقتراح لاقامة منطقة يهودية مع حكم ذاتي في فلسطين. كلمة “في” توجد لها أهمية أساسية في هذا السياق. في 18 تموز 1917 تم تقديم طلب رسمي الى الحكومة البريطانية من قبل الهستدروت الصهيونية من اجل قبول السيادة في اطار الحماية البريطانية على البلاد. هكذا ولد وعد بلفور المشهور. 

في مركز هذا الوعد يوجد مفهوم “فلسطين”. هذا المفهوم كان معروف سواء باللغات الأوروبية أو باللغة العربية بـ “فلسطين”، وأشار بشكل عام الى منطقة ارض إسرائيل، لكن لم يكن هناك أي محافظة أو منطقة جغرافية محددة بهذا الاسم. بكلمات أخرى، عند إعطاء وعد بلفور، ارض فلسطين، التي كان من شأنها أن يقام فيها الوطن القومي اليهودي، لم تكن منطقة محددة مع حدود واضحة ومعروفة. الحدود تم تحديدها فقط بعد سنوات، عندما حصلت بريطانيا على الانتداب في هذه المنطقة من عصبة الأمم.

الحكومة البريطانية اختارت الامتناع عن إعطاء أي تعهد بخصوص كل ارض فلسطين. ولكنها امتنعت أيضا عن البت بشكل واضح في مسألة اكثر أساسية وهي ما الذي بالضبط يلزم به هذا الالتزام، وما الذي ينفيه. يمكن الجدال حول ذلك، ضمن أمور أخرى، عندما تتم المقارنة بين الصيغة التي ظهرت في المسودة الأخيرة التي طرحتها الهستدروت الصهيونية وتم رفضها من قبل حكومة بريطانيا – “حكومة جلالة الملك توافق على مبدأ أن ارض إسرائيل يجب أن تنهض من جديد كوطن قومي للشعب اليهودي”، وبين صيغة الوعد كما تمت المصادقة عليه في النهاية: “حكومة جلالة الملك تنظر بعين الرضا لاقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”.

اذا كان الامر هكذا فانه في الصيغة النهائية وعد بلفور لم ينف –  أيضا لم يلزم – بإقامة كيانات سياسية أخرى داخل حدود فلسطين. من هنا نعرف أنه في الوعد تقرر بشكل إيجابي وحاسم بأن الكيان السياسي سيقام في فلسطين، لكن ليس على كل ارض فلسطين الانتدابية (فلسطين – ارض إسرائيل) بعد تحديد حدودها؛ ولم يتم استبعاد – مثلما لم يلزم – إمكانية نشوء كيان سياسي آخر في ارض فلسطين – ارض إسرائيل. 

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في 4 حزيران 1918 التقى حاييم وايزمن والأمير فيصل (ابن حسين ملك الحجاز) في شمال العقبة. وفي 3 كانون الثاني 1919 وقعا في لندن على الاتفاق المعروف لاحقا بـ “اتفاق فيصل – وايزمن”. البند الثاني في الاتفاق ينص على أنه “على الفور بعد النقاشات في مؤتمر السلام سيتم ترسيم الحدود النهائية بين الدولة العربية (سوريا الكبرى) وبين ارض إسرائيل من قبل لجنة متفق عليها من الطرفين”. مفهوم “دولة يهودية” لم يتم ذكره بشكل صريح. ولكن البند الثالث في الاتفاق ينص بالفعل على ذلك. لأنه يظهر فيه تعهد بتنفيذ وعد بلفور حرفيا. 

مع ذلك، يجب التأكيد على أن فيصل كتب بخط يده شرط آخر لتنفيذ الاتفاق – رغم أنه تم التوقيع عليه كمذكرة منفصلة من قبل وايزمن – “اذا تم تحقيق طلب العرب كما طلبته في المذكرة… التي تم تقديمها لوزير خارجية بريطانيا، أنا سأنفذ ما كتب في هذا الاتفاق. اذا حدثت أي تغييرات فلن أكون ملزما بتطبيق هذا العقد”. احد هذه الطلبات كان إقامة “سوريا الكبرى”، هذا الطلب لم يتم تحقيقه – الامر الذي وضع حقا محل التساؤل مسألة سريان كل الاتفاق.

على أي حال، من تسلسل الاحداث فاننا ندرك أنه في 1919، وقبل إعطاء صكوك الانتداب في المنطقة العربية وترسيم حدودها، وافقت الهستدروت الصهيونية للمرة الأولى على أن لا تتضمن طلباته كل شرق الأردن، حيث أنه في معظم أراضيه كان يجب أن تقام المملكة برئاسة فيصل (في المقابل، هذه كانت المرة الأولى التي فيها اعترف زعيم عربي كبير بوعد بلفور). بعد شهر على توقيع الاتفاق، في شباط 1919، طرحت الحركة الصهيونية في مؤتمر السلام في فرساي اقتراحها بترسيم حدود فلسطين، الذي سيضمن الأساس الاقتصادي لاقامة دولة حديثة: “المساحة الجغرافية لارض إسرائيل يجب أن تكون كبيرة بقدر الإمكان من اجل أن تستطيع احتواء مجموعة سكانية كبيرة ونشطة، التي تستطيع بسهولة تحمل عبء حكومة حديثة”. اجمالي المساحة المذكورة في الاقتراح، 45 ألف كم مربع، تقريبا ضعف مساحة فلسطين التي تحددت في نهاية العملية. 

الخطوط العريضة في الاقتراح تمت بلورتها طبقا لعدد من القيود السياسية التي “قيدت” الهستدروت الصهيونية. وأهمها في هذا الشأن التفاهمات التي تم التوصل اليها بين وايزمن وفيصل، والتي خففت من الطلبات الصهيونية على شرق الأردن، بحيث أنها توقفت عند خط سكة حديد الحجاز في غرب مدينة عمان. من هنا وحتى الاقتراح الأقصى الذي قدمته الهستدروت الصهيونية  بشأن حدود ارض إسرائيل، الموقف الافتتاحي الأكثر توسعا والذي قدم في بداية المفاوضات، لم يشمل معظم أراضي المملكة الأردنية الآن.

الطلب الصهيوني تطرق الى 18 ألف كم مربع فقط من بين الـ 90 ألف كم – ليس اكثر من خُمس مساحة شرق الأردن. آريه الداد والآخرون الذين يدعون أن بريطانيا وعصبة الأمم قد سرقوا من الشعب اليهودي مساحة 77 ألف كم مربع، يجب القول لهم “لأن الشعب اليهودي لم يطالب في أي يوم بهذه المنطقة، بل فقط بجزء صغير منها، فانه لم تتم سرقة منه في أي يوم شيء”. أيضا هذا الاقتراح  الأقصى الذي قدمه زعماء الصهيونية تم رفضه كما هو معروف. 

صك الانتداب على فلسطين الذي اعطي لبريطانيا من قبل دول الاتفاق العظمى في مؤتمر سان ريمو في نيسان 1920، تضمن كما قلنا وعد بلفور، والقى على بريطانيا كدولة انتداب المسؤولية عن تحقيقه في فلسطين، “في اطار الحدود التي سيتم تحديدها على يد دول التحالف الرئيسية (بريطانيا وفرنسا)”. أي أن الحدود لم يتم ترسيمها في المؤتمر نفسه، بل تم ترسيمها فيما بعد. مثلا، الحدود النهائية بين سوريا وفلسطين تم تحديدها فقط في 1923. القرار حول الحدود الإقليمية حصل على مصادقة عصبة الأمم، وهكذا حظي بالشرعية الدولية. قرارات مؤتمر سان ريمو وقعت في الواقع بعد تصريح بلفور، لكنها لا تناقض ما جاء فيه لأنها ركزت فقط على تحديد الفرق بين سوريا وبلاد ما بين النهرين وفلسطين من خلال التقسيم المبدئي بين فرنسا وبريطانيا. ولم يتم اطلاقا الالتزام بإقامة الوطن القومي لليهود على كل ارض فلسطين، والعكس صحيح. قرارات المؤتمر تكرر صيغة وعد بلفور بدون أي تغيير.

في آذار 1921 اعلن وزير المستعمرات الجديد ونستون تشرتشل في مؤتمر القاهرة بأنه في الأشهر الستة القادمة سيواصل عبد الله الحكم كأمير على شرق الأردن. بمكانة لا ترتبط باطار الإدارة البريطانية لفلسطين. كما جاء في هذا التصريح بأن الانتداب الذي حصلت عليه بريطانيا على فلسطين وعلى ما بين النهرين يسري أيضا على شرق الأردن، والذي سيدار على يد منظومة عربية مستقلة باشراف بريطانيا. ولكن حتى الآن لم يتم تحديد الحدود بين مناطق الانتداب الثلاثة هذه. بعد بضعة اشهر على اعلان بريطانيا، وحتى قبل أن تحصل على مصادقة عصبة الأمم (السيد الرسمي) في 22 حزيران 1922، نشر تشرتشل “الكتاب الأبيض” الذي فيه فصل النوايا السياسية لبريطانيا فيما يتعلق بمستقبل ارض إسرائيل تحت حكم الانتداب، وضمن ذلك خطة تخصيص شرق الأردن للامير عبد الله.

هل كان في ذلك تراجع لبريطانيا عن وعد بلفور؟. لا، لأنه كما قلنا، الالتزام البريطاني بالوعد كان بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وليس اكثر من ذلك. في الكتاب الأبيض عاد تشرتشل وأكد على أن “حكومة جلالة الملك تريد أن تلفت الانتباه الى حقيقة أن صيغة التصريح المذكورة أعلاه (بلفور) لا تنوي القول بأن كل فلسطين ستصبح وطن قومي لليهود، بل إن هذا الوطن سيقام في فلسطين”. في 7 تموز 1922 صادق البرلمان البريطاني على الكتاب الأبيض بأغلبية ساحقة. 

الأساس الذي لا خلاف عليه للعملية هو اعلان بلفور الذي تقرر فيه إقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين، أي على جزء منها، في أي حدود سيتم تحديدها. صك الانتداب الذي وافقت عليه عصبة الأمم سمح لبريطانيا باستبعاد شرق الأردن من نطاق وعد بلفور، وهو القرار الذي وافقت عليه الهستدروت الصهيونية رغم استيائها. 

لقد كان لعصبة الأمم الصلاحية لتنفيذ هذه العملية. ونذكر مرة أخرى بأن عصبة الأمم هي التي صادقت على استثناء فلسطين/ ارض إسرائيل، التي كانت فيها اغلبية عربية كبيرة، من مبدأ تقرير المصير وإقامة فيها وطن قومي للشعب اليهودي الذي يعيش خارج ارض إسرائيل. صلاحيتها وشرعيتها هي التي مكنتها من المصادقة على موقف البريطانيين، الذي أراد رفض الطلب الصهيوني بضم جزء صغير من شرق الأردن الى فلسطين/ ارض إسرائيل. 

المنطقة التي في نهاية المطاف تم تخصيصها للدولة اليهودية (55 في المئة من مساحة فلسطين/ ارض إسرائيل، التي تقع غرب نهر الأردن)، وأيضا صودق عليها من المجتمع الدولي كتطبيق لوعد بلفور، وقرار مؤتمر سان ريمو وصك الانتداب، هي التي تم تحديدها في قرار التقسيم من العام 1947 (القرار 181). لذلك، في وثيقة الاستقلال لدولة إسرائيل كتب أنها جاءت “على أساس قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة”.

في اعقاب حرب الاستقلال حدود التقسيم تم استبدالها في نهاية المطاف بخطوط الهدنة التي تحددت في 1949 (التي منحت دولة إسرائيل 78 في المئة من ارض فلسطين/ ارض إسرائيل)، وقرار 242 للأمم المتحدة الذي صدر بعد حرب الأيام الستة في 1967 اعترف بها ضمنا كحدود لدولة إسرائيل (“على إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير”).

بعد ذلك الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن جدار الفصل الذي صدر في حزيران 2004 اعطى لذلك صلاحية محكمة قانونية دولية. قرار الأمم المتحدة الصادر في 29 كانون الثاني 2012، المصادقة على “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال في دولة فلسطين على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، لا يتعارض مع وعد بلفور، بل يتماشى مع الإعلان المتعلق بإقامة دولة يهودية في جزء من فلسطين.

——————————————–

هآرتس 1/11/2024

محاصرة العدو لا تعتبر جريمة حرب

بقلم: غيورا آيلند، لواء متقاعد رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي سابقا

في مقال لهيئة التحرير في “هآرتس” في 23/10 كتبت عني اقوال انتقادية شديدة، وحتى أنه تم اتهامي بعرض خطة مجرمة لانهاء الحرب. عنوان المقال كان “الجنرالات المتحايلون والجشعون”. هكذا، أنا ادرك سلبياتي الكثيرة، لكن الخداع والجشع ليست من بينها. أنا سأتحمل النظرة الشخصية وسأحاول توضيح نقاط مهمة أكثر. 

الأخطاء االكبيرة التي ارتكبت منذ بداية الحرب وحتى الآن: العملية الأولى التي يجب اتباعها عند فحص الاستراتيجية هي تعريف الرواية، أي شرح القصة. قبل 18 سنة تحول قطاع غزة عمليا الى دولة مستقلة، كانت لها كل خصائص الدولة: حدود واضحة، نظام مركزي مستقر، سياسة خارجية مستقلة وجيش خاص بها. بالنسبة للداخل تطورت فيها عملية تشبه العملية التي جرت في المانيا في ثلاثينيات القرن العشرين. الحزب الذي فاز في الانتخابات في 2006، حماس، نجح في توحيد ودمج الحزب مع كل المؤسسات الأخرى التي عملت في القطاع، وخلق شعب متماسك موحد على أساس دعم الزعماء والايديولوجيا. 

الطريقة الصحيحة والوحيدة لوصف ما حدث في 7 تشرين الأول 2023 هو ما يلي: دولة غزة شنت حرب قاتلة على دولة إسرائيل. وبدلا من الفهم بأن هذا هو الواقع فان حكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي ووسائل الاعلام، تبنوا الرواية الخاطئة التي تقول بأن منظمة حماس الإرهابية في الحقيقة نفذت عملية إجرامية، لكن لا يوجد لهذه الجرائم أي صلة بسكان غزة “الأبرياء”. هذه الرواية الخاطئة أدت الى اختيار استراتيجية ارتكزت كلها، وما زالت، على عملية واحدة وهي الضغط العسكري. 

الاعتماد على الضغط العسكري فقط هو خطأ كبير. هيا نفحص ذلك في مثال: ماذا كان سيحدث لو أن دولة لوكسمبورغ الصغيرة نفذت عملية مشابهة، أي قامت بمهاجمة بلجيكا بشكل مفاجيء وقتلت 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واختطفت 250 مواطن بلجيكي. من المؤكد أنه حتى قبل تنفيذ أي عملية عسكرية، كانت بلجيكا ستقوم باغلاق الحدود بين الدولتين وفرض الحصار على لوكسمبورغ. دولة إسرائيل كان يجب عليها العمل بنفس الطريقة بالضبط. لو أننا تصرفنا بهذا الشكل لكان يمكننا إعادة جميع المخطوفين منذ فترة طويلة، وانهاء الحرب وحتى توفير أرواح آلاف المدنيين الفلسطينيين. في مثل هذا السيناريو لم يكن سيبقى لحكومة غزة أي خيار باستثناء التنازل.

دليل جزئي على ذلك يمكن ايجاده في الطريقة التي تم فيها تحقيق صفقة التبادل الوحيدة حتى الآن قبل سنة تقريبا. إسرائيل حصلت على عشرة مخطوفين على قيد الحياة كل يوم، اطلقت سراح فقط 3 سجناء غير مهمين مقابل كل مخطوف. الجيش الإسرائيلي لم يكن مطلوب منه القيام بأي انسحاب كشرط للصفقة. كيف ذلك؟ سبب ذلك بسيط وهو أنه حتى تلك الصفقة دخل الى القطاع شاحنتين للمواد الغذائية في اليوم. حماس طالبت بزيادة عدد الشاحنات الى 200 شاحنة. هذه كانت الحاجة الضرورية جدا بالنسبة لها، لذلك فقد أظهرت استعدادا كبيرا للموافقة على التنازل. خطأ إسرائيل كان هو أننا لم نهتم بأن يتم تخفيض كمية المواد الغذائية الى شاحنتين فقط في اليوم التاسع من الصفقة، وهو اليوم الذي خرقت فيه حماس الصفقة.

افضلية حماس هي أنه في غزة تحدث مواجهتان، مواجهة عسكرية ومواجهة سياسية. في الجانب العسكري الجيش الإسرائيلي حقق انتصارا باهرا. في الجانب المدني، في المقابل، حماس فازت. هي تنجح في الحفاظ على سيطرتها السياسية في القطاع لسببين. الأول، لأن إسرائيل أوقفت أي مبادرة لخلق بديل سلطوي. الثاني، لأن حماس تسيطر على الجانب الهام جدا، أي الاقتصاد.

في العام 1992 قال بيل كلينتون “انه الاقتصاد، أيها الغبي”. حماس هي التي تقوم بتوزيع الغذاء في القطاع، ونتيجة لذلك هي تحظى بثلاث افضليات. الأولى، هي تعتبر السلطة التي تهتم بالمواطنين. الثانية، هي تصبح ثرية من المواد الغذائية التي تحصل عليها بالمجان ولكنها تبيعها بأسعار عالية. الثالثة، بمساعدة الأموال الكثيرة التي راكمتها، ليس فقط هي تنجح في تمويل رجال الحكم المخلصين لها، بل هي أيضا تجند مقاتلين بدلا من المقاتلين الذين قتلوا.

ما العمل اذا؟ منذ اشهر كثيرة أنا أقول بأن القرار الأكثر صحة هو الموافقة على انهاء الحرب في قطاع غزة مقابل تطبيق شرط واحد وهو إعادة جميع المخطوفين بمرة واحدة. ولكن ما الذي يجب فعله اذا لم يتحقق هذا الشرط، سواء بسببنا أو بسبب الطرف الثاني؟. ادعائي هو أن استمرار العمليات العسكرية كما تجري منذ سنة لن يحقق أي هدف. بعد نصف سنة سنجد انفسنا في نفس الوضع بالضبط، فقط مع المزيد من الجنود القتلى ومع صفر من المخطوفين الاحياء. اذا يجب التفكير باستراتيجية أخرى، استراتيجية يمكن أن تخلق ضغط حقيقي على الطرف الثاني. الحل الوحيد الذي يمكنه تحقيق ذلك يكمن في السيطرة على منطقة جغرافية، هذه الخطوة مخصصة لحاجة امنية فقط، وتكون صالحة الى حين التوصل الى الاتفاق. الكرامة والأرض هي القيمة الوحيدة التي تؤثر على الزعماء العرب. لذلك فقد اقترحت احتلال شمال القطاع. 

من خلال جهل كبير كتب في مقال هيئة التحرير في “هآرتس” الاقوال التالية: “خطة آيلاند هي جريمة حرب وتخالف قرار مجلس الامن رقم 2334 الذي نص على أنه “يجب عدم احتلال أي ارض باستخدام القوة، أي عملية عسكرية”. اريد الإشارة الى ملاحظتين في سياق هذه الاقوال. الأولى هي أن قرار الأمم المتحدة 2334 يتطرق الى سرقة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لصالح المستوطنات اليهودية. لا توجد أي صلة بين هذا القرار وبين ما اقترحته. الثانية، يمكن الفهم من مقال هيئة التحرير بأن احتلال أي ارض عن طريق الحرب هو عملية محظورة، وحتى أن ذلك يعتبر جريمة حرب. هذا الادعاء لا أساس له وهو مدحوض تماما. الظاهرة الأكثر انتشارا والأكثر شرعية في زمن الحرب هي احتلال الأرض. من يعتقد أنه محظور احتلال الأرض وكأنه يدعي بأنه محظور تقطيع الخضراوات عند اعداد السلطة.

لأنه مسموح احتلال ارض اثناء الحرب فانه يطرح سؤال كيف يجب فعل ذلك. احتمالية من بين الاحتمالات هي فعل ذلك عندما يكون يوجد في المكان مئات آلاف المدنيين. النتيجة بالضرورة ستكون عدد كبير من القتلى الأبرياء. الاحتمالية الثانية هي العمل قبل ذلك من اجل أن لا يكون مدنيون في المنطقة. ليس بالصدفة أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل قبل العملية في رفع نقل أكبر عدد من السكان الى منطقة أخرى. هذا ما فعلناه، وعدد المصابين المدنيين في المنطقة كان ضئيلا.

أنا اقترح تنفيذ نفس العملية بالضبط في شمال القطاع. يجب احتلال المنطقة على مرحلتين. في المرحلة الأولى اخلاء المدنيين، وفي المرحلة الثانية العمل ضد المخربين الذين سيبقون هناك. ولأن هذه المنطقة، من ممر نيتساريم وشماله هي محاصرة من قبل إسرائيل منذ تشرين الثاني 2023 فان الطريقة الأكثر نجاعة والأكثر توفيرا (من ناحية المصابين) هي عن طريق فرض الحصار، وليس الاقتحام. الحصار يعتبر تكتيك عسكري مقبول ومصادق عليه حسب القانون الدولي. في زمن اعداد الخطة التي تسمى “خطة الجنرالات” قمت بنسخ من “الدليل” الرسمي للجيش الأمريكي الفصل الذي يتناول الحصار. للاجمال، خطة احتلال شمال القطاع قدمتها للجيش الإسرائيلي قبل عشرة اشهر. ولو أننا نفذنا ذلك في حينه لكانت الحرب انتهت ولكان جميع المخطوفين في أيدينا. لو أن حماس فهمت بأن عدم إعادة المخطوفين يعني فقدان حوالي 35 في المئة من أراضي القطاع لكانت تنازلت منذ فترة طويلة. أيضا لا يوجد أي بند في خطتي يعارض القانون الدولي الإنساني.

——————————————–

إسرائيل اليوم 1/11/2024

للإسرائيليين: كذبوا عليكم.. ستكون دولتكم “الأكثر رعباً”

بقلم: يوسي بيلين

دعوة صحوة. نجاح حزب الله حتى بعد القضاء على زعامته، في مواصلة إيقاع الأذى بل والوصول بدقة إلى منزل رئيس الوزراء في قيساريا، شدد الإحساس لدينا بأننا مكشوفون. يمكن مضاعفة عدد حراس نتنياهو، لكن هذا لن يغير شيئاً أمام المُسيرات. فالسهولة التي اجتاح بها مخربو حماس في السبت اللعين إياه، بعمق عشرات الكيلومترات في إسرائيل دون أن يوقفهم أحد، وقدرة مقاتلي حزب الله على ضرب أهداف عسكرية بشكل دقيق – كل هذا يثبت بأننا حتى وقت أخير مضى أسدلنا الستائر في بيوتنا واعتقدنا، بسخافتنا، أن لا أحد يرانا.

روينا لأنفسنا قصة، ولا مفر من تغيير القرص. قلنا لأنفسنا إن “بيتك حصنك، وبيوت عديدة تحولت إلى مقابر”. قلنا لإخواننا في الشتات إن إسرائيل هي المكان الأكثر أماناً لليهود، ولم يعد ممكناً قول هذا. قلنا إننا سنتمكن من الدفاع عن أنفسنا بقوانا الذاتية أمام أي محاولة للمس بنا، وتبين لنا أنه لا يمكننا ذلك بدون المساعدة الأمريكية المكثفة. اعتقدنا أن بإمكاننا التنازل عن تجنيد عشرات آلاف الحريديم للجيش، وأنه تكفينا الكتلة الصهيونية في المجتمع الإسرائيلي كي نصمد أمام التحديات الأمنية، وتبين أن هذا لا يكفي، وأنه لا يمكن الامتناع عن مواجهة تاريخية مع القطاع الحريدي الذي أقنع نفسه بأن حفظ الكتب المقدسة تنقذنا من المس بنا. وحتى المحرقة لم تقنع هذه المجموعة الكبيرة والمتنامية بالسخافة الرهيبة لهذه الحجة.

اعتقدنا أن لنا حدوداً آمنة، فوجدنا أنفسنا في ذروة حرب صواريخ ومقذوفات صاروخية ومُسيرات، العنصر الإقليمي فيها يؤدي دوراً لا بأس به – لكنه ثانوي. اصطلاح “حدود آمنة” ذاتي جداً، وفي المفاوضات السياسية التي خاضتها إسرائيل منذ زيارة الرئيس المصري السادات إلى إسرائيل في 1977 كان العنصر الأساس في ترسيم الخرائط ديمغرافي وتاريخي (حدود بريطانيا – تركيا، حدود الانتداب البريطاني، الخط الأخضر في 1949) واستراتيجي أقل بكثير.

على الكتلة الصهيونية في المجتمع الإسرائيلي أن تعيد التفكير في كثير من المعتقدات المُسلم بها التي تبينت كقناعة ذاتية بلا أساس. عليها أن ترى إسرائيل كجهة للتواصل اليهودي وليس للأمن اليهودي بالذات. عليها أن تلغي القوانين التي تميز القطاعات غير اليهودية التي تشارك في المصير اليهودي، وغير المستعدة للاكتفاء فقط بـ “حلف الدم” معنا. هي ملزمة بأن تفهم بأن لا بديل لتسوية سياسية تقسم البلاد بيننا وبين الفلسطينيين، وأن الساعة الديمغرافية تستوجب منا عمل ذلك في أقرب وقت ممكن، دون انتظار سنوات جيل أخرى. نحن ملزمون بضمان استمرار العلاقة الوثيقة والخاصة بيننا وبين الولايات المتحدة؛ فهي حيوية لضمان وجودنا. ليس أقل من ذلك.

إن الاستخفاف بالولايات المتحدة أو الإحساس بأنها “هي في جيبنا مهما يكن”، ربما يعرضنا للخطر، ببساطة لأننا لسنا شعباً يسكن وحده، ولأن فكرة “بالأغيار لا تعتبر” ربما تكون في أيام قديمة، وليس في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

——————————————–

كاتب يهودي: إسرائيل تسخّر الإبادة لمواصلة التوسع بدعم غربي

قال الكاتب اليهودي المناهض للصهيونية يوآف ليتفين، إن إسرائيل تواصل ممارسة سياسة التوسع من خلال ارتكاب إبادة جماعية بدعم من الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، مشددا على ضرورة الفصل بين اليهودية والصهيونية.

وأفاد ليتفين الذي يقيم في الولايات المتحدة، بأن ما يحدث في غزة منذ أكثر من عام، هو “إبادة جماعية حرفيا”، وأن وصف ما يحدث بأنه صراع أمر مضلل.

وأضاف موضحا: “هذا ليس صراعا (بين الجيش الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الأعزل)، فلا يوجد هنا طرفان، ما يوجد هنا ظالم ومظلوم”.

وأكد ليتفين أن الهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي في فلسطين هي “جزء من عملية الاستيلاء على الأراضي طويلة الأمد” لصالح دولة إسرائيل الصهيونية.

وتابع: “هذا تسارع في عملية الاستيلاء على الأراضي من خلال الإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة وإسرائيل حتى قبل عام 1948”.

وأردف: “لذلك فإن ما نراه الآن هو امتداد طبيعي لهذه العملية، والسابع من أكتوبر/ تشرين الأول لعب دورا مهما جدا في تبرير هذا التسارع”.

وبرهن ليتفين طرحه بالقول: “يمكننا أن نرى ذلك في لبنان وفي سوريا وفي غزة وبالطبع في الضفة الغربية، حيث توجد معاناة كبيرة”.

خرافة إسرائيل الكبرى

الكاتب اليهودي وصف أيديولوجية “إسرائيل الكبرى” بأنها “خرافة” تُستخدم لإضفاء الشرعية على “الدولة اليهودية”، معتبرا أن لهذه الأيديولوجيا عواقب خطيرة.

وأشار إلى أن هذه الأيديولوجية “سردية تخدم مصالح الإمبريالية الغربية وجماعات تفوق العرق الأبيض”.

وتابع: “إن هذا التصور يخدم الولايات المتحدة وبريطانيا والإمبريالية الغربية والقمع العنصري الأبيض للجنوب العالمي والاستعمار العلماني والقمع الرأسمالي”.

ولفت إلى أن وهم “إسرائيل الكبرى” يلعب دورا رئيسيا في إضفاء الشرعية على سياسات الإبادة الجماعية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية وخلق مستويات عالية جدا من الخوف.

وذكر أن سردية “إسرائيل الكبرى” تخدم غرضين، مبينا: “إنها دعاية تبرر سياسات الدولة داخل المجتمع الإسرائيلي، وذريعة تعزز حق إسرائيل في “الدفاع” على الساحة الدولية”.

الدعم الغربي لإسرائيل

شدد ليتفين على أن أحد العوامل الرئيسية التي تشكل سياسات إسرائيل هو “التوسع القائم على الإبادة الجماعية”، مشيرا إلى أن هذه السياسات مستمرة بدعم من الولايات المتحدة والقوى الغربية.

وأردف: “نرى أن هذا التوسع من خلال الإبادة الجماعية يستمر بسبب الإفلات من العقاب والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، وهذا الدعم يمنح إسرائيل القوة للاستمرار في هذه السياسات والإعلان عنها بلا خجل”.

ولفت إلى أن إسرائيل اتبعت نهجا أكثر حذرا في الماضي، ولكن اليوم، في بيئة يوفر فيها الغرب الإفلات من العقاب، أصبحت هذه السياسات أكثر تطرفا.

البروباغندا الصهيونية

أفاد ليتفين أن الديانة اليهودية “اختُطفت في المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي”، مبينا أن “الإمبريالية الغربية تستخدم مساواة الصهيونية باليهودية كأداة للبروباغندا”.

وأوضح أنه يجب الفصل بين هذين المفهومين، قائلا: “اختطاف العقيدة اليهودية لصالح هذا المشروع الاستعماري الاستيطاني هو موضوع كُتبت فيه مجلدات. ما أفعله هو التركيز على الواقع وفصله عن البروباغندا”.

وأشار إلى أن سياسات إسرائيل تزيد من معاداة السامية على نطاق عالمي، وأضاف: “في الواقع، البروباغندا الصهيونية هي القوة الدافعة الرئيسية لمعاداة السامية في العالم اليوم”.

واستطرد: “تريد إسرائيل أن يشعر اليهود خارج حدودها بعدم الأمان حتى يأتي اليهود البيض، على وجه الخصوص، إلى إسرائيل ويحاربوا ما يسمى بالتهديد الديمغرافي الفلسطيني”.

وذكر ليتفين أنه رغم أصله اليهودي، إلا أنه يتعامل مع القضايا من منظور علمي باعتباره خبيرا في علم الأعصاب، مشددا على ضرورة التمييز بشكل حاد بين اليهودية والصهيونية.

وتابع: “عندما أفحص الأمر من خلال عدسة علمية، يكون من الواضح جدا كيف تم إساءة استخدام الديانة اليهودية خلال هذا النزوح الاستعماري”.

وأردف مشددا: “نحن بحاجة حقا إلى الفصل بين الاثنين، إن الخلط بين الصهيونية واليهودية هو حاليا الحيلة الدعائية الأولى للإمبريالية الغربية”.

——————————————–

“الفلسطينيون مقاتلون من أجل الحرية”.. قرارت رسمية ضد صحيفة “هآرتس” ومطالبات بالحد من حرية التعبير

أثارت التصريحات الصادرة عن ناشر صحيفة “هآرتس” العبرية عاموس شوكن، غضبا واسعا في إسرائيل بعد أن اعتبرها مناهضون داعمة للفلسطينيين ولحركة حماس.

“الفلسطينيون مقاتلون من أجل الحرية”.. قرارت رسمية ضد صحيفة “هآرتس” ومطالبات بالحد من حرية التعبير

وعلى خلفية وصف الصحيفة الفلسطينيين بـ”مقاتلين من أجل الحرية”، أعلنت وزارتا الداخلية والثقافة الإسرائيليتان الجمعة تعليق علاقاتهما مع صحيفة “هآرتس” العبرية.

وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية إن وزارة الداخلية أصدرت أمرا بوقف التعاون مع “هآرتس”.

ودفعت الداخلية الإسرائيلية بصاحب صحيفة “هآرتس” العبرية للاعتذار عن هذا الوصف.

وأشارت “يسرائيل هيوم” إلى أن شوكن أعلن اعتذاره خلال مؤتمر صحفي في العاصمة البريطانية لندن عن وصف الفلسطينيين بـ”مقاتلين من أجل الحرية”.

وأكدت الصحيفة أن شوكن قال: “لقد أعدت النظر فيما قلته، ولتجنب الشك حماس ليست مقاتلة من أجل الحرية، لقد كان يوم 7 أكتوبر حدثا صادما”.

وأشار صاحب صحيفة “هآرتس” إلى أن “استخدام الإرهاب غير شرعي، لقد كنت مخطئا عندما لم أقل ذلك”.

وأضاف: “كما هو الحال دائما في إسرائيل، كلامي يمثل موقفي الشخصي وليس موقف الصحيفة”.

فيما أوضحت قناة “i24 news” أن شوكن هاجم الحكومة قائلا إن “حكومة بنيامين نتنياهو تقود نظام فصل عنصري وحشي بحق السكان الفلسطينيين، بينما تحارب المقاتلين من أجل الحرية الذين تصفهم إسرائيل بالإرهابيين”.

كما قال إن “ما يحدث في غزة هو نكبة ثانية”، ودعا إلى فرض عقوبات على إسرائيل “هذا هو السبيل الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية”.

وأعلنت القناة العبرية ومن قبلها صحيفة “يسرائيل هيوم” أن وزارة الداخلية الإسرائيلية أوقفت تعاملها مع الصحيفة.

في السياق نفسه، أعلنت وزارة الثقافة أنها ستوقف بصورة فورية كافة إعلاناتها وتعاونها مع الصحيفة، وفق “يسرائيل هيوم”.

وبعد تصريحات شوكن، دعا العديد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات بحق الصحيفة ومقاطعتها في إسرائيل.

وسارع وزير العدل ياريف ليفين إلى مخاطبة النائب العام مطالبا بسن تشريع “للحد من حرية التعبير”، كما أصدر وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارهي مقترحا يحث فيه الحكومة على إنهاء الإعلانات الحكومية في الصحيفة وإلغاء اشتراكات موظفي الدولة والجيش والشرطة والاشتراكات الشخصية.

وفي دفاعها، قال محامي الصحيفة مايكل سفارد إن الإجراءات التي تقودها الحكومة الإسرائيلية ضد الصحيفة غير قانونية، ووصف الإجراءات بأنها “محاولات وقحة” لحرمان الصحيفة من الميزانيات لأسباب إيديولوجية دون محاولة المسؤولين إخفاء مخالفتهم للقانون.

واعتبر سفارد العقوبات تمييز على أساس الآراء السياسية وتسييس الموارد العامة لإسكات معسكر سياسي ونزع الشرعية عن الخطاب اليساري، معتبرا أن تصريحات شوكن “مألوفة في الخطاب اليساري”.

واتهم المحامي “القناة 14” بأنها نقلت الخطاب بعد أن اقتطعت أجزاء منه متهما إياها بالترويج والتحريض على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين.

——————انتهت النشرة——————