شبكة المسار الاخباري: قالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، إن البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية أخذة في التوسع ،وتعد من القضايا الجوهرية على المستويين المحلي والدولي، وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية وفقا للقانون الدولي. وتمثل جزء من السياسة الاستيطانية الإسرائيلية التي تهدف إلى فرض السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وتشكل الأراضي المصنفة (ج) نحو 61% من أراضي الضفة الغربية التي يمارس فيها الجيش الإسرائيلي سيطرة مدنية وأمنية مباشرة.،وبدأ الاستيطان عام 1975 فبعد إن كانت الضفة خالية من المستوطنين تماما في 1967م، أصبح ألان يستوطن فيها أكثر من 918 إلف مستوطن إسرائيلي موزعين على 200 مستوطنة و220 بؤرة في الضفة الغربية، وفي حين تتوسع المستوطنات والبؤر الاستيطانية بحرية على الأراضي الفلسطينية المملوكة ملكية خاصة، تحظر الإدارة المدنية الإسرائيلية الغالبية العظمى من المواطنين المالكين من أعمال البناء والزراعة والتصرف.،وتشغل المستوطنات الإسرائيلية نحو 42% من مساحة الضفة الغربية، مع السيطرة على 68% من مساحة المنطقة “ج”، التي تُعد ذات أهمية إستراتيجية لاحتوائها على 87% من الموارد الطبيعية للضفة، و90% من غاباتها، و49% من شبكة طرقها.،في هذا التقرير تسلط منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو الضوء على البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية من حيث ماهيتها، ونشأتها وتطورها، وتأثيرها على الفلسطينيين، والقوانين التي تستند إليها.
وقالت الباحثة القانونية في منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة المحامية لين صوافطة،بأن عملية إقامة البؤرة الاستيطانية تبدأ عادةً بتسلل مستوطن إسرائيلي أو مجموعة من المستوطنين إلى قمم التلال الفلسطينية القريبة من مستوطنة إسرائيلية قائمة، والتي تعرف بالمستوطنة الأم، ويكون بعدها على بعد ميل إلى أربعة أميال. غالبا ما تتكون البؤرة الاستيطانية من عدد قليل من الكرافانات أو خيمة واحدة،ويجب إن تكون قريبة من قرية أو تجمع فلسطيني، حيث يقوم المستوطنون الإسرائيليون بالاستيلاء على الأراضي وفرض الواقع على الأرض، بدعم وحماية معلنة أو غير معلنة من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وتعتبر هذه البؤر مستوطنات إسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وعادة ما تكون أصغر من المستوطنات الكبيرة، وغالبا ما يتم تأسيسها دون تخطيط مسبق أو إذن حكومي رسمي. رغم ذلك، وتقوم السلطات الإسرائيلية بتوفير البنية التحتية اللازمة لهذه البؤر، وتدعمها من خلال تقديم الخدمات والمرافق، ما يساهم في تكريس وجودها وتعزيزها.
وأضافت بأن دائرة الاستيطان تتولى مسؤولية تطوير المستوطنات الإسرائيلية، في ما يعرف بيهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ومن صلاحياتها إدارة الأراضي الموكلة إليها من قبل المنظمة الصهيونية العالمية، والتي خصصت لها الإدارة المدنية الإسرائيلية أكثر من 450 ألف دونم (35%) من مساحة الضفة الغربية، كأراضي دولة (مسجلة ومعلنة) في “المنطقة ج”.،وتوقع دائرة الاستيطان عقوداً مع المستوطنين الإسرائيليين لبناء أو استخدام الأراضي المخصصة لهم، والمعروفة باسم “بار ريشوت” أو شهادة الترخيص، دون إشراف حكومي أو موافقة من الجهات ذات الصلة مثل إدارة الأراضي الإسرائيلية.،علاوة على ذلك، لا يكلف أمين الأملاك المهجورة نفسه عناء تلقي المدفوعات مقابل استخدام الأرض.
ورغم أن البؤر الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الدولي ، فإن الحكومة الإسرائيلية دعمت، بشكل ضمني، استمرار وجودها، وسعت إلى إضفاء الشرعية عليها أو دمجها في المستوطنات القائمة.،كما أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر بتوفير الحماية الأمنية لهذه البؤر الاستيطانية، إلى جانب تعبيد الطرق المؤدية إليها وتوفير البنية التحتية كالمياه والكهرباء لها.،فضلاً عن ذلك، قدمت الحكومة الإسرائيلية الدعم للبؤر الاستيطانية عبر وزاراتها المختلفة، والمجالس الإقليمية للمستوطنات في الضفة الغربية، ودائرة الاستيطان، حيث وفرت دعما ماليا يشمل المرافق الزراعية وتقديم المساعدة للمزارعين ومربي الماشية الجدد، بالإضافة إلى الدعم القانوني لحمايتها من التهديدات بالهدم والإزالة.
و البؤر الاستيطانية تتبع نفس السياسات الاستيطانية التي تطبقها إسرائيل في المستوطنات الكبرى.،على الرغم من أن البؤر الاستيطانية قد لا تكون معترف بها رسميا من الحكومة الإسرائيلية في البداية، إلا أن الدعم الذي تقدمه السلطات من خلال توفير الحماية والمرافق الأساسية يساعد في تحويل هذه البؤر إلى مستوطنات ثابتة، وفي العديد من الحالات، تتوسع هذه البؤر الاستيطانية بشكل غير رسمي عبر تزايد أعداد السكان وبناء المنشآت السكنية والتجارية.،في كثير من الأحيان، يتم دعم التوسع عبر السياسات الإسرائيلية في تغيير الواقع الجغرافي والإداري في الضفة الغربية.
وأشارت بان ظاهرة البؤر الاستيطانية شهدت زيادة ملحوظة بعد عام 1998، وذلك إثر دعوة أرييل شارون، الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو آنذاك، للمستوطنين الإسرائيليين للاستيلاء على أكبر قدر من الأراضي الفلسطينية قبل أن “تفقدها” في المفاوضات. حيث قال: “يجب على الجميع التحرك بسرعة والاستيلاء على أكبر عدد ممكن من قمم التلال لتوسيع المستوطنات، لأن كل ما نأخذه الآن سيبقى لنا، وكل ما نتركه سيذهب إليهم”. إي إن الترويج لها نهج يتبع منذ التأسيس وهو ذاته الذي تسير عليه الحكومة الحالية على رأسها نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش.
وتشير التقديرات، إلى أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم إنشاء ما لا يقل عن 41 بؤرة استيطانية غير قانونية مزرعة رعي في الضفة الغربية. وقد تم بناء ما لا يقل عن 10 من هذه البؤر الاستيطانية على مقربة من المجتمعات الفلسطينية، التي أُجبرت لاحقا على الهجرة والهرب من أراضيها.،بالإضافة إلى ذلك أقام المستوطنون “نقاط مراقبة” أو اشتروا خدمات جمعيات تعنى بمراقبة النشاط آلات أو زرعوا أعلاما إسرائيلية في المناطق التي هجرها الفلسطينيون لمنعهم من العودة،وتركزت أغلب عمليات التهجير في أربع مناطق: شمال غور الأردن، وشرق رام الله، وجنوب شرق بيت لحم، وتلال جنوب الخليل.، وأقام المستوطنون “نقاط مراقبة” او “مزوّد خدمات” تستعين به المجالس الإقليمية للمستوطنات في الضفّة مثل زغافيم، خاصّة لجمع المعلومات عن اي نشاط فلسطينيّ على الارض في مناطق ج وغيرها.
و تؤثر البؤر بشكل كبير على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، من حيث انها تدعم تهويد الأراضي بعد مصادرتها من ملاكها الفلسطينيين. فهي تقام على الأراضي الفلسطينية، بعد ان يتم مصادرة الأراضي وحرمان الفلسطينيين من استخدامها او بترهيبهم وطردهم منها باستخدام العنف كالقتل والإيذاء وحرق الممتلكات وسرقتها،وهي في ذات الوقت تعمل على تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة.،وتعيق الفلسطينيين من الوصول إلى مواردهم الطبيعية مثل الأراضي الزراعية والمياه، ما يحد من قدرتهم على تحسين مستوى معيشهم. ويقوم المستوطنون في هذه البؤر بالاعتداء على الفلسطينيين من خلال هجمات ضد الممتلكات، والمزارع، وكذلك ممارسة العنف الجسدي ضدهم.
وتستند إسرائيل في إنشاء هذه البؤر الاستيطانية إلى عدة قوانين وقرارات، منها قانون الأراضي الخاصة الذي يسمح هذا القانون للسلطات الإسرائيلية بمصادرة الأراضي الفلسطينية التي لم يتم إثبات ملكيتها من قبل الفلسطينيين.،وقانون المناطق الأمنية: يمكن بموجب هذا القانون إقامة مستوطنات على أراضٍ تعتبرها إسرائيل مناطق أمنية.،والتفسير المتجدد لقرارات مجلس الأمن رغم أن قرارات مجلس الأمن تدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، فإن إسرائيل تستخدم تفسيراتها الخاصة لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، بما في ذلك البؤر الاستيطانية. ولاتفاقات أوسلو: وفقًا لاتفاقات أوسلو، تم تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق “أ” و “ب” و “ج”، مما سمح لإسرائيل بالسيطرة على المنطقة “ج” حيث توجد معظم البؤر الاستيطانية.
وتعبر البؤر الاستيطانية غير قانونية ، وبالتحديد حسب اتفاقيات جنيف الرابعة، التي تحظر نقل المدنيين إلى الأراضي المحتلة. ومع ذلك، تواصل إسرائيل بناء وتوسيع هذه البؤر رغم الانتقادات والقرارات الدولية التي تدين هذه الممارسات.،في العديد من الحالات، دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وقف النشاط الاستيطاني بشكل عام، بما في ذلك البؤر الاستيطانية، إلا أن إسرائيل تتمسك بسياساتها الاستيطانية وتستمر في تنفيذها.
حيث أن الهدف من إنشاء البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، إلى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي والسياسي في الأراضي الفلسطينية.،على الرغم من كونها غير قانونية وفقا للقانون الدولي، فإن إسرائيل تستخدم مجموعة من القوانين والإجراءات القانونية لتشريع وتوسيع هذه المستوطنات.،الأمر الذي ينعكس سلبا بشكل كبير على حياة الفلسطينيين،ويعزز الصراع المستدام، ويساهم في تعميق معاناة الشعب الفلسطيني.