
المسار الاخباري: بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية والمفاوضات المعقدة، تمكنت الحكومة الألمانية من تأمين خروج 19 مواطنا ألمانيا وأفراد عائلاتهم من قطاع غزة، حيث تشن إسرائيل حربا بلا هوادة، وسط أوضاع إنسانية شديدة الصعوبة، وقيود مشددة على حركة الأفراد عبر المعابر الحدودية.
ووفقًا لما أعلنته وزارة الخارجية الألمانية، فقد تم نقل هؤلاء الأفراد إلى مطار رامون في جنوب إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم، ومن هناك نُقلوا على متن طائرة مستأجرة إلى مدينة لايبزيغ الألمانية، حيث وصلوا سالمين بعد رحلة طويلة ومعقدة. بحسب ما نشرت مجلة شبيغل الألمانية.
ويدور العدد الكلي التقريبي لمجموع من تم إجلاؤهم 30 شخصا، بحسب أرقام وزارة الخارجية.
رحلة معقدة وسط أوضاع إنسانية متدهورة
يشهد قطاع غزة منذ سنوات أوضاعًا كارثية على الصعيد الإنساني والمعيشي، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء، وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة، وانهيار الخدمات الطبية الأساسية. ويزداد الوضع تعقيدًا بسبب القيود الصارمة على الحركة، ما يجعل مغادرة القطاع أمرًا شبه مستحيل، حتى بالنسبة لحاملي الجنسيات الأجنبية، بحسب بيان وزارة الخارجية.
وفي هذا السياق، أوضحت وزارة الخارجية الألمانية أن الجهود المبذولة لإخراج المواطنين الألمان من القطاع استغرقت وقتًا طويلاً، نظرًا لتعقيدات الإجراءات والتنسيق اللازم مع عدة جهات.
وقالت متحدثة باسم الوزارة في برلين: “لقد كنا نعمل منذ فترة طويلة على تأمين خروج مواطنينا من غزة، لكن العملية كانت معقدة للغاية وتطلبت مفاوضات دبلوماسية مكثفة. كنا نأمل أن يتمكنوا من المغادرة في وقت أقرب، لكن الظروف لم تكن تسمح بذلك”.
وأكدت الوزارة أن هذا الإجلاء تم بالتنسيق الوثيق مع السلطات الإسرائيلية، حيث خضع الأفراد لمجموعة من الإجراءات الأمنية والإدارية قبل السماح لهم بمغادرة القطاع، ومن ثم السفر جوا إلى ألمانيا.
العالقون في غزة
رغم نجاح هذه العملية، لا يزال عدد من المواطنين الألمان وعائلاتهم عالقين في غزة، ولا تعلم برلين أعداد المواطنين حاملي الجنسية الألمانية بشكل دقيق نظرا للظروف الأمنية ودون وضوح في الأفق حول موعد أو إمكانية مغادرتهم. وتؤكد وزارة الخارجية الألمانية أن خروجهم ليس مسألة يمكن تحقيقها بسرعة، بسبب العقبات اللوجستية والأمنية المفروضة على السفر من القطاع.
وتواجه العائلات العالقة تحديات يومية، حيث أصبحت الحياة في غزة أكثر صعوبة من أي وقت مضى، في ظل شح الموارد الأساسية. ويقول بعض المواطنين الأجانب العالقين هناك إنهم قدموا طلبات للمغادرة منذ شهور، لكنهم لا يتلقون إجابات واضحة حول متى سيتمكنون من الرحيل.
ومنذ بدء الحرب الأخيرة، باتت إجراءات الخروج أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، حيث يتطلب الأمر موافقات متعددة، وتنسيقًا طويل الأمد بين جهات دولية مختلفة، ما يجعل أي عملية إجلاء تستغرق وقتًا طويلاً. وعلى الرغم من ذلك، فإن حاملي الجنسيات الأجنبية لا يزالون يملكون فرصة أكبر نسبيًا للمغادرة مقارنة بالسكان المحليين الذين يواجهون قيودًا أكثر صرامة.
مفاوضات شاقة وبطيئة
وقالت الوزارة إن الجهود الألمانية مستمرة لمحاولة إخراج باقي مواطنيها من القطاع، إلا أن ذلك يعتمد على تطورات الوضع الميداني والتقدم في المفاوضات. وفي الوقت نفسه، تؤكد وزارة الخارجية الألمانية أنها تتابع أوضاع رعاياها هناك، وتعمل على تسهيل خروجهم متى توفرت الظروف المناسبة لذلك.
ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس الخميس في مؤتمر صحافي في برلين إلى جانب العاهل الأردني عبدالله الثاني إلى استئناف “مفاوضات جادة” لوقف إطلاق النار في غزة، في وقت وسعت إسرائيل هجومها العسكري في القطاع.
وقال شولتس “المطلوب الآن هو العودة إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن”، داعيا إلى “مفاوضات جادة بهدف الاتفاق على نظام لما بعد الحرب في غزة يحمي أمن إسرائيل”.
ألمانيا تطالب بحل سياسي
وأكّد المستشار الألماني أن “الوضع في غزة وأيضا في الضفة الغربية لا يمكن أن يستقرّ إلا من خلال حلّ سياسي”، مندّدا بتدهور الوضع “يوما بعد يوم” في القطاع حيث “لم تصل أيّ مساعدة إنسانية منذ شهر”.
وقال “لا يمكن ولا ينبغي أن يستمرّ الحال كذلك. الكثير الكثير من الأشخاص يكابدون الجوع والعنف الهمجي المتواصل ونقص الرعاية الطبّية”.
وقال الملك عبدالله الثاني خلال المؤتمر الصحافي “بلغت المأساة الإنسانية في غزة حدّا لا يوصف ولا بدّ من اتّخاذ تدابير على الفور”.
وبالأمس، ندّد العاهل الأردني بالوضع الإنساني “الكارثي” في غزة، مشيرا إلى أن القطاع الفلسطيني يضمّ أكبر عدد من الأطفال المبتوري الأطراف للفرد الواحد في العالم.
وبعد هدنة هشّة استمرّت شهرين، استأنفت إسرائيل في 18 آذار/مارس حربها في غزة، زاعمة أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لدفع حماس إلى تسليم المحتجزين المتبقّين لدى حركة حماس.