
تقرير خاص .. شبكة المسار الإخباري – سبسطية
في مشهد يُجسّد التقاء الحضارة بالمقاومة، احتضنت بلدة سبسطية شمال الضفة الغربية، اليوم، مؤتمرًا صحفيًا وطنيًا على أرضها الأثرية العريقة، التي تواجه خطر التهويد والاستيطان الزاحف. بين أعمدة الزمن وحجارة الحضارات، علا الصوت الفلسطيني من جديد ليقول: هذه الأرض ليست مجرد موقع أثري، بل شريان من شرايين الهوية الوطنية، لا يُسمح بتقطيعه أو تزويره.
المؤتمر جاء بعد يوم واحد فقط من الاقتحام الاستفزازي الذي نفذه رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، المستوطن المتطرف يوسي دغان، للموقع الأثري في سبسطية. زيارة وُصفت بأنها جزء من مخطط ممنهج لفرض “سيادة استعمارية” على المكان، وترويج رواية زائفة تتنكر لحق أصيل ومتجذر. الرد الفلسطيني لم يتأخر، فجاء المؤتمر كرسالة مقاومة صلبة مفادها: سبسطية فلسطينية، بتاريخها، بترابها، وبكل ما تختزنه من مجد.
شارك في المؤتمر عدد من الشخصيات الوطنية والاعتبارية، من ممثلين عن لجنة مقاومة الجدار والاستيطان، ووزارة السياحة والآثار، ووزارة الحكم المحلي، إضافة إلى رئيس بلدية سبسطية محمد عازم. وأكد المتحدثون أن ما يجري في سبسطية ليس نزاعًا على موقع أثري، بل محاولة اقتلاع لذاكرة جماعية وهوية حضارية، تشكل جزءًا لا يتجزأ من الرواية الفلسطينية أمام العالم.
سبسطية ليست وحدها — هذا ما شدد عليه المشاركون، الذين دعوا إلى تحرك فلسطيني شامل، يبدأ بتثبيت الإنسان في أرضه، مرورًا بدعم القطاع السياحي والاقتصادي، ووصولاً إلى تدويل قضية سبسطية في المحافل الحقوقية والثقافية العالمية، لكشف الوجه الحقيقي للاحتلال وأدواته الاستيطانية. وطالبوا المجتمع المدني والوزارات الفلسطينية بالتحرك الفوري لتحويل الموقع إلى مركز وطني ثقافي وسياحي يحمي الرواية الأصلية ويقاوم التزوير.
إن بلدة سبسطية، هذه الجوهرة التاريخية، ليست فقط ساحة معركة بين الحقيقة والادعاء، بل عنوان من عناوين الثبات الفلسطيني. رغم الاقتحامات المتكررة، ومنع الترميم، والتضييق على السكان، ما زال أهلها يرفعون راية الإرادة والكرامة، رافضين الانكسار أمام محاولات الطمس.