
تمر البلدات العربية في ظروف اقتصادية صعبة، بدأت منذ انتشار جائحة كورونا في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2019، ولا تزال مستمرة لغاية اليوم، بفعل تداعيات الحروب الإسرائيلية، وعلى رأسها الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من 631 يومًا، والحرب على لبنان، والحرب على إيران.
وكغيرها من البلدات العربية يعاني السكان في مدينة باقة الغربية من الغلاء المعيشي والارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية والمستلزمات والاحتياجات الحياتية الأساسية.
ويرى المواطنون في باقة الغربية وأصحاب المحال التجارية أن الحكومات الإسرائيلية ترفع الأسعار وتزيد من الضرائب في ظل أجور ثابتة لا تتغير فاقمت الأعباء المعيشية، الأمر الذي أثر على السلوك الاستهلاكي لدى المواطنين في ظل الأوضاع السائدة، إذ أصبح المستهلكون يعتمدون في إنفاقهم ويكتفون بالضروريات والأساسيات.
وقال صاحب محل “أبو العبد للخضروات”، محمد لبناوي، إن “الأوضاع الاقتصادية بدأت تسوء لدى المواطنين منذ انتشار جائحة كورونا عام 2019، وتصاعدت منذ تلك الأزمة وهي ليست حديثة اليوم، ولكن في ظل الحرب ازدادت أوضاع الناس سوءا، لا سيما من فقدوا أماكن عملهم، وهذا ما نلاحظه على غالبية المواطنين وليس فئة معينة”.
وأضاف أنه “كصاحب محل خضروات يتوافد عليه المواطنون بشكل مستمر، ألاحظ أن المواطنين باتوا يكتفون بشراء الخضروات الأساسية لإعداد الطعام، والقليل من الفاكهة، وهذا ينطبق على الزبائن من المجتمعين العربي واليهودي”.
وعن الحملات والتخفيضات، أوضح أنه “نقدم التخفيضات من أجل أن يستطيع الزبون شراء المستلزمات التي يحتاجها، وأيضًا حتى يتمكن صاحب المصلحة التجارية بيع بضاعته في ظل هذه الظروف، وهذا يعود بالفائدة على الطرفين”.
وانتقد لبناوي تواطؤ السلطات مع كبار التجار الذين يتحكمون بالأسعار ويرفعونها، إذ قال إن “الدولة تغض النظر عن كبار التجار الذين يتحكمون في الأسعار ويرفعونها بشكل جنوني. المواطن البسيط وأصحاب المحال التجارية المتواضعة، هم من يتضرر، بينما يربح كبار التجار الذين تربطهم علاقة بالحكومة، والغني يزداد غنى والطبقات الوسطى والفقيرة تزداد فقرًا”.
وتطرق لبناوي إلى قضية العمال والمنح الحكومية، “نلاحظ من خلال حديثنا مع الزبائن، خاصةً فئة العمال، رفض الكثير من طلباتهم للحصول على المنح الحكومية، بينما يحصل المواطن اليهودي على هذه المنح بسهولة”.
وفي السياق، قالت صاحبة “ملحمة دجاج بلدي”، هالة فطيمة، إنه “قبل أزمة كورونا كانت الأوضاع الاقتصادية جيدة جدًا، ولكنها وبعد انتشارها انقلبت رأسًا على عقب. والحرب المستمرة زادت الأزمة سوءًا، خصوصًا مع فقدان الكثير من الناس لوظائفهم وارتفاع الأسعار بشكل كبير، والتوقف عن العمل لمدة طويلة”.
وأضافت أن “الحركة الشرائية تأثرت بشكل كبير في ظل الحرب، وتحديدًا في فترة الحرب مع إيران، حيث كانت الشوارع شبه فارغة، والناس بالكاد تخرج للشراء، والحالة النفسية متدهورة، والحرب التي قاربت السنتين تزيد هذا سوءا، إذ أننا نرى الحزن والتعب على وجوه المواطنين”.
وأشارت فطيمة إلى تغيّر سلوك المستهلكين، “باتت العائلات تشتري الحاجيات الضرورية، وهناك من بات يدخّر أمواله خوفًا من المستقبل المجهول، في ظل الحروب والأزمات المتسارعة”
وقال الطالب ميسان محمود محسن إن “آثار الحروب والأزمات الاقتصادية أثرت على كل الفئات في المجتمع، لا سيما الفئات المستضعفة ومنها طبقة الطلاب التي تشهد ارتفاع الأسعار، في مختلف المجالات، في حين يبقى الراتب ثابتا، إذ أنني أعمل في أحد فروع شركة غذائية كبيرة في منطقة تل أبيب، كنا مجموعة كبيرة من العمال في الشركة، واليوم العدد أصبح أقل من النصف. الضرر واسع على الموظف وصاحب المصلحة”.
وأشار إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواصلات العامة، “الأسعار ارتفعت بشكل كبير وهذا يشمل المواصلات العامة، إذ أن أجرة سفري ذهابا وإيابا إلى العمل من باقة الغربية إلى تل أبيب كانت تكلفني نحو 30 شيكلا، ولكن اليوم ارتفعت إلى نحو 50 شيكلا، وهذا الارتفاع يتكبده العامل، وما يحصل مبالغ وغير منطقي”.
وقال الأستاذ عبد الرحيم كبها من بلدة أم القطف، لـ”عرب 48″ إنه “أتوقع أن المستقبل سيكون أكثر صعوبة، إذ أن تكاليف الحروب المستمرة يتكبدها المواطن البسيط من خلال تقليص الميزانيات ورفع الضرائب عليه، الأمر الذي يزيد العبء على الأهالي والمواطنين البسطاء وتحديدًا الطبقتين الوسطى والفقيرة، وستزداد ظروفهما صعوبة”.
وأضاف أنه “لم نشهد مثل هذه الظروف منذ عقود، الكثير من الناس يعتمدون على البنوك لتوفير الاحتياجات الأساسية، نحن بحاجة إلى العمل والشراء بالمعقول، لأن المستقبل مجهول”.
وقالت نجود كبها إن “الوضع الاقتصادي لا يخفى عن أي جلسة عائلية أو اجتماعية، بسبب الغلاء المتزايد والضغوط المعيشية على المواطنين، في ظل الحروب المستمرة، والتي يتكبد تكاليفها وضرائبها المواطنون الذين يعانون أصلا أوضاعا صعبة”.
وأضافت أن “هناك بعض العائلات التي يعمل 3 أو 4 أشخاص منها، لكنها بالكاد تقوى على توفير الاحتياجات حتى آخر الشهر في ظل الغلاء والأمور التي لا تكون بالحسبان من عطل في المركبة أو في البيت وغيرها”.
وختمت كبها حديثها بالقول إن “الظروف صعبة للغاية، ويجب عدم الإسراف وترشيد الاستهلاك الأُسري”.