إسرائيلياتدولي

نتنياهو في البيت الأبيض: تحالف الفرص الأخيرة بين صانع “السلام بالقوة” ورجل “الأزمات المتكررة”

لندن”المسار”: يرى المحلل السياسي يوسي ميكلبرج أن من المتوقع دائماً أن تتمخض أي زيارة يقوم بها أي مسؤول إسرائيلي كبير للبيت الأبيض عن نتائج بالنسبة لكل من العلاقات بين هاتين الدولتين والشرق الأوسط برمته. ولكن الاجتماعات التي عقدت الأسبوع الماضي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم تتمخض تقريباً عن أي نتائج.

لدى ترامب ونتنياهو اعتقاد قوي بأن لديهما القدرة على إحداث تحول في عملية إعادة تشكيل المنطقة برمتها، إن لم يكن العالم كله، إلى الأبد

وقال ميكلبرج، وهو زميل استشاري أول، في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس (والمعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، إنه رغم التوقعات بحدوث اختراق، لم يظهر أي اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

ولدى ترامب ونتنياهو اعتقاد قوي – مستقل أساسا كل منهما عن الآخر، ومتزامن أحيانا – بأن لديهما القدرة على إحداث تحول في عملية إعادة تشكيل المنطقة برمتها، إن لم يكن العالم كله، إلى الأبد.

ورغم أن لديهما شكوكا على نحو متبادل، فإنهما يعتقدان أنهما يعرفان الكيفية التي يستطيع من خلالها كل منهما الاستفادة من الآخر.

وكمثال معبر عن ذلك، قدم نتنياهو لترامب خطاب ترشيح لجائزة نوبل للسلام، قائلا إن الرئيس الأمريكي “يصنع السلام في الوقت الذي نتحدث فيه”. وكان الرد المفاجئ لترامب أنه قال “أن يأتي الخطاب منك بصفة خاصة، فإن هذا ذو مغزى كبير”، معبراً عن طبيعة العلاقات التي أقامها الطرفان في ما بينهما.

وأضاف ميكلبرج أن القمم تثير توقعات، بصفة خاصة عندما تكون المخاطر عالية للغاية. ولكن اجتماعا ثالثا بين الزعيمين منذ أن عاد ترامب إلى البيت الأبيض تمخض عن نتائج ضئيلة للغاية.

ولم يكن ترامب مستعدا لممارسة ضغط علني على نتنياهو لدفعه للتحرك بشعور الحاجة الملحة صوب وقف لإطلاق النار في غزة. وبدلا من ذلك، كان هناك تعليق غامض من ترامب بأنه يعتقد أن المحادثات لإنهاء الحرب في غزة تمضي قدما على ما يرام، معلنا أن “حماس” مهتمة بالتوصل إلى اتفاق.

وقللت مصادر إسرائيلية من شأن أي توقع بإعلان فوري عن اتفاق، وصرحت للصحافيين بأنه تمت الموافقة على 90% من الاتفاق، ولكنها قالت للصحافيين إن المفاوضات تتطلب مزيدا من الوقت.

ولكي توافق إسرائيل على إنهاء الحرب، فإنها تريد الاحتفاظ بوجود عسكري طويل المدى في قطاع غزة. كما أنها تريد أيضا ضمانات بشأن عدد الرهائن الذين سوف يتم الإفراج عنهم في أي مرحلة، وتريد نفي قيادة حركة “حماس”، ونزع سلاح الحركة.

وسوف يكون هذا أمرا صعبا في أي وقت.

ووجد الوسطاء أن من الصعب بصفة خاصة إيجاد صيغة مقبولة في ظل خلفية سياسية يبدو فيها الزعماء من كلا الجانبين للكثيرين أنهم يقاتلون من أجل بقائهم السياسي، وليس من أجل القضايا التي تخدم بلادهم بشكل أفضل.

واستدرج نتنياهو ترامب، الذي أعلن نفسه أنه صانع سلام، إلى استخدام القوة العسكرية ضد إيران.

ويعطي هذا ترامب بعض المصداقية في الشارع في منطقة قاسية بوصفه أنه ليس خائفا من استخدام القوة عندما تحين الفرصة، وكشخص أوقف الحرب بين إسرائيل وإيران في اليوم التالي.

وربما لا يزال لدى الرئيس طموحات لمخطط إقليمي كبير، تعود فيه إيران إلى طاولة المفاوضات وتوافق على اتفاق يحد من قدرتها على تخصيب اليورانيوم ويخضعه لعمليات تفتيش صارمة. ومن المرجح أن ترامب ما يزال يرغب في توسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية، التي كانت الإنجاز الأكبر لفترة ولايته الأولى، ليشمل السعودية، ومن المحتمل سوريا، ودولاً أخرى في الخليج، وما وراء منطقة الخليج.

ولكن لكي تحدث كل هذه الأشياء، سوف يتطلب الأمر اتفاقا لإنهاء الحرب في قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع الساحلي المدمر، وربما عملية تحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.

وهنا يوجد حقل الألغام من السياسات الفلسطينية والإسرائيلية. وحتى الآن نتنياهو لا يمكنه تحقيق وقف لإطلاق نار طويل المدى، رغم حقيقة أن معظم الإسرائيليين يؤثرون رؤية عودة كل الرهائن إلى وطنهم وإنهاء الحرب، على تحقيق الهدف المراوغ وهو القضاء التام على “حماس”.

الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تشعر بالتشجيع من خلال تكرار ترامب المستمر لفكرة إخراج معظم الفلسطينيين في غزة، إن لم يكن جميعهم

ويعتمد نتنياهو على العناصر الدينية والقومية شديدة التطرف داخل حكومته للحفاظ على تماسك ائتلافه، وهم يعارضون بشدة وقف الحرب. وبدلا من ذلك فإنهم يدعمون إعادة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في القطاع التي كان قد تم إخلاؤها وتدميرها في عام 2005، وضم الضفة الغربية.

وتابع ميكلبرج أن هذه الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تشعر بالتشجيع من خلال تكرار ترامب المستمر لفكرة إخراج معظم الفلسطينيين في غزة، إن لم يكن جميعهم، والتي ذكرها الأسبوع الماضي مع نتنياهو.

ويشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضا بالتمكين من خلال دعوة ترامب بوقف محاكمة نتنياهو بالفساد، والتي اعتبرها ترامب، دون أي دليل يُذكر، بمثابة “حملة اضطهاد”. (ويدفع نتنياهو ببراءته وينفي ارتكاب أي مخالفة).

وفي الحقيقة، وعلى خلفية قصف إيران ودعم ترامب، يبدو أن حسابات نتنياهو بشأن موقفه السياسي الداخلي الهش حتى الآن قد تغيرت.

ويبدو أن نتنياهو دخل في أجواء الانتخابات، في الأيام الأخيرة، بدون أن يتم بالفعل الدعوة إلى الانتخابات. وأظهرت زيارة البيت الأبيض مكانة نتنياهو الدولية ونفوذه لدى الحليف الأوثق لإسرائيل. وتحسن موقف نتنياهو في استطلاعات الرأي نتيجة للحرب مع إيران، وربما يضع في حساباته أن إجراء انتخابات في وقت ما في الخريف ربما يكون أفضل رهان للبقاء في السلطة، ومن المحتمل ألا يتم الزج به في السجن إذا تم إدانته بالفساد.

وربما يدفع إنهاء الحرب في غزة مع عودة الرهائن الباقين، وإظهار دعم ترامب الواضح، واتفاق نووي جديد محتمل بين الولايات المتحدة وإيران – سوف يُنسب الفضل فيه إليه – نتنياهو للاعتقاد بأنه ما يزال هناك شعور داخله بتحقيق نصر انتخابي.

واختتم المحلل تقريره بالقول إنه إذا كان هناك أي سياسي في إسرائيل يعتقد بأنه يمكنه تحويل الانتكاسات إلى نصر في انتخابات عامة، فإن هذا السياسي هو بنيامين نتنياهو.