لوفيغارو: بعد العزلة الخانقة لإسرائيل …بنيامين نتنياهو يبحث عن ردّه بعد نكساته الدبلوماسية

المسار : باريس-  تحت عنوان “بنيامين نتنياهو يبحث عن رده بعد نكساته الدبلوماسية” قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد وعد بالرد، لكنه سينتظر عودته من الولايات المتحدة الأسبوع المقبل. غير أنه، مساء الأحد، وبعد ساعات قليلة فقط من إعلان المملكة المتحدة وأستراليا والبرتغال اعترافها بدولة فلسطين، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ“الرد بالمثل”، قائلاً بنبرة حازمة: “لن تكون هناك أبدًا دولة فلسطينية غرب نهر الأردن”.

لوفيغارو: ضم الضفة من شأنه أن يهدد أحد أبرز النجاحات الدبلوماسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي.. اتفاقيات أبراهام

وأضافت الصحيفة الفرنسية القول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يبدو مترددًا، عالقًا بين جناح ديني يميني متطرف يطالب بضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة، وضغط دولي متزايد، لا سيما من الدول الخليجية. فالحرب في قطاع غزة وما خلفته من المآسي الإنسانية عزلت إسرائيل كما لم يحدث في تاريخها الحديث؛ ويدرك بنيامين نتنياهو أنه في هذا الملف لا يمكنه الاستغناء عن الدعم الأمريكي.

في الداخل الإسرائيلي، – تتابع صحيفة “لوفيغارو”- يضغط أنصار نتنياهو عليه لضم جزء من الضفة الغربية. ويدعو الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، أبرز رموز اليمين الديني المتطرف، ويعتمد عليهما بقاء حكومته الائتلافية، إلى خطوة استعراضية كبيرة. في أكثر صيغها تطرفًا، يقضي المشروع بضم 82% من أراضي الضفة الغربية، تاركًا للفلسطينيين مجرد أرخبيل من ست مدن معزولة.

أما الخيار “الأكثر واقعية”، الذي يطرحه رون ديرمر، مستشار نتنياهو للأمن القومي، فيستهدف وادي الأردن. فإلى جانب أهميته الأمنية كونه يجاور الأردن، يحتوي هذا الوادي على موارد مائية وزراعية يستغلها المستوطنون بالفعل، تُشير صحيفة “لوفيغارو”.

غير أن الضم من شأنه أن يهدد أحد أبرز النجاحات الدبلوماسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، تقول “لوفيغارو”، موضحة أن اتفاقات أبراهام، الموقعة عام 2020، التي كرست اعتراف الإمارات العربية المتحدة والبحرين بدولة إسرائيل. وقد أعلنت الإمارات أن أي ضم علني سيكون بمثابة خط أحمر. وهذه الاتفاقات تُعد الإنجاز الأبرز لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية في ولايته الأولى، والذي يحرص دائمًا على التذكير بها ويستشهد بها لتبرير مطالبته بجائزة نوبل للسلام.

وإذا كان خيار الضم ما يزال غير محسوم، فإن خيار تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية يظل قائمًا، بهدف إفراغ فكرة الدولة الفلسطينية من مضمونها. ولم ينتظر الاحتلال الإسرائيلي حتى يومي 21 و22 أيلول/سبتمبر الجاري لتسريع وتيرة الاستيطان، إذ أقر، خلال الأشهر الماضية، بناء آلاف الوحدات السكنية في الضفة، في إستراتيجية تهدف إلى ضم المنطقة بحكم الأمر الواقع.

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يوم الأحد الماضي: “الرد الوحيد على هذه الخطوة المعادية لإسرائيل هو ضم أراضي الوطن اليهودي في يهودا والسامرة (التسمية الدينية للضفة الغربية) والتخلي نهائيًا عن الفكرة العبثية لدولة فلسطينية”. “الواقع” اليوم هو ضفة غربية تتآكل بفعل المستوطنات والطرق والمزارع والقواعد العسكرية، ما يجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرًا مشكوكًا فيه للغاية، تقول صحيفة “لوفيغارو”.

في الكواليس، – تضيف “لوفيغارو”- تدرس إسرائيل اتخاذ إجراءات موجهة ضد الدول التي اعترفت بفلسطين، وفي مقدمتها فرنسا التي تُتهم بأنها قادت هذه المبادرة. ففي مايو/أيار عام 2024، استدعت إسرائيل سفراءها من إيرلندا والنرويج وإسبانيا بعد اعتراف هذه الدول بفلسطين. لكن “تكرار هذه الخطوة اليوم، في وقت انضم فيه العديد من الحلفاء التاريخيين لإسرائيل إلى هذا التوجه، سيكون أكثر تعقيدًا، وقد يؤدي إلى مزيد من عزلة إسرائيل”، وفق ما نقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أوروبي.

لوفيغارو: الواقع اليوم هو ضفة غربية تتآكل بفعل المستوطنات والطرق والمزارع والقواعد العسكرية، ما يجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمراً مشكوكاً فيه للغاية

ومن بين الخيارات المطروحة إغلاق القنصلية العامة لفرنسا في القدس، التي تدير الشؤون الفلسطينية، وكذلك شؤون نحو 50 ألف فرنسي-إسرائيلي في المنطقة.

ففي شهر أغسطس/آب الماضي، أوصى وزير الخارجية الإسرائيلي- المعروف بعدائه لإيمانويل ماكرون- باتخاذ هذا الإجراء، إذا اعترفت فرنسا بفلسطين. ويقول المصدر الدبلوماسي الأوروبي: “قد تكتفي الحكومة فقط بطرد القنصل”.

وقد سبق لإسرائيل أن طبقت مثل هذه الخطوة ضد دبلوماسيين أستراليين ونرويجيين يعملون في الأراضي الفلسطينية.

وأخيرًا، قد تشمل العقوبات الاقتصادية غير المباشرة استهداف منظمات غير حكومية وشركات فرنسية ناشطة في الضفة الغربية أو القدس الشرقية، عبر تقييد تصاريح عملها أو عرقلة معاملاتها المالية، وفق “لوفيغارو”.

Share This Article