المسار: أثار قرار رئيس السلطة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بإلغاء مناسبتي حرب تشرين وعيد الشهداء من قائمة المناسبات الوطنية التي يحتفى بها جدلا كبيرا بين السوريين.
غضب في الشارع
قرار الشرع بإلغاء الاحتفال بحرب تشرين وعيد الشهداء اشعل اعتراضاً كبيراً في الشارع السوري وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي حملات تشكيك بدوافع القرار وخلفياته. حيث كتب السياسي السوري زيد العضم قائلاً: “من الواضح أن سلطة دمشق اختارت أن تُرضي تركيا وإسرائيل معًا، فقررت إلغاء عطلتَي السادس من أيار والسادس من تشرين”.
ولفت العضم إلى أن ما لا تدركه هذه السلطة هو أن شهداء 6 أيار لم يُعدموا عبثًا، بل لأنهم رفضوا الخضوع للمؤامرات التي كانت تُحاك من قبل سلطة الاتحاد والترقي، وواجهوا الموت بثبات وشرف وأضاف بأنه “حين تلغي سلطة دمشق يوم الشهداء، فإنها تغتال ذكراهم مرّة أخرى لكنها لن تستطيع محو التاريخ، ولا كسر ذاكرة أمة تعرف من خانها ومن وقف ليحميها” .
وكتب مدير التجمع الوطني السوري ماهر الزعبي المعروف بـ “ماعوط حوران” على صفحته الشخصية:
“كيف لي أن أفرح باعتماد تاريخ 18/3/2011 تاريخ انطلاق ثورتنا وتثبيت هذا التاريخ بسجلات الدولة الرسمية وفي نفس الوقت أتغاضى عن حمل القيادة السياسية لممحاة عبثية وشطبها لتاريخ 6 أيار عام 1916 تاريخ نضوج الوعي الوطني السوري باستشهاد ثلة من الرجال السوريين الوطنيين على يد جمال باشا السفاح؟
كيف لي أن أكون في المتر الأول ثوريآ أُهلِل وأُكبِر لاعتماد تاريخ الثورة السورية المباركة من بوابة درعا، وفي المتر الثاني مباشرةً أغض النظر عن قضم مرحلة عطرة من تاريخ سورية إرضاء للمخابرات التركية أحفاد جمال باشا السفاح؟”
الإعلامي السوري ماهر شرف الدين أشار إلى أن ما يجري هو “ظلم كبير جدا بحق التاريخ النضالي الكبير لسنَّة سوريا”، ولفت شرف الدين إلى أن
* التاريخ سيسجل بأن “النظام العلوي” خاض حرباً لتحرير الأرض… بينما “النظام السنّي” منعَ الذكرى السنوية لهذه الحرب!
الكاتب السوري الشهير رامي كوسا كتب على صفحته الشخصية ” اليوم، في ذكرى استشهاد أبطالنا في مواجهة الكيان المجرم، أقول إنّني حفيد هؤلاء، ووريث دمهم، وأنا ابن البلاد التي أرادوها حرة”.
و أضاف كوسا:”حتّى لو تعاقبت على دمشق ألف سلطة، وحاول أزلامها النيلَ من ذكرى تشرين، بالقلم أو بالساطور أو بالكلاشن أو بالانتحاريين، سأظل أقول:
هذي لحظة شجاعتنا المجيدة، هذي لحظة شجاعتنا الملهمة، هذا إرثنا الذي يذكّر بأن هناك سوريين أحبوا هذه الأرض حتى افتدوها.
سأظلّ أذكّر، سأظلّ أذكّر”.
السياسي ورجل الأعمال فراس طلاس ابن العماد مصطفى طلاس الذي كان وزيراً للدفاع في حرب تشرين من العام 1973 كتب على صفحته الشخصية
” كل سوري في دواخله يعلم أن 6 تشرين هو انتصار للجيش السوري6 .
أتمنى ان يعاد الاحتفال بعيد 6 تشرين، وأن يصبح 21 مارس هو عيد الأم والنوروز.
السوريون يستحقون ذلك كردا وعربا”.
من جانبه نشر الفنان السوري وعضو مجلس الشعب السابق عارف الطويل صورة له مع والده بالزي العسكري وكتب أسفلها:
“رحم الله شهداء حرب تشرين من سوريا ومصر والوطن العربي
الصورة مع والدي الشهيد محمد وفا الطويل والذي نال شرف الشهادة في الحرب”
” غزل لإسرائيل وتركيا “
المحلل السياسي عباس علي رأى في حديثه لموقعنا أن السلطة الانتقالية في سوريا ومن خلال قيامها بإلغاء الإحتفال بمناسبتي حرب تشرين وعيد الشهداء ساهمت إلى حد كبير في زيادة الانقسام داخل المجتمع السوري المنقسم أصلا ومارست دكتاتورية احتكار الحاضر والماضي والمستقبل من خلال إدراكها بأن قسما كبيراً من السوريين لن يوافقها على إلغاء هاتين المناسبتين اللتين تصلان إلى منزلة القداسة عند قسم كبير من السوريين.
وأشار علي إلى أن السلطة في دمشق تصر على محاباة تركيا وإسرائيل حتى ولو كان ذلك على حساب الذاكرة الوطنية السورية.
فحرب تشرين كما يقول هي حرب التضحيات التي قدم فيها الجيش السوري آلاف الأبطال كشهداء صانوا الأرض والعرض والغاء الاحتفال بها هو انتقاص من شهادتهم وتضحياتهم وتبن للسردية الإسرائيلية التي تعلن ليل نهار بأن العرب لم ينتصروا في الحرب.
وبالنسبة لإلغاء عيد الشهداء يرى المحلل السياسي أنه بمثابة إقرار لتركيا بأن حكمها لسوريا والعالم العربي لم يكن احتلالا بل كان حكم الأخ لأخيه والأب لأسرته، في حين يقول التاريخ بأن أسوأ مرحلة عاشها العرب كانت مرحلة الحكم العثماني الذي لم يقدم شيئاً للعرب سوى ” ثقافة الخازوق”. فيما تشرع الحكومة الحالية الأبواب أمام هيمنة تركية جديدة وشاملة في سوريا على النحو الذي كانته أيام حكم العثمانيين الذين انتفض شهداء أيار في وجههم.
المصدر: RT