المسار : تتزايد المؤشرات منذ مطلع العام الحالي على ارتفاع معدلات الهجرة العكسية من دولة الاحتلال، في ظلّ استمرار الحرب على غزة وما خلّفته من تداعيات أمنية واقتصادية وإنسانية عميقة، إلى جانب الانقسامات السياسية الحادة وهيمنة اليمين المتطرف على الحكم.
وكشفت معطيات عُرضت في لجنة الشباب بالكنيست أن عام 2024 شهد موجة هجرة سلبية غير مسبوقة، إذ غادر البلاد نحو 83 ألف مستوطن، مقابل عودة 24 ألف فقط، ما يعني رصيد هجرة سلبي يقارب 60 ألف نسمة — وهو أكثر من ضعف ما سُجّل في عام 2023.
وبيّنت بيانات دائرة الإحصاء المركزية أن 81% من المغادرين تقل أعمارهم عن 49 عامًا، وتشكل الفئة العمرية ما بين 25 و44 عامًا النسبة الأكبر، وهي فئة العائلات الشابة والعاملين في القطاعات المنتجة، ما يُعدّ تهديدًا بنيويًا طويل المدى لاقتصاد دولة الاحتلال.
ويرى خبراء أن هذه الموجة تأتي نتيجة تراجع الشعور بالأمن الشخصي بعد الحرب على غزة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور ثقة الجمهور بالمؤسسات السياسية. واعتبر البروفيسور سيرجيو ديلا-فرغولا أن دولة الاحتلال تشهد “الهجرة السلبية الرابعة في تاريخها”، مشيرًا إلى مغادرة نحو 79 ألف شخص خلال العام الأخير.
وفي مواجهة هذه الظاهرة، أطلقت وزارة المالية في دولة الاحتلال خطة اقتصادية جديدة تتضمّن تخفيضات ضريبية واسعة لصناديق الاستثمار في قطاع التكنولوجيا المتقدمة (الهاي-تك)، وتسهيلات تشجع عودة الإسرائيليين المقيمين في الخارج.
وتشمل الخطة تخفيض ضريبة “عوائد النجاح” من 50% إلى 27% للشركاء المحليين، ومن 15% إلى 10% للأجانب، إلى جانب حوافز إضافية لتسهيل عودة العاملين في شركات التقنية من الخارج، وتبسيط الإجراءات الضريبية لصفقات الاستحواذ والاستثمار.
ورغم أن حكومة الاحتلال تراهن على الأدوات الاقتصادية لاحتواء الأزمة، يرى مراقبون أن المعالجة الضريبية وحدها لن تكفي، ما لم تُرفق بإصلاحات سياسية وأمنية تعالج جذور الأزمة، وأبرزها استمرار الاحتلال وتوسّع الاستيطان وما يخلّفه من عزلة دولية وضغط داخلي متزايد.

