انخفاض “كارثي” في المساعدات الدولية لغزة منذ وقف إطلاق النار

المسار : يشارك جامعو التبرعات للمدنيين الفلسطينيين في غزة تحذيرًا من انخفاض “كارثي” في التبرعات منذ إعلان وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول، على الرغم من الحاجة الماسة للمساعدات مع اقتراب فصل الشتاء.

ويقول أحد منظمي المساعدات الإنسانية لصحيفة الغارديان البريطانية “يعتقد العالم أن الفلسطينيين لم يعودوا بحاجة إلى المساعدة وهذا خطأ كبير”.

ومنذ وقف إطلاق النار، أصبح جمع التبرعات، التي كان المتطوعون يوجهونها مباشرة إلى الأسر المحتاجة، أكثر صعوبة.

ويعيش كثيرون من سكان غزة في ملاجئ مؤقتة ويعانون من المرض والجوع وسوء التغذية، وفقًا للمنظمين الذين أداروا مبادرات تطوعية للفلسطينيين عبر منصات التمويل الجماعي على مدى العامين الماضيين.

أحد هؤلاء ميغان هول، المقيمة في أستراليا، تدير 95 صندوقًا للمساعدة المتبادلة عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للأسر الفردية في غزة، وقد جمعت أكثر من 200 ألف دولار منذ فبراير/شباط 2024.

وقالت هول إنه بعد تباطؤ التبرعات في سبتمبر، انخفضت بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر، حيث جمعت خلال شهر أكتوبر ما يزيد قليلاً عن 2000 دولار مقارنة بحوالي 5000 دولار أسبوعيًا خلال الحرب.

وأضافت: “إن انخفاض التبرعات كارثي. يبدو أنه مع ما يُسمى بـ’وقف إطلاق النار’، يظن العالم أن الفلسطينيين لم يعودوا بحاجة إلى مساعدتنا”.

أزمة إنسانية مع حلول الشتاء في غزة

مع حلول الشتاء، وبعد نزوحهم المتكرر، لا يملك الكثيرون حتى ملابس شتوية أو بطانيات. وأكد أربعة منظمين آخرين لصناديق المساعدة المتبادلة انخفاضًا حادًا في الأموال الواردة خلال الشهر الماضي.

وتعتمد صناديق المساعدة المتبادلة على التبرعات الصغيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعكس المنظمات الإنسانية الكبرى التي تعتمد على قواعد كبيرة من المانحين من القطاعين العام والخاص.

ويستخدم الفلسطينيون، عندما يسمح لهم الوصول إلى الإنترنت، حساباتهم لتشجيع التبرعات.

وقد شهدت بعض المنظمات غير الربحية انخفاضًا كبيرًا أيضًا. فمثلاً، جمعت منظمة “مطبخ غزة للحساء” أكثر من 5.8 مليون دولار عبر منصة GoFundMe منذ فبراير 2024، لكنها سجلت انخفاضًا بنسبة 51% في التبرعات بين سبتمبر وأكتوبر.

وقال هاني المدهون، الشريك المؤسس: “لا تأثير يُذكر الآن، ولكن ربما على المدى الطويل. نواصل العمل دون أي تغييرات، مع التركيز على المستقبل”.

ووفق تقييم مؤسسة ساري جلوبال، أكثر من 70% من سكان غزة، أي حوالي 1.9 مليون شخص، محاصرون في مناطق معرضة للأمطار والرياح والأمواج الساحلية دون بنية أساسية عاملة.

وقد دُمّرت معظم الأراضي الزراعية، ونفقت معظم الثروة الحيوانية، وتدهور نظام الرعاية الصحية بشكل كبير.

قلق دولي إزاء انخفاض المساعدات

وقف إطلاق النار يعني هدوءًا في القصف، لكنه لا يحسن حياة الناس بين عشية وضحاها، لأن معظم غزة دُمِّر بالكامل. وأعربت المنظمات الإنسانية الكبرى، مثل أوكسفام و”أنقذوا الأطفال”، عن قلقها إزاء انخفاض التبرعات.

قالت أليسون غريفين من “أنقذوا الأطفال” بالمملكة المتحدة: “عندما لا تكون هناك تغطية إعلامية كافية، يصبح التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي أقل فعالية”.

وسمحت دولة الاحتلال لبعض قوافل المساعدات بدخول غزة، لكنها فتحت فقط ثلاثة معابر من أصل سبعة، وتوزيع المساعدات محدود.

ومن المتوقع وصول حوالي 2000 طن من المساعدات الغذائية يوميًا، وهو نحو 60% من الهدف المنسق عبر الأمم المتحدة.

يعتمد أحمد الديب، 28 عامًا من مدينة غزة، على صندوق المساعدة المتبادلة لإطعام وإسكان عائلته الممتدة المؤلفة من 14 فردًا، بمن فيهم ابنة أخيه المريضة البالغة عامين.

وقد جمع الصندوق حوالي 6,500 دولار منذ تأسيسه قبل ستة أشهر، لكن التبرعات انخفضت من 3,000 دولار في سبتمبر إلى حوالي 150 دولارًا في نوفمبر.

وبعد نزوح عائلته إلى دير البلح، اضطر ديب لدفع 300 دولار شهريًا لاستئجار خيمة مشتركة مع عشر عائلات أخرى، ولم يتمكن من دفع الإيجار في أكتوبر إلا بالاقتراض. وبسبب مخاوف الشتاء، عاد إلى مدينة غزة ليعيش في شقة تضررت بالقصف، لكنه ما زال بحاجة إلى 400 دولار شهريًا. وقال: “لا أستطيع وصف مدى سوء الوضع. إن لم أدفع، سيطردني المالك”.

وتواجه العائلات في غزة صعوبات شديدة في الحصول على المساعدات الإنسانية، بينما تكافح مع استمرار الشتاء ونقص التبرعات، مما يضع مستقبل الملايين في ظل ظروف قاسية وغير مستقرة.

Share This Article