وفاة ناصر بوضياف المطالب الأبدي بالحقيقة في اغتيال والده الرئيس الجزائري محمد بوضياف

المسار : توفي ناصر بوضياف، نجل الرئيس الأسبق محمد بوضياف، مساء أمس الأربعاء في بروكسل قبيل منتصف الليل، إثر إصابته بسرطان خبيث لم يمهله طويلًا، وفق ما ذكره موقع “قصبة تريبيون” الجزائري نقلا عن شقيقه طيب بوضياف.

وبرحيل ناصر، تُطوى صفحة أحد أبرز الأصوات إلحاحًا في المطالبة بكشف حقيقة اغتيال والده، رئيس المجلس الأعلى للدولة في الجزائر، والذي اغتيل في 29 جوان 1992، في واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في تاريخ الجزائر المستقل.

وعلى مدى ثلاثة عقود، كرّس ناصر بوضياف جزءًا كبيرًا من حياته للنضال من أجل “الحقيقة الكاملة” حول الاغتيال، وظلّ يجاهر برفضه للرواية الرسمية التي حمّلت مسؤولية العملية للملازم مبارك بومعرافي باعتبارها “فعلاً معزولًا”. وفي كل ذكرى لرحيل والده، كان ناصر يعلن تمسكه بما يعتبره “واجبًا تجاه العائلة والجزائريين”، مؤكدًا أنه لن يتوقف عن المطالبة بفتح الملف مهما طال الزمن.

وتحوّل ناصر بوضياف، بمرور السنوات، إلى أبرز من يرفع لواء الاتهامات الثقيلة التي وجّهها لقيادات عسكرية بارزة سابقة، من بينها الجنرال محمد مدين المعروف بـ”توفيق”، القائد الأسبق لجهاز المخابرات، والجنرال خالد نزار وزير الدفاع الأسبق، معتبرًا أنهما- حسب قناعته- يقفان وراء اغتيال والده. كما ذهب إلى أبعد من ذلك باتهامه النظام الفرنسي بقيادة ميتيران بالضلوع في العملية، مشيرًا إلى ما ورد في كتاب السفير الفرنسي الأسبق برنارد باجولي، الذي تحدث فيه عن أن “فرنسا لم تترك بوضياف ليكمل مهمته”، وفق قراءته.

ويعد الراحل محمد بوضياف أبرز مؤسسي جبهة التحرير الوطني التي قادت النضال من أجل استقلال الجزائر. وظل الرئيس الراحل في المنفى إلى أن تم مناداته سنة 1992 لرئاسة البلاد في ظرف سياسي وأمني خطير كانت تعيشه الجزائر بعد وقف المسار الانتخابي إثر فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ واستقالة الرئيس الشاذلي بن جديد.

وقد اغتيل بوضياف بطريقة دراماتكية وهو يلقي خطابا في 29 حزيران/ يونيو 1992 بعنابة شرق الجزائر، وذلك بعد 5 أشهر و13 يوما من تنصيبه رئيسا للمجلس الأعلى للدولة.

ولسنوات طويلة، ظل ناصر بوضياف يتهم أطرافا في نظام الحكم في ذلك الوقت بتدبير اغتيال والده. وفي سنة 2016، رفع دعوى قضائية، ضد 4 من كبار المسؤولين السابقين في الدولة، هما مدير مديرية الاستعلام والأمن السابق محمد مدين المدعو الجنرال توفيق، ووزير الدفاع السابق الراحل خالد نزار، ومدير فرع المخابرات المضادة للجوسسة، الراحل إسماعيل العماري وأمين عام الرئاسة السابق الراحل العربي بلخير، لكنه عاد وتنازل عن دعواه عاما بعد ذلك لاعتباره أن العدالة الجزائرية لا تزال غير قادرة على كشف القضية، على حد وصفه.

وبالنسبة للسلطات الجزائرية، فإن هذا الموضوع منته بعد محاكمة الملازم لمبارك بومعرافي منفذ عملية الاغتيال والحكم عليه بالإعدام الذي لم ينفذ منذ ذلك الوقت. وكان لهذا الملازم- وفق ما قيل- ميول نحو جزء من التيار الإسلامي الذي اعتبر أن بوضياف سار في نفس النهج الانقلابي ضده، فقرر القيام بهذه العملية بشكل معزول منتهزا وجوده قرب دائرة حراسة الرئيس.

وكان لاغتيال بوضياف الذي استعان به أصحاب القرار في ذلك الوقت بعد استقالة الشاذلي، أثر النكبة على البلاد التي دخلت في دوامة عنف وإرهاب جهنمية دامت لنحو عشرية كاملة.

Share This Article