مشروع القرار يدعو إلى نشر قوة دولية في غزة لـ”تثبيت الاستقرار”، تتولّى نزع سلاح حماس من التداول، وحماية الحدود، وتأمين العمليات الإنسانية. كما يقترح إنشاء “مجلس للسلام” يتولّى إدارة القطاع إلى حين استكمال ما يسمّى إصلاحات السلطة الفلسطينية. ومع التقدّم في تنفيذ الخطة، “قد تتوفر ظروف” تتيح “مسارًا موثوقًا” نحو دولة فلسطينية.
فيما يخصّ غزة أيضًا، نحن أمام مقترح ضبابي يصعب تخيّل تحقّقه على الأرض. فالمبادرة تمنح الدول الأعضاء صلاحية إقامة قوة دولية لـ”تثبيت الاستقرار” تكون خاضعة لقيادة يوافق عليها “مجلس السلام” — هيئة افتراضية من المفترض أن ينشئها دونالد ترامب، وقد مُنحت صلاحيات واسعة لإدارة القطاع. في الواقع، القرار ينزع عن غزة أي شكل من أشكال السيادة، وينقلها إلى وصاية أميركية محدودة زمنيًا، لكنها غير محدودة في السلطة. ولا أحد يعرف كيف يمكن تنفيذ ذلك من دون جدول زمني لانسحاب الجيش الإسرائيلي، ومن دون تحديد موعد لدخول قوة فلسطينية بديلة، ومن دون أي نقاش حول الضفة الغربية والتصعيد الخطير الدائر فيها. عمليًا، يكرّس القرار سياسة الفرّق تسُد التي استخدمتها إسرائيل ذريعة دائمة لرفض أي حلّ.
والمفارقة أن كل الخطوات التي تدعمها حكومة إسرائيل، أو تدفع بها من وراء الكواليس، لا تخدم مصالح الدولة نفسها. هذا يتجلّى بوضوح في الصيغة التي تتبلور حول الاتفاق بين الولايات المتحدة والسعودية: ترامب مستعد لبيع طائرات “أف-35” للرياض، بينما يضغط بعض الأطراف في إسرائيل لجعل الصفقة مشروطة بتخلّي السعودية عن إدراج بند واضح يضمن التزامًا بقيام دولة فلسطينية. إنها الحماقة في أنقى صورها: إسرائيل تتنازل عن تفوّقها العسكري مقابل القضاء على مستقبلها.
المفتاح اليوم بيد ترامب. فإذا كان مقتنعًا فعلًا بأن قيام دولة فلسطينية ضرورة حتمية لإسرائيل وللفلسطينيين وللمنطقة بأكملها، فعليه أن يفرض على نتنياهو استمرار وقف إطلاق النار، ويربط أي مسار للتطبيع مع السعودية باعتراف صريح بفلسطين وبخطوات جدية نحو إنهاء الاحتلال.

