المسار : تداولت وسائل إعلام أميركية اسم السياسي والدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف، أحد المرشحين لتمثيل “مجلس السلام” الذي اقترحته الولايات المتحدة وصدّق عليه مجلس الأمن لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة. ويبدو أن هذا الترشيح جاء بعد اعتراضات عربية على اسم توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق وأحد عرابي الحرب على العراق.
يشغل ملادينوف منصب المدير العام لأكاديمية “أنور قرقاش” الدبلوماسية في الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2022. وكان قد شغل عدداً من المناصب السياسية في الاتحاد الأوروبي وفي بلاده كما مناصب دولية. ومن أبرزها عضوية البرلمان البلغاري، 2001 إلى 2005 ومن ثم الأوروبي من عام 2007 إلى عام 2009. كذلك شغل منصب وزير الدفاع البلغاري من عام 2009 إلى عام 2010، ومنصب وزير الخارجية من عام 2010 إلى عام 2013. وعيّنه الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، لمنصب الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق، ورئيس بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق (يونامي) بين الأعوام 2013 و2015. وتُنسب إليه المساعدة في إبرام اتفاقية تقاسم عائدات النفط بين بغداد وأربيل، ولكنه لم يمكث في العراق مدة طويلة، ولم يترك بصمة مهمة هناك. وشغل منصب المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط بين الأعوام 2015 و2020. ويرى بعضهم أنه تمكن في تلك الفترة من تمتين علاقته بالسياسيين الإسرائيليين، وهي علاقات تعود لعهود سبقت تلك الفترة. كذلك تحلى بعلاقات قوية كذلك مع السلطة الفلسطينية فقد منحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2021 وسام “النجمة الكبرى من وسام القدس”، دون أن يقدم الرجل أي رؤية داعمة للفلسطينيين ونضالهم.
ونسب إليه “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” لعب دور مهم في المساعدة على “نزع فتيل العنف عبر الحدود بين إسرائيل وحماس، وفي الحفاظ على فكرة الحل التفاوضي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني”، بحسب الصفحة الرسمية لـ”معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” المعروف بانحيازه إلي اليمين واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة. ولملادينوف العديد من الأوراق المنشورة على موقع المعهد، الذي يذكر أنه كان زميلاً زائراً فيه. كذلك انضم إلى “فريق من الخبراء ضمن “مشروع كوريت حول العلاقات العربية الإسرائيلية”.
وتشير قراءة الأوراق التي نشرها ملادينوف أخيرا على صفحة المعهد، وآخرها في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى أنه من المدافعين عن “اتفاقيات أبراهام” والمؤمنين بالتطبيع من أوسع أبوابه. وعلى الرغم من انتقاداته لسياسات الاستيطان الإسرائيلي خلال عمله منسقاً للشرق الأوسط في الأمم المتحدة، وهو موقف الأمم المتحدة الرسمي الذي لا يمكنه بكونه مبعوثاً لها (آنذاك) الخروج عنه في تقاريره أو عن “حل الدولتين”، إلا أن ملادينوف كثيراً ما صب اللوم على المقاومة والجانب الفلسطيني في تصريحاته وبياناته وحتى تقاريره الدورية لمجلس الأمن. وملادينوف واحد من الأسماء المرحب بها إسرائيلياً، حيث يتمتع بعلاقات قوية مع العديد من السياسيين الإسرائيليين بدأت مع بعضهم قبل أكثر من خمسة وعشرين سنة بما فيها علاقات قوية مع أفيغدور ليبرمان، اليميني المتطرف ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا” الذي شغل منصب وزير خارجية كذلك. كذلك تربطه علاقات جيدة بسياسيين إسرائيليين آخرين مثل وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني. وتمكن من توطيد علاقاته مع جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال فترة حكمه الأولى.
مما لا شك فيه، أن ملادينوف، الذي ما زال صغيراً نسبياً (53 سنة)، شخص محنك يمتلك المؤهلات الدولية والأممية، وما كان ترامب ليرشحه لو لم يكن مقرباً من الإدارة الأميركية والإسرائيلية. كذلك فإن مهمته وعلاقته بالجانب الفلسطيني ستكون مع إدارة تكنوقراط (لا حماس ولا سلطة) مقبولة من الجانب الأميركي والإسرائيلي، في حال قبول إسرائيل تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

