المسار – تترقب العاصمة الأردنية بدقة ما يُعرف بـ”السيناريو الأسوأ” في ملف القضية الفلسطينية، وسط مخاوف متزايدة من أن تكون الخطط الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء مهيأة لتقليص مساحة الضفة الغربية وفرض حلول جزئية على غزة، مقابل إنهاء الحرب فيها، على حساب السلطة الفلسطينية ومصالح الأردن الوطنية.
ويشير سياسيون مخضرمون، بينهم رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، إلى أن السيناريو الذي تتم مراقبته عن كثب يتعلق بالخطط الإسرائيلية المتعلقة بالضم الجزئي للضفة الغربية، والتي تترافق مع مقترحات أمريكية تهدف إلى وقف العدوان في غزة عبر ما يُسمى بـ”مجلس السلام”، دون أي التزام فعلي تجاه الضفة الغربية أو مشاريع الضم الكبرى.
ويضيف الدكتور محمد حلايقة، محلل سياسي أردني، أن هذه المقترحات تُشكل نوعًا من التطبيع مع أفكار عدائية لطالما رفضتها الدول العربية، لكنها تسللت اليوم عبر المؤسسة الأمريكية اليمينية الداعمة للسياسات الإسرائيلية، بحيث يكون الحل الجزئي للضم أو تقليص مساحة الضفة مقابل تهدئة الوضع في غزة هو الإطار المقبول لدى الإدارة الأمريكية، خصوصًا على هامش احتفالات عيد “حانوكاه” الأخيرة.
وفي الوقت ذاته، يرى الخبير الأمريكي الفلسطيني سنان شقديح أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إدخال السلطة الفلسطينية في ترتيبات إدارة غزة دون أي قدرة على التأثير في الضفة الغربية، وهو ما يضع الأردن في موقف حرج، ويجعل من الضروري له الانتباه إلى أي محاولات لتمرير حلول أمريكية إسرائيلية من دون استشارة عمان أو إشراكها بشكل فاعل.
ويشير المصري إلى أن الأردن يعتمد في مواجهة هذا السيناريو على نفوذ محدود مع الدول الأوروبية، على الرغم من أن أولويات هذه الدول تركز على الملف الأوكراني، وليس على القضية الفلسطينية، ما يزيد من صعوبة حماية المصالح الأردنية في ظل استمرار الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
ويؤكد خبراء استراتيجيون، بينهم الجنرال قاصد محمود، أن السيناريو الأسوأ يتضمن مخاطر مباشرة على الأردن، إذ يسعى اليمين الإسرائيلي إلى التسلل للعمق الأمريكي وأحيانًا للعمق العربي والإسلامي، لتقليص مساحة الضفة وتأسيس كيانية فلسطينية محدودة، وهو ما قد يُضعف النفوذ الأردني ويجعل السيطرة على الحدود والمصالح الوطنية عرضة للخطر.
وبذلك، يشير جميع المراقبين الأردنيين إلى أن السيناريو الأسوأ قد يتحقق إذا لم تعتمد عمان سياسات استباقية، تراعي مصالحها العليا وتضمن حماية الأردن والسلطة الفلسطينية، مع الحفاظ على ثوابت حل الدولتين ورفض أي مقترحات تؤدي إلى تهجير أو ضم جزئي يضر بالقضية الفلسطينية.
هذا السيناريو، بحسب المحللين، يمثل اختبارًا لقدرة الأردن على المناورة السياسية والدبلوماسية في ظل ضغوط أمريكية وإسرائيلية، ويؤكد على ضرورة تكثيف التنسيق العربي والدولي لضمان الحد الأدنى من الأمن والمصالح الوطنية الأردنية والفلسطينية.

