رأي المسار// يكتبه رباح جبر: من الحماقة تكرار فعل ذات الشيء وبنفس الخطوات والأسلوب … وتوقّع نتائج مختلفة

هذه العبارة التي قالها أنشتاين ذات مرة , ولكن بكلمات أخرى شبيهة ،  والتي لا أعرف المناسبة التي قال فيها أنشتاين هذه العبارة التي تنطبق على كل مجالات الحياة بما فيها السياسية ، وصالحة لكل زمان ومكان وتنطبق على حالنا الفلسطينية وعلى خطابنا السياسي الذي يتكرر منذ أكثر من ثلاثين عاما ، وخاصة في العقد والنصف الأخيرين ، فالقيادة السياسية الفلسطينية أو بالأحرى ( قيادة السلطة ) ، أصبحت تكرر نفس الخطاب السياسي الموجه للعالم فيما يتعلق بجرائم الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وحصار قطاع غزة ، وفي نفس الوقت تبدوا وكأنها تتوقع من المجتمع الدولي بشقه الرسمي ( دول ومؤسسات دولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية) أن تستمع لها وأن تتخذ خطوات تردع دولة الاحتلال.

التكرار في حالتنا الفلسطينية لنفس الأفعال والأقوال ليس لمرتين ولا لعشرة بل لمئات المرّات إن لم يكن لآلاف المرّات : 

  • فدوما قيادة السلطة تشجب وندين وتستنكر جرائم الاحتلال وإعدامه اليومي تقريبا للشباب الفلسطيني واستباحته للمدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية، وتطالب المجتمع الدولي للتدخل لوقف جرائمه.
  • ودوما تدين عمليات الإستيطان ونهب الأرض الفلسطينية وتعتبرها غير شرعية وتقضي على حل الدولتين .
  • كما أنها مرارا وتكرارا اعتبرت أن اتفاق أوسوا قد خرقته بل قضت عليه دولة الاحتلال.
  • ولطالما ندّدت باقتطاع واحتجاز الأموال الفلسطينية من قبل دولة الاحتلال واعتبرتها سرقة وقرصنة .
  • كما تم تكرار التنديد بحصار وتجويع والعدوان على قطاع غزة مئات المرّات إن لم يكن أكثر من ذلك .
  • كما أن السلطة وبغض النظر عن بياناتها  المتكررة التي تعتبر الأسرى الفلسطينيين واحدة من القضايا الأهم في حركة شعبنا النضالية إلا انها لم تنجح حتى الآن في تدويل قضيتهم.
  • وذات الشيء ينطبق على تهويد القدس وتهجير التجمعات الفلسطينية في الاغوار ومسافر يطا وغيرها.
  • كما ينطبق ذات الشيء على هدم منازل ومنشآت الفلسطينيين حتى المدعوم منها من الانحاد الأوروبي وغيره.
  • وذات الشيء ينطبق على خطاب الرئيس وغيره من قيادات السلطة وممثليها في المحافل الدولية المختلفة ( نفس الخطاب الذي يتكرر في كل مرة) الذي يطالب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحقوقنا الفلسطينية.
  • ولا حياة لمن ينادي 

ألم يحن الوقت لأن يتغيّر هذا الخطاب وهذا السلوك ؟ لأنه أثبت أنه ليس فقط لم يأت بنتائج مختلفة … بل بالعكس، فهو يعمّق الاحتلال والاستيطان ويئير شهوة الاحتلال لارتكاب مزيد من الجرائم بحق شعبنا ، وحتى مسار العقبة – شرم الشيخ  الأمني ( المرفوض) ، وما الوعود الأمريكية وتشدّقها  المستمر بحل الدولتين ،ومواقف بقية الدول الغربية  – زارعة دولة الاحتلال في أرضنا الفلسطينية – التي تعبّر عن قلقها ( فقط ) من سياسات دولة الاحتلال ، ليس له وظيفة تتجاوز إعطائه مزيدا من الوقت والفرص لدولة الاحتلال لاستكمال عملية الضم لأرضنا، ولتكريس منظومة الأبرتهايد في ضفتنا الفلسطينية.

كما أن هذا الخطاب وهذا السلوك يجري استغلاله من قبل دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية لتوسيع اتفاق أبراهام التطبيعي مع الاحتلال ، والضغط على بقية الحكومات العربية والاسلامية من أجل التطبيع ، من خلال القول لها : طبّعوا معنا ووقّعوا اتفاقات سلام ، والمشكلة مع الفلسطينيين نحن قادرون على حلّها من خلال تسهيلات اقتصادية أو غيرها من الأمور التي نمنحا لسلطة الحكم  الذاتي التي أصبح همّها أن تجوب العالم لجمع الأموال حتى تقوم بالمهام التي من المفترض أن تقوم بها سلطة الاحتلال حسب اتفاقات جنيف والقانون الدولي الإنساني.

نعتقد أنه ومع هذه الحكومة الفاشية الكهنوتية ثلاثية الأضلاع – التي لا تختلف في جوهر سياساتها كثيرا عن سابقاتها – أصبح مطلوبا إعادة إرساء العلاقة مع دولة الاحتلال على قاعدة الصراع والمواجهة وليس التهدئة كما يتم الترويج لها حتى من أقطاب السلطة ، …( دلّونا على مستعمر أو محتل واحد عبر التاريخ رحل بدون مقاومة) ، فهذا قانون صاغته ورسخته الشعوب الخاضعة للاستعمار والاحتلال بدمائها وتضحياتها .

وحتى نتنوقع نتائج مختلفة أقلها  توقف الاحتلال  عن جرائمه اليومية ورحيله والاستيطان عن أرضنا ، لا بد من الإنطلاق من تبني استراتيجية كفاحية وطنية بديلة معالمها أصبحت واضحة ( إلا لمن ليس له عيون) ، تبدأ من تطبيق قرارات الشرعية الفلسطينية بما فيها القرارات ذات الصلة بدولة الاحتلال ، واستعادة الوحدة الوطنية على أنقاض انهاء الانقسام ، واتباع سياسات اجتماعية اقتصادية تعزز صمود المواطن الفسطيني ، والأخذ بخيار الشعب المتمثّل بالمقاومة الشعبية الشاملة ، والإعلان عن بسط السيادة على كافة الأراضي التي تم احتلالها عام 1967.

وبهذا فقط وباستجماع عناصر القوة لدى الشعب الفلسطيني -وهي كثيرة – فإن العالم سوف يستمع إلينا ، ولطالما قلنا أن العالم لا يستمع إلا للأقوياء.