كلّ من يقاتل يُمثّل شعبنا الفلسطيني يا رئيس أميركا!

كتب رشاد أبو شاور

عبنا العربي الفلسطيني الذي يبهر شعوب العالم منذ عقود بصلابته، وتشبّثه بوطنه، ومقاومته التي لا تهدأ حتى تشتعل نارها من جديد، وهذا ما لا يحبّ أعداء فلسطين حسابه، فيزداد حقدهم عليه لأنه شعب لا يموت، ولأنه يُضرم نار الثورة في نفوس ملايين العرب على كل من يستبيحون بلاده، ولذلك اندفع كثيرون من ثوّار العرب وقاتلوا في فلسطين، واستشهد كثيرون منهم على ترابها، واحتضنت أرضها أجسادهم الطاهرة، ففلسطين قضيتهم وقلب وطنهم العربي الكبير.

والحقيقة أن شعبنا العربي الفلسطيني بخبراته عرف أنكم يا رؤساء أميركا وقادتها الذين ورثتم قيادة العالم من بريطانيا التي أفلت شمسها بعد حرب السويس عام 1956، الأكثر نفاقاً وكذباً ولؤماً وقسوة ووحشية في قمع ثورات البشر التوّاقين للحريّة والعدل، ومن براهين لؤمكم: ما اقترفتموه في فيتنام، وحصاركم لكوبا، وتدميركم للعراق العربي بإباداتكم هناك بالأسلحة المحرّمة دولياً، والتي لا تلتزمون بعدم استخدامها لأنكم برّرتم دائماً لأنفسكم أبشع الجرائم، وواصلتم تزويركم إعلامياً بشعارات العدل والديمقراطيّة.

في الحرب الدائرة على شعبنا العربي الفلسطيني_ ونحن الفلسطينيين عرب أقحاح، وأنا أُشير هنا إلى شعوب أمتنا، لا حكّامها التابعين لكم_ الذين يدمّرون كل ما بناه شعبنا بعرقه، فوق رؤوس نسائه وشيوخه وأطفاله، وبأسلحة أميركية رهيبة زوّدتم بها الكيان الصهيوني وجيشه المنحط أخلاقياً، وهو مثل جيوشكم و”مارينيكم” الذين خبرنانهم في بيروت، وهذه الأسلحة دخلت فوراً في الحرب الدائرة حالياً على أهلنا في قطاع غزّة، وهي الأشد فتكاً وتدميراً، وأنتم خصصتم بها شعبنا العربي الفلسطيني بتجربتها لاختبار مدى تدميرها وإبادتها…

يا رئيس أميركا المُزمهر، تقول إنّ حماس لا تمثّل الشعب الفلسطيني، فهل تمّيز صواريخكم بين مقاتلي القسّام الحمساويين وغيرهم من المقاتلين الفلسطينيين؟! هل تُميّز بينهم وبين سرايا القدس؟ هل تُميّز بينهم وبين كتائب الأقصى الفتحاوية؟ هل تمّيّز بينهم وبين كتائب أبي علي مصطفى وغيرهم من أبطال شعبنا؟

أوجّه هذه الأسئلة وأعرف أنك حالياً تؤدي دورك كمروّج ومزوّر إعلامي لمصلحة حرب الكيان الصهيوني، ومبرّر للدمار الذي توقعه صواريخ أميركا في قطاع غزّة، والتي تحصد أرواح الفلسطينيين… الذين كذبتم عليهم باستمرار بوعود خِلابة، وجررتموهم وراء وعود كاذبة حتى أنك قلت للرئيس أبو مازن: ستحصلون على دولة عندما يأتي السيّد المسيح!

الفلسطينيون لن ينتظروا قدوم السيد المسيح الذي يُجلّونه ويقدّسونه ويعتزّون بأنه ابن هذه الأرض، وهم يرون أرضهم تطوى من تحت أقدامهم… وممّن؟ ممن صلبوا السيّد المسيح، ورآهم العالم قبل أيام وهم يبصقون بتحقير وسفالة على مسيحيي القدس وهم يحملون الصليب… بالمناسبة: هل أنت مسيحي يا رئيس أميركا؟! أنت تباهيت مراراً وتكراراً بأنك صهيوني… وأنت كذلك، فأنت صهيوني أكثر منك مسيحياً، لأنك مع مصلحتك!

أنا كنت في بيروت عام 1982 وحملت البندقية وواصلت حمل القلم _أيامها لم يكن زمن الكمبيوتر والإنترنت قد وصلنا_ ودوّنت شهادتي في كتاب (آه يا بيروت)… أتعرف ماذا رأيت؟

رأيت ما فعلته صواريخكم (الفراغية)، وكانت آنذاك هي أحدث أدوات قتلكم الأميركي الحضاري… وكيف دمّرت بضربة واحدة، بصاروخ واحد بناية الصنايع التي كانت تضّم آخر العائلات التي بقيت من فلسطينيي مخيم (الضبيّة) الفلسطينيين المسيحيين بعد نكبة ذلك المخيم الذي اجتاحه قطعان العنصريين واقترفت بناسه مجزرة رهيبة لأنهم مسيحيون فلسطينيون!

بصاروخ فراغي، يفرغ الهواء في داخل(الهدف) فإذا به حطام على من فيه… وهذا ما حدث، فعندما وصلنا البناية التي نعرفها جيداً لأنها كانت قريبة من مركز الإعلام اللبناني، وقريبة من شارع الحمراء، ولأن بعض الفلسطينيين كانوا قد لاذوا بالمكان وانتشروا تحت الأشجار… فماذا رأينا؟ رأينا سطح البناية، وهو سطح الدور السادس للبناية التي خسفها الصاروخ الأميركي المتطّور الحضاري، والذي يغطيه تراب أحمر أخرجه الصاروخ من عمق عشرات الأمتار، أمّا أهلنا العرب الفلسطينيون المسيحيون فقد دفنوا… وأحسب أن عظامهم تتعانق هناك في مكان الجريمة الأميركية التي نفّذتها طائرة أميركية صهيونيّة! 

هل كان أولئك الفلسطينيون المسيحيون ينتمون لحماس يا رئيس أميركا المُزوّر الكذّاب، يا من اتهمت أبطال القسّام بأنهم قطعوا رؤوس الأطفال اليهود… وفي اليوم الذي ادّعيت أنك لم ترَ الأفلام الوثائقية! أأنت رئيس دولة عُظمى يا بايدن الطامع بدورة رئاسية ثانية على حساب أشلاء الفلسطينيين ودمائهم؟!

عندما أطلقت (العاصفة) رصاصة فتح الأولى في يوم 1/1/1965   وأعلنت في بيانها الأول الذي زفّته للشعب العربي الفلسطيني، وللعرب أجمعين، وللعالم أنها بعد الاتكال على الله قرّرت أن تطلق الثورة المسلحة لتحرير فلسطين… فهل جاءت فتح والعاصفة ذراعها العسكري باستفتاء شعبي فلسطيني؟ لقد كانت مستفتاة من الحق والعدل ولهفة الشعب الفلسطيني على إسماع صوته لعالم يتجاهل حقّه في وطنه.

الشعب العربي الفلسطيني كان مشرّداً، ممزّقاً في عدّة أقطار عربيّة وفي العالم، وكان ينتظر أن يحدث شيء يغيّر واقع الحال الذي دُبّر له وأوصله إلى فقدان مدنه وقراه وكلّ ما بناه على مدى قرون… بتدبير بريطاني صهيوني وتخاذل (عربي) رسمي… وأريد له أن يعيش في مخيمات اللجوء والتشرّد والعجز واليأس… فجاءت العاصفة وفتح و… رحّب بها الشعب العربي الفلسطيني من دون أن يعرف من هم قادتها، وبعد حرب حزيران/يونيو 1967 وهزيمة الجيوش العربية انفجرت الثورة الفلسطينية من شرارة فتح… فهل رحّبت بها أميركا ورأت أن مطلبها بتحرير فلسطين، وعودة الشعب العربي الفلسطيني إلى مدنه وقراه وحقوله هو مطلب مُحّق وعادل، أم اتهمتموها بأنها حركة إرهابية… هي وكلّ من يحملون السلاح ويقاومون، والذين لم تكن حماس والجهاد بينهم آنذاك؟!

منذ 13 أيلول/سبتمبر 1993 وحتى يومنا هذا والإدارات الأميركية برؤسائها الديمقراطيين والجمهوريين، وهم جميعاً صهاينة يعطون للكيان الصهيوني كل شيء ويسلبون من الشعب الفلسطيني كل شيء ويواصلون الخداع على (من وقّعوا) باسم الشعب الفلسطيني على

(اتفاق أوسلو) في ذلك اليوم المشؤوم… بالمناسبة هل طلبت إدارة سلفك الديمقراطي كلينتون ممن يوقّعون أن يأتوا بنتائج استفتاء يمثّلهم من الشعب الفلسطيني؟! 

ثلاثة عقود ضُيّعت على الشعب العربي الفلسطيني وهو ينتظر… وبقوا أحياء ينتظرون ويراهنون على عدلكم… فكان جوابك الساخر على سؤال (أبو مازن): أين الدولة الفلسطينية يا فخامة الرئيس؟ لا تنتظروا دولة فلسطينية قبل مجيء المسيح! ومعنى ذلك أن يبقى شعبنا الفلسطيني مصلوباً بانتظار العدل الإلهي…

ولأنّ مقاومي حماس هم أشخاص ينتمون لفلسطين الأرض والشعب، ويرون كذبكم على الفلسطينيين ومن صدّقوا وعودكم المخادعة بينما السجناء والسجينات بالآلاف، ومصادرات الأرض وبناء المستوطنات متواصل، والحصار القاتل المُستنزف لأهلنا في قطاع غزّة يستشري، والإذلال على الحواجز في الضفة الغربية هو إذلال يومي… وتشجيعكم للتطبيع للحكّام التابعين لكم… واستباحة الاحتلال للأقصى، والتهديد بتدميره لبناء هيكل لليهود انسجاماً مع خرافاتهم يتفاقم… فقد اتكل الأخوة في حماس، وهم أخوتنا دماً ولحماً وأرضاً وحاضراً ومستقبلاً، على الله… وأعدّوا ما استطاعوا من قوّة خفيت على أعتى أجهزتكم أنتم وكيانكم الصهيوني… 

وكانت معركة الـ 7 من تشرين الأوّل/أكتوبر المباركة المعجزة التي أنجزتها القسّام ومعها سرايا القدس.. وهي جاءت في تاريخ اليوم التالي من شهر تشرين الأوّل/أكتوبر لمعجزة الجيوش العربية، المصري والسوري، ووحدات من الجيش العراقي والجزائري والقوات الفدائية… تلك المعركة العظيمة التي باغتت العدو الصهيوني… والتي ضيّعها (السادات) بثقته بكم… فمعركة الـ 7 من تشرين الأول/أكتوبر هي تجدّد وتطوير لمعركة الـ 6 من تشرين الأول/أكتوبر… والعودة للقضيّة الفلسطينية قضيّة العرب المركزية التي ضيّعها السادات ومن بعد مسيرة التطبيع وأوسلو…

يا رئيس أميركا الكاذب المزوّر كإعلامكم الأميركي المتصهين: حماس تمثّلنا نحن عرب فلسطين. والجهاد تمثّلنا، والجبهة الشعبية تمثّلنا، والقيادة العامة رائدة العمليات الاستشهادية تمثّلنا نحن عرب فلسطين، وكتائب الأقصى تمثّلنا… وبروحها المقاومة تمثّل ملايين العرب في كل الوطن العربي الكبير الواحد الممتد من المحيط إلى الخليج والذي تحتله قواعدكم وتنهب ثرواته، وتنصّب عليه حكّاماً يحتمون بكم لأنهم غير منتخبين وبلا شرعية… إلّا منكم، ومن قواعدكم وأساطيلكم… منك وممن سينتخب العام المقبل، سواء كنت أنت وقد ازددت زمهرة… أو جاء غيرك… شخص أكثر تصهيناً وتزويراً وكذباً…

يا رئيس أميركا: أميركا هي راعية الإرهاب في العالم، وهي العدو الأشد والأشرس عداء للعرب والمسلمين _ العرب مسلمين ومسيحيين_ وأمتنا ستقاومكم باستمرار حتى تكنسكم من بلادنا، وهذا هو دورنا في رسم مستقبل أكثر عدلاً للبشرية جميعها…