
المسار الاخباري…
– اسرائيل لا تخشى القانون الدولي والمحاسبة، نتيجة حماية ودعم الدول الغربية لها.
– محاسبة اسرائيل ومحاكمتها امام المحاكم الدولية يجب ان تظل هدف وبوصلة جميع الاحرار.
بعثت “الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” برسالة الى مئات الاحزاب والمؤسسات القانونية والنخب السياسية والفكرية والثقافية والاعلامية والنقابية والفنية والرياضية العالمية لمناسبة الذكرى الـ (77) للنكبة، استعرضت فيها عمليات التهجير والتطهير العرقي في كل من قطاع غزه والضفة الغربية. (للحصول على الرسالة باللغات الانكليزية، الفرنسية، الاسبانية والعربية: زوروا موقع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين https://dflp.org)
استعرضت الرسالة الظروف التاريخية التي رافقت عملية التهجير الجماعي عام 1948. وقالت: بعد اكبر عملية تهجير جماعي وتطهير عرقي في التاريخ، يتكرر المشهد اليوم بعدوان تشنه اسرائيل في الضفة الغربية وحرب ابادة في قطاع غزه، يرتكبها جيش الفاشية الصهيوني، ويستخدم فيها احدث ما انتجته ترسانة الاسلحة الامريكية والغربية، على مرأى العالم الذي يقف مشاركا وعاجزا، او خائفا ومتفرجا على ما يحدث.
في الضفة قرر الاحتلال هدم نحو 106 منازل تضاف الى عشرات المنازل التي تم تدميرها بنتيجة العمليات العسكرية الاسرائيلية المتواصلة في مناطق شمال الضفة منذ بداية العام، والتي ذهب بنتيجتها عدد واسع من الشهداء، اضافة الى تدمير نحو 2900 منزل في مخيمي نور شمس وطولكرم، مع ما رافق ذلك من عمليات تهجير قسري للسكان من مناطق جنين، نابلس، طولكرم، طوباس وغيرها..
ان هذه العملية لم تكن تبررها ضرورات عسكرية او امنية، بل هي تأني كتطبيق حرفي لبرنامج الحكومة الفاشية في اسرائيل، التي وضعت مخطط الضم عنوانا رئيسيا لها. وعملت على تهيئة الارضية القانونية والسياسية والادارية.. لفرض التهجير والتطهير العرقي تمهيدا لتمرير مخطط الضم بهدوء.
وبعد ان استعرضت الرسالة الوثائق الدولية والنصوص القانونية الملزمة للاحتلال، قدمت صورة عن العمليات العسكرية والجرائم التي ارتكبها الجيش الصهيوني في قطاع غزه، والتي هي اكبر من جريمة التهجير القسري سواء بحرب الابادة او التطهير العرقي (خاصة في منطقة شمال قطاع غزه) او باستخدام التجويع والتعطيش كسلاح.
وتابعت الرسالة استعراضها: في الواقع التطبيقي لمشروع التهجير الجماعي والتطهير العرقي، فان هذا المخطط كان احد الاهداف الرئيسية لحرب الابادة التي شنت على قطاع غزه. ومنذ اليوم للحرب، خاطب جيش الاحتلال الاسرائيلي الفلسطينيين، بالتوجه الى وسط القطاع، ثم عاد وطلب منهم التوجه الى الجنوب في مسعى منه لدفعهم باتجاه الارضي المصرية ثم تهجيرهم الى عدد من الدول. ورغم ان عددا من الفلسطينيين اضطر الى مغادرة الشمال باتجاه المناطق الاكثر امنا، الا ان الموت كان بانتظارهم، ليتضح بأن الهدف من اوامر الاخلاء هو اضافة الى التهجير كان نصب افخاخ لاصطياد المدنيين في الطرقات وفي مراكز الايواء والمستشفيات ودور العبادة والمقرات الدولية..
عندما شنت اسرائيل حربها، كان لديها عدد من الاهداف المعلنة تتمحور حول المقاومة والقضاء عليها، لكن كان هناك هدفا مخفيا لم يدرجه جيش الاحتلال ضمن الاهداف المعلنة، لكنه احتل الاولوية منذ اليوم الاول، وهو التهجير القسري للسكان.. ولم يخف قادة الاحتلال ان هذا المخطط هو اجد الاهداف الرئيسية. واليوم يمكن ان نعثر على عشرات المواقف لمسؤولين اسرائيليين تؤكد النية والممارسة في فرض التهجير على الفلسطينيين.
وحين يتم تدمير اكثر من 70 بالمائة من منطقة شمال قطاع غزه، فان الهدف الواضح هو فرض هذا المخطط، لأسباب تتجاوز مقدمات حرب الابادة وتتعلق بأسباب تاريخية يقع في مقدمتها ان اسرائيل عاجزة عن اعتماد استراتيجية سياسية لكيفية التعاطي مع القطاع ، وهناك من المواقف لمسؤوليبن اسرائيليين تؤكد ان اسرائيل تريد التخلص من قطاع غزه الذي يشكو من كثافة سكانية هي الاعلى على مستوى العالم بأي شكل كان…
ان عددا واسعا من عمليات القتل والتدمير الشامل لم تكن تبرره دواعي عسكرية، ومناطق كثيرة تعرضت للتدمير وهي تحت السيطرة العسكرية للجيش الاسرائيلي، ما يؤكد ان التدمير كان هدفه ضمان عدم عودة السكان الى منازلهم بما يفرض التهجير القسري عليهم، وثانيا رفع تكلفة العدوان وجعل الشعب الفلسطيني عاجزا عن العودة الى ممارسة حياته بشكل طبيعي.
لكن رغم “الفشل المؤقت” لمخطط تهجير الشعب الفلسطيني، فقد جاءت مواقف الرئيس الامريكي التي دعت صراحة الى تهجير ابناء غزه لتمد الفاشيين الصهاينة باكسير الحياة لجهة بث الروح من جديد في مخطط التهجير الجماعي للسكان، الذي يرتقي الى جريمة الحرب ويجب محاسبة فاعليها ومرتكبيها. وهي دعوة يجب ان تكون محل ادانة من جميع الحريصين على ما تبقى من انسانية ومن قيم للقانون الدولي.
لقد تحدى الشعب الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزه وفي الشمال بشكل خاص كافة مخططات الاحتلال وفي مقدمتها مخطط التهجير القسري، وتحملوا من الاهوال ما لم يتحمله شعب بالتاريخ. وكانت العودة الجماعية بمئات الآلاف من مناطق وسط وجنوب قطاع غزه باتجاه الشمال بمثابة الاعلان الفعلي لسقوط مخطط التهجير الصهيوني بشكله الذي ترافق مع بدء العدوان على القطاع، لكن هذا لا يعني السقوط الكامل للمخطط، بل ان اسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة، ستعيد طرح مخططها بأكثر من شكل، وهو عنوان لمعركة جديدة بين الشعب الفلسطيني واحرار العالم الذين وقفوا الى جانبه اثناء حرب الابادة، وهم على موعد جديد مع مواجهة مخطط الاحتلال بفرض التهجير سواء في قطاع غزه، او في الضفة الغربية حيث المعركة القادمة في مواجهة مخطط الضم وتداعياته..
لذلك، فان شعار محاسبة اسرائيل ومحاكمتها امام المحاكم الدولية يجب ان يظل بوصلة وهدف جميع الاحرار على مساحة العالم، خاصة وان جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجرائم التطهير العرقي لا تسقط بالتقادم، وستبقى محاكمة المجرمين الصهاينة، حتى وهم في قبورهم اموات ، هو المعيار لانسانية العالم الذي يتحمل مسؤولية تاريخية سواء بصمته عما يحدث من جرائم بحق الاطفال والنساء ترتكب وتبث على الهواء، او لجهة عجزه عن الدفاع عن منظومته القانونية والقضائية..
ودعت “الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”، لمواصلة الفعل النضالي في الميادين وفي مختلف الاطر والهيئات، من اجل ان يصحو الضمير العالمية من غفوته، تجاه ما يحدث للاطفال والنساء ولكافة فئات الشعب الفلسطيني في قطاع غزه من جرائم يومية. كما دعت الى رفع الصوت امام الحكومات الغربية لحثها على تدخل سياسي وقانوني وقضائي واغاثي عاجل لوقف عمليات الابادة لشعب محاصر يتعرض للقتل في كافة ارجاء القطاع المحاصر، والذي اصبح مكانا للمحارق البشرية التي يتفنن فيها جنود العدو الاسرائيلي بقتل شعب بأكمله.. لقد آن الاوان لهذا المسلسل ان ينتهي وآن الاوان ايضا لايقاف اسرائيل عند حدها بمحاكمة مجرميها..