إسرائيليات

المستوطنة المسنة تتعرض لهجوم لحديثها عن تعامل إنساني من المقاومة في غزة

بعد حملة التضامن الكبيرة معها في أعقاب إفراج المقاومة عنها، تعرضت المستوطنة المسنة يوخباد ليفشتس (85 عاماً) لحملة تحريض سافرة من اليمين الإسرائيلي، وحتى من بعض وسائل الإعلام، بسبب تصريحاتها عقب افراج المقاومة عنها، بدعوى أنها تقدم خدمة لصالح حركة “حماس”.

وقال مقربون من عائلتها إنها تتلقى موجة من الشتائم والتهديدات، عبر الشبكات الاجتماعية وعبر مكالمات مع أقربائها. وكل ذلك لأنها ذكرت في مقابلة مع صحافيين أنها عوملت داخل الأسر بالحسنى، ولأنها صافحت رجل “حماس” الملثم، الذي جلبها من الأسر إلى فريق من الصليب الأحمر.

وكانت المقاومة قد قررت اخلاء سبيل ليفشتس ليل الاثنين-الثلاثاء رفقة امرأة مسنة أخرى هي نوريت كوبر (80 عاماً)، بعد 15 يوماً لدوافع إنسانية، حيث إنهما مريضتان، وعندما خرجتا من العلاج الأوليّ من المستشفى، تدفق الصحافيون عليهما لإجراء لقاء حصري مع كل منهما، لكن كوبر لم تتحدث وعادت إلى البيت. أما ليفشتس فقد وافقت على التحدث معهم شرط أن يكون حديثاً واحداً للجميع. وطلب منهم حفيدها، نيكال دانئيل، ألا يتعبوها فهي منهكة.

وراحت تروي القصة من أولها، فقالت إنها كانت في بيتها في بلدة نير عوز التعاونية، عندما بدأت تنتشر الأخبار عن هجوم “حماس”، “وتقاعس الدولة وحكومتها التعيسة وجيشها النائم عن حماية الناس” وصل مقاومو “حماس” إليها وأسروها. وقالت إن تلك اللحظة كانت كابوساً مرعباً لها ما زالت ترتعد منها حتى اليوم. وتحدثت عن تقصير الحكومة.

وقالت: “في السجن تعاملوا معي بالحسنى. فكما يبدو لم يريدوا التورط بأسر امرأة مسنة مريضة لتموت بين أيديهم. حرصوا على جلب طبيب فحصني وتكلم معي برقّة، وكتب لي دواء جلبوه وحرصوا أن أتناوله في الموعد. وعادني الطبيب مرة كل ثلاثة أيام. تعاملوا معي برقّة. وكانوا مؤدبين جداً ولبّوا كل طلباتي. ثم فاجأوني بأن أطلقوا سراحي”.

هذه الكلمات أحدثت انقلاباً في القنوات التلفزيونية، التي كانت تنقل المؤتمر الصحافي على الهواء مباشرة. فلم يستطع كثير من الصحافيين والناطقين الرسميين وغير الرسميين باسم الحكومة والجيش، سماع الوصف الذي أعطته ليفشتس للمعاملة التي تلقتها هي وجارتها بعد الاختطاف. فالوصف لم يتطابق مع خط الإعلام الرسمي. المحللون في الاستديوهات وصفوا أقوالها بـ “عملية إعلامية مضادة”، واتهموها بمساعدة “حماس”، متسائلين: “أين هي الرقابة العسكرية؟ لماذا يسمحون لها ببث هذه الأقوال؟”.

وكشف أحد المراسلين عن أنه شاهد ضابطاً كبيراً في الجيش يهمس بأذنها، ويعتقد أنه طلب منها ألا تقول ما يخدم “حماس”.

وأعلن مسؤول في مكتب رئيس حكومة الاحتلال أنهم فوجئوا بكلماتها عن المعاملة الحسنة. ووصف أقوالها بأنها “تلحق الضرر بإسرائيل”. وأضاف: “ربما قصدت بث رسالة إلى (حماس) حتى لا يمسوا زوجها الذي لا تعرف مصيره”.

وما هي إلا لحظات، حتى ضجت الشبكات الاجتماعية بحملة تحريض مسمومة ضد المسنة وكأنها مجرمة، فأولئك الذين كانوا على مدار أسبوعين يهاجمون “حماس” لأنهم أسروا امرأة مسنة، هاجموها بلا رحمة ودعوا أن يخسف الله جسدها ويقصف عمرها. اتهموها بالخيانة وهددوها بالقتل، مستخدمين كلمات بذيئة

وحاول ابنها يزهار صد هذه الهجمة بقوله: “والدتي امرأة مستقيمة. وعندنا لا يتحملون الإنسان الصادق. وقد أرادوا لها أن تكذب كي تثبت أنها وطنية. لكنها خيبت ظنهم، فهي إنسانة حقيقية وقوية ولا تعرف الكذب، مهما كان الثمن. ونحن نعتز بها”.