مقالات

حين يتحول حق المياه لأمنية.. هنا غزة

يعيش النازحون في قطاع غزة أوضاع إنسانية صعبة لا سيما شمال القطاع، حيث يصعب شرح تفاصيل تلك الأحداث اليومية التي يحاولون خلالها الحصول على أبسط حقوقهم في الحياة الآمنة والكريمة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي لأكثر من 70 يوما على التوالي.

أزمة المياه هي إحدى الأزمات التي تواجههم، فهي حرب التعطيش، أو مسألة «حياة وموت» كما وصفها المفوض العام للأونروا في الخامس عشر من أكتوبر. ففي ظل تفاقم تلك الأزمات، بات حق الحصول على المياه أمنية يبحث عنها مليوني شخص يعيشون ظروف مأساوية لا يمكن القبول بها.

لم تكتف إسرائيل في قتل الفلسطينيين باستخدام ترسانتها العسكرية المدمرة، إنما اتبعت أساليب فاقدة للقيم والمبادئ الإنسانية على وجه الأرض والتي تستهدف خلالها المدنيين بشكل مباشر، وهذا كان واضحا في قرار وزير البنية التحتية الإسرائيلي يسرائيل كاتس «بالقطع الفوري للمياه والطاقة عن قطاع غزة»، وهذا ما حدث بعد 48 ساعة من بدء العدوان.

‎‎‎‎‎‎‎متابعات

الاحتلال يواصل تجاهله للقانون الدولي في إستخدام سياسة القتل الجماعي والبطيء للفلسطينيين، أمام استمرار منع دخول شاحنات المساعدات التي يمكن أن تمكنهم من البقاء، فمثلا إصرارها على منع دخول شاحنات الوقود وهذا يعني عدم توفير الطاقة ومياه الشرب، الأمر الذي يقود إلى انتشار الأمراض بين النازحين في مراكز الايواء التي تفتقد إلى ادني درجات الأمان والسلامة جراء الازدحام البشري، خاصة وأنها باتت غير آمنة في ظل تعرضها للقصف الإسرائيلي وسقوط ضحايا يوميا، حيث أفادت تقديرات الأونروا بتاريخ 28 نوفمبر، أن أكثر من 1.1 مليون شخص قد لجؤوا إلى مرافقها، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن 1,8 مليون شخص أو 80 % من السكان في قطاع غزة قد نزحوا، نصفهم من الأطفال.

وتعمد الاحتلال في استهداف آبار المياه مما أجبر المواطنين على التعايش مع هذا الواقع المعقد، حيث أكد أعضاء لجنة الطوارئ في مراكز الايواء بشمال غزة أن مياه الصرف الصحي قد اختلطت على المياه التي يستعملها المواطنين داخل مراكز الايواء، وهذا ينذر بوقوع كارثة صحية وبيئية، وهذا ما كشفت عنه منظمة الصحة حين جرت تقييم في ملاجئ الأونروا شمال غزة، بعدم إمكانية الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والنظافة والطعام وجمع النفايات، وقد تم الإبلاغ عن أعداد كبيرة من الإصابات بالإسهال، إضافة لإعلان الأونروا في 16 نوفمبر، أنّ نقص مياه الشرب يرفع حالات الإسهال 40 بالمئة، ومع سوء الصرف الصحّيّ والخدمات الصحية المحدودة في قطاع غزّة حاليًّا، يمكن «أن يكون الإسهال مميتًا». وعلى صعيد المحافظات الأخرى، ذكرت مصادر رسمية أنه توقف عن العمل 76 بئر مياه ومحطتين لمياه الشرب و15 محطة لضخ الصرف الصحي جنوب قطاع غزّة.

وتواجه مصادر المياه تهديد حقيقي يؤثر على حياة الفلسطينيين أمام السياسات الإسرائيلية المحاربة لشعبنا في الحصول على هذا الحق، حيث أفادت سلطة المياه الفلسطينية بأن 97% من المياه الجوفية في غزة لا تطابق معايير جودة المياه الصالحة للشرب عالميا، وانعدام القدرة على تشغيل محطات التحلية بسبب انقطاع الكهرباء، إضافة لقطع الأنابيب القادمة من إسرائيل.

وبحسب تقارير صحفية، يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن حصة الفرد من المياه خلال العام 2022م قد وصلت إلى 26.8 لتر يوميا جراء حصار وقيود الاحتلال، فيما أقرت الأمم المتحدة من حق كل فرد الحصول على 100 لتر يوميا، وأوضح الإعلام الحكومي بغزة أن القطاع يحتاج إلى مليون لتر من الوقود يوميًا لكي نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تشغيل المرافق الحيوية، ومنها آبار المياه ومحطات الشرب.

تعرض النازحين إلى نقص المياه وتلوثها هو تفكير عنصري إرهابي خطير يعكس عقلية الاحتلال الإجرامية، ويأتي ذلك في إطار الخطة الممنهجة التي تقودها إسرائيل ضد الفلسطينيين، عبر أساليب الضغط المخالفة لكل القوانين والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني، لتحقيق هدفها في التهجير ومحاربة الوجود الفلسطيني، إضافة للعدوان الدموي القائم.

بقلم حمزة حماد

صحفي من غزة