ما حقيقة التوتر بين مصر وإسرائيل؟.. نتنياهو يلمّح لها بـ”غمزة” وابتسامة صفراوية

قالت القناة 13 العبرية إن مصر فزعة من فكرة سيطرة قوات الاحتلال على محور فيلادلفيا، وترى بذلك تهديداً لسيادتها ولاتفاق السلام معها، في وقت رشّ نتنياهو الماء البارد على التقارير المتتالية عن تصاعد التوتر بين القاهرة وتل أبيب.

 كما قالت القناة 13، اليوم، إن مصر تحفّظت من رسالة إسرائيلية مفادها أنها تستعدّ للاستيلاء على الشريط الحدودي المصري الفلسطيني، المعروف بمحور فيلادلفيا، وقالت إنها تضمنت محاولة تهدئة وطمأنة للجانب المصري، بأن احتلال هذا المحور سيكون مؤقتاً.

وقالت القناة العبرية أيضاً إن الطرفين اتفقا على تشكيل طاقم مشترك من أجل “عصف فكري” لمعالجة المسألة.

وتأتي هذه الأنباء على خلفية تسريبات وتصريحات في مصر تفيد بأن القاهرة ترى باحتلال القوات الإسرائيلية للشريط الحدودي تهديداً للسيادة المصرية ولاتفاق كامب ديفيد التاريخي.

وفي الليلة الفائتة، ورداً على سؤال حول التسريبات المذكورة بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض استقبال مكالمة هاتفية من جهة نتنياهو، اكتفى الأخير بالقول، في مؤتمره الصحفي، وهو يبتسم نصف ابتسامة صفراء: “لكل واحد من الأطراف مصالح خاصة به، ولذا يقول ما يقوله أو لا يقوله، وهناك تعاون بيننا وليس جديداً”. ويشي هذا التلميح بأن تصريحات وتسريبات من جهة السيسي تندرج ضمن “الاستهلاك المحلي والعلاقات العامة”.

وقبل ذلك حَمَلَ نتنياهو، بصوته وصورته هذه  المرة، على قطر استمراراً للتسريبات قبل يومين.

 وتذكّر مثل هذه الغمزة من طرف نتنياهو على السيسي بما ورد من تسريبات إسرائيلية عن السيسي إثر موقفه من حرب “الجرف الصامد” على قطاع غزة، عام 2014، وجاء فيها أن هناك تعاوناً وثيقاً بين مصر وإسرائيل لن تؤثّر عليه حتى الحرب الدموية على غزة.

 وقتها عبّر عددٌ من المراقبين الإسرائيليين عن اندهاشهم من موقف مصر بقيادة السيسي، وتجاهلها ما تفعله إسرائيل في تلك الحرب التي طالت51 يوماً.

 وذهب المعلق السياسي للقناة 13 العبرية رافيف دروكر لحدّ القول إن من يسمع عن مواقف السيسي يعتقد أنه عضو في حزب “الصهيونية الدينية”، مرجّحاً أن “موقفه المناصر لحرب إسرائيل” على “حماس” ينبع من رؤيته لها فرعاً من شجرة “الإخوان المسلمين” المعادية للسيسي.

وتبعه الرئيس السابق للجناح الأمني- السياسي في وزارة الأمن الجنرال في الاحتياط عاموس جلعاد بالقول لقناة 12 العبرية، أمس، إن نتنياهو محقٌ بهجمته على قطر، كونها الدولة الراعية لـ “حماس” بصفتها “حركة إرهابية”. وتابع جلعاد: “وإن كنت أفضّل إرجاء هذا الهجوم بسبب الحاجة لقطر من أجل استثمار دورها في الوساطة.

وفي سياق متصل، قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، اليوم، إن إسرائيل و”حماس” قريبتان من اتفاق حول صفقة تبادل، تشمل وقفاً للنار لمدة شهرين مع إفراج تدريجي عن المحتجزين والأسرى.

وقالت الإذاعة العبرية إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أجرى، في نهاية الأسبوع، عدة اتصالات مع قيادات في المنطقة، ومارس ضغطاً كبيراً من أجل إحراز صفقة.

ومن جهتها، رشت إسرائيل الماء البارد، اليوم، على هذه الأنباء، فقد نقلت الإذاعة العبرية العامة عن مصادر سياسية وصفتها بالعليا قولها إن الحديث يدور عن محاولة لتحريك المداولات بين رؤساء الأجهزة الاستخباراتية في باريس اليوم.

يشار إلى أن نتنياهو حَمَلَ، في مؤتمر صحفي، على عائلات المحتجزين، وقال إن استمرارها في المظاهرة المتصاعدة يخدم حركة “حماس” ويبعد فرصة استعادة المحتجزين.

وفي المقابل، حمل عضو الكنيست المعارض رام بن براك، نائب سابق لرئيس الموساد، على نتنياهو، وقال إنه يخشى جداً أن يخلط نتنياهو الحسابات في إطالته أمد الحرب واستبعاده صفقة تبادل.

على خلفية ذلك كلّه، يزداد السؤال إلحاحاً؛ هل تسمح مصر لقوات الاحتلال بانتزاع السيطرة على المنطقة الحدودية بين سيناء والقطاع، ولا تكترث بالتصريحات والتحذيرات المصرية حول ذلك؟ كذلك؛ هل تبادر مصر لممارسة سيادتها على معبر رفح وتتيح إدخال مساعدات إنسانية للغزييّن المحاصرين بالجوع والبرد والقصف، رغم الأوامر الاحترازية الصادرة عن محكمة العدل الدولية؟

ولأيّ مدى تشي تلميحات نتنياهو بوجود تفاهمات غير معلنة بين الجانبين المصري والإسرائيلي، خاصة أن أوساطاً إسرائيلية متزايدة تطالب وتمارس الضغوط من أجل عدم الاكتفاء بتضييق الخناق على “حماس” بمحاصرة خان يونس فحسب، والانتقال لاحتلال رفح، والاستيلاء على معبر رفح بكل ثمن.

في هذا المضمار، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن عضو مجلس الشعب المصري محمد السادات، ابن شقيق الرئيس المصري السادات، تحذيره من تبعات الاقتراب من فيلادلفيا، بقوله إذا كنتم مهتمين بالعلاقات مع مصر عليكم تغيير تصرفكم. وقال السادات إنه يدعم موقف السيسي في رفضه التحدث مع نتنياهو ويصدّ النقد الموجه للقاهرة: “ليس فقط أن خطة تهجير الغزيين لسيناء لن تخرج لحيز التنفيذ، بل إنها ستسبّب شرخاً عميقاً بالعلاقات مع مصر”.