وزير خارجية إسبانيا يزور الجزائر بعد إعادة العلاقات

يشهد محور الجزائر مدريد تطورات متسارعة في اتجاه عودة العلاقات إلى طبيعتها، بعد أزمة عاصفة شهدها البلدان استمرت نحو 15 شهرا. وتأكيدا لذلك، سيزور وزير الخارجية الإسباني الجزائر يوم الإثنين المقبل، علما أن هذا الوزير كان اعتُبر طرفا رئيسيا بتصريحاته في تأجيج الخلاف بين البلدين.

وفي بيان لها على موقعها الرسمي، ذكرت الخارجية الإسبانية، أن خوسيه مانويل ألباريس وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، سيقوم بزيارة إلى الجزائر يوم الاثنين 12 فبراير، بدعوة من نظيره الجزائري أحمد عطاف

وتأتي هذه الزيارة بعد نحو شهرين من تعيين الجزائر الدبلوماسي عبد الفتاح دغموم سفيرا لها في مدريد، واستعادة السفير الإسباني في الجزائر هامش المبادرة في إجراء لقاءات مع الفاعلين في الحقل الاقتصادي بالجزائر، في مؤشر على انفراج العلاقات بين الجزائر ومدريد.

وقبل عودة السفير الجزائري، كانت صحيفة “كونفيدنثيال” الإسبانية قد نقلت عن مسؤول حكومي جزائري، على دراية بالعلاقة بين الجزائر وإسبانيا، أن “فكرة عودة السفير إلى مدريد ليست جديدة، ولكن كان على السلطات انتظار اللحظة المناسبة للقيام بها”. وأبرز أن “خطاب سانشيز الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بنيويورك، شجّع على إرسال السفير الجزائري إلى مدريد.”

ويرى ملاحظون أن عدة عوامل ساهمت في التطور الإيجابي للوضع في العلاقات، من بينها تقدير الجزائر لموقف بيدرو سانشيز المؤيد لإقامة دولة فلسطينية الذي أعرب عنه في سياق العدوان الإسرائيلي الأخير، كحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وحديثه من جديد عن دعم المسار السياسي لحل النزاع في الصحراء الغربية وفق مقررات الأمم المتحدة.

ومن شأن عودة العلاقات لطبيعتها أن يسهم في تخفيف حدة الضغط على حكومة بيدرو سانشيز التي منذ توتر العلاقات الجزائر، انتفضت ضدها مؤسسات إسبانية ورجال أعمال، لكون الصادرات الإسبانية نحو الجزائر انخفضت بشكل حاد بعد تعليق اتفاقية الصداقة بين البلدين وممارسة شبه حظر على دخول المنتجات الإسبانية إلى الجزائر في وقت تشير الأرقام الرسمية الجزائرية إلى أن حجم التبادل التجاري بين الجزائر ومدريد كان يبلغ نحو 9 مليار دولار، قبل الأزمة.

وشكل يوم 19 آذار/مارس 2022 تاريخ بداية الأزمة بين الجزائر وإسبانيا بعد إعلان الجزائر سحب سفيرها سعيد موسي من مدريد، ثم قرار الرئاسة الجزائرية، التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع المملكة الإسبانية سنة 2002، وهي قرارات جاءت بعد الكشف عن تبني الحكومة الإسبانية خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية وهو ما تعارضه الجزائر التي تدافع عن حق الصحراويين الذين تستضيف جزءا منهم على أراضيها كلاجئين في تقرير المصير.

وكان الموقف الإسباني مفاجئا على اعتبار مدريد هي القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء الغربية ولا تزال القوة المديرة للإقليم وفق السلطات الجزائرية. وذكرت الرئاسة الجزائرية في مبرراتها في ذلك الوقت أن ما فعلته إسبانيا “يعد انتهاكا لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية للسلطة المسؤولة عن الإقليم والتي تقع على كاهل مملكة إسبانيا حتى يتم إعلان إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية من قبل الأمم المتحدة”.

وتسارعت الأحداث عقب ذلك، بسبب تصريحات إسبانية اعتبرتها الجزائر مستفزة، كان من بينها ما قاله خوسي مانويل ألباريس وأعضاء في الحكومة حول وجود دور روسي في تأليب الجزائر ضد إسبانيا وهو ما اعتبرته الجزائر تصريحات غير مسؤولة.

وفي حزيران/يونيو 2023، قال الدبلوماسي الجزائري عمار بلاني الذي كان يشغل حينها منصب الأمين العام للخارجية، في تصريحات لجريدة ” كونفيدنثيال” إن “التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها الوزير خوسيه مانويل ألباريس ونائبة الرئيس نادية كالفينيو تدمر بشكل قاطع أي إمكانية لتطبيع العلاقات مع حكومة غير موثوقة تمارس الكذب والهروب إلى الأمام”.

ووفق الصحيفة، فإن وزير الخارجية ألباريس، لم يتحدث علانية عن دور روسي، لكن الجزائر وصلها أنه قال خلال محادثات نواب أوربيين، أن روسيا من أوحت للجزائر بافتعال الأزمة مع إسبانيا من أجل زعزعة استقرار المنطقة الجنوبية لأوروبا، مستندا إلى زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف للجزائر يوم 10 مايو/أيار 2022.

ودفع ذلك وكالة الأنباء الجزائرية إلى نشر برقية تهاجم فيها بشدة الوزير الإسباني، حيث ذكرت أن “تنقلات رئيس الدبلوماسية الإسبانية مؤخرا بين مدريد وبروكسل تثير تساؤلات حول قدرات دبلوماسي لا يليق بهذا البلد المتوسطي الكبير وبشعبه العظيم الذي فرض دوما الاحترام.”