رأي المسار// يكتبه رباح جبر: ” التطبيع مع السعودية ” هو الجائزة الكبرى الأمريكية لنتياهو على حرب الإبادة … وللعرب جائزة الترضية  ” وهم قد يؤدي إلى دولة منزوعة السيادة ” ؟؟

التطبيع مع السعودية ” هو الجائزة الكبرى الأمريكية لنتياهو على حرب إبادته لشعبنا … وللعرب جائزة الترضية  ” وهم إنشاء مسار قد يؤدي إلى دولة منزوعة السيادة “ ؟؟

مقدمة غير تقليدية : في مقابل الوقاحة الأمريكية الواعية لمصالحها الإستعمارية من حقنا أن نسأل: ما هي المصلحة العربية في التطبيع ؟ ألم يتبين ضعف إسرائيل بعد الهزيمه التي تلقتها في السابع من أكتوبر على أيدي أبطال المقاومة ؟ وهل ستتمكن إسرائيل من حماية بعض الأنظمة العربية من البعبع الإيراني كما تصوره أمريكيا وإسرائيل؟ ألم يتضح للعرب بعد حجم عزلة  إسرائيل – التي يهرولون نحوها –  ومعها حليفتها أمريكيا التي باتت متهمة بارتكاب المجازر بحق شعبنا على مستوى الشعوب وغالبية دول العالم ؟ ولماذا لا تعير هذه الدول أهمية لقرارات محكمة العدل الدولية التي قبلت الدعوى ضد إسرائيل وأقرت بوجود شبهة الإبادة الجماعية لشعب عربي هو الشعب الفلسطيني ؟ ولماذا لا تعير الأنظمة العربية المطبّعة والساعية للتطبيع أي أهمية للرأي العام في بلدانها ؟ ألم يظهر أكثر من استطلاع رأي أجرته مؤسسات دولية في السعودية قبل العدوان على غزة أن أكثر من 90% من الشعب في المملكة يرفضون التطبيع ؟.

فمنذ أن  شنّت دولة الاحتلال  حرب الإبادة على شعبنا في غزة  في السابع من أكتوبر، وزيارات المسؤولين الأمريكيين تتوالى على منطقتنا بدءا من الزيارة الأولى التي ترأّس فيها بايدن مجلس الحرب ليؤكد ليس فقط دعمه بل شراكته في العدوان ، وبعدها استأنف المسؤولون الأمريكان زياراتهم الداعمة للكيان وخاصة  وزير الخارجية الليكودي بلينكن الذي أعلن في أول زيارة له أنه قادم إلى ” إسرائيل ” بصفته يهوديا وليس مجرّد وزير خارجية أمريكيا.

ومنذ الزيارة الثانية وحتى الزيارة الخامسة أول من أمس وبلينكن يجاهر بأن أحد أهداف السياسة الأمريكية في المنطقة يتمثل بدمج إسرائيل في المنطقة العربية ، ويصرح المسؤولون الأمريكيون أن هذا الإندماج سوف يأخذ دفعة من خلال تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية  استكمالا لما بدأه ترامب فيما تسميه أمريكيا ” باتفاقات أبراهام “، هذا التطبيع الذي قطع شوطا كبيرا قبيل طوفان الأقصى التي قلبت ظهر المجن ، وأثبتت أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة ، ولا أمن لإسرائيل إلا باحقاق الحقوق الوطنية لشعبنا في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

إن الوقاحة الأمريكية – الواعية لمصالحها الإستعمارية – ، التي لم يشهد تاريخ العلاقات الدولية مثيلا لها، والتي تتمثل في إصرارها على إتمام التطبيع بين السعودية ودولة الإحتلال في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وتواصل ارتكاب جرائمها في الضفة والقدس ، وكأن أمريكيا تقول للسعوديين ( غزة ليست عربية ولا هي إسلامية ) وليس لكم علاقة بما يجري فيها من حرب إبادة كما عبّر المطبّع ملك البحرين وكما هي الإمارات، وأمريكيا بذلك وفي البعد لتاريخي ،هي تسعى جاهدة بالديبلوماسية والحديد والنار لاستكمال المخطط الاستعماري وتنفيذ توصيات مؤتمر الدول الإستعمارية الذي عقد في لندن 1905- 1907م ، والعمل بوثيقة رئيس وزراء بريطانيا آنذاك هنري كامبل ( التي أخفتها الدوائر الإستعمارية) ولإستكمال مشروع الشرق الأوسط الجديد والسيطرة الإستعمارية الغربية على المنطقة العربية ، وتسييد إسرائيل عليها كموطىء قدم استعماري متقدم يحمي مصالحها في نهب ثروات المنطقة وإبقاء أنظمتها تابعة  وشعوبها مشتته ومتصارعة ومحاربة نزعة التوحّد لديها.

ومقابل هذه الجائزة الكبرى لننتياهو، تواصل الإدارة الأمريكية بيع الوهم والسراب للشعب الفلسطيني ولشعوب المنطقة العربية من خلال حديثها الممجوج عن أنها داعمة لحق الشعب الفلسطيني في دولة .. وطبعا دون أن توضح ماهية الدولة وحدودها وعاصمتها … وأن حق الدولة بالنسبة للأمريكان وبعض القوى الغربية يأتي في المرتبة الثالثة بعد التطبيع ودمج إسرائيل في المنطقة  وأمن إسرئيل حسب ما قاله سوليفان في مؤتمر دافوس الأخير .. أي دولة منزوعة السيادة  تقودها سلطة متجددة قادرة على حماية أمن إسرائيل ، وهم عندما يتحدثون عن الدولة يعتبرونها مصلحة إسرائيلية وليست حقا فلسطينيا، ولعل تكليف فريق من وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا لدراسة نماذج الدول منزوعة السلاح والسيادة ، هو أكبر دليل على الدولة المسخة التي بدأت أمريكيا بالترويج لها، وهذا الوهم ( البضاعة الفاسدة)  بالطبع سيجد من يشتريه عربيا وفلسطينيا.

وهذا يعني أن حديث الأمريكان عن الدولة الفلسطينية هو مثابة ذريعة وجائزة ترضية  للانظمة العربية المطبّعة وللسعودية المستهدفة بالتطبيع بشكل خاص،  والتي أكد بلينكين أنها ( أي السعودية) تكتفى بمجرد التزام سياسي بشأن الدولة والبدء بإنشاء مسار يقود إلى الدولة وليس إقامتها وهذا المسار بالتأكيد سيكون شبيها بمسار أوسلو الذي ابتدأ قبل 31 عاما ؟؟؟

وإن من نافلة القول أن كل هذه المساعي الأمريكية بتهميش قضيتنا ودمج إسرائيل في المنطقة ربما يكتب لها النجاح جزئيا ومؤقتا ، ولكنها لن تتمكن من طمس حقوقنا وخاصة في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى الذي طاف بقضيتنا إلى كافة ساحات العالم فأصبحت سيدتها .. ولكن بشرط وجود قيادة موحدة تعتمد خيار المقاومة بأشكالها المختلفة … وتبتعد عن محاولة الاستثمار البائس للتضحيات الجمّة التي يقدمها قطاع غزة ومقاومته الباسلة وكل الشعب الفلسطيني الذي سطّر بصموده أسطورة عزّ نظيرها .. وأن لا تأتينا بما هو أخطر من أوسلو الذي كان استثمارا بائسا للإنتفاضة الكبرى وإنجازاتها.