فيديوهات// “عملية إخراج إسرائيليان من رفح”.. مكسب معنوي مؤقت لا يحلّ قضية المحتجزين الإسرائيليين.. ولن يؤثر على المقاومة

منذ فجر اليوم، الإثنين، تُواصِلُ إسرائيل الرسمية الاحتفاء بـ “العملية البطولية” لتخليص اثنين من المحتجزين في منطقة رفح، في الليلة الفائتة، في عملية دموية تخلّلها قتل نحو 100 من الفلسطينيين، وإصابة مئات من المدنيين، وفق مصادر طبية فلسطينية، نتيجة قصف عشوائي، وأحزمة نارية رافقت العملية، وطالت البيوت والمباني التي لجأ لها عددٌ كبير من اللاجئين.

وتعكس الاحتفالية الواسعة في الجانب الإسرائيلي تعطّشه لأي مكسب في حرب دخلت شهرها الخامس دون تحقيق أهدافها المعلنة، رغم تدمير القطاع.

حسب الرواية الإسرائيلية الرسمية، التي قدّمها الناطق العسكري دانئيل هغاري، صباح اليوم الإثنين، فقد قامت قوة خاصة في جيش الاحتلال، قبيل الساعة الثانية بعد منتصف الليل، بمهاجمة مبنى في رفح، فيما كانت قواتٌ برية وجوية تقدّم الغطاء لهذه القوة الخاصة بقصف واسع، وتمكّنَ المهاجمون من فتح باب الطابق الثاني من المبنى المستهدف بعبوة ناسفة، واشتبكوا مع عناصر “حماس” حتى تخليص مخطوفَين، مهاجرين من الأرجنتين في الأصل.

 وفي التزامن، كانت قواتٌ أخرى تقصف المنطقة المحيطة. بخلاف الرواية الإسرائيلية، لم تكن هذه “عملية جراحية” نظيفة، إذ تؤكد مصادر طبية، علاوة على “حماس”، أن القصف الإسرائيلي كان عشوائياً خلال عملية التخليص، وطال مئات المدنيين واللاجئين داخل البيوت والمباني. والمشاهد الحمراء القادمة من رفح تعكس مدى جدية “تحذيرات” الرئيس الأمريكي بايدن بضرورة صياغة خطة تكفل عدم قتل المدنيين في رفح، ومدى اهتمام إسرائيل بها.

من المستبعد أن تؤثّر العملية الدموية في رفح على “حماس” ودفعها لتليين موقفها، وعلى احتمالات صفقة جديدة، إذا كانت هناك أصلاً رغبة حقيقية لدى إسرائيل بها

وكان بايدن قد قال، قبيل العملية بساعات، في محادثة مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إنه قلق من المساس بالمدنيين داخل رفح، بحال شَرَعَ الاحتلال في التوغّل داخل رفح، داعياً للإفراج عن المخطوفين بصفقة تبادل.

استبعاد بن غفير

 وحسب هذه الرواية الإسرائيلية عن العملية، التي يبقى بعض جوانبها غير واضح، فقد تمّ “التخليص البطولي” خلال تبادل إطلاق نار مع قوات فلسطينية، فيما كانت طائراتٌ إسرائيلية تقصف أهدافاً لـ “حماس” في محيط المبنى حتى انتهت العملية التي نفّذتها قواتٌ خاصة من الجيش والشرطة والشاباك، وتحت تغطية وحدة الكوماندوز البحرية “شييطت 13”.

 

وقالت مصادر إسرائيلية إن السيطرة والتحكّم بالعملية تم من خلال غرفة قيادة مشتركة للجيش والشرطة أقيمت في مدينة بئر السبع، بمشاركة قائد الجيش، ومفتش الشرطة، ورئيس الشاباك، وقائد سلاح الجو، وفي مرحلة معينة انضم لهم رئيس الحكومة، ووزير الأمن، فيما تم تجاهل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي لم يشرك بالسرّ خوفاً من تسريبه مبكّراً.

وحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فقد توفرت معلومات مسبقة لدى جيش الاحتلال، منذ أيام كثيرة، أتاحت له التدرّب، فيما زعم الناطق العسكري هغاري، اليوم، أن الجيش صاغ مخططات لعمليات تخليص أخرى لم تخرج لحيّز التنفيذ بسبب خطورتها، مفضّلاً تجاهل سؤال وجّهته صحفية موقع “واينت” حول المساس بعدد كبير من المدنيين الفلسطينيين خلال العملية التي نفذت داخل منطقة سكنية مزدحمة.

تسابق المسؤولين الإسرائيليين

وتسابقَ مسؤولون إسرائيليون في الإشادة بالعملية وبالجيش، الذي اتهم بالفشل الذريع في السابع من أكتوبر، فقال وزير الأمن يوآف غالانت إنها عملية تخليص تترك أثراً مثيراً، نجحت باستعادة اثنين من المخطوفين منوّهاً بتقديره “البالغ لقوات الجيش والمخابرات والشرطة التي قامت بعمل نوعي”.

 

 وتابع: “سنواصل تحقيق التزامنا باستعادة المخطوفين بكل الطرق”.

وقال الوزير بيني غانتس إنها “عملية دقيقة وشجاعة، وإننا لن نتنازل عن المخطوفين للأبد، وللأسف فَقَدْنا، في ذات اليوم، جنديين في غزة، بيد أننا لن نكفّ عن العمل من أجل استعادة 134 محتجزاً ما زالوا داخل القطاع”.

 وقال وزير الخارجية في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس إنه يشدّ على أيدي الجنود، ويبارك لقادة القوات عمليتهم البطولية في رفح، منوّها لمواصلة المساعي لاستعادة المخطوفين”.

وانضمَّ رئيس المعارضة يائير لبيد للتهاني، وقال إن “إسرائيل استيقظت هذا الصباح على قليل من النور في بحر الوجع والضيق، بفضل عملية مركبّة جريئة”، داعياً لمواصلة العمل حتى استعادة كلّ المخطوفين.

تأثير العملية على “حماس” والصفقة المتداولة

وتعكس هذه الاحتفالية الواسعة في إسرائيل ليس تسابقاً بين السياسيين على كسب النقاط فحسب، بل تدلّل على طول انتظار الإسرائيليين لتحوّل إيجابي من طرفهم في الحرب.

تنطوي المغامرة على انتصار معنوي موضعي، يعكس نجاحاً استخباراتياً إسرائيلياً، لكنه ليس إستراتيجياً، ولا يغيّر شيئاً في واقع الحرب

 نجحت العملية- المغامرة الإسرائيلية بتخليص اثنين من المحتجزين، الذين بقي منهم 134 محتجزاً داخل القطاع، وتزامناً مع اليوم التاسع والعشرين بعد المائة من حرب متوحشّة على غزة، دون تحقيق أهدافها المعلنة، فهي تنطوي على انتصار معنوي موضعي، يعكس نجاحاً استخباراتياً إسرائيلياً، لكنه ليس إستراتيجياً، ولا يغيّر في واقع الحرب، وفي حقيقة أن إسرائيل فشلت باستعادة المحتجزين عنوة، إلا في تخليص جندية واحدة، قبل نحو شهرين، في عملية لم يفصح عن معالمها.

رغم الاحتفالية الواسعة، ولحدّ معيّن بسببها سيستصعب جيش الاحتلال استنساخ عملية التخليص، فمن المرجّح أن تستخلص المقاومة الفلسطينية الدروس المتعلقة باحتمالات مهاجمة مواقع احتجاز الأسرى، حماية هذه المواقع، أمن المعلومات، بل إن أيّ تجربة جديدة على غرار عملية الليلة الفائتة ستعني إعدام محتجزين إسرائيليين أيضاً، مهما كانت عملية المباغتة كبيرة وأحزمة النار المحيطة واسعة.

كذلك من المستبعد أن تؤثّر العملية الدموية في رفح على “حماس” ودفعها لتليين موقفها، وعلى احتمالات صفقة جديدة، إذا كانت هناك أصلاً رغبة حقيقية لدى إسرائيل بها، إذ هناك مؤشّرات كثيرة ترسم علامات شكّ حيال نواياها. وهذا ما دفع عائلات المحتجزين الإسرائيليين لاتهام نتنياهو بالتنازل عنهم، وتهيئة الشارع الإسرائيلي لضرورة تقديمهم “كبش فداء”، وذلك من خلال حملة شيطنة وأخبار كاذبة يطلقها نتنياهو من خلال أبواقه، وهذا ما أبلغته العائلات لوزير الخارجية بلينكن قبيل مغادرته البلاد، يوم الأربعاء الماضي.

المصدر: القدس العربي