بيروت: بقيت التطورات الميدانية في جنوب لبنان في صدارة المتابعة بعد تعاظم العدوان الإسرائيلي وتوسيع رقعة الاستهدافات حتى النبطية والصوانة وعدشيت وارتفاع نبرة تهديدات الاحتلال بعد سقوط صواريخ على صفد لم يتبناها حزب الله، ما يهدّد بتصعيد خطير وانهيار قواعد الاشتباك، التي ضبطت المواجهات منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر بين حزب الله وإسرائيل.
وبعد التهديد الأبرز لوزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بالضرب في بيروت وبعمق 50 كلم، أطل أمين عام حزب الله حسن نصرالله، للمرة الثانية في غضون أيام، في الذكرى السنوية للقادة الشهداء راغب حرب وعباس الموسوي وعماد مغنية، ليرد على الوزير الذي وصفه بأنه “تلات أرباع مجنون” ويبدو أن الحكاية “تاشّي معو” بالقول “إن المقاومة تمتلك من القدرة الصاروخية الهائلة والدقيقة التي تجعل يدها تمتد من كريات شمونة إلى إيلات”.
واستهل نصرالله كلمته بالرد “على العدو الإسرائيلي الذي يظن أنه بقتله لقادتنا ومجاهدينا أو بإخفائه لقادتنا كما حصل مع الإمام المغيب موسى الصدر يمكن أن يدفعنا إلى التراجع أو أن نشعر بالهوان ونتخلى عن مسؤولياتنا”. وتطرق لمجزرة النبطية والصوانة قائلاً “ما جرى كان متعمداً وسوف يدفع العدو ثمن سفكه لدماء النساء والأطفال دماء وليس مواقع وآليات وأجهزة تجسس، وإن استهداف المدنيين لا يمكن أن يترك، واستهداف المقاومة لكريات شمونة بعدد من صواريخ فلق وكاتيوشا كان ردًا أولياً”.
ورأى “أن هدف العدو من قتل المدنيين هو الضغط على المقاومة لتتوقف عن مساندة غزة والجواب على المجزرة يجب أن يكون مواصلة العمل المقاوم في الجبهة وتصعيده”، مؤكدًا “أن استهداف المدنيين يزيدنا غضباً وتوسعاً وعملاً في المقاومة، ويجب عليه أن يتوقع ذلك”.
وتطرق نصرالله إلى ما يُحكى عن توظيف نتائج معركة الجنوب في الداخل اللبناني، فقال “لا حزب الله ولا حركة أمل ولا أي فصيل مشارك اليوم على الجبهة تحدث عن فرض رئيس جمهورية أو تعديل بالحصص أو النظام السياسي على ضوء الجبهة، وأياً تكن نتيجة الجبهة وستنتصر، فإن موضوع الرئاسة داخلي وسلاح المقاومة لحماية لبنان وليس لتغيير النظام السياسي ولتغيير الدستور وصيغة الحكم وفرض حصص طائفية جديدة في لبنان”. ورد ضمناً على مجلس المطارنة الموارنة الذي حذّر من ترسيم مشبوه للحدود البرية في غياب رئيس الجمهورية، فاستغرب هذا الكلام وميّز بين ترسيم الحدود البحرية وبين الحدود البرية المرسّمة أصلاً، وقال “أي مفاوضات يجريها الرئيس نبيه بري ستكون على قاعدة “أخرجوا من أرضنا اللبنانية”.
غارات وهجمات
في الوقائع الميدانية، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارة على واد بين بلدتي ياطر وبيت ليف. وأطلقت طائرة حربية إسرائيلية صاروخاً لم ينفجر على محيط مجمع أهل البيت الواقع بمحاذاة بركة بنت جبيل. كما أغار الطيران على بلدات القنطرة ودير سريان ومحيط وادي السلوقي، وأدت الغارة على منزل في بلدة القنطرة إلى استشهاد ثلاثة شبان من حركة “أمل”. كذلك أغار الطيران المعادي على دير سريان الطيبة وعلى المنطقة الواقعة بين القنطرة وقبريخا. وأطلق جيش الاحتلال رشقات رشاشة غزيرة من مستعمرة المطلة باتجاه أحياء بلدة كفركلا.
أما حزب الله فهاجم موقع المالكية بصاروخ بركان كما استهدف موقعي زبدين ورويسات العلم في مزارع شبعا وتجمعاً للعدو في موقع راميا، ونعى شهيدين. فيما استهدفت “حركة أمل” مواقع الضيرة وعرب العرامشة.
القرار 1701
في المواقف، جدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “التأكيد أن لبنان سيظل ملتزماً بكل قرارات الأمم المتحدة، وأن على إسرائيل أن تطبق هذه القرارات وتوقف عدوانها على الجنوب وانتهاكاتها السيادة اللبنانية وتنسحب من كل الأراضي اللبنانية المحتلة”.
وقال في كلمة ألقاها في مؤتمر ميونخ للأمن “بينما يشدد لبنان على ضرورة الاستقرار في المنطقة ودعوة كل الأطراف إلى الامتناع عن التصعيد، نجد إسرائيل مستمرة في عدوانها، مما يدفعنا إلى السؤال عن الخطوات التي اتخذتها المجتمع الدولي لوقف هذا العدوان المتمادي”. وأضاف “قبل يومين فقط، تم استهداف عائلة في جنوب لبنان مكونة من 7 أفراد ومن بينهم أطفال ونساء. إن قتل واستهداف الأطفال الأبرياء والنساء وكبار السن جريمة ضد الإنسانية”.
وسأل: “ألم ندرك جميعاً بعد الآثار المدمرة للحروب الأبدية، والأجيال الضائعة، والتهجير القسري، وأزمة اللاجئين، والانتقال من صراع إلى صراع ومن كارثة إلى أخرى؟”، مشيراً إلى “أن الحروب والصراعات الدورية في الشرق الأوسط، إلى جانب تداعياتها العالمية، لن تنتهي من دون حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة”.
وأكد ميقاتي “أن لبنان النابض بالحياة والمستقر والمتمتع بالسيادة يشكل ضرورة أساسية، ليس فقط للشعب اللبناني، بل وأيضاً للسلام والاستقرار الإقليميين. وهنا أؤكد أن لبنان ملتزم وسيظل دائماً ملتزماً بكل قرارات الأمم المتحدة، وعلى إسرائيل أن تطبق هذه القرارات وتوقف عدوانها على الجنوب وانتهاكاتها السيادة اللبنانية وتنسحب من كل الأراضي اللبنانية المحتلة”، مشدداً على “حماية الابرياء والالتزام بالقانون الإنساني الدولي”، داعياً “الجهات الدولية إلى دعم جهود بناء السلام والمساعدة في منع وقوع النزاعات وحلها وحماية المدنيين من الأذى”.
من ناحيته، شدّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال استقباله السفير الروسي الكسندر روداكوف على “ضرورة تطبيق القرار 1701 بغية تجنيب لبنان خطر اندلاع حرب كبيرة على حدوده الجنوبية”، وقال “في سياق قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، من الأجدى توجيه مذكرة مشتركة من الجانبين اللبناني والسوري إلى الأمم المتحدة من أجل اعتبار هذه الأراضي لبنانية، وعندئذ يصبح واجباً على إسرائيل الانسحاب منها تطبيقاً للقرار 425”. وفيما جدد التأكيد “أن ما يحدث في غزة أمر غير مقبول على الإطلاق، والحل الوحيد يكمن في قيام دولة فلسطينية مستقلة”، سأل: “بماذا يساعد حزب الله الفلسطينيين في غزة؟ وهل يمكن أن يحدث فيها أكثر مما حدث إلى الآن؟ وما الذي أنتجته عملياته عبر الحدود سوى تعريض لبنان وشعبه للدمار والموت؟”.