حرب التجويع
بقلم …
حمزة حماد
منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، استخدم الاحتلال أساليب عديدة لاذلال شعبنا الفلسطيني وكسر ارادته والعبث بواقع حياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، استكمالا لعملياته الدموية التي نفذ خلالها عمليات الإبادة الجماعية وراح ضحيتها أكثر من 30 ألف شهيد و71 ألف إصابة اغلبهم من النساء والأطفال.
الجوع أحد هذه الأساليب التي اتبعها الاحتلال بعد عاصفة القتل والتدمير التي مورست لأكثر من 140 يوما بحق المدنيين ولم تكسرهم أبدا وضلوا متمسكين بحقوقهم الثابتة.
ربما تجلت حقيقة الصورة أمام العالم الظالم الذي يعيش دور المتفرج ومئات الآلاف من المواطنين والنازحين يواجهون الترسانة العسكرية بصدورهم العارية وهم ينتظرون شاحنات المساعدات أن تصل دوار النابلسي للحصول على أكياس الدقيق والمعلبات لسد جوعهم ونسائهم وأطفالهم الذين يعانون من سوء التغذية جراء العدوان الذي أدى لفقدان المواد الغذائية من الأسواق واللجوء لبدائل مثل علف الحيوانات لاستمرار الحياة، والتي أحدثت أمراض مختلفة خاصة في صفوف الأطفال وهذا ما تناولته تقارير إعلامية.
مجزرة شارع الرشيد التي راح ضحيتها قرابة 118 شهيدا ومئات الإصابات، هي صورة مصغرة لحقيقة المعاناة والمجاعة التي يعيشها هؤلاء المكلومين والباحثين عن حقهم في الحياة كأبسط الحقوق التي تكفلها القوانين والمواثيق الدولية وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني الذي يتعرض لانتهاك إسرائيلي صارخ لم يسبقه مثيل، إضافة نزوح أهالي شمال القطاع لجنوبه بحثا عن الطعام.
تصريح الأمم المتحدة في 28 فبراير الماضي بأن 576 ألف شخص في قطاع غزة أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة وأن حدوث مجاعة على نطاق واسع أمر شبه حتمي ما لم يتم إتخاذ إجراء. هذا يستدعي أن تتحرك الأمم المتحدة انطلاقا من موقعها ومسؤولياتها الدولية ووجهها الإنساني المزيف الذي صدعت رؤوسنا به، وأن تتكفل معها منظمات الإغاثة بايصال المساعدات عبر منافذها المختلفة، وأن تكشف حقيقية الإرهاب الإسرائيلي الذي يمارس سياسة التجويع والتعطيش بحق المدنيين.
أجريت مقابلة مع برنامج الأغذية حول الظروف والأزمات التي يمر بها شمال غزة وحقيقة ما يجري على الأرض من تجويع وتأثيره على الحالات المرضية وبشكل خاص الأطفال، مثل المياه واختلاطها بمياه الصرف الصحي، وأكل علف الحيوانات، والتلوث الجوي، وتكدس النفايات، وانعدام الوقود، وغياب الكهرباء وشبكات الاتصال وغيرها، ففي 20 فبراير حذرت المنظمة الاممية للطفولة (يونيسيف) من أن 90 بالمئة من أطفال قطاع غزة يعانون من سوء التغذية.
وبحسب تقارير صحفية تبين أن عدد الوفيات بين الأطفال في شمال غزة قد ارتفع إلى 15 وذلك سببه واضحا هو سوء التغذية وعدم توفر الدواء والوقود، وتعرضهم للجفاف. فالحصول على الطعام أصبح ممزوجا بالدم، ولا يمكن أن يبقى المواطن الذي يقتل بالبطيء محاصرا لمواقف خجولة لدى مؤسسات ومنظمات دولية عاجزة عن الضغط على الاحتلال أو فضح جرائمه البشعة، فقد سبق التجويع دمار وخراب وقتل وللأسف بقي الموقف مؤسفا.
في الحقيقة ان سياسة التجويع والموت البطيء الذي يعد عقاب جماعي للفلسطينيين لا يقتصر على أهالي شمال قطاع غزة، إنما يهدد حياة سكان القطاع باكملهم وهذا ما يؤكده تصريح المكتب الإعلامي الحكومي بغزة:《أن 2,4 مليون إنسان يعانون نقصا حادا في الغذاء والمجاعة تتعمق بشكل أكبر في غزة والشمال》.