تراجعت مكانة إسرائيل الدولية إلى الحضيض وباتت تبدو كدولة منبوذة في العالم بسبب الحرب التي تشنها على قطاع غزة، وتفاقمت الأزمة بين رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، وإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي يعلن أنه لن يوقف إمدادات الأسلحة الهائلة لتل أبيب، لكن قادة جهاز الأمن الإسرائيلي حذروا نتنياهو من تراجع المساعدات العسكرية الأميركية بسبب الأزمة مع إدارة بايدن.
ووجهت صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم، الأحد، ما تبدو أنها لائحة اتهام إسرائيلية ضد نتنياهو وحكومته على خلفية وضع إسرائيل الدولي. وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أنه بعد خمسة شهور على بداية الحرب، “يبدو أن إسرائيل تفقد تدريجيا التأييد الذي منحه العالم الغربي لها، وتقف الآن أمام تسونامي سياسي حقيقي، فيما ينتهي أيضا صبر أفضل صديقاتها، الولايات المتحدة وبريطانيا. والإجراء ضد دولة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي هو جزء من توجه عالمي للتنديد بعمليات إسرائيل العسكرية”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه عندما شنت الحرب على غزة، “كان مستوى شرعية الحكومة الإسرائيلية في العالم في الحضيض، بسبب تركيبتها بالأساس: فلا يمكنك أن تعين أشخاصا مثل سموتريتش وبن غفير ولا تدفع ثمنا جراء ذلك. واعتبرت حكومة إسرائيل في العالم أنها حكومة دينية – متطرفة تسعى إلى الضم وليست مستعدة للحديث عن حل الدولتين”.
وأضافت أن اقتحامات بن غفير للمسجد الأقصى وأقوال سموتريتش حول “محو حوارة” وتكثيف البناء في المستوطنات “اعتبرت كصفعة للغرب. وإلى جانب ذلك المظاهرات الكبرى ضد الانقلاب القضائي التي صوّرت الحكومة الإسرائيلية على أنها غير شرعية وكمن أعلنت الحرب على الديمقراطية الإسرائيلية”.
أطفال جوعى يحصلون على طعام في رفح، أول من أمس
وعددت الصحيفة أسبابا جعلت إسرائيل تفقد تأييد العالم: “أولا، الحرب تجري بصورة بطيئة وطويلة. ورغم أن إدارة الحرب حققت نتائج جيدة، لكننا لا نقف أمام نقطة حسم. لم نصفِ قادة حماس ولم يُحرر المخطوفون”.
“ثانيا، كلما استمرت الحرب، ينتقل الانتباه العالمي من المعاناة الإسرائيلية إلى المعاناة الفلسطينية. والجوع، السكن في الخيام، صعوبة تلقي خدمات طبية، هذه كلها تحتل العناوين الرئيسية والاهتمام الدولي، والعالم ينظر إلى إسرائيل على أنها قوة احتلال في معظم قطاع غزة ومسؤول عن رفاهية السكان”.
“ثالثا، لا يوجد في الأفق أي استعداد إسرائيلي للدخول إلى مسار سياسي. وغياب رؤية ’اليوم التالي’ يعمل ضدنا، وهو نتيجة لتطرف الحكومة الإسرائيلية ومعارضة نتنياهو التعهد بعملية سياسية تقام دولة فلسطينية في نهايتها”.
“رابعا، الضغوط على الرأي العام العالمي ضد عمليات إسرائيل (الحربية) يتزايد. وفي مركزه أقلية إسلامية كبيرة في أوروبا وطلاب جامعات تقدميين في الولايات المتحدة. وحقيقة أن حركة الاحتجاج في إسرائيل تتصاعد، تدل بنظر العالم على الوضع المعقد الذي يتواجد نتنياهو فيه”.
“خامسا، بايدن قد يخسر الانتخابات لصالح ترامب ويرصد موقف الحكومة الإسرائيلية أنه يستهدف جوهر احتمالات إعادة انتخابه. ويخيم خلف الكواليس طوال الوقت الاشتباه لدى المحيطين ببايدن أن نتنياهو يريد الفوز لترامب. وإذا اقتنع بايدن بذلك، فسنفقد الرئيس الأكثر ودا تجاه إسرائيل”.
مجسم يندد بالدعم الأميركي لإسرائيلي قبالة مقر الأمم المتحدة في نيويورك
وأشارت الصحيفة إلى أسباب جيوسياسية تؤثر على فقدان التأييد لإسرائيل في العالم. “بنظرة إقليمية، الخطر الأكبر لا يزال إيران. ومن أجل إنشاء تحالف قوي ضد إيران، على إسرائيل أن تدفع بعملة فلسطينية. فالسعودي لن تكون معنا إذا لم نبدأ عملية سياسية. وبنظرة عالمية، ثمة حاجة إلى ليونة إسرائيلية تجاه الصراع الدائر بين الغرب وبين روسيا والصين وكي يكون الشرق الأوسط بمعظمه في الجانب الصحيح”.
وأضافت الصحيفة أنه “بدلا من أن يعانق أصدقاءنا، دعم نتنياهو اليمين المتطرف، واستفز العالم بقرار حول البناء في المستوطنات، وهو يدير الحرب كأنه معني باستمرارها إلى الأبد. وعدد المدنيين المستهدفين في الجانب الفلسطيني يرتفع باستمرار”.
ووفقا للصحيفة، فإن “قضية المساعدات الإنسانية كلها هي فشل إسرائيلي مدوِ. فإسرائيل قالت للعالم إن جميع الفلسطينيين في غزة هم حماس بالنسبة لها، ولذلك رفضت إسرائيل نفسها إدخال أي مسعدات، وأكثر ما فعلته هو السماح للعالم بإدخال مساعدات”.
واعتبرت الصحيفة أن حلول شهر رمضان ينطوي على خطر في الفترة المقبلة. “إذا جرى التوصل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار، فإن العالم سيتعامل معنا بتسامح. لكن إذا تفجر العنف دون حسم، فعلى الأرجح أن الضغوط الدولية على إسرائيل ستستمر وتتصاعد”.
ونقلت الصحيفة عن سفير أوروبي مؤيد لإسرائيل قوله إنه “إذا لم تقنعوا دولة أخرى أو دولتين بتأييدكم، فستواجهون قريبا عقوبات شديدة. ووضعكم سيء جدا في أوساط النخب وخصوصا في الجامعات. والناس نسيت 7 أكتوبر وهم مقتنعون بأنكم ترتكبون إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. والناس سئمت الحرب في غزة ويرودون رؤية نهايتها”.
كذلك أفادت القناة 13 بأن مسؤولين كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي حذروا نتنياهو من تخوف حقيقي من المس بالمساعدات لإسرائيل في أعقاب الأزمة المتصاعدة مع الإدارة الأميركية.
ونقلت القناة عن المسؤولين الأمنيين قولهم في تحذير قدموه لكابينيت الحرب إن “الوضع مقابل إدارة بايدن يشتد، ومن شأنها يضر المساعدات لنا لاحقا. وهذه التوترات تتصاعد كلما تقدم الوقت نحو الانتخابات” الرئاسية الأميركية.
يشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ركزت على تصريحات نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، خلال مقابلة لشبكة CBS، أمس، ووصفتها بأنها “غير مألوفة”، بقولها إنه “ينبغي التفريق بين الحكومة الإسرائيلية ومواطنيها”، وأنه “إذا نظرنا إلى الفظائع في 7 أكتوبر، ومن الجهة الثانية إلى الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، حيث المواطنين ليسوا الحكم. فإن لمواطني إسرائيل الحق بالأمن، تماما مثل الحق لسكان قطاع غزة”.