وصف مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون “بيان الموساد” الذي صدر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس، والذي جاء فيه إنه “في هذه المرحلة حماس تتحصن في موقفها كمن ليست معنية بصفقة وتسعى إلى إشعال المنطقة خلال رمضان”، بأنه ليس صحيحا و”سلسلة من الأكاذيب”، وفق ما نقل عنهم المحلل السياسي في صحيفة “معاريف”، بِن كسبيت، اليوم الأحد.
وقال عدد من المسؤولين إن هدف البيان “توفير ذريعة” لإسرائيل من أجل تجميد الاتصالات حول صفقة تبادل أسرى و”استمرار المماطلة على حساب حياة البشر” في إشارة إلى الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة.
وأضاف المسؤولون أنه يوجد في كابينيت الحرب الإسرائيلي “أعضاء غير قليلين الذين يعتقدون أنه بالإمكان استمرار المفاوضات ويدعون أن حماس لم تغلق الباب ولا تتحصن، وإنما العكس: لقد ردت بإجابة مفصلة على خطة باريس، وردت بإجابة مفصلة على التحسينات على خطة باريس، خلال الأسبوع الماضي”.
ووفقا لأحد هؤلاء المسؤولين، فإن “حماس أجابت على كل واحد من المواضيع، وفي قسم من المواضيع قدمت مواقف متشددة وتوجد فيها فجوات كبيرة، لكن بكل تأكيد ثمة مكان لمفاوضات، وللابتكار، ولمقترحات أخرى وللخِدع. والوضع الذي يحاول بيان الموساد وصفه وبموجبه أنه ليس هناك أحد يمكن التحدث معه، ليس صحيحا. والواقع معاكس. وإذا كان هنا من يرفض التحدث الآن، فهو الجانب الإسرائيلي”.
ونقل كسبيت عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن “حماس أجابت على جميع النقاط الست في الخطة، وقسم من الإجابات بإمكانها أن تكون أساسا لاتفاق، وقسم آخر متشدد ويحتاج إلى عمل كثير، لكنهم قدموا إجابات”.
وأضاف مسؤول إسرائيلي آخر أن “هذا البيان لا يعكس الواقع. توجد مفاوضات، وتوجد مداولات حول البنود، وحماس أجابت، وإسرائيل أوقفت الاتصالات أو على الأقل تصرح بذلك”.
وقالت المصادر التي تحدثت إلى كسبيت إن بيان الموساد لم يُنسق مع وزراء كابينيت الحرب ولا مع باقي الأذرع الأمنية، وأنه في الجيش الإسرائيلي وشعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك لا يشعرون بارتياح تجاه بيان الموساد.
وأشارت المصادر إلى أخطاء أخرى ارتكبها نتنياهو، بادعاء أن “السنوار استمد تشجيعا كبيرا من قرار نتنياهو قبل أسبوعين ونصف بشأن شهر رمضان، وبدا كأن تبنيه موقف بن غفير بفرض قيود على دخول عرب إسرائيل إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، يعرقل أيضا التقدم، إذا أمِل السنوار بأن نتنياهو وبن غفير يساعدانه على إشعال جبل الهيكل والمنطقة كلها. ومر أسبوعان إلى حين أصلح نتنياهو هذا الوضع”.
وأضافت المصادر أن “حقيقة أن نتنياهو يرفض أي حل يُقترح عليه يعزز حماس جدا، وينفذ الأميركيون والأوروبيون أي شيء من خلف ظهرنا، من إنزال الإمدادات وحتى الميناء البحري، والسنوار يدرك أن الوقت يعمل لصالحه في هذا السياق”.
وقال المسؤولون إن “بيان الموساد يقلب المعطيات، ويستعرض الوضع بشكل مضلل ولا يقول الحقيقة. وهذا كله يفعلونه قبل يوم من حلول رمضان، من أجل خلق ذريعة لعدم القيام بشسء واستمرار التوحل. والقول إن حماس رفضت الشروط ولا تريد صفقة، ليس صحيحا. إنها تريد صفقة، لكن بشروطها. ونحن نريد بشروطنا. وينبغي التحدث حول ذلك والجسر بين الفجوات. وما يحدث هنا هو أننا نحيا في كذبة”.
ووفقا لكسبيت، فإن موقف المسؤولين الذين تحدث إليهم يعبر عن مواقف أعضاء كابينيت الحرب، بيني غانتس وغادي آيزنكوت وأرييه درعي، وعن موقف وزير الأمن، يوآف غالانت، “بشكل جزئي”، وربما عن موقف الوزير رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، وأن موقف الشاباك أكثر تشددا، “لكن من الواضح للجهاز أن حماس لم تُجب بالنفي. وفي الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن ثمة مكان لاستمرار المفاوضات”.
ونقل كسبيت عن مصدر أمني رفيع قوله، إن “المشكلة هي أن الوقت يمر وبعد قليل لن تكون هناك جدوى من إجراء مفاوضات، لأنه لن يبقى هناك مخطوفين. ومن يتحدث عن انتصار مطلق ويتوحل في غزة، وفيما العالم كله يملي علينا الواقع بدل أن نبادر نحن له، عليه أن يدرك أنه لا يوجد انتصار بدون إعادة المخطوفين”.