خلدون الشيخ// العدالة تتحقق في كرة القدم!

كانت ليلة الخميس الماضي شافية للغليل، بل قادت الى وميض من الفرح بعد شهور من الأهوال في فلسطين الجريحة، والفرحة جاءت ليس من مكاتب السياسيين ولا من موائد المفاوضين بل من ملاعب كرة القدم.
ففي هذه الليلة انتصر المنتخب الفلسطيني على نظيره البنغلاديشي بخماسية نظيفة، ضمن التصفيات المشتركة لنهائيات كأس العالم 2026 ونهائيات كأس أمم آسيا 2027، بينها ثلاثية، أو «هاتريك»، لنجم هجوم «الفدائي» عدي الدباغ، المحترف في صفوف شارلروا البلجيكي، ليصبح الهداف التاريخي للمنتخب الفلسطيني برصيد 15 هدفاً متجاوزاً الهداف السابق فهد العتال (14)، المساعد الحالي للمدرب التونسي مكرم دبوب. وارتقى المنتخب الفلسطيني إلى المركز الثاني في المجموعة التاسعة خلف استراليا المتصدرة، ليكمل تألقه بعد بلوغه ثمن نهائي النسخة الماضية لكأس آسيا (قطر 2023) للمرة الأولى في تاريخه.
ولعب المنتخب الفلسطيني هذه المباراة على استاد «جابر الأحمد الدولي» في الكويت المعتمد ملعبا بيتيا لـ»الفدائي»، وبحضور جماهيري حاشد، عكس الدعم الهائل من أهل الكويت الكرام لأشقائهم الفلسطينيين، ليحتل «الفدائي» المركز الثاني (4 نقاط) في مجموعته، في منتصف الطريق، حيث استغل خسارة منافسه الرئيسي على وصافة المجموعة منتخب لبنان (نقطتان)، بثنائية نظيفة في سيدني أمام المنتخب الاسترالي (9 نقاط)، حيث يتاهل الأول والثاني الى الدور الثالث لتصفيات كأس العالم، وأيضا يضمنا التأهل الى نهائيات كأس آسيا. وفي حين يمتلك المنتخب الفلسطيني الذي حقق فوزه السادس تاريخياً على بنغلادش مقابل تعادل وحيد، فرصة لتجديد فوزه على المنتخب الجنوب آسيوي عندما يحل ضيفاً عليه في استاد «باشوندارا» في دكا ضمن الجولة الرابعة بعد غد الثلاثاء، فان اللقاء التالي أمام نظيره اللبناني في الجولة الخامسة في 6 يونيو/حزيران المقبل سيكون شبه حاسم لتأهله.
لكن الفرحة لم تكتمل في ليلة الخميس الماضي، الا عندما سقط الكيان الصهيوني، الذي خاض ملحق تصفيات كأس أمم أوروبا، 1-4 أمام أيسلندا، حيث كان يمني نفسه بالتأهل الى النهائيات للمرة الاولى في تاريخه، وربما كان يفترض أن يكون معاقباً بالايقاف بدل الحظي بفرصة التأهل. فأخيراً قرر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مطالبة الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) فرض عقوبات «فورية ومناسبة» على الأندية والمنتخبات الاسرائيلية «رداً على الانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الانسان التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين وخاصة في غزّة».
وقال الاتحاد في بيان نشره يوم الثلاثاء الماضي ان المقترح الذي أيدته ستة اتحادات أعضاء أرسله في 11 آذار/مارس الجاري، ليضعه الفيفا على جدول اعمال اجتماع جمعيته العمومية المقرّرة في بانكوك التايلندية في 17 ايار/مايو المقبل. وأشار الاتحاد الفلسطيني إلى «استشهاد ما لا يقل عن 99 لاعباً فلسطينياً منذ بدء الحرب في غزة في السابع من تشرين الاول/اكتوبر الماضي، وتدمير مرافق كرة قدم». ودعا الاتحاد الى «التصدي دون تأخير» لما وصفه بـ«الانتهاكات المستمرة لأنظمة الفيفا من الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم» متمثّلة «في إدراج فرق كرة القدم الموجودة في مستوطنات مقامة على أراض فلسطينية، ضمن الدوري الإسرائيلي، وهي الاراضي التي ينتمي لها اتحاد الكرة الفلسطيني». واعتبر الاتحاد أن ذلك «يُعدّ انتهاكاً للعديد من قوانين الفيفا، وأن هذا الدمج يعترف صراحة باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المقامة عليها تلك المستوطنات، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي والتزامات فيفا». وكان الاتحاد الفلسطيني أثار قضية أندية المستوطنات الاسرائيلية، أكثر من مرة. وجدّد في بيانه مرة اخرى «تأكيده على أن المفاوضات والاقتراحات والنهج المرن قد أثبتت عدم فعاليتها في معالجة هذه الانتهاكات».
وهذه ليست المرة الاولى التي يشكو في الاتحاد الفلسطيني الى الفيفا التجاوزات الاسرائيلية، فقبل 7 سنوات تقدم الاتحاد الفلسطيني بطعن أمام محكمة التحكيم الرياضية ضد قرار الفيفا المتعلق بحقوق الاتحاد المحلي في إدارة أنشطته الكروية على أراضيه. ويتعلق النزاع بستة أندية من مسابقات درجات الدوري الأدنى في الكيان الصهيوني تتخذ من مستوطنات في الضفة الغربية مقرا لها وتلعب مبارياتها هناك. ويقول الاتحاد الفلسطيني، إن هذا الأمر يتعارض مع قواعد الفيفا التي تحظر على أندية أحد الاتحادات الأعضاء خوض مباريات في أراضي اتحاد آخر بدون الحصول على تصريح. كما اشتكى الاتحاد الفلسطيني من وجود قيود مفروضة على حركة وتنقل اللاعبين بين الضفة الغربية وقطاع غزة وقيود على رحلات دولية. وفي طعنه أمام محكمة التحكيم الرياضية طالب الاتحاد الفلسطيني بإلغاء قرار الفيفا بعدم التصويت على اقتراحه، لكن في كل مرة تسقط الشكوى لسبب أو آخر، وأهمها ما تقوم به اللوبيات الصهيونية من محاولات للضغط على أصحاب القرار لمنع معاقبة الكيان بما يستحق، ولفك القيود على الرياضة الفلسطينية بشكل عام وعن كرة القدم الفلسطينية بشكل خاص.
ومثلما بات الجميع يتيقن من أن العدالة لفلسطين لا تجد من يتبناها في أروقة السياسيين، فان عزاءنا يكمن بالعدالة الكروية في أرض الملعب مثلما حدث في ليلة الخميس المباركة.