صحيفة بريطانية تغرد خارج السرب برسالة إلى “إسرائيل” حول حرب غزة

رغم أن صوت المعركة كان يجب أن يفرض نفاشا وطنيا شموليا، ولكن خطايا خطاب هنية لا يجب أن يمر مرورا هادئا كي لا يكون البعض عامل هدم سياسي في ظل مواجهة هي فخر وطني

حظيت إسرائيل في حربها على غزة، رداً على هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بدعم غربي غير مسبوق، ولكن ومع مرور الوقت بدأت أصوات إعلامية غربية تغرّد خارج السرب، وتطالب بوقف الحرب، حتى وإن اختلف ذلك مع التوجه الحكومي.

وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في مقالها الافتتاحي يوم الثلاثاء، إن التقارير الواردة من غزة المحاصرة أصبحت أكثر كآبة من أي وقت مضى، في حين تتكدس الجثث في شاحنات صغيرة كل يوم على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، ويتم انتشال الأطفال من تحت الأنقاض، كما سوّيت المناطق السكنية بالأرض، وقتل الآلاف وأُجبر نحو مليون شخص على ترك منازلهم.

ولفتت الصحيفة إلى النقص الشديد في الغذاء والمياه والوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه والمولدات، وانهارت الخدمات الأساسية، التي كانت سيئة حتى قبل أن تشن إسرائيل هجومها الانتقامي على غزة، في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وأضافت أن الأوضاع في غزة سوف تزداد سوءاً، فقد توغلت الدبابات الإسرائيلية في القطاع تحت غطاء قصف جوي عنيف ليلة الجمعة، حيث أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن “مرحلة جديدة وواسعة من الحرب قد بدأت”.

وبحسب الصحيفة، فإن “إسرائيل لديها شعور عميق بالضعف، ولديها الحق في الدفاع عن مواطنيها، والرد على هجوم الجماعة المسلحة، الذي أسفر عن قتل أكثر من 1400 شخص، مما يجعله الهجوم الأكثر دموية على الأراضي الإسرائيلية منذ تأسيس الدولة العبرية، كما احتجزت حماس أكثر من 230 شخصاً، بينهم مدنيون، كرهائن”.

وترى الصحيفة أن “العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على 2.3 مليون شخص محاصر في غزة، يجب أن يتوقف”، في وقت أسفر القصف الإسرائيلي حتى الآن عن مقتل أكثر من 8000 شخص، أغلبهم مدنيون ومن بينهم أكثر من 3000 طفل، وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.

يشار إلى أن عدد قتلى القصف الإسرائيلي في غزة، أعلى بكثير من إجمالي عدد القتلى في الحروب السابقة، التي خاضتها إسرائيل مع حماس، منذ سيطرة الحركة على غزة في عام 2007.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي إنه “لا يثق في العدد الذي يستخدمه الفلسطينيون للقتلى”. ولكن في الصراعات السابقة بين إسرائيل وحماس، عندما يتوقف القتال وتجري وكالات الأمم المتحدة إحصاءاتها الخاصة، لم يظهر أي تناقضات كبيرة مع تلك التي أعلنها مسؤولو الصحة في غزة.

بهذا الشأن، قالت الصحيفة: “بدلاً من المراوغة بشأن الأرقام، يجب أن ينصبّ تركيز بايدن على الضغط على إسرائيل لحماية المدنيين، واحترام قواعد الحرب. فحجم الدمار في القطاع واضح للجميع”.

وأعرب مسؤولون في الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء “الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي التي تحدث في غزة”، كما أن إسرائيل فرضت حصاراً على غزة، وأمرت نصف السكان بالتحرك جنوباً بعيداً عن شمال القطاع، وتتهم حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، بحسب الصحيفة.

وفي الآونة الأخيرة، أمرت إسرائيل بإخلاء المدارس والمستشفيات في الشمال، حيث لجأ عشرات الآلاف من الأشخاص إلى ملاذ آمن. ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه لا يزال هناك ما بين 300 ألف إلى 400 ألف شخص في الشمال – وهو محور الهجوم البري.

وفي الأثناء، لم تسمح إسرائيل بدخول المساعدات إلى غزة إلا بقدر ضئيل، فمنذ بدء الحرب إلى الآن، دخلت القطاع حوالي 131 شاحنة، مقارنة بـ 500 شاحنة كانت تدخل يومياً قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وعلى الجانب الآخر، يتصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، حيث قُتل أكثر من 100 فلسطيني، بعضهم على يد قوات الأمن والبعض الآخر على يد المستوطنين اليهود.

ومع تصاعد التوترات في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، يخشى الدبلوماسيون من احتمال اندلاع صراع أوسع نطاقاً.

وأكدت الصحيفة أنه حان الوقت لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. ومن شأن ذلك أن يخفف معاناة الفلسطينيين، ويهدئ التوترات الإقليمية. ويجب على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن.

وتضيف الصحيفة أنه “يتعين على حلفاء إسرائيل أن يضغطوا على حكومة نتانياهو للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، ورفع الحصار عنها. ويتعين عليهم أيضاً أن يوجهوا إسرائيل نحو خطة أكثر قبولاً لوقف التهديد الذي تفرضه حماس، خطة لا تدفع إسرائيل والمنطقة إلى الهاوية”.

وختمت الصحيفة، قائلة: إن “حماس وجهت لإسرائيل ضربة قاسية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). ويتعين على إسرائيل الآن أن تتجنب الوقوع في فخ تمكين المسلحين ــ الذين يعتبرون كل ضحية فلسطينية شهيداً لقضيتهم ــ من الاستفادة من ذلك”. مضيفة أنه “كلما تعاظمت معاناة المدنيين الفلسطينيين، زاد احتمال أن تفقد إسرائيل الدعم في الغرب، في حين تزيد من غضب العالمين العربي والإسلامي”.