
دُشن خط تل أبيب الرصاص علنا، وتحت غطاء المؤتمرات الدولية تتدفق مياه التطبيع القذرة، لتتحول السعودية الى محج لوزراء حكومة الاحتلال، اخرهم وزير الاتصالات شلومو كرعي، الذي وصل الاثنين الى الرياض بعد أيام من زيارة وزير السياحة حاييم كاتس.
وفي بلاد الحرمين، ونظام آل سعود، تبدو شهية المستوطنين مفتوحة على التاريخ، فها هو وزير الاتصالات شلومي كاعي يلتقط لنفسه مقطعا مصورا له خلال إقامته في الفندق وهو يؤدي طقوسا تلموديه، وعينيه ترنو الى حصون خيبر، لعلها تُعاد الى سيرتها الأولى، وهذا المستوطن مئير مصري ينشر صورة لمنازل قديمة يقول انه منزل أجداده وان جدته تحتفظ بالمفتاح ولن يتنازل عن حق العودة.
زيارات علنية لمسؤولين في حكومة الاحتلال للرياض، تقدم في مباحثات التطبيع، سيجر خلفه دولا عربية وإسلامية، والقيادة الفلسطينية تلتزم الصمت وكأن على رأسها الطير، لا تنبس بكلمة ولا تدين ولا تستنكر، والادهى من ذلك ان السلطة الفلسطينية التي جهزت وفدا وارسلته للرياض وفتحت نقاشا مع الرياض حول مباحثات التطبيع، وتتكتم على تلك المباحثات عن الشعب، يبدو انها تغيب كذلك اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن ذلك.
اللجنة التنفيذية التي من المفترض ان تكون هي صاحبة القرار السياسي باعتبارها أعلى سلطة سياسية، وان تكون على اطلاع بما يجري وصاحبة القرار، تغط في نوم عميق ولا تعلم من امر ما يجري شيئا، ليبقى لها الشعار فقط بأنها اعلى سلطة سياسية، ومتعة مشاهدة ما يجري، دون تكليف أعضائها لأنفسهم حتى بإصدار بيان باهت يدين او يستنكر.
والصمت المطبق يبدو أصبح عدوى أصيب بها الجميع خاصة إذا ما تعلق الأمر بالسعودية، ولذلك حاولت وطن استمزاج اراء الفصائل من التطبيع السعودي:
الديمقراطية: مباحثات السلطة والسعودية جرت من خلف ظهر منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية
من جهته قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير رمزي رباح ان الجبهة حذرت من مخطط التطبيع الذي يهدف الى تهميش القضية، لافتا ان نتنياهو قال ان التطبيع السعودي سيعني انتهاء النزاع العربي – الإسرائيلي.
وقال رباح ان التطبيع يكون على حساب الفلسطينيين، وانه جرى مطالبة السعوديين التمسك بمبادرة السلام العربية التي قدمت الرياض عام الـ 2002 والتي تحدد انه لا تطبيع ولا علاقات الا بعد انهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين، وطالبنا الرياض بعدم الرضوخ للمطالب الأمريكية فيما يتعلق بتحويل قضية حقوق الفلسطينيين الى حلول اقتصادية.
وعن غياب اللجنة التنفيذية عما يجري من مشاورات ومباحثات مع الرياض قال رباح انه تم الطلب بعقد اجتماع عاجل للجنة التنفيذية من اجل تحديد موقف واضح مما يجري، لكن لم يتم تحديد موعد حتى الآن.
وحول دور اللجنة التنفيذية وتغييبها، عزا رباح ذلك الى وجود تفرد في القرار السياسي وهو أمر مرفوض، لان اللجنة تعد المرجع الأساسي في القضايا الوطنية ولكن دورها معطل الان.
وقال ان المباحثات التي جرت بين السلطة والسعودية قد جرت من خلف ظهر اللجنة التنفيذية، ودون اطلاعها عليها.
حزب الشعب: تطبيع السعودية يشجع إسرائيل على مواصلة جرائمها
حزب الشعب أعرب عن رفضه مضي السعودية في مسار التطبيع، اذ أكد أمينه العام بسام الصالحي لوطن ان موقف الحزب هو رفض هذا المسار الذي تسير به السعودية، وهو لا يحظى بأي تفهم فلسطيني، لأنه يشجع “إسرائيل” على مواصلة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.
ودعا الصالحي السعوديين الى “عدم الوقوع في فخ التطبيع لأن “اسرائيل” تستغله من اجل التنصل تماما من حقوق الشعب الفلسطيني كما انه يمثل ازدراء من “إسرائيل” والولايات المتحدة لمبادرة السلام العربية التي استندت الى اولويات يقوم الاحتلال عليها على الاراضي الفلسطينية كأساس للعلاقة مع “اسرائيل” وهي مبادرة سعودية لذلك لا يمكن ان يحقق التطبيع اي مصلحة للشعب الفلسطيني”.
الشعبية: التطبيع السعودي طعنة للشعب وتقويض للقضية الفلسطينية
بدوره أكد عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية ماهر مزهر ان الجبهة تدين وترفض التطبيع بين الاحتلال والسعودية وهو يشكل طعنة للشعب الفلسطيني ويفتح شهية الاحتلال للاستيطان والتهويد والاستيلاء على القدس والمقدسات والحصار والقتل للشعب الفلسطيني، ويقدم هدية مجانية لنتنياهو وبن غفير وسموتريتش ويشجعهم على المزيد من العنصرية والفاشية.
وحول الصمت الفلسطيني المطبق إزاء التطبيع السعودي قال مزهر ان المطلوب هو مواجهة كل أشكال التطبيع واستنهاض طاقة كل الاتحادات والنقابات من اجل مواجهة المطبعين الذين يقدمون الهدايا المجانية للعدو.
وتابع مزهر ” نحن سنتصدى لكل أشكال التطبيع ونقدم كل ما نملك من اجل وقف هذا التطبيع، كما ان المطلوب من القيادة خطوة متقدمة تجاه مواجهة كل أشكال التطبيع مع الاحتلال ووقوفها في وجه كل من يحاول ذلك، لان التطبيع يهدف في النهاية الى تقويض القضية الفلسطينية”.
المبادرة الوطنية: يجب مقاطعة إسرائيل بدل التطبيع منها
من جانبه قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية ان “إسرائيل” يجب مقاطعتها بدلا من التطبيع معها.
وقال البرغوثي ” اسرائيل التي تمارس التمييز العنصري ضد الفلسطينيين والضم وتهويد المسجد الأقصى وتصعد جرائمها ضد، لذلك يجب ان يتم مقاطعتها وفرض العقوبات عليها، وليس ان تُطبع العلاقات معها”
وأضاف البرغوثي انه لا يجوز فلسطينيا القبول بالتطبيع السعودي او بأي شكل من أشكال التطبيع، ولا يجوز فلسطينيا التعاطي كذلك مع معطيات التطبيع”.
حماس: كل أشكال التطبيع مرفوضة ولا يجب منحه أي غطاء فلسطيني
بدوره قال رئيس مكتب العلاقات الوطنية لحركة حماس حسام بدران ان موقف حماس واضح وهو ” ان كل اشكال التطبيع مرفوضة ومضرة بالقضية الفلسطينية. بغض النظر عن الدولة التي تتحرك في مسار التطبيع”
وأضاف بدران “كل التجارب السابقة في التطبيع تؤكد ان الاحتلال هو المستفيد الوحيد من هذا الأمر، وهو يكسب شرعية لا يستحقها”، متابعا “اضافة الى الضرر الذي يصيب الفلسطينيين فان الدول المطبعة خسرت من هذه العلاقات على كل المستويات”.
وأضاف بدران ان “الموقف المهم في مسار التطبيع الذي يجري الحديث عنه حاليا هو ضرورة الإجماع الوطني الفلسطيني على رفضه وعدم التساوق معه وعدم القيام بأي خطوات يبدو من خلالها ان طرفا فلسطينيا يعطي شرعية او غطاء او قبولا لهذا التطبيع لان ذلك يعتبر مساهمة فلسطينية في خطوة معلومة النتائج والآثار السلبية على القضية الفلسطينية، ولذلك نحن ندعو كل المكونات الفلسطينية الى اعلان موقف واضح رافض للتطبيع جملة وتفصيلا”.
الجهاد الإسلامي: تطبيع النظام السعودي هو لنيل الرضا الإسرائيلي والأمريكي للمحافظة على العروش
من جانبها شددت حركة الجهاد الإسلامي على رفضها للتطبيع السعودي.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل ان الحركة ترفض كافة عمليات التطبيع التي تتم بين الكيان الصهيوني واي من الانظمة العربية خاصة تطبيع الاحتلال مع النظام السعودي، منوها الى انه من أخطر أشكال التطبيع؛ لان أرض الحجاز تمثل قداسة مطلقة للامة العربية والاسلامية.
وقال المدلل لوطن “ان هذا الاختراق الصهيوني للمجتمع السعودي يعد من أخطر القضايا التي تمر على الامة العربية والاسلامية لان الاحتلال بهذا التطبيع سيعمل على تحقيق أحلامه بإعادة إرث الآباء والأجداد في المدينة المنورة وغيرها من أرض الحجاز كما يتحدث كبار الصهاينة”.
وأكد المدلل “أن التطبيع لا يمكن أن يقدم أي خدمة كانت للقضايا العربية؛ وانما يقدم خدمة مجانية للاحتلال الصهيوني ويعطيه مزيدا من الشرعية لارتكاب جرائمه ضد مقدساتنا وشعبنا وارضنا”.
ولفت الى أن المبادرة العربية التي قدمتها السعودية كانت وهما حقيقيا، وهي كما قال عنها شارون آنذاك “لا تساوي الحبر الذي كتبت به”، والجهاد الإسلامي أعرب عن رفضه المطلق لها آنذاك، كونها تطلب من الفلسطينيين التنازل عن ارض فلسطين والقدس والاقصى.
وتابع المدلل ” أن التطبيع الذي يحاول ان يعقده النظام السعودي مع الاحتلال ويريد من خلاله ان يأخذ ورقة الرضا من الولايات المتحدة لكي تحمي عرشه، هو وصمة عار على جبين كل من يطبع مع الاحتلال لان الاحتلال وامريكا لن تستطيعان حماية عروش هؤلاء المطبعين”.
وطالب الشعوب العربية والاسلامية الانتفاض في وجه هذا التطبيع المذل الذي سيزيد من حالة الانهيار والتصدع الذي تعيشه أمتنا.
وحاولت وطن الحديث مع أكثر من قيادي في حركة فتح واعضاء في اللجنة المركزية للوقوف على موقف الحركة من التطبيع السعودي مع الاحتلال لكنهم رفضوا التعقيب على ذلك.