دولي

أول موظفة يهودية عيّنها بايدن تستقيل احتجاجا على “دعمه الإبادة الإسرائيلة في غزة”: النكبة والهولوكوست تعنيان الشيء نفسه

عادت ليلي غرينبيرغ كول، أول موظفة يهودية معينة سياسيا من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، تستقيل من إدارة الأخير احتجاجا على دعمه للحرب الإسرائيلية على غزة، للتأكيد على أن استقالتها، جاءت توافقا مع “قيمها اليهودية”.

وفي تغريدة على حسابها الجديد على “أكس”، الذي أنشأته خصيصا كما يبدو لقرار استقالتها، كتبت أمس، :”هويتي اليهودية هي أهم جزء من هويتي. وقد قادتني قيمي اليهودية و20 عامًا من التعليم اليهودي إلى قراري بالاستقالة من منصبي في إدارة بايدن. إن الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة تتعارض مع القيم اليهودية وتشكل وصمة عار على جبين أسلافنا”.

وفي تغريدة مماثلة نشرتها كتبت كذلك: “علمتني تقاليدي اليهودية أن كل حياة ثمينة. نحن ملزمون بالوقوف إلى جانب أولئك الذين يواجهون العنف والقمع، ومساءلة السلطة في مواجهة الظلم”.

وكانت ليلي غرينبيرغ كول، الموظفة في وزارة الداخلية كمساعدة لوزيرة الداخلية داب هالاند، وهي من الأمريكييين الأصليين (الهنود الحمر)، أعلنت استقالتها، أول أمس، تزامنا مع ذكرى النكبة، عبر رسالة نشرتها على حسابها على “أكس”. وقد حظيت الرسالة المرفقة بتغريدة بأكثر من مليون مشاهدة.

ذلك، فأنا على يقين من أن الرد على هذا ليس العقاب الجماعي لملايين الفلسطينيين الأبرياء من خلال التهجير، والمجاعة، والتطهير العرقي”.

وزادت في رسالتها “إن الهجوم الإسرائيلي المستمر ضد الفلسطينيين لا يحافظ على أمن الشعب اليهودي في إسرائيل ولا في الولايات المتحدة. ما تعلمته من تقاليدي اليهودية هو أن كل حياة ثمينة. وأننا ملزمون بالوقوف إلى جانب من يواجهون العنف والقمع، ومساءلة السلطة في مواجهة الظلم. وحتى وقت كتابة هذه السطور، قتلت إسرائيل أكثر من 35 ألف شخص في غزة، من بينهم 15 ألف طفل. لقد قصف الجيش الإسرائيلي البنية التحتية الطبية، وحاصر مستشفى، وترك وراءه مقابر جماعية، ودمر كل جامعة في غزة، واستهدف الصحافيين وعمال الإغاثة، وارتكب العديد والعديد من الفظائع التي لا يمكن تبريرها. هذه كلها انتهاكات للقانون الدولي. ولن يكون أي منها ممكنًا بدون الأسلحة الأمريكية، ولم يدن الرئيس بايدن أيًا منها”.

 

وشددت في رسالتها: “يتمتع الرئيس (بايدن) بسلطة الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، والتوقف عن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، وفرض شروط على المساعدات. ولم تستخدم الولايات المتحدة أي نفوذ تقريبًا طوال الأشهر الثمانية الماضية لمحاسبة إسرائيل؛ بل على العكس تماماً، فقد قمنا بتمكين وإضفاء الشرعية على تصرفات إسرائيل من خلال استخدام حق النقض ضد قرارات الأمم المتحدة التي تهدف إلى محاسبة إسرائيل. الرئيس بايدن ملطخ بدماء الأبرياء”.

وأكدت “لقد مكّنت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب والوضع الراهن للفصل العنصري والاحتلال. وهذا الوضع الراهن لا يحافظ على أمن الإسرائيليين، ولا اليهود في جميع أنحاء العالم. ومن المؤكد أنها لا تحمي الفلسطينيين، الذين لديهم الحق في الحرية والأمان وتقرير المصير والكرامة، تمامًا كما يفعل الشعب اليهودي، وكل شخص. وأي نظام يتطلب إخضاع مجموعة على أخرى ليس نظاما غير عادل فحسب، بل وغير آمن. فالسلامة اليهودية لا يمكن ولن تأتي على حساب الحرية الفلسطينية. إن جعل اليهود وجهًا لآلة الحرب الأمريكية يجعلنا أقل أمانًا. وما يبدو وكأنه نقص في الوعي في قيادة الإدارة بمدى أهمية هذه القضية بالنسبة للشعب الأمريكي هو أمر مدمر لكلا المجتمعين، وكارثي سياسيا”.

اليوم 15 مايو هو يوم النكبة الذي يؤرخ لتدمير المجتمع والوطن الفلسطيني عام 1948 وتهجير غالبية الشعب الفلسطيني من أجل تشكيل إسرائيل.. النكبة والهولوكوست، تعنيان الشيء نفسه: الكارثة. وأنا أرفض الافتراض القائل بأن خلاص شعب ما يجب أن يأتي على حساب تدمير شعب آخر

وأضافت :”اليوم 15 مايو/ أيار هو يوم النكبة الذي يؤرخ لتدمير المجتمع والوطن الفلسطيني عام 1948 وتهجير غالبية الشعب الفلسطيني من أجل تشكيل إسرائيل الحديثة اليوم. النكبة والمحرقة، الكلمة العبرية للهولوكوست، تعنيان الشيء نفسه: الكارثة. أنا أرفض الافتراض القائل بأن خلاص شعب ما يجب أن يأتي على حساب تدمير شعب آخر. أنا ملتزمة بإيجاد عالم لا يحدث فيه هذا، ولا يمكن القيام بذلك من داخل إدارة بايدن”.

وختمت ليلي غرينبيرغ كول رسالتها بالقول “إن خياري بالمغادرة ليس انعكاسًا لهذا المكتب أو الوزارة. لقد شعرت بدعم العديد من الأفراد هنا، لكنني لا أشعر بدعم سياسات وإجراءات هذه الإدارة. إنني أكن احترامًا كبيرًا لزملائي في الوزارة الذين قدموا الكثير من أنفسهم للقيام بالعمل الجيد المتمثل في الحفاظ على أراضينا العامة وتعزيز بلد الهنود الحمر، ومثلما يفعل العديد من الموظفين العموميين في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية. إنني أحثكم جميعا على اتخاذ موقف من أجل حياة الفلسطينيين. كل مستقبلنا يعتمد على هذا”.

ولهذه الرسالة والموقف الذي يؤكد على تعارض القيم اليهودية مع ما تقوم به إسرئيل دلالات كبيرة في مقابل السرديات والتبريرات الصهيونية، والتي تشمل هنا اليهود وغير اليهود، وبينهم بايدن نفسه، المسيحي الكاثوليكي، الذي صرح مرارا أنه يفتخر “أنه صهيوني”، وأنه “لوكانت إسرائيل غير موجودة لأوجدناها”!

وفي حوار مع قناة “بي بي سي نيوز” البريطانية، قالت ليلي غرينبيرغ كول إن “ما يجب تذكره أن القنابل الأمريكية تقتل الأبرياء الفلسطينيين في عزة، وحتى يتوقف ذلك فلا أعتقد أن الرئيس (بايدين) فعل ما يكفي”. ولدى سؤالها من مذيعة “بي بي سي” عن أي تأثير للرئيس بايدن على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أكدت ليلي غرينبيرغ كول أن “الولايات المتحدة لديها الكثير من الثقل والنفوذ، والرئيس بإمكانه الدعوة لوقف إطلاق نار دائم، وبإمكانه التوصل لاتفاق بشأن الرهائن، ووقف إرسال أسلحة لإسرائيل، وإرسال المساعدات بشروط.. أعتقد أنه يمكنه فعل ذلك غدا، إذا أراد فعلا ذلك

وجاءت استقالة ليلي غرينبيرغ كول، بعد أن أعلن الإثنين الماضي، هاريسون مان، الضابط اليهودي في وكالة استخبارات الدفاع (DIA) التابعة لوزارة الدفاع (بنتاغون)، استقالته من منصبه احتجاجا على دعم بلاده “غير المشروط” للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وكانت هالة هاريت، المتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأمريكية استقالت من منصبها في أبريل/ نيسان الماضي احتجاجا على سياسة إدارة الرئيس بايدن تجاه الحرب على غزة.

وقبل ذلك استقالت أنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية، في مارس/آذار، فضلا عن جوش باول، المدير السابق لمكتب الشؤون العسكرية السياسية بالوزارة، الذي أعلن أيضا استقالته من منصبه في 19 أكتوبر.

الإثنين الماضي، استقال هاريسون مان، الضابط اليهودي من وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، احتجاجا على دعم بلاده غير المشروط للحرب الإسرائيلية على غزة.

وفي 24 فبراير/ شباط الفائت، أقدم الجندي الأمريكي آرون بوشنيل على إحراق نفسه أمام سفارة تل أبيب بواشنطن وهو يقول إنه لن يكون شريكًا في جريمة الإبادة الجماعية.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 114 ألفا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.