فيليب لازاريني: على إسرائيل وقف حربها على أونروا والتحقيق بالهجمات ضد طواقمها في غزة والأراضي الفلسطينية

دعا المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إسرائيل لوقف حملتها ضد منظمته.

وفي مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، قال لازاريني إن “الحرب على غزة أنتجت تجاهلاً صارخاً لمهمة الأمم المتحدة، بما فيها الهجمات الشنيعة على موظفي ومنشآت وعمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”، و”يجب توقف هذه الهجمات، وعلى العالم تحميل الجناة المسؤولية ومحاسبتهم”.

لازاريني: الحرب على غزة أنتجت تجاهلاً صارخاً لمهمة الأمم المتحدة، بما فيها الهجمات الشنيعة على موظفي ومنشآت وعمليات الأونروا

وقال: “وأنا أكتب، تم التحقق من مقتل 192 موظفاً على الأقل في وكالتنا بغزة، وتم الإضرار وتدمير 172 منشأة تابعة لأونروا، وهدمت أيضاً المدارس التي تديرها أونروا، وقتل حوالي 450 نازحاً لجأوا إلى مدارس ومؤسسات أخرى لأونروا. ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية العاملين في أونروا بغزة، والذين زعم أنهم تعرضوا للتعذيب، وسوء المعاملة أثناء اعتقالهم في غزة، وداخل إسرائيل”.

وأضاف أن موظفي أونروا تعرضوا، وبشكل دائم، للتحرش والإهانة عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. واستخدم الجيش الإسرائيلي منشآت الوكالة لأغراض عسكرية، وكذا “حماس” والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى.

وأشار إلى أن أونروا ليست الوكالة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي تعرضت للمخاطر. ففي نيسان/أبريل، استهدفت عربات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي ويونيسيف بإطلاق النار، وربما بدون قصد، وحدث هذا رغم التنسيق مع القوات الإسرائيلية.

وقال لازاريني إن الهجوم على أونروا وصل إلى القدس الشرقية، حيث قام أعضاء في بلدية القدس بالتحريض ضد أونروا، وأصبح المتظاهرون خطيرين وحارقين متعمدين على الأقل ضد مجمع أونروا، فيما تجمعت حشود معظمها من المراهقين وهم يهتفون “لنحرق الأمم المتحدة”. ورمى المتظاهرون في تظاهرات أخرى الحجارة.

ويعلق لازاريني بأن “المسؤولين الإسرائيليين لا يهددون عمل فريقنا فقط، بل ويحاولون نزع الشرعية عن أونروا من خلال تصويرها بأنها منظمة إرهابية تعزّز التطرف ووصم قادة الأمم المتحدة بالإرهابيين الذين تعاونوا مع “حماس”. وبعمل هذا فقد خلقوا سابقة عبر استهداف روتيني لموظفي الأمم المتحدة ومبانيها”.

وتساءل المفوض: “كيف يمكن أن يحصل هذا؟ وأين هو الغضب من المجتمع الدولي؟ فغيابه هو رخصة لتجاهل الأمم المتحدة، وفتح المجال أمام الإفلات من العقاب والفوضى. ولو تسامحنا مع هذه الهجمات في سياق إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة، فلن يكون بإمكاننا التمسك بالمبادئ الإنسانية في نزاعات حول العالم. وسيؤدي الهجوم على الأمم المتحدة لمزيد من تراجع أدوات السلام لدينا والدفاع ضد اللاإنسانية حول العالم. ويجب ألا يسمح لها بأن تصبح أمراً عادياً”.

واعترف لازاريني بأن عداء إسرائيل لأونروا قديم، لكنه زاد بعد هجمات “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث أطلقت إسرائيل العنان لحملة ساوت فيها أونروا بـ “حماس”، واتهمتها بالترويج للتطرف.

لازاريني: موظفو أونروا تعرضوا، وبشكل دائم، للتحرش والإهانة عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية

وفي اتجاه جديد للحملة، أطلقت الحكومة الإسرائيلية اتهامات خطيرة بأن موظفي أونروا شاركوا في هجمات “حماس”. وأكد لازاريني أنه لا يوجد أي شك بالتحقيق في أفراد اتهموا بأعمال إجرامية، بما فيها هجمات مرفوضة ضد إسرائيل، والتحقيق هو ما تقوم به الأمم المتحدة. ويجب تحميل هؤلاء الأفراد المسؤولية عبر المحاكمة الجنائية، ومعاقبتهم لو تمت إدانتهم.

وقال إن مكتب خدمات الرقابة الداخلية، أهم دائرة تحقيق في الأمم المتحدة، يشرف على التحقيق. وينظر في مزاعم ضد 19 موظفاً من بين 13,000 موظف بأونروا. وتم تعليق عمل 4 موظفين نظراً لعدم كفاية الأدلة، وهناك 14 يخضعون للتحقيق. ودعا لازاريني للتفريق بين سلوك أفراد والتفويض الذي تتمتع به الوكالة لخدمة الفلسطينيين. و”من الظلم وغير النزاهة مهاجمة مهمة أونروا بناء على هذه الاتهامات”. وقال إنه، وبعيدا عن هذه الحالات، كانت هناك اتهامات أخرى “أعتقد أنها جعلت عمال الإغاثة الإنسانية بالأمم المتحدة وأصولها أهدافاً مشروعة، على الأقل في نظر البعض”.

ويعتقد أن هذه تضع عمال الأمم المتحدة عرضة للمخاطر في كل مكان، وعلى العالم التحرك بحزم ضد الهجمات غير الشرعية على الأمم المتحدة، ليس في غزة والفلسطينيين، ولكن في كل الدول. ورأى أن تبنّي مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، قرار 370 لحماية العاملين في الإغاثة الإنسانية تطورٌ مرحب به.

ورغم ما لدى المجتمع الدولي من طرق لمعالجة ارتكاب الجرائم الدولية، مثل “محكمة الجنايات الدولية”، إلا أن حجم ومدى الهجمات ضد طواقم ومنشآت الأمم المتحدة في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وخلال السبعة أشهر الماضية، يستحق، وبشكل عاجل، تشكيل جهاز تحقيقي مستقل إما عبر قرار من مجلس الأمن الدولي، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف التأكد من الحقائق وهوية الضالعين في الهجمات على موظفي ومنشآت الأمم المتحدة. ومن خلال جهاز التحقيق هذا، ستتم المحاسبة، والتأكيد مرة أخرى على حرمة القانون الدولي.

ودعا لازاريني، في نهاية مقاله، للدفاع عن مؤسسات الأمم المتحدة، والقيم التي تمثلها، وقبل تمزيق رمزي للميثاق الذي أنشأ الأمم المتحدة. ويمكن تحقيق هذا عبر تحرك مبدئي من كل دول العالم والتزامها بالسلام والعدل.