الأونروا تؤكد: “باقون في القدس الشرقية رغم التحديات

أوضح متحدث وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، جوناثان فاولر، أن المؤسسة ستبقى تؤدي عملها في مقريها بالقدس الشرقية المحتلة، رغم الاستهدافات الذي تتعرض لها من مسؤولين وناشطين إسرائيليين تشمل اعتداءات وإجراءات وتشريعات

يشار إلى أن آخر هذه الاستهدافات كان قرار السلطات الإسرائيلية في 30 أيار/مايو الماضي إخلاء مقر الأونروا الرئيس في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية خلال 30 يومًا؛ بزعم “عدم الحصول” على موافقة سلطة أراضي إسرائيل لبناء المقر على تلك الأرض.

وفي أول تعقيب رسمي من الأونروا، قال فاولر في مقابلة مع وكالة “الأناضول” بمقر الوكالة الأممية في حي الشيخ جراح: “بداية، أود التأكيد على أن القرار علمنا به عبر وسائل الإعلام، ولم نتلق من السلطات الإسرائيلية أي معلومات بشأنه”.

واستنكر فاولر الأسلوب الذي تتعامل به السلطات الإسرائيلية مع الأونروا، معتبرا أنه “هذه ليست الطريقة التي يُفترض أن تتم بها الأمور فيما يتعلق بالدبلوماسية الدولية واحترام كيانات الأمم المتحدة؛ لأن مقرنا يشبه المجمع الدبلوماسي”.

وأضاف: “نحن على علم بمهلة الـ30 يومًا، لكن لم يتم إبلاغنا رسميًا بذلك”.

“لن نذهب لأي مكان”.

وحول الادعاء الذي بررت به السلطات الإسرائيلية قرار إخلاء مقر الأونروا في الشيخ جراح، قال فاولر: “نحن واضحون تمامًا بشأن موقفنا؛ فالأونروا متواجدة في هذا المقر ومقر آخر بالقدس الشرقية منذ بداية خمسينات القرن الماضي”.

وأوضح: “بموجب عقد إيجار طويل الأمد، قمنا باستئجار المقرين من السلطات الأردنية” التي كانت تتمتع بالوصاية على القدس في ذلك الوقت.

وتابع: “من الواضح أن هناك تغيرات طرأت على البيئة السياسية هنا بعد حرب عام 1967، لكن موقفنا يبقى دون تغيير”، مشددًا على أنه “لدينا الحق الكامل في أن نكون حيث نحن، نحن لن نذهب إلى أي مكان، والوضع القانوني لم يتغير بالنسبة لنا، وفي الواقع نحن نتمركز هنا في أرض محتلة بموجب القانون الدولي”.

إلى ذلك، وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الأونروا تنوي الطعن قضائيًا على القرار، أوضح فاولر أن منظمته “ليست جزءًا من نظام المحاكم” في إسرائيل، لكنه لفت إلى أنه “وفق الاتفاقيات الدبلوماسية التي تنطبق على كيانات الأمم المتحدة (مثل الأونروا)، فإنه عندما تكون موجودًا في مكان ما، فإنك تتمتع بامتيازات دبلوماسية معينة ويتم الحفاظ عليها”.

“بصق وحرق ورشق بالحجارة”

في هذا الصدد، كشف فاولر النقاب عن اعتداءات واسعة شنها إسرائيليون متطرفون ضد مقر الوكالة بحي الشيخ جراح وموظفيها.

وقال: “كانوا يبصقون (علينا)، وأطفالهم يرشقون سياراتنا بالحجارة، حتى وصل الأمر إلى حد الحرق، وهو ما أدانه المفوض العام للأونروا (فيليب لازاريني) بشكل علني”.

وأضاف: “لكن لسوء الحظ، رد نائب رئيس بلدية القدس على الفور (أرييه كينغ) بمنشور على منصة إكس قال فيه: توقعوا المزيد من نفس الأشخاص، وردد تصريحات مثل: سوف نعود ونستعيد مقركم الخاص، وسنفعل أشياء (سنعتدي) بمركز تدريب الوكالة في بلدة قلنديا (شمال القدس)”.

وتابع: “لهذا السبب نرى أن ما نتعرض له هو جزء من نمط أوسع، والهدف هو التخلص منا”.

واستطرد مشددًا: “كما أكدت مرارًا وتكرارًا، نحن هنا في القدس الشرقية، ولن نذهب إلى أي مكان آخر”.

ولفت فاولر إلى أن الاستهداف الإسرائيلي للأونروا “يأتي ضمن نمط عام يسير على نحو أفظع”، مبينًا أن “أسوأ مثال” على ذلك هو “استهداف منشآتنا في قطاع غزة، وقتل موظفينا هناك”.

واعتبر أن “الاستخفاف بموظفي الأمم المتحدة ومرافقها هو أسوأ مثال يمكن أن نراه في الوقت الراهن”.

“الاستهداف ممتد للضفة”

وعن الاستهداف الإسرائيلي للأونروا بالضفة الغربية المحتلة، قال فاولر: “موظفونا باتوا غير قادرين على التحرك بحرية وبشكل معقول للقيام بعملهم، كما لم يعودوا قادرين على القدوم إلى مكتبنا بالقدس الشرقية لأنهم لا يستطيعون الحصول على تصاريح”.

وأضاف: “نحن تقريبًا في وضع يشبه وضع فترة الحجر الصحي إبان فيروس كورونا؛ حيث لا يتمكن المعلمون (التابعون للوكالة) من الذهاب إلى العمل، ويتم ترهيب موظفينا عند نقاط التفتيش، ولا يتم احترام حقنا في التحرك بحرية في جميع أنحاء الضفة بمركبات الأمم المتحدة”.

وأشار المسؤول الأممي في هذا السياق إلى أنه “شخصيًا” تعرض للاستهداف من قبل السلطات الإسرائيلية في الضفة المحتلة.

وقال موضحًا: “تم إعادتي عند حاجز (للجيش الإسرائيلي) في مدينة نابلس (شمال الضفة) حيث لم يكن من حقهم إعادتنا”.

كما وتطرق فاولر إلى اعتماد الكنيست بقراءة تمهيدية، مؤخرًا، مشروع قانون يحرم الأونروا من امتيازاتها ويعاملها كمنظمة “إرهابية”.

وقال: “نرى هذه الجهود لطردنا من القدس الشرقية ولتصنيفنا كمنظمة إرهابية، ونسمع الكثير من الخطابات (المعادية)، لا سيما من بعض السياسيين على المستوى الوطني بالمؤسسة الإسرائيلية، وعلى مستوى البلديات أيضًا”.

وعن التشريع الذي يبحثه الكنيست لحرمان الأونروا من امتيازاتها، أفاد: “نتابع بالطبع الإجراءات الخطيرة للغاية التي يتم اتخاذها، لكننا نعلم أن التدابير المتخذة في البرلمانات عادةً ما تكون نتاج مبادرات من جانب أفراد، وحتى لو مرت بالقراءة الأولى فإن عليها أن تمر بمزيد من القراءات” حتى تصبح قانونًا.

“فشل المجتمع الدولي”

لكن فاولر عاد وأكد أن هذا جزء من نمط عام وحملة شاملة من جانب إسرائيل لتفكيك الأونروا.

وذكر أن الوكالة ما زالت تواصل عملها لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين منذ تأسيسها قبل أكثر من 70 عامًا “ليس لأننا نريد أن نبقى هنا، وأن نواصل القيام بما نقوم به، لكن لأن لدينا عملاً يجب القيام به، وتم تكليفنا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بمواصلة عملنا حتى يحين الوقت الذي يتوفر فيه حل عادل ودائم لأزمة اللاجئين الفلسطينيين”.

واختتم فاولر حديثه قائلاً: “وجودنا هنا ليس اختيارنا بل لأن المجتمع الدولي فشل سياسيًا في إيجاد حل لأزمة اللاجئين التي طال أمدها”.

يذكر أن الأونروا تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسورية، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.