“شمال الضفة: صمود الشعب ومقاومة الاحتلال رغم التصعيد”

لؤي صوالحه – شبكة المسار الإخباري

الجمعة، 6 سبتمبر 2024

شهدت منطقة شمال الضفة الغربية يوم الجمعة، 6 سبتمبر 2024، تصعيدًا عسكريًا واسع النطاق من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في حملة شرسة استهدفت المخيمات والمدن الفلسطينية، وأسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وزيادة في التوترات الميدانية في الضفة الغربية.

وفي طولكرم، استشهد ثلاثة فلسطينيين خلال اقتحام نفذته قوات الاحتلال على المخيم، حيث تعرضت البنية التحتية لتدمير واسع شمل تجريف الطرق وتدمير شبكات المياه والكهرباء. في خضم هذا العدوان، فرض الاحتلال حصارًا مشددًا على المخيم من خلال إقامة سواتر ترابية في الأزقة، ما أعاق وصول سيارات الإسعاف وعرقل عمليات الإغاثة الطارئة، مما أدى إلى تعميق المعاناة الإنسانية للسكان المحاصرين. هذه الهجمات تأتي في إطار سياسة منهجية تهدف إلى إضعاف قدرة السكان على الصمود والبقاء في أراضيهم، عبر استهداف البنية التحتية الحيوية التي يعتمدون عليها.

 

أما في جنين، التي تعد رمزًا للمقاومة الفلسطينية، فقد ارتفع عدد الشهداء إلى 22 شابًا، إضافة إلى عشرات المصابين، نتيجة لاستخدام قوات الاحتلال الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك الطائرات المسيرة. شهد مخيم جنين، المعروف بصموده ومقاومته الشرسة، مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال ومجموعات المقاومة التي تصدت للاقتحام. وعلى الرغم من كثافة النيران واستخدام القصف المدفعي والجوي، تواصلت اشتباكات المقاومة التي تستميت في الدفاع عن المخيم وأهله. هذه التطورات تعكس الدور المحوري لجينين في المعادلة الوطنية، حيث أصبحت أيقونة للصمود والثورة في وجه المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

وفي طوباس، التي تحظى بموقع استراتيجي حيوي بين الأغوار، كثفت قوات الاحتلال من عمليات الاقتحام، مستهدفة المنازل والممتلكات بشكل ممنهج، مما أدى إلى إصابة عدد من السكان واعتقال العشرات. الاحتلال يسعى بشكل متزايد إلى تهجير سكان طوباس من خلال الضغط العسكري ومحاولات مصادرة أراضيهم، ضمن مخطط توسعي يهدف إلى تعزيز سيطرته على الأغوار وتوسيع المستوطنات غير الشرعية. هذه الاعتداءات تأتي في إطار خطة بعيدة المدى لإعادة رسم الخارطة الديمغرافية للضفة الغربية بما يخدم مصالح الاحتلال.

التقارير الواردة تشير إلى استشهاد 40 فلسطينيًا خلال هذا اليوم فقط في مناطق شمال الضفة الغربية، حيث تواصل قوات الاحتلال عملياتها العسكرية في عدة مخيمات وقرى فلسطينية. عمليات القصف والاقتحام لم تتوقف، كما شهدت عدة قرى أخرى حملات اعتقال جماعي استهدفت الشبان والفتيان، في محاولة لإخماد أي حركة مقاومة شعبية. إلى جانب ذلك، تفاقم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية نتيجة للقصف الإسرائيلي، مع تزايد تدمير المنازل والمرافق العامة، مما زاد من معاناة الفلسطينيين المحاصرين في مدنهم وقراهم.

الحياة اليومية في طولكرم تحولت إلى جحيم لا يُطاق بعد التجريف الشامل الذي طال المخيم وأدى إلى شلل كامل في الحركة، وسط نقص حاد في الخدمات الأساسية. مشاهد الدمار في طولكرم ليست إلا جزءًا من الصورة الأكبر التي ترسمها الانتهاكات الإسرائيلية في جنين وطوباس، حيث يتعرض السكان يوميًا لقصف متواصل واقتحامات متكررة، تحت غطاء دولي صامت يمنح الاحتلال الحصانة لمواصلة جرائمه.

الأحداث التي شهدها شمال الضفة الغربيةفي 6 سبتمبر 2024، تعد تصعيدًا غير مسبوق في وتيرة العدوان الإسرائيلي، حيث يعكس هذا العنف الممنهج رغبة الاحتلال في فرض واقع جديد على الأرض من خلال استخدام القوة المفرطة والترويع الجماعي. هذه الهجمات المتزايدة تؤكد أن الاحتلال مستمر في تنفيذ سياساته التوسعية التي تهدف إلى ترسيخ السيطرة على الأرض، مع تجاهل تام للحقوق الفلسطينية وللقانون الدولي.

ورغم هذا الدمار الشامل، تظل المقاومة الفلسطينية ثابتة وصامدة، تسعى إلى حماية حقوقها وأرضها في وجه واحدة من أكثر الآلات العسكرية تطورًا في العالم.