رسالة من “دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية” الى أحزاب العالم حول جرائم المستوطنين

لهذه الأسباب.. ندعو إلى تسليح الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية في مواجهة ارهاب المستوطنين

لا يمكن النظر الى العمليات الإرهابية التي يرتكبها المستوطنون اليهود في الضفة الغربية بحماية جيش الاحتلال بأنها ردة فعل على عملية “طوفان الأقصى”، بل ان احد أسباب هذه العملية هو ما كان وما زال يرتكبه جيش الاحتلال والمستوطنون من ممارسات ضد الأرض والشعب الفلسطيني في الضفة، وآخرها العدوان المتكرر الذي تتعرض له المدن والمخيمات الفلسطينية. وفي هذا الاطار، يمكن ايراد عشرات الجرائم التي ارتكبت في مرحلة ما قبل تاريخ 7 أكتوبر، منها احراق بلدة حوارة في محافظة نابلس شمال الضفة (شباط 2023)، خطف الفتى محمد أبو خضير من حي شعفاط بالقدس عام 2014 على أيدي مستوطنين وأحراقه وهو على قيد الحياة، اقدام مجموعة من المستوطنين على احراق منزل عائلة دوابشة في قرية دوما في نابلس واستشهاد رضيع (18 شهرا) إضافة الى عشرات الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص مستوطنين في منازلهم وحقولهم وفي الطرقات او في المدارس والأماكن العامة..

الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الغربية ادانوا جرائم المستوطنين. منهم من وصف عملياتهم الاجرامية بأنها مروعة ونتيجة مباشرة لسياسة الاستيطان ولتكرار حالات الإفلات من العقاب، وآخرون طالبوا الحكومة الإسرائيلية بوقف هذه الأعمال غير المقبولة فورا، فيما بعضهم قال ان هجمات المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين يجب أن تتوقف.. وعشرات المواقف والتصريحات التي لا أوقفت جرائم ولا حدت من فاشيتها ونازيتها، بل ان بعض العصابات الصهيونية زادت من تحديها للمواقف الغربية بتوسيع دائرة اجرامها وعملياتها الاستيطانية..

النتيجة على الارض ان المستوطنين يزدادون شراسة وفاشية، وقياداتهم تتوسع في التضييق على الفلسطينيين أصحاب الأرض سواء عبر “قوانين” من قبل هيئات إسرائيلية لا سلطة قانونية لها بالأساس على التعاطي مع شعب آخر وأراض فلسطينية محتلة، او بقرارات عسكرية وإدارية من الجيش واجهزته المختلفة، او باجراءات ميدانية تعمل على فرض واقع احتلالي واستيطاني جديد من خلال تشريع عمليات نهب الأراضي او التوسع في منح المستوطنين اذونات للسماح في البناء في الضفة مقابل التضييق على البناء الفلسطيني وهدم المبني منها بذريغة انها غير قانونية.

وفيما يواصل جيش الاحتلال ارتكاب جرائم الإبادة ضد المدنيين في قطاع غزه منذ اكثر من عشرة اشهر، تتواصل عمليات الإبادة السياسية في الضفة الغربية لجهة فرض مخطط الضم والحسم من قبل هيئات رسمية ومؤسسات استيطانية تعمل وفق اجندتها الخاصة، غير آبهة بالمواقف الدولية المنددة. فمنذ 7 أكتوبر على سبيل المثال، سجلت مؤسسات فلسطينية ودولية ارتكاب اكثر من 300 اعتداء ضد فلسطينيين على يد مستوطنين توزعت ما بين اطلاق نار ودهس واحراق منازل وحقول واقتحامات لمدن ومخيمات وتجمعات نائية واقتلاع أشجار وقطع طرق.. اضافة الى عمليات جيش الاحتلال بالقصف والاقتحامات والتمدير والاعتقال..

هدف هذه الممارسات لم يعد سرا، بل ان عشرات المسؤولين الاسرائيلين ومنهم وزراء ومسؤولي اجهزة امنية وعسكرية يجاهرون بإعلان مسؤوليتهم عن تلك الجرائم وأهدافها التي تتلخص في تهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين، وما خطة سموترتيتش الأخيرة بتوسيع نطاق وصلاحيات السيطرة الأمنية والعسكرية والمدنية للجيش ومؤسساته الا احد النماذج عن عشرات الخطط التي يشرف على تنفيذها مسؤولون كبار في الحكومة والجيش الإسرائيلي.

فوزير المالية الإسرائيلي سموتريتش يتحدث عن خطة واضحة لمنع قيام دولة فلسطينية من خلال العمل على زيادة اعداد المستوطنات اليهودية والمستوطنين في الضفة. ووزير الأمن بن غفير يدعو الى إطلاق العنان لإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية وشن عملية عسكرية واسعة يتم خلالها القضاء على آلاف الفلسطينيين. بينما الحكومة الإسرائيلية تحاول ان تصور للعالم انها تطبق القانون في الضفة الغربية، عبر انتقاد رئيسها لما يقوم به المستوطنون من جرائم ضد الفلسطينيين..

مواقف نتن ياهو لا تغير من حقيقة ان حكومة اليمين الفاشي والعنصري في اسرائيل بجميع مكوناتها هي من تشرف على عملية تسليح المستوطنين، سواء عبر وزراء في الحكومة ومؤسسات استيطانية او من خلال جيش الاحتلال نفسه ومؤسسات امنية. وقد اعترف بن غفير اكثر من مرة انه قام من خلال وزارته بتسليح 100 ألف مستوطن وان هناك 300 ألف طلب على طاولة الوزارة، مضافا اليها نحو 165 الف قطعة سلاح كانت قد وزعت على المستوطنين قبل عملية طوفان الاقصى، ما يؤكد بأن جرائم إسرائيل، بجيشها ومستوطنيها، ليست معزولة عن المخطط الذي تسعى إسرائيل الى فرضه في الضفة الغربية وهو مخطط الضم، غير آبهة بالادانات والمناشدات والمواقف الدولية والاممية الرافضة لممارسات إسرائيل في الضفة.

ما تقدمه وسائل الاعلام وتقارير السفارات الغربية عن اتساع حدة جرائم المستوطنين لا تعبر سوى عن جزء بسيط من واقع ان كل المدن والمخيمات والتجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية عرضة بشكل يومي لعدوان المستوطنين وجرائمهم، التي تترافق مع عدوان متكرر ينفذه جيش الاحتلال في العديد من المدن والمخيمات، ما يشير الى ان هناك شراكة فعليه وتوزيع في الأدوار ما بين الجيش ومنظمات الاستيطان التي تنشط بشكل غير طبيعي في الضفة، وهي مدججة باحدث أنواع الأسلحة وبعقيدة استئصالية وفاشية لا تؤمن سوى بالقتل والإرهاب وسيلة لتحقيق مخططاتها، في تكرار لتجربة العام 1948، عنما ارتكبت العصابات اليهودية عشرات المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين، وكانت النتيجة تهجير ما يزيد عن ثلاثة ارباع المليون فلسطيني ما زالوا لاجئين في الدول العربية المجاورة وداخل فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزه.

الشعب الفلسطيني ينظر الى مواقف بعض الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة، التي تعتبر جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين مجرد عنف باعتبارها شريكة في الجريمة وتمارس النفاق السياسي، في مقارنة مع مواقفها من المقاومة الفلسطينية ومن عملية طوفان الأقصى التي جاءت كرد فعل طبيعي ومطلوب على اجرام وإرهاب إسرائيلي متعدد الاشكال تراكم على امتداد العقود الماضية. فهي تتجاهل حقيقة أن الإستيطان والإحتلال هما أرقى أشكال الإرهاب حسب القوانين الدولية، وان فرض عقوبات فردية على عدد بسيط من المستوطنين، ليس سوى تشجيع لدولة الإحتلال ولقادة ومنظمات المستوطنين وميليشياتهم على الإستمرار في ارتكاب جرائمهم، فكل الإستيطان غير شرعي وإرهاب وكذلك الاحتلال الذي يرعى ويشجع ويشرعن سرقة الأرض الفلسطينية.

لكل ما سبق، دعونا في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى تسليح الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وتشكيل لجان الدفاع عن المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية لمواجهة عصابات المستوطنين واقتحامات جيش الاحتلال، لتكون الدرع الواقي الى جانب الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية وكي يدافعا معا عن الأرض والكرامة الوطنية، ورفع كلفة الوجود الإسرائيلي الاحتلالي والاستعماري للأرض الفلسطينية، وإطلاق رسالة إلى المجتمع الدولي، أن شعبنا سئم النداءات والشكاوى والمواقف التي لا صدى لها، وسيأخذ قضيته بيده، مهما كان الثمن ومهما تطلب ذلك من تضحيات، وكي يفهم الاحتلال جيداً أن أرضنا لن تكون مستباحةً، وأن كل شبر منها سيكلف الاحتلال غالياً.

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

– دائرة العلاقات الخارجية –

09 أيلول 2024