“تقرير”أمراء الحرب الجدد في الضفة: المستوطن يعقوب فيلانت يقود حملة عنف بلا محاسبة

في تقرير مثير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، تم الكشف عن ظاهرة جديدة تشهدها الضفة الغربية المحتلة، حيث لم يعد العنف الممارس ضد الفلسطينيين يقتصر على قوات الاحتلال الرسمية، بل انضم إليه مستوطنون مسلحون يعرفون باسم “أمراء الحرب”، الذين يحكمون مناطق بأكملها ويخضعون السكان الفلسطينيين لعنف منهجي.

أحد أبرز هؤلاء “أمراء الحرب” هو يعقوب فيلانت، الذي وصفته الصحيفة بأنه يقود حملة عنف وترهيب ضد الفلسطينيين في منطقة وادي سلمان ومحيط مستوطنة “يتسهار” جنوب نابلس. ورغم أنه يحمل صفة رسمية كمنسق أمني (رافشاتز) في مستوطنة “يتسهار”، إلا أن فيلانت يتصرف بسلطات تفوق دوره الأمني، حيث نصّب نفسه قائدًا فعليًا على كامل المنطقة، متجاوزًا حدود القانون وبتواطؤ من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

### مستوطنون بديلاً للجيش

وفقًا للتقرير، فقد تمكن فيلانت من تحويل منطقة وادي سلمان إلى ما يشبه منطقة عسكرية خاصة به، حيث ينشر نقاط تفتيش عشوائية ويقود هجمات على الفلسطينيين بمشاركة مجموعات مسلحة من المستوطنين. هذه الميليشيات المستوطِنة تعمل كقوات موازية للجيش الإسرائيلي، وأحيانًا تحت حمايته، في ممارسة العنف والترهيب ضد الفلسطينيين لإجبارهم على ترك أراضيهم ومنازلهم.

ورغم العقوبات الأمريكية التي فرضت على فيلانت في 28 أغسطس الماضي، والتي تشمل إدراجه على “القائمة السوداء” ومنعه من تلقي أي أموال من مصادر أمريكية، إلا أن حملته العنيفة ضد الفلسطينيين لم تتوقف. فقبل أسبوع واحد فقط من نشر التقرير، هاجمت مجموعات مسلحة تابعة لفيلانت مدرسة في بلدة بورين بالغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى إصابة أطفال كانوا يلعبون في ساحة المدرسة، وفق ما نقلته الصحيفة عن غسان نجار، رئيس إحدى التعاونيات الزراعية في البلدة.

### سلطة بلا حدود

في حادثة أخرى جرت في شهر مارس الماضي، تعرضت عائلة فلسطينية لهجوم عنيف من مستوطنين يتبعون فيلانت أثناء عودتهم من التسوق لرمضان. المستوطنون المسلحون هشموا نوافذ السيارة بالفؤوس ورشوا الفلفل الحارق على أفراد العائلة، فيما قام فيلانت بإطلاق النار على السيارة أثناء محاولتها الفرار. هذه الحوادث أصبحت جزءًا من حياة الفلسطينيين اليومية في تلك المنطقة، حيث يتصرف المستوطنون وكأنهم فوق القانون، متجاوزين حتى دور الجيش الإسرائيلي في بعض الأحيان.

### “جيش يعقوب”: القوة المتصاعدة

التقرير أشار إلى أن فيلانت لم يتوقف عند ممارسة العنف الشخصي فقط، بل أنشأ ما يشبه الميليشيا الخاصة به تحت اسم “جيش يعقوب”، مجندًا المستوطنين الشباب لتعزيز سيطرته. هذا “الجيش” يقوم بمهام شبيهة بتلك التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، مثل إقامة نقاط التفتيش ومهاجمة القرى الفلسطينية بانتظام. وقد أشار التقرير إلى أن مدرسة “يشيفا” الدينية في مستوطنة “يتسهار”، التي تعتبر مركزًا لتدريس النزعة العسكرية اليهودية، كانت قاعدة لهجمات المستوطنين على الفلسطينيين، حيث أغلقت عام 2014 بسبب هذا النشاط.

### تواطؤ الجيش الإسرائيلي

تُظهر الحوادث التي ذكرها التقرير أن الجيش الإسرائيلي لا يتدخل لوقف المستوطنين بل يتواطأ معهم، كما حدث في بورين عندما جاء الجنود بعد وقوع هجمات المستوطنين، ليطلقوا الرصاص المطاطي وقنابل الغاز على الفلسطينيين بدلاً من إبعاد المستوطنين. وفي بعض الحالات، كما في حالة يعقوب فيلانت، يصبح المستوطن هو السلطة الوحيدة في المنطقة، حيث يعترف القرويون الفلسطينيون بأنهم أصبحوا تحت حكمه المباشر، وأنه يتصرف وكأنه الجيش والشرطة والشاباك في آن واحد.

### هل تُغيّر العقوبات الأمريكية شيئًا؟

رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على فيلانت وجماعته، فإن التقرير أشار إلى أن تأثير هذه العقوبات على الأرض يبدو محدودًا. القرويون الفلسطينيون، مثل غسان نجار، عبروا عن شكوكهم في قدرة هذه العقوبات على إحداث أي تغيير ملموس في حياتهم اليومية. “لا أريد معاقبة يعقوب فقط، بل أريد من الأمريكيين الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الانتهاكات”، قال نجار، مشيرًا إلى أن فيلانت ليس سوى أحد المستوطنين الكثر الذين يمارسون العنف دون محاسبة.

### نظام مزدوج

التقرير سلط الضوء أيضًا على أن النظام القضائي في الضفة الغربية المحتلة يعاني من ازدواجية تامة. الفلسطينيون يخضعون لقوانين الطوارئ العسكرية، بينما المستوطنون الإسرائيليون يخضعون للقوانين المدنية الإسرائيلية. هذه الفجوة القانونية تساهم في إفلات المستوطنين من العقاب، حتى عندما يكونون متورطين في جرائم عنف ضد الفلسطينيين.

### الخلاصة

في ختام التقرير، خلصت “الغارديان” إلى أن ظاهرة “أمراء الحرب” مثل يعقوب فيلانت هي مؤشر خطير على تحول المستوطنين إلى قوة ذات سلطة تتجاوز حتى الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق، مما يزيد من تعقيد الصراع ويضع الفلسطينيين في موقف ضعيف لا يملكون فيه سوى انتظار تحرك المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل ومحاسبة المستوطنين عن جرائمهم.