الاحتلال يواصل حصار جباليا لليوم السادس.. قصف عنيف وأوضاع إنسانية خطيرة

المسار الاخباري: تزداد الأوضاع الإنسانية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة خطورةً مع مرور الوقت، حيث يفرض جيش الاحتلال حصاره الخانق على المخيم والطرق المؤدية إليه منذ 6 أيام، وسط قصفٍ عنيف يستهدف المواطنين أينما تواجدوا، ومنع لإدخال إمدادات الغذاء والدواء والمياه عنهم؛ وقد عانوا طوال عام من عمر الحرب من التجويع.

وأكد المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل، أنّ جيش الاحتلال يرتكب منذ مطلع الأسبوع الجاري مجازر بحق المدنيين في مناطق شمال قطاع غزة، محذراً من خطورة الأوضاع الإنسانية جراء الحصار المفروض عليها.

وقال بصل  إنّ محافظة الشمال تشهد عدوانًا عنيفًا يستهدف البنية التحتية والطرقات وما تبقى من منازل المواطنين، فضلًا عن عزل المناطق عن بعضها.

يترافق ذلك مع حملة تجويع ممنهجة ومنظمة، تمثلت بمنع إدخال إمدادات الطعام والدواء والمياه والوقود، واستهداف مخبز “الشلفوح” الآلي، أحد أكبر مخابز الشمال أدى لاندلاع حريق كبير فيه استمر لساعات والتهم مخازن الدقيق، وفق ما أورده بصل.

وبعد استهداف المخبز، منعت الطائرات المُسيرة التي تطلق الرصاص الحيّ على المتحركين بالمنطقة المستهدفة عمليات الإطفاء أيضًا، استنادًا لإفادات صحفية وشهود عيان.

وأضاف المتحدث باسم “الدفاع المدني أنّ يواصل سياسته في تدمير القطاع الصحي، إذ يُحاصر منذ مطلع الأسبوع المستشفيات الثلاثة المتبقية في شمال القطاع (كمال عدوان، والعودة والأندونيسي) وسط أوامر بالإخلاء.

ووصف ما يجري في مخيم جباليا بـ “الكارثة”، فالاحتلال يُجبر النازحين على الخروج من المدارس التي لجأوا إليها، بموازاة استهدافه للمنازل فوق رؤوس ساكنيها، ما يعني أنه يتعمد ارتكاب جرائم إبادة، وترهيب الناس لإجبارهم على الهجرة القسرية.

وفي إفادات عديدة لسكان محافظة غزة وشمالها، أكدوا أنّ الاحتلال سبق العملية العسكرية في جباليا بفرض حصار تمثّل بمنع إدخال الخضروات والمستلزمات الغذائية والإغاثية التي كانت تدخل بشكل ضئيل للمؤسسات الخيرية والأمم المتحدة والتجار؛ ما فاقم معاناتهم وجعلهم فريسة لسياسة التجويع التي عانوا منها على مدار عام، وأدت لاستشهاد نحو 40 فلسطينيًا غالبيتهم من الأطفال

إلى جانب ذلك يُواجه السكان عجزًا كبيرًا في توفير مياه الشرب ومياه الاستهلاك اليوم، نتيجة الحصار الذي فرضه الاحتلال ومنع إدخال الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية.

الواقع الصحي في خطر..

من جهته، قال متحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية ماهر شامية، إنّ الاحتلال وجه رسالة تهديد مباشرة بإخلاء المستشفيات الثلاثة في محافظة شمال غزة “الأندونيسي، العودة، وكمال عدوان”، والتي تمثل عصب المؤسسات الصحية في مناطق الشمال منذ بداية الحرب.

وأوضح شامية في تصريحٍ خاص به أنّ عملية الإخلاء التي يطالبنا الاحتلال بها، سينتج عنها مخاطرة كبيرة، خاصة وأن هذه المشافي لديها حالة إشغال لمئات المرضى والمنومين، والإصابات الحرجة.

وأشار إلى أنّ ذلك يترافق مع ما تعانيه المنظومة الصحيّة في الأساس من نقص في الكوادر الطبية وإمدادات الأدوية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، موضحًا أنّ جميع مراكز الرعاية الأولية في محافظة الشمال قد توقفت عن العمل بشكلٍ كامل بطلب من الاحتلال نتيجة التهديدات المتواصلة باستهدافها.

ويركز الاحتلال على إخلاء مستشفى “كمال عدوان” الذي يتواجد به 57 مريضًا بينهم 8 في قسم العناية المكثفة أُصيبوا أمس الأربعاء خلال المجزرة التي ارتكبها في مستشفى اليمن السعيد في جباليا، وفق شامية.

بينما جرى خلال اليومين الماضيين نقل 5 حالات لأطفال خدج من مستشفى كمال عدوان ؛ لمستشفى أصدقاء المريض، توفي واحد منهم في المستشفى، بينما تُنصف حالة البقية بـ “الحرجة” نتيجة عملية التنقل.

وقد أعاق الاحتلال عمليات نقل مرضى من “كمال عدوان”، واعتقل أحد المسعفين خلال عمليات الإجلاء التي جرت لبعض الأطفال الموجودين في الحضانة.

ونوّه شامية إلى أنّ مستشفى العودة يحتوي على 37 حالة، إضافة لـ 28 حالة بمستشفى الأندونيسي بينهم 2 بحالة حرجة.

وذكر أن وزارة الصحة أطلقت نداء استغاثة لاستلام تبرعات كميات من الدم، كان يفترض وصول 800 وحدة من المحافظات الجنوبية؛ لكن جيش الاحتلال حتى هذه اللحظة يمنع إدخالها، ما يضع الجرحى في مستشفيات شمال القطاع بوضع حرج للغاية.

أما عن واقع المستشفيات بمدينة غزة، فأوضح أن المستشفى العربي الأهلي “المعمداني”، لديه إشغال سريري 150%، إلى جانب إشغال جميع الأسرة في قسم الطوارئ بمجمع الشفاء الطبي؛ الذي تعرض للتدمير بشكل شبه كلي على يد الاحتلال.

وعلى ضوء ذلك، حذر شامية من أن إخلاء وحصار المستشفيات التي أعادت تقديم الخدمة بعد استهدافات متتالية على مدار عام كامل، سينعكس سلبًا على 700 ألف نسمة في شمال القطاع ومدينة غزة.

وختم ماهر شامية حديثه: “هذه الإجراءات الاحتلالية تُهدد ما تبقى من المنظومة الصحية، ونحن أمام ساعات حرجة قد تتوقف فيها مشافي شمال القطاع كليًا، وتُنذر بكارثة حقيقية”.

واحدة من أعنف حملات الإبادة..

والثلاثاء حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من كارثة إنسانية غير مسبوقة مع إطباق الاحتلال حصار مخيم جبالياومشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وتصعيد وتيرة جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين هناك، بارتكاب المجازر وجرائم القتل العمد والتهجير القسري واسع النطاق.

وطالب المرصد في بيانٍ له، المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتدخل الفوري والحاسم لإنقاذ عشرات آلاف السكان “الذين يتعرضون لواحدة من أعنف حملات جريمة الإبادة الجماعية التي شهدها القطاع”.

إلى ذلك، قال المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني إن ما لا يقل عن 400 ألف شخص محاصرون شمال قطاع غزة، وأوامر الإخلاء الإسرائيلية تجبر الناس على الفرار مراراً وتكراراً، خصوصاً من مخيم جباليا.

وأوضح لازاريني في منشور عبر منصة إكس، أمس الأربعاء، أنّ عدداً كبيراً من الفلسطينيين يرفضون الإخلاء، لأنهم يدركون أنه لا مكان آمناً في قطاع غزة، مشيراً إلى انتشار المجاعة وتفاقمها في جميع أنحاء القطاع، مع عدم توفر الإمدادات الأساسية.

وكشف عن اضطرار بعض مراكز الوكالة للإيواء والخدمات إلى الإغلاق للمرة الأولى منذ بدء الحرب، محذرًا من أنّ مواصلة القصف يهدد تنفيذ المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في القطاع.

ويعتمد أكثر من 90% من سكان القطاع على المساعدات التي تقدمها المنظمات الأممية في غزة منذ أكثر من عام في ظل تفشي الفقر لأكثر من 85% في صفوف السكان وانعدام الأمن الغذائي بوتيرة غير معتادة جراء حرب الإبادة التي دخلت عامها الثاني.