إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 6/12/2024

في المعارضة السورية تنازلوا عن حلم الديمقراطية ويتوقعون صراعا 

طويلا بدون حسم

بقلم: جاكي خوري

عندما تطورت المظاهرات ضد نظام بشار الأسد في سوريا قبل عقد تقريبا ووصلت الى الحرب الاهلية، كان هناك من حلموا بتغيير جوهري في الدولة. مفاهيم مثل ديمقراطية، حرية، كرامة الانسان وتمثيل مناسب لجميع الطوائف، كلها سمعت في المظاهرات ومن قبل المعارضة. بعد بضع سنوات توقف الصوت الديمقراطي في الدولة وتبخر. بعض أعضاء المعارضة، الذين أيدوا اجندة ديمقراطية – ليبرالية قتلوا أو اعتقلوا، كثيرون منهم هربوا الى أوروبا أو الى دول الشرق الأوسط واصبحوا البوق للسادة الجدد. مصدر رفيع سابق في المعارضة السورية، الذي هرب الى فرنسا، قال للصحيفة بأنه في بداية الحرب دفعت المعارضة بين 60 – 100 دولار لكل جندي هرب الى جيش سوريا الحرة، الذين هم قوات المعارضة المسلحة. “بعد بضعة اشهر”، قال. “ادركنا أنهم في داعش وفي جبهة النصرة يدفعون 300 – 500 دولار. نحن لم نتحمل الصمود فانهرنا”. 

حلم الدمقرطة تلاشى، وسوريا الآن منقسمة بين النظام – الذي يسيطر على ثلثي مساحة الدولة – وبين المعارضة، التي تقودها المليشيات الإسلامية، أحدها جبهة النصرة، المنظمة تبنت أيديولوجيا القاعدة، والآن هي تعمل في اطار “هيئة تحرير الشام”، التي تشمل فيها أيضا منظمات سلفية أخرى. على رأس هذه المنظمة يقف محمد الجولاني، التي تم إدخالها الى قائمة المنظمات الإرهابية للولايات المتحدة.

هذه الهيئة سيطرت حتى الآن على محافظة ادلب وعلى مناطق أخرى في شمال سوريا.  في شمال شرق سوريا سيطرت قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتمد بالأساس على القوات الكردية وعلى مليشيات أقليات أخرى ومليشيات سنية علمانية. كل واحدة من قوات المعارضة مدعومة بقوات دولية وإقليمية. الولايات المتحدة والتحالف الدولي برئاستها تؤيد قوات سوريا الديمقراطية. تركيا تؤيد قوات معارضة أخرى، من بينها عدد من المليشيات الإسلامية. وحسب مصادر سورية مطلعة فان بعض قوات المعارضة تحصل على دعم دول الخليج أو افراد. النظام، من جهة أخرى، تؤيده روسيا وايران.

هذا الواقع رسخ تقسيم جغرافي غير رسمي في سوريا، والصراع على تغيير طابع النظام لا يوجد على جدول الاعمال. في السنة الأخيرة تمت إزاحة قضية سوريا عن جدول الاعمال الدولي. الحرب في قطاع غزة وفي لبنان والصراع بين إسرائيل وايران، الذي يجري في جزء منه في سوريا، كل ذلك شغل المجتمع الدولي، وحتى قبل ذلك الحرب في أوكرانيا. في الفترة الأخيرة أيضا شاهدت دوائر المعارضة كيف استأنف الأسد علاقاته مع الدول العربية، بما في ذلك دول الخليج والسعودية وقطر. 

التطورات التي بدأت في الأسبوع الماضي طرحت عدة أسئلة في الدولة، على رأسها مسألة التوقيت. لماذا بدأت كل هذه العملية على الفور بعد الإعلان عن وقف اطلاق النار بين إسرائيل ولبنان؟ بأي مستوى تجدد المعارك سيؤدي الى تغيير جوهري في الواقع السوري؟، مصدر رفيع في المعارضة، كان له دور رئيسي في بداية الحرب الاهلية، تحدث مع “هآرتس”، دون ذكر اسمه، وقال إنه على قناعة بأن الضوء الأخضر للعملية جاء من تركيا. هذا المصدر الرفيع الذي يعيش الآن في دولة أوروبية، رفض التحدث مع الصحيفة باسمه الحقيقي، بسبب أفعال إسرائيل في غزة وفي لبنان. وحسب قوله فانه ربما المصادقة على العملية أعطيت بمصادقة من إسرائيل والولايات المتحدة للحفاظ على حالة الفوضى في سوريا وتقويض مصالح ايران وروسيا فيها.

عندما سئل عن دور القوات الديمقراطية في الاحداث قال إن “الديمقراطية ليست على اجندة أي أحد”. وأشار الى أن هذه الأصوات تم اخفاءها من شاشات العالم العربي، وضمن ذلك قنوات التلفزيون المؤيدة للمعارضة الليبرالية. “منذ بدء الاحداث، قبل عشر سنوات تقريبا، واجهنا اختلافات عميقة في المواقف بسبب التعقيد في سوريا وبسبب الاعتماد على بعض الدول، إضافة الى تناقض المصالح بينها”. في المقابل، أشار هذا المصدر الى أن النظام كان متماسك وحصل على الدعم من روسيا وايران وحزب الله. “عندنا كل طرف يضغط باتجاه مصالحه، لذلك لم تكن أي احتمالية لتقدم أي طرف”، قال.

جهات رفيعة ونشطاء في المعارضة على قناعة بأن العملية التي بدأت في الأسبوع الماضي تم الاعداد لها منذ فترة طويلة، والتوقيت أيضا لم يكن بالصدفة. مع ذلك، في المعارضة الليبرالية لا يصدقون أن قوات المتمردين ستنجح في احتلال أجزاء واسعة في سوريا. “في الواقع هم سيسيطرون على حلب، وربما على حماة أيضا”، قال للصحيفة ناشط في حقوق الانسان، اعتقل في السابق من قبل النظام ولكنه هرب الى أوروبا. “لكن في مرحلة ما هذا سيتوقف”. حسب قوله فانه اذا نجحت القوات في الوصول الى حمص وقامت بفصل محافظة اللاذقية في غرب سوريا عن المناطق الأخرى التي يسيطر عليها النظام، فهذا سيكون إشارة على انهياره. “لكن التقدير هو أن هذا لن يحدث”، قال.

هذا الناشط لا يتورع عن توجيه الانتقاد لسلوك المعارضة الليبرالية التي يمثلها. فقد قال بأسف “نحن هزمنا. يجب علينا الاعتراف بأنه لا توجد لدينا الأدوات أو الاطار التي يمكنها احتواء كل هذه القوات. يمكن التحدث عن الوضع ويمكننا تحليله، لكن ليست لدينا القدرة على القيام بعملية سياسية حقيقية. نحن بين النظام الفاسد والقمعي وبين المليشيات التي اجندتها بعيدة سنوات ضوئية عن أن تكون ليبرالية”. إضافة الى ذلك في سوريا على قناعة بأنه بمجرد موافقة المجتمع الدولي على هذه التسوية، فان تركيا ستوقف دعمها للمليشيات وستوافق على هذه التسوية.

“جميع الدلائل تشير الى أن الامر يتعلق باستعراض قوة للمليشيات، لكن هناك شك اذا كانت ستحقق أي تغيير دراماتيكي وجوهري”، قال الدكتور نزار أيوب وهو خبير في القانون الدولي ويعيش في هضبة الجولان، وله علاقات مع جهات معارضة ليبرالية في سوريا. “بعض دول الخليج تؤيد المجموعات السلفية، وتركيا أيضا التي تحاول بالأساس صد الاكراد. روسيا وايران تدعم النظام. وبالنسبة اليها فان وجودها في سوريا هو شأن استراتيجي. وهي لن تتعاون مع أي عملية تسحب البساط من تحت اقدامها”.

“الاستنتاج الواضح”، يلخص أقواله، “هو أن سوريا ستبقى منطقة صراع لفترة طويلة، بدون أي توقع للحسم. والشعب السوري ما زال يوجد في الوسط وهو يعاني”.

———————————————

هآرتس 6/12/2024

لا اقالة للمستشارة القانونية، ولا عدم أهلية لنتنياهو

بقلم: رفيت هيخت

المخرج الأكثر واقعية، أو على الأقل الأكثر قربا من الواقع الحالي، مناقض للعاصفة العصبية المتصاعدة بسرعة في العناوين الرئيسية. المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، لا تنوي، ولا تريد، اخراج نتنياهو بسبب عدم الاهلية، في حين أنه لا ينوي، في هذه المرحلة على الأقل، اقالتها. من المعروف أنه كان يفضل مستشار قانوني للحكومة يروق له، الذي لم يكن سيقف ضده بسبب سلوكه ويغض النظر عن السلوك الاجرامي لوزراء مثل ايتمار بن غفير. المستشارة القانونية للحكومة بصفتها رئيسة جهاز انفاذ القانون، هي أيضا وجه المؤسسة التي حسب احساسه تقوده الى نفس المصير الدرايفوسي والرغبة في الانتقام منها، وأكثر من ذلك التخويف، قبل لحظة من البدء في تقديم شهادته الذي يرعبه – هو السبب الرئيسي لحملة التحريض ضدها. هذه الحملة التي ليس فقط نتنياهو يوافق عليها، بل أيضا هو يشجع بنموذج ثابت على استخدام المبعوثين، وأيضا النصوص التي يُسمعها هو نفسه، والتي تتهم جميع حراس العتبة الذين يتجرأون على التمسك بمبادئهم.

يوجد في الحكومة معسكر فاشي، كهاني وغير ديمقراطي، اشخاص مثل ياريف لفين، بن غفير واسحق غولدكنوفف، يدفع الى اقالة المستشارة القانونية للحكومة بنفس الحماس الذي يعمل فيه على تصفية الديمقراطية في إسرائيل. ربح هذا المعسكر من اقالة بهراف ميارا هو ربح مزدوج: هذه عملية وحشية ضد حارسة عتبة متميزة، وأيضا خلق ا وفوضى فيها تهدد الحكومة بعدم تنفيذ قرار المحكمة العليا في هذا الشأن (المحكمة العليا لا يمكنها عدم الغاء اقالة رئيس جهاز انفاذ القانون على يد متهم لديه تناقض شديد في المصالح).

إضافة الى ذلك هناك مجال للتقدير بأن فرض انهاء الحرب من قبل دونالد ترامب سيوجه قوة تدمير نتنياهو من الخارج الى الجبهة الداخلية، بالضبط مثلما ترامب لا يريد الانشغال بالحروب الخارجية، بل توجيه كل الطاقة الى حملة انتقام من الجهات التي قدمته للمحاكمة.

لكن خلافا لواقعة يوآف غالنت، الذي طرده نتنياهو في البداية، ثم حاول لسنة ونصف تنفيذ ذلك، فان الوضع على الأرض في حالة المستشارة القانونية للحكومة مختلف. هو مختلف ليس بسبب حسن نية نتنياهو أو اخلاصه لمبدأ فصل السلطات، الذي تريد الحكومة الحالية سحقه بفظاظة، بل بسبب توازن الرعب في القضية الأكثر أهمية بالنسبة لنتنياهو وهي محاكمته وتأثيرها على استمرار ولايته، التي هي ازمة نووية على شاكلة اقالة دراماتيكية، وبالتالي، خرق قرار حكم المحكمة العليا، لن يساعده في وقف المحاكمة. كل محاولاته حتى الآن لتأجيل البدء في تقديم شهادته استقبلت وبحق بسور صيني من جانب القضاة.

تنفيذ كارثة اقالة المستشارة القانونية من جهة، والخوف الاستخواذي في أوساط مؤيدي الائتلاف من الرغبة المتخيلة للإعلان عن عدم أهلية نتنياهو من جهة أخرى، توطنت في التيار العام في المعسكرين بشكل قوي جدا، الى درجة أنه يبدو اكثر من أي وقت مضى أنه في نهاية المطاف لن يبقى للواقع أي خيار عدا عن ملاءمة نفسه مع هذه الطاقة. نتنياهو ومحيطه والوزراء يقومون بالمزيد من الأفعال التي تقربهم من المنطقة الجنائية – انظروا قضية فيلدشتاين، سرقة المعلومات الاستخبارية وتسريبها، محاولة تغيير محاضر جلسات، أو الانباء الأخيرة ضد جهات رفيعة في الشرطة وفي مصلحة السجون، المرتبطة ببن غفير. في المقابل، اخراج نتنياهو الى حالة عدم الاهلية على يد موظف عام، وهي الخطوة المتطرفة جدا، اصبح طلب طبيعي في أوساط معارضيه.

إسرائيل كان يمكنها النجاة من ازمة دستورية ومن التصادم القوي والمدمر بين السلطات، الذي بدا أن هناك من يعملون بجهد على الوصول اليه بتوق رومانسي مدمر، دون التفكير بالثمن الباهظ الذي سيدفعونه. الخطوة المنطقية، البسيطة والمسؤولية، التي كان يجب على نتنياهو القيام بها هي التصريحات المتبادلة له وللمستشارة القانونية بأنه لا توجد أي نية لديهما لربط الحبل على عنق الآخر. في المناخ الحالي يبدو أن هذا الطلب لا أساس له. ولكن حتى الآن يجب اسماعه. 

———————————————

معاريف 6/12/2024

الواقع الجديد في سوريا وانهيار حزب الله وحماس يفرض على ايران اعادة حساباتها

بقلم: ألون بن دافيد

يوم الجمعة الماضي حصل شيء ما في الجيش الإسرائيلي: معظم جنرالات هيئة الأركان العامة، بمن فيهم رئيس الأركان أيضا، ذهبوا الى بيوتهم. ذهبوا حقا، ليس فقط لتناول وجبة يوم جمعة على عجل يعودون بعدها الى المكتب أو الى الميدان، لأول مرة منذ 14 شهرا. دليل واضح على أنه انتهت مرحلة في حربنا الطويلة. هذه الفكرة التأسيسية الزائدة التي بموجبها لا يذهب القادة الكبار الى بيوتهم الا للقاء قصير لبضع ساعات مع العائلة، تجذرت من الأيام الأولى للحرب. فأكثر من الرغبة في البث للقادة في أن الحرب لا تقف حتى ولا للحظة، كان في هذا أساس من الصيام، الرغبة في التكفير عن الفشل الرهيب الذي وقع فيه الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر. وسرعان ما انتشر هذا الى القادة دونهم في الميدان وفي الأركان وحتى قادة ميدانيين ممن خرجوا بعد أسابيع من القتال في غزة الى أيام انتعاش، جروا العائلة الى الجنوب للقاء قصير، على أن يسجل بانهم ناموا في بيوتهم. الكثيرون من القيادات الوسطى دفعوا على هذا ثمنا عائليا جسيما، من الأطفال والزوجات او الأزواج ممن اضطروا لان يجتازوا هذه السنة الرهيبة دون وجود ودعم الاب او الام الناقصين.

الجيش الإسرائيلي لا يزال متحفزا تماما لاستئناف القتال في الشمال، لكن تكثر المؤشرات على أن وقف النار آخذ في الاستقرار. ربما لا يزال بانتظاره عقبات على الطريق، لكن اذا ما حاكمنا الأمور وفقا لسلوك حزب الله في الأيام العشرة الأولى منه، فان الحزب يبدو كمن لا يسارع الى العودة الى المعركة. 

حقيقة ان في رأس حزب الله يقف، دون رغبة منه، زعيم ضعيف وعديم الكاريزما مثل نعيم قاسم – يمكنها أن تساعد في الطريق الى التهدئة. قاسم في نزاع متواصل مع نبيه بري، زعيم حركة أمل الشيعية ورئيس البرلمان اللبناني منذ 32 سنة. لأول مرة بعد اكثر من ثلاثة عقود، فان الشيعي الهام واكثر تأثيرا في لبنان لن يكون رجل حزب الله. 

القادة العسكريون الذين تبقوا لحزب الله، أبو علي حيدر وأبو علي طبطابي، بدأوا منذ الان في محاولاتهم لاعادة بناء قدرات الحزب وجعله حاضرا مرة أخرى. على إسرائيل ان تفترض بان قائد جهاز عمليات الخارج، طلال حمية، سيحاول اثبات قدرات حزب الله في ارجاء العالم. طبطابي سيحاول أن يبني أيضا جهازا للقيام بعمليات في إسرائيل عبر الحدود، على نمط العملية في مفترض مجيدو في 2023. 

بدون حركات حادة

ستحاول ايران هي أيضا إعادة بناء قدرات حزب الله، لكن ان لم تكن تكفي الضربات التي تلقتها فان الأسد عزيزها يتعرض لهجوم هام من الثوار، والرغبة في مساعدته سيوجه جهد المحور الشيعي في الأسابيع القادمة. ليس لإسرائيل أي مصلحة لان ترى سليلي القاعدة يسيطرة على سوريا. بل العكس: التطلع الإسرائيلي هو ان ترى استمرار حكم الأسد الضعيف وابعاه عن المحور الشيعي.

السؤال هو كيف يمكن تحقيق هذا في الوضعية الجديدة الناشئة في سوريا، وما هي حدود إسرائيل التي بعدها ستضطر للتدخل. حتى الان لم يجرِ بحث في المستوى الاستراتيجي يحدد اهداف إسرائيل في الوضع الجديد في سوريا. هذا مفهوم. توجد أمور اكثر الحاحا. اغلاق هيئة البث، اقالة المستشارة القانونية و “قانون فيلدشتاين”. 

في ايران بالذات يمكن الافتراض بانه يجري بحث استراتيجي عميق. فانهيار اثنين من وكلائها المتصدرين – حزب الله وحماس – ينبغي أن يثير لديهم السؤال هل الاستثمار في الوكلاء كان حكيما. معقول ان نتائج الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر هو الاخر ضعضع ثقة الإيرانيين بقدرات الدفاع الجوي لديهم وبنجاعة الصواريخ ارض – ارض. 

بعد الهجوم الإسرائيلي في 26 أكتوبر وانتخاب ترامب في 5 نوفمبر، قررت ايران ان تمتنع حاليا عن رد مباشر من أراضيها، وبدلا من هذا ان تفعل حيال إسرائيل الوكلاء المتبقين لها في العراق وفي اليمن. عدة اطلاقات كانت من العراق رد عليها بتحذير إسرائيلي استوعب جيدا. الميليشيات في العراق أوقفت، صحيح حتى الان، النار نحو إسرائيل. اما الحوثيون فتبقوا كلاعب مارق لا يتلقى الإمرة من احد.

حتى تسلم الرئيس المنتخب ترامب مهام منصبه، تحذر ايران من القيام بحركات حادة. لكن الاتجاه المتحقق هناك هو الحاجة للتقدم الى النووي. درس ايران من حرب أوكرانيا هو أن دولة ليس لها قدرة نووية هي فريسة سهلة لدول أخرى وبالتالي يجب التقدم الى القنبلة. تحدي إسرائيل سيكون اقناع ترامب بانه حتى لن تخلى عن أوكرانيا، فلن يساوم حيال ايران.

بانتظار منحى حقيقي

في غزة أيضا، حيث تتراكم جثث المخطوفين المتعفنة خاصتنا، يمكن منذ الان العبور الى مرحلة أخرى. حسب التقدير في إسرائيل، في الأسابيع الأخيرة قل جدا عدد المخطوفين الاحياء، واساسا بسبب نقص الغذاء والعلاج الطبي. والجيش استنفد منذ الان عمليته البرية ومستعد تماما للعودة الى هدف الحرب الاسمى: انقاذ المخطوفين. 

كما كتب هنا الأسبوع الماضي: الجانب البرتقالي هو الذي سيقرر مصير أولئك الذين تبقوا على قيد الحياة. حماس ناضجة للصفقة (يجدر أن نقول منحى حين يدور الحديث عن حياة الانسان)، على الأقل لمنحى جزئي يؤدي الى انسحاب الجيش الإسرائيلي وإعادة جزء هام من المخطوفين الاحياء. التهديد الذي اطلقه ترامب هذا الأسبوع يدفيء القلب، لكن هناك حاجة لتدخل امريكي نشط لاجل ترجمته الى منحى حقيقي من إعادة مخطوفين.

نجح مصر في أن تحمل حماس والسلطة الفلسطينية على التوقيع على وثيقة مباديء تنقل الى السلطة صلاحيات إدارة غزة. هذا مسار يمكنه أن ينزع عن إسرائيل عبء المسؤولية عن اطعام الغزيين لكن حكومتنا باصفارها غير مستعدة لان تتفوه بكلمتي “سلطة فلسطينية”. معظم أعضائها يفضلون أن يموت جنود الجيش الإسرائيلي على توزيع الطحين في غزة وليس رجال السلطة الفلسطينية.

غزة، التي نضجت فيها الظروف لانهاء الحرب في شكلها الحالي ستكون اختبارا دراماتيكيا في بداية ولاية ترامب. سواء بسمعته كـ “عاقد صفقات” ام قدرته على التأثير على أصحاب القرار في إسرائيل (التي اثنان منهم يوجدون حاليا في ميامي). مع ماركو روبيو كوزير خارجية، تيم فالتس كمستشار الامن القومي وربما رون دي سانتس كوزير دفاع، إسرائيل تحصل على فرصة نادرة لتثبت قوتها في السنوات القادمة، بما في ذلك عبر مساعدة عسكرية وعبر اتفاقات مع دول المنطقة مما يضع تحديا هاما امام ايران. هم قد يتخلون عن أوكرانيا، هم قد يساومون في تايوان لكن من الصعب تخيل هذه العصبة تتخلى عن إسرائيل.

———————————————

هآرتس 6/12/2024

نتنياهو سيصعد الى منصة الشهود ومصمم على الثأر ممن أهانوه

بقلم: غيدي فايس

“احد الاسباب الذي بسببه يحاول نتنياهو التملص من تقديم شهادته، إضافة الى الأسباب المفهومة ضمنا، هو أنه من ناحيته هذا يشكل عودة الى المكان الذي يصعب عليه استيعابه، مكان مهين”، قال شخص مطلع جيدا على ملفات الآلاف. “من شاهد التحقيقات معه في الشرطة يمكنه فهم ذلك. فجأة الشخص القوي في الدولة يجلس أمام المحققين الذين ينظرون اليه من نفس المستوى ويسألونه أسئلة محرجة، ويتهمونه بالكذب، ويستخدمون معه الاعيب التحقيق ويحرجونه ويقومون بتعريته. في حينه هو مر بتجربة قاسية جدا. حسب رأيي هو لا يريد تكرار ذلك. هذا الاحتفال يتوقع أن يتكرر، بشكل اكبر، في التحقيق المضاد الذي في هذه المرة سيكون امام الجمهور”.

في كانون الأول 2021 كان بنيامين نتنياهو رئيس المعارضة في إسرائيل، ومحامي نتنياهو بوعز بن تسور اجرى بالسر مفاوضات متقدمة مع المستشار القانوني للحكومة في حينه افيحاي مندلبليت حول صفقة ادعاء تؤدي الى انسحابه من الحياة السياسية. في المحكمة المركزية في القدس جرى في حينه التحقيق المضاد مع شاهد الدولة نير حيفتس. في احدى الجلسات تم طرح اسم كايا، وهي كلبة عائلة نتنياهو الميتة. “لو أنها كانت موجودة لكنا اطلقناها على شخص ما بعد أن وجهوا الينا لائحة الاتهام”، قال بمزاح. الجمهور ضحك والقضاة صمتوا والمفاوضات تفجرت. بعد سنة عاد نتنياهو الى الحكم واطلق ياريف لفين على من حققوا معه ورفعوا دعوى ضده وأهانوه، حسب رأيه.

في 7 أكتوبر توقف فجأة الانقلاب النظامي، الذي استهدف انقاذ رئيس الحكومة من المحاكمة. للحظة ظهر أن نتنياهو وشركاءه اصطدموا بحائط الواقع، وادركوا الى أي درجة ذهبوا بعيدا وأي ثمن دفعته إسرائيل مقابل ذلك. هذا كان وهم، ولكن سرعان ما تبدد. الآن هم ينقضون مرة أخرى كجائعين على الطعام. لفين يقوم بانعاش خياله المدمر، يتخيل تركيع المحكمة العليا، بحيث لا يكون هناك من يقف في طريقه (أو تطبيق القانون على نتنياهو في استئناف جنائي)؛ كرعي الظلامي يهدد باسدال الستار على هيئة البث؛ وأعضاء الائتلاف يتنافسون فيما بينهم في تهديد المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا.

هذه العاصفة تتعلق بشكل مباشر بشهادة نتنياهو في محاكمته، التي يتوقع أن تبدأ في يوم الثلاثاء القادم، وحتى أن الفيديو الذي هب فيه للدفاع عن المعتقل ايلي فيلدشتاين، لم يكن ليأتي لولا أن الوقت قد حان للصعود على منصة الشهود. مصير فيلدشتاين يهمه مثل قشرة الثوم. هو يزرع الفوضى من اجل تجميع وتسخين القاعدة قبل الشهادة، وفي نفس الوقت القاء الرعب على المدعين الذين سيحققون معه وعلى القضاة الذين اداروا الحدث.

وفقا لموقف الشباك فان الشهادة سيتم تقديمها في قاعة تحت الأرض في المحكمة المركزية في تل ابيب، التي جرت فيها محاكمة اسحق افرجيل. ربما أن الحراس سيرافقون رجال الادعاء، كما رافقوا المدعين في ملف 512، ولنفس السبب: الخوف من غضب جنود المتخم. رئيس منظمة الجريمة القاتل، الذي ترعرع في حي القطار في اللد مع أب مدمن وتسعة اخوة، تم احضاره للنقاشات في زنزانة وهو يرتدي ملابس باللون البرتقالي وحوله السجانين. رئيس الحكومة، ابن البروفيسور من رحافيا، سيأتي الى المحكمة في قافلة رسمية وهو يرتدي البدلة وربطة العنف، حمراء أو زرقاء، بمرافقة رجال الشباك.

نتنياهو فعل كل ما في استطاعته من اجل أن لا يصل الى هذه اللحظة. قبل بضعة أسابيع، عندما تم مناقشة طلبه حول تأجيل تقديم شهادته الى شباط 2025، ظهر في المحكمة مستشاره السياسي اوفير فيلك وهو مزود بهاتف أحمر. نتنياهو أراد الشرح للقضاة، بشكل شخصي وفي خط محمي، لماذا الوضع الأمني يقتضي التأجيل، لكنهم رفضوا التحدث معه. في المرحلة التالية حاول نتنياهو تمديد شهادته بقدر الإمكان، الفكرة هي تطبيع الوضع غير الطبيعي الذي فيه رئيس حكومة دولة تنزف يقف على منصة الشهود بشكل ثابت خلال اشهر. أمس رفض القضاة أيضا طلبه للاكتفاء بجلستين قصيرتين في الأسبوع، وقرروا بأنه يجب عليه المثول في المحكمة ثلاث مرات في الأسبوع. نتنياهو سيجد صعوبة في الالتزام بذلك لفترة طويلة. وحتى الآن توجد لديه إمكانية للتنازل عن هذا الموقف. هذه الخطوة ستظهره كمن يضحي بمصلحته الشخصية من اجل الدولة، واشعال الحملة ضد منظومة انفاذ القانون، لكن هذا سيضره بشكل كبير من ناحية قضائية.

في النصف الأول سيلعب نتنياهو امام هدف فارغ. الشهادة الأولى التي يديرها المحامي هي منصة مريحة بأسلوب برنامج “حياة كهذه”، وسيسمح للمتهم بالتحدث عن اسهامه الكبير في تأسيس امبراطورية إسرائيل، والشكوى من مطاردته والثمن الذي دفعه هو وعائلته مقابلها. هذه ستكون اللحظة الأكثر اصالة في شهادته. نتنياهو واثق حتى الآن بأنه ضحية مؤامرة سوداء استهدفت ابعاده عن الحكم. في السابق آمن أيضا بأن مصيره قد حسم، وأنه اذا لم يقم بوقف القطار السريع فسيجد نفسه في القسم 10 في سجن معسياهو، مثل اسلافه. في المحكمة شاهد نتنياهو اصبع أخرى في اليد التي تهدد برميه لسمك القرش. “الحكم ضدي كُتب”، قال. ولكن القضاة فاجأوه للافضل، بالأساس واحد منهم، الذي يذكره بالخير في محادثات مغلقة. في الشهادة سيحاول نتنياهو شراء قلوب القضاة، الى جانب النضال المستمر الذي يقوم به من اجل كسب الرأي العام. هو سيدعي أنه لم يكن هناك أي خطأ في علاقته مع شاؤول الوفيتش. (“أنا توجهت الى جميع الناشرين”)، أو في علاقته مع ارنون ملتشن (“هو يحبني، هو أخي”). المفاوضات التي اجراها مع يوني موزيس، سيشرح، كانت أيضا حول موضوع الدفاع عن النفس. فهو كان الأب المستعد لفعل كل شيء من اجل منع أولاده الحساسين من انهاء حياتهم في اعقاب منشورات مجرمة في وسائل الاعلام للناشر الانتقامي. نتنياهو يجب عليه بذل جهود نفسية كبيرة وإظهار المصداقية – التحدي المعقد اذا تم الاخذ في الحسبان اكاذيبه في تحقيقات الشرطة معه، التي ستطرحها النيابة العامة في النصف الثاني الأصعب في الشهادة. المدعون العامون سيحاولون ليس فقط عرض المتهم بأنه شخص فاسد، وأنه لا يجب تصديق أي شيء يقوله، بل أيضا تفسير فشل اللقاء التوجيهي وإقناع القناة الذين كانوا مستعجلين عندما اوصوا النيابة بإلغاء دعوى الرشوة.

خطأ آخر يمكن للنيابة إصلاحه اذا تم فتح التحقيق المضاد في الملف 1000 بدلا من الملف 4000. قرار التحقيق مع رئيس الحكومة في تسلسل رقمي متصاعد، يوجد فيه أيضا منطق رياضيات. فاضافة الى القصة المعروفة عن جشع منزل نتنياهو، فان الملف 1000 يجسد بالشكل الأكثر نقاء استعداد رئيس الحكومة لتجاوز الخطوط الحمراء لارضاء زوجته. ورغم أنه، بنصيحة محاميه المتوفي يعقوب فينروت، حاول التنصل منها (“أنا وسارة كيانين منفصلين”)، إلا أن الشهادة في القضية تولد الانطباع بأن الزوجين نتنياهو كيان واحد. التسجيلات التي توجد في صلب الملف 2000 تروي قصة رئيس حكومة يتاجر بقوته الحكومية كي يشتري السيطرة على وسائل اعلام. الملف 4000، الفصل النهائي في ملحمة الفساد، يربط الأفكار التي تنظم اخوته الأصغر منه.

منذ فتح التحقيقات مع نتنياهو مرت ثماني سنوات. كثيرون تنبأوا بأنها ستضع حد لحياته السياسية، لكن رئيس الحكومة كانت له خطط أخرى. حتى لو أنه لم ينجح في وقف المحاكمة إلا أنه ما زال مصمما اكثر من أي وقت مضى على الانتقام من الذين تجرأوا على أن يمر في حملة الإهانة هذه.

———————————————

هآرتس 6/12/2024

ترامب يهدد من سيمنع عقد الصفقة،  ولكن ماذا اذا كانت هذه هي إسرائيل؟

بقلم: تسفي برئيل

“اذا لم يتم اطلاق سراح المخطوفين قبل 20 كانون الثاني 2025، وهو الموعد الذي سأتسلم فيه بفخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون لذلك ثمنا باهظا في الشرق الأوسط، وبالنسبة لمن نفذوا الاعمال الفظيعة ضد الإنسانية”، هكذا تعهد في يوم الاثنين الماضي الرئيس المنتخب دونالد ترامب وأضاف، “المسؤولون عن ذلك سيتعرضون لضربة أشد مما تعرض له أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة الطويل”. منذ ذلك الحين أقواله اثارت سلسلة طويلة من التكهنات. من الذي بالضبط يهدده ترامب، ما هي الأدوات التي يمتلكها وما هو نوع العقوبة التي يمكن أن يفرضها على هؤلاء المسؤولين؟ وماذا اذا تم اطلاق سراح المخطوفين؟ هل عندها سيتنازل ترامب عن العقوبة الموعودة؟.

يبدو أن العنوان الفوري هو الذين بقوا من قيادة حماس التي ما زالت تعيش في قطر. ولكن هذه الشخصيات الرفيعة، وعلى رأسهم خليل الحية، نائب يحيى السنوار، وموسى أبو مرزوق – هما في هذه الاثناء الجهة التي تتفاوض مع مصر وقطر امام إسرائيل، ولا يوجد أي تأكيد على أنهما يعرفان أي من المخطوفين بقوا على قيد الحياة أو اذا كانوا محتجزين لدى منظمات توجد لقيادة حماس سيطرة عليها. هذه قضية حاسمة لأنه حسب عدة تقارير فان جزء من المخطوفين أو الجثث تم احتجازهم لدى مواطنين في غزة، الذين قتلوا في الحرب أو أنه لم يعد بالإمكان العثور عليهم.

لكن على فرض أن حماس يمكنها أن تعرض تحرير جميع المخطوفين إلا أنه ما زالت هناك قضية النسبة، التي حتى الآن عرقلت تقدم المفاوضات – طلبات حماس الرئيسية: وقف الحرب بالكامل وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل واسع اليها والبدء في اعمار غزة. حسب تقارير إسرائيلية وعربية فان حماس وافقت على تليين موقفها في جزء من هذه الطلبات. فهي لا تربط اطلاق سراح المخطوفين بالانسحاب الكامل بمرة واحدة، وهو التنازل الذي تم الإبلاغ عنه قبل بضعة أسابيع. أيضا هي وافقت على تشكيل لجنة مهنية لادارة الشؤون المدنية في قطاع غزة، بالاساس توزيع المساعدات الإنسانية.

عمليا، منذ بداية تشرين الثاني نشر في “هآرتس” أنه تم التوصل الى اتفاق مبدئي على تشكيل هذه اللجنة، وأن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، سافر بشكل خاص الى القاهرة من اجل إعطاء موافقته على ذلك. حتى أنه كان يمكن أن يصدر أمر رئاسي حول تشكيل اللجنة. ولكن خلاف اللحظة الأخيرة حول توزيع المناصب في اللجنة والسيطرة عليها عرقلت هذه الخطوة. عباس عاد الى رام الله ولكن مصر واصلت الدفع قدما بهذه الفكرة في نقاشات كثيفة، ضمن أمور أخرى، من خلال المحادثات التي اجراها عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ومبعوثيه ومع ترامب.

في هذا الأسبوع نشر عن اقتراح مصري محدث، يشمل كما يبدو مرونة أخرى من ناحية حماس، بالأساس في كل ما يتعلق بالمرحلة الأولى في الصفقة، والفترة التي تستطيع فيها إسرائيل مواصلة التواجد في القطاع قبل الانسحاب الكامل. هذا الاقتراح يطور أيضا فكرة الإدارة المدنية والسيطرة على معبر رفح، التي يبدو أنها ستستند في معظمها على النموذج الذي نظم إدارة المعبر حسب اتفاق المعابر من العام 2005. ولكن حتى هذا الاقتراح شمل المطالبة بوقف الحرب، التي في نهاية العملية يجب على إسرائيل الانسحاب من القطاع. ويوجد أيضا في الاقتراح شرط جديد لحماس الذي بحسبه الولايات المتحدة هي التي ستضمن بأن تنفذ إسرائيل التعهدات التي سيتم الاتفاق عليها، بما يشبه التعهدات التي اعطتها واشنطن للبنان والتي شكلت الأساس لموافقة لبنان (وحزب الله) على التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار.

قضية الضمانة الامريكية، اذا كانت وبحق ستكون جزء من الصفقة، تثير صعوبة تشبه الصعوبة التي طرحتها ايران في المفاوضات التي أجرتها قبل سنتين حول استئناف الاتفاق النووي الجديد. طهران طالبت في حينه تعهد امريكي بعيد المدى بأن الاتفاق الجديد لن يتم خرقه مرة أخرى من قبل الرئيس الحالي، أو الذين سيأتون بعده. الرئيس جو بايدن كان على استعداد للتوقيع على هذا التعهد، لكنه أوضح لإيران بأنه قانونيا هو لا يمكنه الزام بذلك الإدارات الامريكية التي ستأتي بعده، لا سيما إدارة ترامب – الرئيس الذي انسحب من الاتفاق النووي في 2018. وهكذا فقد حرر مسار تقدم ايران ليصل الى حافة القدرة النووية العسكرية. مثلما في ايران هكذا الحال في غزة. فادارة بايدن يمكنها ضمان تنفيذ الاتفاق مع حماس حتى 20 كانون الثاني القادم، لكن هل ترامب سيكون مستعدا من الآن لاعطاء ضمانة للاتفاق مع حماس، وبالتالي، ضمان أن تنفذ إسرائيل نصيبها فيه؟.

خلافا للاتفاق النووي أو الاتفاق مع لبنان حول وقف اطلاق النار، فانه في غزة الحديث يدور عن اتفاق ثنائي، حتى لو كان غير مباشر، بين إسرائيل وحماس. في الاعداد له تنشغل دول الوساطة مثل قطر ومصر، وبشكل جزئي تركيا أيضا، لكنها ليست في مكانة “الدول الضامنة” أو “الدول الشريكة” مثل مجموعة “الخمسة زائد واحد” التي وقعت على الاتفاق النووي، أو مثل الشراكة الفرنسية والامريكة والأمم المتحدة، التي تعمل كشركاء نشيطين من اجل تنفيذ الاتفاق مع لبنان. ترامب، الذي يهدد بالاضرار بمن سيكون المسؤول عن عدم اطلاق سراح المخطوفين قبل 20 كانون الثاني القادم، يجب عليه الإجابة على أسئلة رئيسية: هل هو نفسه مستعد ليكون شريكا في الاتفاق ويتعهد بتطبيق الجزء الخاص بإسرائيل، أيضا قبل ذلك – كيف سيرد الرئيس المنتخب اذا تبين له بأن العائق امام تنفيذ الاتفاق يوجد بالذات في القدس وليس في غزة؟ هل عندها المسؤولون عن ذلك “سيتعرضون لضربة أشد من أي ضربة تعرض لها أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة الطويل”.

عنوان آخر لضغط ترامب هو قطر، التي انسحبت من طاولة المفاوضات وعادت اليها. في إسرائيل تم تفسير هذه الخطوة كاشارة إيجابية على التقدم في المفاوضات، وبالاساس كنتيجة فورية لتهديدات ترامب. محللون إسرائيليون سارعوا الى عد سلسلة “العقوبات” التي يمكن أن يفرضها ترامب على قطر كي تستخدم كل أدوات ضغطها على حماس. لكن شبكة العلاقات بين قطر وعائلة ترامب لا تستند الى التهديدات. ففي ولايته السابقة اغدق ترامب الثناء على دولة الخليج التي حظيت في ولاية بايدن بمكانة الحليفة الاستراتيجية للولايات المتحدة، التي ليست عضوة في الناتو. 

في شهر أيلول الماضي، بعد اللقاء بين ترامب والشيخ تميم، حاكم قطر، قال رامب عنه: “الأمير اثبت بأنه زعيم كبير وقوي لدولته. وهو أيضا شخص يريد جدا السلام في الشرق الأوسط وفي كل العالم. كانت لنا علاقة جيدة وممتازة في فترة ولايتي كرئيس، وستكون افضل في الجولة القادمة”. ليس من نافل القول التذكير أيضا بالعلاقة الممتازة للملياردير ستيف فيتكوف، المبعوث الخاص لترامب في الشرق الأوسط، مع قطر، لا سيما مع صندوق التطوير الوطني للدولة، الذي في السنة الماضية اشترى من فيتكوف بمبلغ 623 مليون دولار فندق “بارك لاين” في نيويورك. وهو اكثر بقليل من الأموال التي حولتها قطر بالحقائب لحماس بموافقة من نتنياهو. نفس هذا الصندوق بالمناسبة، استثمر 200 مليون دولار في شركة الاستثمارات الخاصة لجارد كوشنر، صهر ترامب.

من يتوقع أن يفرض ترامب عقوبات على قطر وأن يقوم بتفكيك القاعدة العسكرية الأكبر في الشرق الأوسط الموجودة فيها، أو تحويل حاكم قطر الى شخص غير مرغوب فيه في الولايات المتحدة، سيكتشف بأن ترامب بالذات يريد تجنيد قطر لتمويل إعادة اعمار قطاع غزة، وربما أيضا الدفع قدما باتفاق تطبيع بينها وبين إسرائيل.

الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، والاتفاق الذي يؤمل بتوقيعه بين إسرائيل وحماس، ما زالت لا توفر للرئيس جو بايدن الإنجاز السياسي الذي يمكن أن ينقش في هيكل هالته، وهي أيضا لن تترك طاولة نظيفة لترامب. الرئيس الذي يطمح أيديولوجيا الى ابعاد الولايات المتحدة عن الصراعات الدولية، ناهيك عن الإقليمية، سيرث اتفاقات تلقي عليه مسؤولية استمرار الاهتمام بتنفيذها. في لبنان ستبدأ مرحلة الاختبار الفعلية عند انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في الوقت الذي سيكون فيه ترامب في البيت الأبيض.

حتى لو تم في هذا الأسبوع توقيع اتفاق مع حماس، حسب الاقتراح الموضوع على الطاولة، من الأفضل حبس الانفاس، فان تطبيقه سيستمر الى داخل فترة ولاية ترامب. هذه المسؤولية هي التي ستحدد طول “اليد الحرة” التي من شأن ترامب أن يعطيها لحكومة إسرائيل – بالأساس لمن يخططون لـ “الاستيطان الشاب” في غزة.

———————————————

يديعوت احرونوت 6/12/2024

سوريا على حافة التفكك

بقلم: رون بن يشاي

التقدم السريع للثوار الجهاديين السُنة جنوبا واحتلال مدينة حماة هو على ما يبدو سبب التشاور العاجل الذي اجراه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع قادة جهاز الامن في ليل الأربعاء. وهجوم الثوار المفاجيء الذي بدأ فور دخول وقف النار في لبنان حيز التنفيذ يخلق سلسلة تهديدات محتملة ولكنه يخلق أيضا فرصا لدولة إسرائيل وفي كل الأحوال يفترض متابعة عن كثب.

التهديدات، وفقا لترتيب الالحاحية، هي: الأسلحة واساسا الصواريخ وربما السلاح الكيماوي الذي يوجد في شمال ووسط سوريا، ومن شأنه أن يقع في غضون أيام وربما ساعات بل وربما يوجد منذ الان في ايدي الثوار الجهاديين.

حلب والقواعد العسكرية في محيطها، واساسا المجمع الصناعي – العسكري السوري في بلدة السفيرة جنوب شرق حلب تقلق جدا جهاز الامن. في المجمع الصناعي هناك تنتج صواريخ، بينها دقيقة، ومقذوفات صاروخية وفقا لعلم إيراني وهناك أيضا قدرة لانتاج سلاح كيماوي وربما توجد هناك كميات غير كبيرة من السلاح الكيماوي احتفظ بها نظام الأسد ليوم أسود. كل هذه من شأنها أن توجه ضدنا آجلا أم عاجلا.

هذا على ما يبدو هو السبب الذي جعل سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم وفقا لمنشورات اجنبية هذا المجمع في الأيام الأخيرة، وكذا مخازن سلاح للجيش السوري توجد شمال دمشق، والثوار يقتربون منها بسرعة. يمكن التقدير بان إسرائيل تفضل تدمير هذا التهديد كي لا تقع هذه الأسلحة التقليدية وغير التقليدية في ايدي جهات جهادية، حتى لو كانت سُنة واعداء لدودين لحزب الله وايران.

المساعدة الروسية فشلت

التهديد الثاني ينبع مباشرة من ضعف الجيش السوري ومن حقيقة أن روسيا غير قادرة على حماية نظام بشار الأسد مثلما حمته في 2015. في ذروة الحرب الاهلية في سوريا، حسب مصادر تركية كان للروس 50 طائرة هجومية في قاعدة حميميم وبواسطتها قصفوا بكثافة وبلا رحمة الثوار الى أن انسحب هؤلاء الى محافظة ادلب. اليوم، حسب تلك المصادر، بسبب الحرب في أوكرانيا، يحتفظ الروس بـ 15 طائرة هجومية فقط في حميميم، و7 منها فقط تنفيذية. القصف الروسي لم ينجح في منع احتلال حلب، وأخرت فقط باقل من يوم احتلال مدينة حماة في وسط سوريا. كنتيجة لضعف الجيش السوري والمساعدة العملياتية الروسية الخفيفة، لا مفر امام نظام الأسد غير تلقي المساعدة التي يعرضها الإيرانيون بواسطة وزير الخارجية الإيراني عرقجي الذي زار دمشق قبل بضعة أيام.

لقد ارسل الإيرانيون الى سوريا منذ الان أحد جنرالاتهم، جعفري، الذي قاد في 2016 احتلال حلب من ايدي الثوار، وبضعة مستشارين ورجال الحرس الثوري الذين جاءوا معه. وبالتوازي بعث الإيرانيون الى مناطق المعارك ميليشيات شيعية، عراقية وسورية موالية لهم. بين هذه القوات يوجد لواء فاطميون الذي يتشكل أساسا من شيعة أفغانيين وباكستانيين، تدفع لهم ايران رواتبهم ورجال الحرس الثوري يقودونهم.

هذه اللواء يدخل منذ الان الى المعركة دفاعا عن مدينة حماة وفشل، لكن ايران تضخ المزيد من قوات الميليشيات الشيعية عبر الحدود العراقية – السورية الى منطقة المعارك. كما طالبت ايران وتلقت بضع مئات من رجال حزب الله انتقلوا من لبنان الى سوريا لمساعدة نظام الأسد، حاليا بدون نجاح.

لإسرائيل توجد مشكلة جسيمة مع هذه الميليشيات ومع رجال حزب الله الذين دخلوا الى سوريا، كونه يمكنهم أن يشكلوا بداية تموضع إيراني عسكري وكفيلين بالبقاء في سوريا على حدود إسرائيل للعمل من هناك من خلال نار الصواريخ والتسللات البرية الى بلدات هضبة الجولان وتهريب السلاح الى لبنان لاجل إعادة تسليح حزب الله.

التهديد الثالث هو أن ينهار نظام الأسد وعندها تصبح سوريا دولة فاشلة أخرى مثل اليمن، لبنان او غزة، يبني الإيرانيون ويمول فيها جيش إرهاب هدفه العمل ضد إسرائيل. لمواجهة هذا التهديد على إسرائيل أن تتخذ وسائل دفاعية، اساسا في هضبة الجولان، وكذا ان تهاجم بلا انقطاع في الأراضي السورية لمنع تموضع جهات إسلامية متطرفة قرب الحدود وفي مدى الصواريخ والراجمات منها.

المسؤولة الأساس: تركيا

لاجل فهم الوضعية التي علق فيها الشرق الأوسط في اعقاب الهجوم المفاجيء للثوار السوريين، ينبغي الاعتراف بان الجهة التي تقف خلف هجوم الثوار هي تركيا. هذا الهجوم يجري في محورين. المنظمة الإسلامية الجهادية العليا “هيئة تحرير الشام” تتحرك جنوبا بهدف اسقاط نظام الأسد وغايتها هي مدينة حمص. حمص هي المدينة الكبيرة والهامة في وسط سوريا، احتلالها سيقطع عمليا الجيب العلوي التي تسكن فيه اغلبية عائلة الرئيس الأسد – في مدينتي اللاذقية وطرطوس – عن مدينة دمشق. قوة ثوار أخرى، علمانية، تسمى “الجيش الوطني السوري” يتحرك شرقا نحو مدن وقرى منطقة الحكم الذاتي الكردية، روج آفا، في شمال شرق سوريا.  الجيش الوطني السوري، الذي يتشكل أساسا من فارين سُنة من الجيش السوري، يخضع تماما لانضباط الاتراك وهو عمليا ينفذ كلمة اردوغان.

عمليا، هجوم الثوار ما كان يمكنه أن يتحقق لولا الاتراك الذين دعموا الثوار السوريين عسكريا من الفصيلين والان يستخدمونهم لتحقيق المصالح التركية في سوريا، ومثل هذه المصالح يوجد غير قليل. أولا، اردوغان يريد تصفية منطقة الحكم الذاتي الكردية في شرق وشمال سوريا، لاجل التقويض عسكريا وحكوميا منظمات الاكراد الذين هم حلفاء الـ PKK، التنظيم السري الكردي الذي يقاتل من اجل استقلال الاقليم الكردي في تركيا.

الثوار الجهاديون الذين يتقدمون جنوبا نحو دمشق، يخدمون هدفا آخر لاردوغان: اجبار الأسد على الموافقة بان يحتفظ الاتراك بمنطقة امنية ضد الاكراد في شمال سوريا وفي نفس الوقت ان يقيموا علاقات اقتصادية وجيرة طبيعية مع سوريا. الأسد يرفض مطالب اردوغان هذه، فيما يريد أساسا ان توافق سوريا على أن تعيد الى أراضيها اكثر من مليوني لاجيء سوري فروا الى تركيا في اعقاب الحرب الاهلية.

مدى المصالح هذا هو أيضا فرصة لإسرائيل لان الأسد الضعيف في نهاية الامر سيتعين عليه أن يقرر ممن يخاف اكثر: من الثوار – وعندها سيوافق على أن يتلقى المساعدة من ايران وحزب الله ويسمح لهم أيضا بان يمرروا عبر سوريا السلاح ووسائل الإنتاج لاعادة بناء حزب الله – او من إسرائيل التي ستضرب كل محاولة تموضع إيرانية وعقب ذلك ستضعفه هو ونظامه أكثر فأكثر.

كما تبدو الأمور الان، تركيا غير معنية بانهيار نظام الأسد. اردوغان هو الاخر يعرف بان منطقة عديمة الحوكمة تسودها الفوضى التامة والمعارك الداخلية بين الطوائف، في نهاية الامر ستشكل خطرا على تركيا تماما مثلما تشكل على إسرائيل.

———————————————

هآرتس 6/12/2024

محاكمة نتنياهو الثلاثاء المقبل… القانون أم الفوضى؟

بقلم: أسرة التحرير

بداية شهادة رئيس الوزراء نتنياهو في محاكمته الجنائية، المخطط لها الثلاثاء المقبل الساعة التاسعة صباحاً في المحكمة المركزية في تل أبيب، تترافق وضجيجاً شديداً وعنيفاً من جانب نتنياهو ومقربيه ضد جهاز إنفاذ القانون، والمستشارة القانونية للحكومة، ووسائل الإعلام وقادة الأجهزة الأمنية.

 وقف النار في لبنان أتاح زمناً طويلاً للائتلاف ولمن يترأسه ليؤدي إلى تصعيد في منظومة العلاقات بين الحكومة من جهة والنيابة العامة والمستشارة القانونية وقادة “الشاباك” والجيش من جهة أخرى. هذا ليس صدفة. هذا جزء من لا يتجزأ من الانقلاب النظامي الذي يحاول الدفع به قدماً منذ قيام هذه الحكومة.

 يخوض نتنياهو معركتين حرجتين من ناحيته: الأولى، إدارة محاكمة وبداية شهادته التي حاول تأجيلها مراراً (نهج غريب إذا أخذنا بالحسبان ادعاءه بأن “القضايا انهارت”). الثانية هي المعركة على رواية إخفاق 7 أكتوبر بما في ذلك دحرجة الاتهامات إلى الجيش و”الشاباك”، والتنكر للمسؤولية والاعتراض على إقامة لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في الإخفاق الأكثر رعباً في تاريخ الدولة.

 هو ورفاقه في المعركة الثانية لا يأخذون أسرى، ولا يريدون مخطوفين. فالتهجم من نتنياهو ووزرائه على الناطق العسكري دانيال هاغاري الذي وصف قانون فيلدشتاين إنه “قانون خطير على الجيش الإسرائيلي، سيؤدي إلى وضع يمكن كل جندي من سرقة الوثائق. وخطير على أمن الدولة”، يعكس الوضع التراكمي لهذه الحكومة.

 لقد تحدث هاغاري عن خطر أمني، أما هم فوضعوه في مكانه وادعوا أنه محظور عليه التدخل في الشؤون السياسية. هم محقون في هذا – هذا قانون سياسي تماماً، غايته خدمة رواية نتنياهو الكاذبة بأن “لم يخبروني”. مخجل تجند وزير الدفاع “إسرائيل كاتس” لصالح نتنياهو في هذه القصة. يبدو أنه لم يستوعب بأن وظيفته هي الحرص على أمن الدولة وليس على المصلحة السياسية لمن عينه.

 نتنياهو المتهم جنائياً دائم التهجم على جهاز إنفاذ القانون ويبعث بوزرائه لمهاجمة المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا، وقادة “الشاباك” والجيش، الذين منهم بدأ التحقيق مع فيلدشتاين في قضية التسريب وإضعاف وسائل إعلام مستقلة لا تنتمي لقنواته. إن الثقافة السيئة للتهجم على جهاز إنفاذ القانون التي تبناها منذ بدأت تحقيقاته، تتسلل إلى باقي أجزاء الائتلاف، والآن ها هو وزير الأمن القومي بن غفير يستخدم حجة “يحاولون إسقاط حكومة اليمين” رداً على التحقيقات مع مقربيه، العقيد “أفيشاي معلم” ورئيس مصلحة السجون كوبي يعقوبي.

 كلما اقترب موعد شهادة نتنياهو، تشتد التهديدات على الموظفين العموميين وعلى قادة جهاز الأمن ووسائل الإعلام. حذار من الخوف. ثمة متهم واحد، اسمه نتنياهو.

———————————————

معاريف 6/12/2024

مثلث جديد يتشكّل: هل تجد إيران نفسها خارج «اللعبة في سورية»؟

بقلم: أفيرام بلايش

يبدو أن المعركة في سورية بين المتمردين والجيش السوري ليست مجرد معركة على مستقبل سورية، بل هي أيضاً معركة على مستقبل إيران في الشرق الأوسط.

ويتضح ذلك من النقاش الدائر بين كبار المحللين في إيران حول السؤال: هل تمثل هذه التطورات تهديداً خطِراً لمكانة إيران في الساحة السورية، أم أنها فرصة لتعزيز مكانتها الاستراتيجية من جديد؟

يفيد أحد التحليلات بأن هناك تهديداً خطِراً لمكانة إيران في سورية نتيجة هذه الأحداث، على النحو الآتي: “لقد شُكّل تقاطُع مصالح، سواء بوعي، أو دون وعي، بين كلٍّ من الولايات المتحدة، وإسرائيل، وتركيا، وروسيا في سورية، بهدف إخراج القوات الإيرانية وحلفائها من سورية”.

هذا التقاطع في المصالح يمثل تهديداً حقيقياً للوجود الإيراني في المنطقة.

ويشير المحللون إلى أنهم “لا يعتقدون أن الأمر يتعلق بمؤامرة بين روسيا والولايات المتحدة بقيادة بايدن”، بل يعتبرون أن هناك تفاهمات منفصلة بين روسيا وإسرائيل من جهة، وتركيا وروسيا من جهة أُخرى، وهو ما يشكل خطراً على إيران.

تنبع هذه التفاهمات من الضغط التركي على روسيا بعد محاولتها ترتيب لقاء مع الرئيس السوري، الذي رفض الانضمام إلى اللقاء بسبب الضغوط الإيرانية.

وفي الوقت ذاته، تأتي الضغوط من جهة إسرائيل التي تهدد بشن هجمات في سورية، وباغتيال الرئيس السوري، إذا لم تقنعه روسيا بالانفصال عن إيران. ويرى الإيرانيون أن “هذا هو الهدف من زيارة رون ديرمر إلى روسيا”.

يلاحظ الإيرانيون تغيُّر النهج الروسي من خلال الغارات الجوية الروسية التي كانت حاسمة في الماضي في المعركة ضد المعارضة السورية، وأصبحت الآن ضعيفة، أو غائبة أحياناً. كما لاحظوا أن “الكرملين ينقل المسؤولية إلى الجيش السوري، رغم أنه غير مهيّأ للتعامل مع الوضع بمفرده”.

ويعتقد الإيرانيون أيضاً أنه طُلب من الرئيس السوري، خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا، “إعلان قطع كامل للعلاقات مع إيران، وإلا فستتم إطاحته من منصبه”.

بالإضافة إلى ذلك، يقدّر المحللون في إيران أنه، حتى لو جرى ذلك، فإن هذا “لن يؤثر في النفوذ الروسي في دمشق”.

وإذا كانت موسكو وقّعت فعلاً اتفاقيات منفصلة وراء الكواليس مع تركيا وإسرائيل، فإن “روسيا ستؤدي دوراً أكثر أهمية في المستقبل تجاه دمشق، في ظل غياب قوي للمنافس الإيراني”.

فيما يتعلق بتركيا، يرى الإيرانيون أنه سواء أكانت وراء هجوم المتمردين، أم أنها اكتفت فقط بالموافقة عليه، فإن هدفها لا يتمثل في مجرد الانتقام من الرئيس السوري فحسب، “بل في التحضير لعمليات ضد سلطة الحكم الذاتي الكردية في المستقبل القريب، وقد يكون انسحاب القوات الروسية من تل رفعت تمهيداً لذلك”.

وفي السياق التركي، يشير المحللون إلى أن الخطأ الأكبر للنظام الإيراني هو تقييمه الخطر القادم من إسرائيل والولايات المتحدة، باعتباره التهديد الرئيس لإيران، “وليس تحوّل تركيا إلى قوة إمبريالية”.

وفقاً لهذه التقديرات، تبدو السيناريوهات المحتملة للمستقبل قاتمة للغاية، بالنسبة إلى إيران. ومن بين الاحتمالات التي يطرحها المحللون في إيران: “انهيار النظام السوري نتيجة التقدم السريع للمعارضة، أو وقف الهجوم نتيجة تفاهمات دولية تؤدي إلى قطع العلاقات بين دمشق وطهران، أو حتى إلى انقلاب عسكري يغيّر هيكلية الحكم في سورية بالكامل”.

ويقدّر المحللون أن “إيران قد تجد نفسها خارج اللعبة”، مشيرين إلى ضرورة الانتظار لمعرفة التطورات.

من جهة أُخرى، هناك محللون إيرانيون لا تقتصر تحليلاتهم على التهديد الإقليمي، بل يرون في ذلك فرصة. وبحسب تقديراتهم، هناك هدف واحد لإسرائيل والولايات المتحدة: “منع حزب الله من استعادة قوته، ثم تدمير خطوط إمداده ودعمه”، أو بعبارة أُخرى، السيطرة على الساحة السورية.

في هذا السياق، أرسلت إسرائيل، مؤخراً، رسائل إلى الرئيس السوري والحكومة السورية، مفادها أنه إذا لم يتم قطع الإمدادات إلى حزب الله، فإن النظام السوري سيواجه خطر الانهيار. ونتيجة لذلك، ازدادت زيارات المسؤولين الإيرانيين الرفيعي المستوى لسورية.

ربما تقدّر الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا أن الحكومة السورية والجيش السوري وإيران وروسيا، لن يتمكنوا من خوض معركة ضد المتمردين وتحقيق النصر عليهم (مثلما جرى في الفترة 2011 – 2018)، وبصورة خاصة مع اختلاف الظروف الحالية، مقارنة بالماضي؛ فإيران متورطة في مواجهة مع إسرائيل، وروسيا منشغلة بالحرب في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن “حزب الله”، الذي كان يشكّل قوة رئيسة في الدفاع عن النظام، غير قادر على القيام بهذا الدور حالياً، وفقاً للتقديرات، بسبب الخسائر البشرية والمادية التي تكبّدها في الحرب مع إسرائيل.

كان هذا أحد العوامل التي عجّلت بتوقيت هجوم المتمردين. ويشير المحللون الإيرانيون إلى احتمال أن تختار إسرائيل استغلال الفرص في سورية، وتعمل بشكل هجومي فاعل، لا أن تكتفي فقط بتقديم الدعم للمتمردين، مثلما فعلت في السابق.

تحمل الأزمة الحالية في طياتها، رغم تعقيداتها، فرصاً مهمة بالنسبة إلى طهران. “فمعركة حلب هي معركة على مستقبل محور المقاومة”، حسبما يصرّحون.

وفي رأيهم، لن يقتصر الانتصار في هذه الساحة على كبح التهديدات الفورية، بل سيمنح إيران أيضاً فرصة لإعادة ترسيخ مكانتها الإقليمية.

يقول هؤلاء إن “مدينة حلب، التي حُررت في السابق بفضل القوات الإيرانية، أصبحت مجدداً محوراً حاسماً. إذ إن النجاح في صدّ المسلحين قد يؤدي إلى تحرير إدلب والقضاء على المعارضة السورية، بعد سنوات من القتال”، علاوة على ذلك، توفر المعارك الراهنة فرصة لتعزيز الحضور العملياتي لقوات المقاومة الإيرانية، التي يمكن أن تُستخدم كرافعة لتوسيع نفوذ إيران في المنطقة، ولذلك، يجب الدفع بها إلى المنطقة.

ورغم الضغوط الكبيرة التي تُمارَس على الرئيس السوري لإبعاده عن إيران، فإن هناك مَن يعتقد أن الأحداث الأخيرة قد تعزز اعتماده على طهران. ويقول هؤلاء إن النظام السوري، “إذا وجد نفسه في عزلة أكبر، فإن إيران ستصبح الحليف الذي لا غنى عنه”.

لا ترى طهران أن المعارك في سورية مجرد صراعات على الأراضي. بل تعتبرها اختباراً لقدرتها على الحفاظ على مكانتها الإقليمية ومحورها. لذلك، خلصت إيران إلى ضرورة القتال للحفاظ على قبضتها في سورية وحماية محور المقاومة.

بناءً على ذلك، تعمل إيران على ضخ قواتها إلى سورية. ووفقاً للمحللين، فإن “الهدف الظاهري يتمثل في مساعدة النظام السوري”، بينما الهدف الفعلي هو وقف المحاولات الإقليمية لقطع محور طهران – دمشق.

ترى إيران ذلك، استناداً إلى ضعف النظام السوري والتحالفات التي تُبنى، وتسعى لمنع أيّ تهديد، أو سيطرة على الأصول الاستراتيجية الإيرانية.

———————————————

عن “هآرتس”

يصفّون الديمقراطية في إسرائيل على طريقة العصابات

بقلم: يوسي كلاين

ما الذي تريده؟ سأل عميت سيغل شخصاً من الذين يوجدون على المنصة، تذمر من الخطر الذي تتعرض له حرية التعبير. هل قاموا بإسكاتك ذات مرة؟ لا، حتى الآن لا.

نحن ما زلنا في “الإجراءات” التي تحدّث عنها يئير غولان، وهي الإجراءات التي تؤدي إلى حكومة غير مقيدة.

نحن لا نصل إلى هذه الحكومة دفعة واحدة، بل نصل إليها على طريقة المافيا المعروفة. قطع إصبع من أجل التحذير: تماشوا مع الخط! بعد ذلك يتم قطع كل اليد.

على طريقة المافيا لا يغلقون القناة 11، فقط يوقفون إنتاجاتها. لا يفككون المحكمة العليا، بل فقط يؤخرون لجنة تعيين القضاة.

لا يمنعون تجنيد الحريديين، بل فقط يقومون بتقليص مخصصات الأولاد.

لا يقود ياريف لفين من الآن فصاعداً الانقلاب، بل عدد من أمثاله.

كل شخص سيساهم بنصيبه: سموتريتش يقدم المستوطنين، بن غفير يقدم رجال الشرطة، ونتنياهو، بوساطة كرعي، سيقوم بتكميم أفواه وسائل الإعلام الحرة.

لماذا يريد نتنياهو تكميم أفواهها؟ لأنه شخص نرجسي، وبحاجة إلى المحبة.

نتنياهو نقدره، وربما أننا معجبون به، لكن أن نحبه، ببساطة هذا غير ممكن.

بردوغو يستطيع أن يحبه، لكن هذا لا يكفيه. فهو يريد المزيد. كيف يعطونه المزيد؟

في البداية يبنون له قناة دعائية، أشبه بنصب تذكاري لشخصيته.

بعد ذلك يقومون بزرع العملاء المخفيين في قنوات طبيعية، يكررون أقواله باسم “التوازن” المحبوب وتنوع الآراء المرغوب فيه.

من هنا فصاعداً سيقود وحيد القرن. وحيد قرن مدرب ويعرف كيفية شم الطريق من أجل الوصول إلى الوظيفة.

في المقال الذي نشر بمناسبة إصدار كتاب “مزرعة الحيوانات”، كتب جورج أورويل أنه في أي لحظة توجد مجموعة أفكار، يتبناها “جميع الأشخاص الذين يفكرون بشكل صحيح”. ليس محظوراً قول أي شيء. ولكن قوله “غير مقبول”. ليس مقبولاً القول إن “المخربين هم مقاتلو حرية”.

هذا قانوني بالطبع، وكل شخص يمكنه قول ما يفكر فيه، لكن يجب عليه الأخذ في الحسبان بأنهم سينقضون عليه، ويقاطعونه، ويغلقون فمه. عندما تحدث عاموس شوكين عن الأبرتهايد في غزة لم يغضب أي أحد.

هذا الأبرتهايد هو أمر على ما يرام، صهيوني، وطني وجدير، لكن “مقاتلو حرية”؟.

تتفجر البطن من أقوال لا يجدر قولها. ما هو الجدير، إذاً؟. “متوطنون بدلاً من المستوطنين” و”إرهاب نفسي” بدلاً من “إشارة إلى الحياة”، و”إسرائيل مصممة” بدلاً من “إسرائيل تقوم بخرق وقف إطلاق النار”.

“السلام” و”المساواة” غير جديرة، ومن يستخدمها مصاب “باللاسامية”.

قم بالصراخ “ديمقراطية” في التظاهرة، وستحصل على لكمة من شرطي.

احمل لافتة مكتوباً عليها “حرروا المخطوفين” وستحصل على شتيمة “يساري عاهر”.

وحيدو القرن يطالبون بـ “المزيد من التوازن”.

هم يرون في مذكرات اعتقال نتنياهو تهديداً لنا جميعا. مثلما أقوال يعلون عن التطهير العرقي في غزة “تعرضنا جميعنا للخطر”.

هم لا يسألون كم “قضية خط 300” تحدث في غزة كل يوم. كم من الفلسطينيين “يتم قتلهم” دون توثيقهم من قبل اليكس ليباك.

هم يحترمون القانون، ومن غير المهم أي قانون. في العام 1933 نص “قانون الصحافة” في دولة أوروبية ما على أن الصحافي سيكون خاضعاً لإحاطات وزارة الإعلام.

نحن نتقدم بشكل جيد: تعطى بطاقة الصحافي، الآن، بمصادقة من “الشاباك”، وإسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم التي يُطلب فيها من الصحافيين أن يحملوا بطاقة حكومية.

في هذه الأثناء لا يقومون عندنا بقطع الرؤوس. بل بدؤوا في هيئات ممأسسة: القناة 11، “هآرتس” و”صوت الجيش”.

لا يقومون بإغلاقها مباشرة، في البداية يهددون، وبعد ذلك يعالجون العرب، ومن ثم يقومون بإغلاقها.

المتظاهرون أيضاً يقومون بعلاجهم على مراحل. في البداية يصادرون مكبرات الصوت، بعد ذلك اللافتات، وفي نهاية المطاف المتظاهرون أنفسهم. المتظاهرون هم متمردون ووحيدو القرن، هم قطيع.

التضامن الذي مات لن يولد من جديد. “كيشت” و”ريشت” لن تغلق الشاشة عندما سيتم إغلاق القناة 11.

هكذا نحن. أيضاً لن نغلق الدولة احتجاجاً على التخلي عن المخطوفين.

كتب برتولت بريخت: “وضعنا في حالة يرثى لها/ الظلام يزداد/ قوتنا آخذة في النفاد/ الآن بعد أن عملنا سنوات كثيرة/ وضعنا أصعب مما كان في البداية/… أعدادنا استنفدت/ شعاراتنا في حالة فوضى/ بعض أقوالنا قام العدو بثنيها إلى درجة لا يمكن التعرف عليها/ ما هو العيب في كل ما قلناه؟”.

——————انتهت النشرة——————