الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس/ ذي ماركر 11/12/2024
من الصين الى فرنسا: سباق تسلح جديد وخطير يلتهم اوراق صناعة السلاح
بقلم: دافيد ناجي
الشرق الاوسط يوجد في الوضع الاكثر قابلية للانفجار اكثر من أي وقت مضى. الحرب بين روسيا واوكرانيا اصبحت في السنة الثالثة. وكل لحظة ستمر منذ أداء الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب لليمين، هي لحظة يمكن أن تندلع فيها حرب تجارية بين الدولتين العظميين، الصين والولايات المتحدة. العالم غير مستقر وهو يشبه العالم متعدد الاقطاب الذي أدى الى الحرب العالمية الاولى أكثر مما يشبه العالم ثنائي القطب الذي ساد في فترة الحرب الباردة.
ربما من الصحيح تسمية ذلك عالم ثلاثي القطب على خلفية سباق التسلح والتكنولوجيا الذي لا يتوقف عن التطور بين الدول العظمى الثلاثة، الولايات المتحدة، الصين وروسيا. سباق ثلاثي ترافقه مواجهات اقليمية اخرى هو في الاصل ثابت أقل من العالم ثنائي القطب. ويمكن اضافة الى ذلك الشروط المريحة نسبيا الآن لتطور الصراعات امام الشروط التي كانت سائدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، هذا حسب مؤشر السلام العالمي للعام 2024 في معهد الاقتصاد والسلام، الذي يصنف الدول حسب مستوى السلام فيها على قاعدة ثلاثة معايير رئيسية: شعور السكان بالأمان، وجود واستمرار مواجهات داخلية ودولية ومستوى العسكرة في الدولة.
مؤشر العسكرة العالمي في المركز الدولي لابحاث الصراعات في بون في المانيا يدمج فيه مقارنة بين النفقات الامنية للدول مقارنة مع الناتج الخام الاجمالي وبين النفقات على الصحة، ويدمج بين نسبة رجال الجيش من بين السكان أو الذين يوجدون في الخدمة شبه العسكرية وبين نسبة الاطباء. المؤشر يأخذ ايضا في الحسبان نسبة السلاح الثقيل (الدبابات والغواصات والطائرات والمروحيات) للفرد.
حسب هذا المؤشر فانه في 2023 كان هناك ارتفاع في متوسط العسكرة العالمي، كانت مواجهات اكثر والكثير من الناس ماتوا في الحروب (153 ألف شخص في 2022 مقابل 171 ألف في 2023). هذه هي السنة التي فيها ايضا تجاوزت اوكرانيا اسرائيل واصبحت الدولة الاكثر عسكرة في العالم. اسرائيل الآن توجد في المكان الثاني بعد أن كانت في المكان الاول في الاعوام 2006 – 2021، بالاساس لأنها هي الاولى عالميا في نسبة مشاركة المواطنين في الجيش (الارقام صحيحة حتى نهاية 2023). في مؤشر العسكرة توجد روسيا في المكان 10، الولايات المتحدة في المكان 25، ايران في المكان 28، الصين في المكان 103، رغم أنها لاعب رئيسي في سوق السلاح حيث تصدر لروسيا ولدول كثيرة في المنطقة التي كانت ذات يوم تسمى الاتحاد السوفييتي.
في هذه الاثناء هناك 56 مواجهة نشطة في ارجاء العالم، وهو الرقم الاعلى منذ الحرب الباردة. عدد قليل من الصراعات تنتهي باتفاق سلام أو انتصار حاسم، واذا شئتم نصر مطلق. نسبة النصر المطلق انخفضت من 49 في المئة في سبعينيات القرن الماضي الى 9 في المئة في العقد السابق، ونسبة الصراعات التي انتهت باتفاق سلام انخفضت من 23 في المئة الى 4 في المئة في نفس الفترة.
متوسط مؤشر السلام العالمي انخفض في 2023 مقارنة مع العام 2024، 0.5 في المئة – الانخفاض الـ 12 في الـ 16 سنة الاخيرة. عدد الدول التي هبطت في المؤشلا، 97 دولة، هو الاعلى منذ البدء في قياس هذا المعطى قبل 18 سنة. ايسلاندا تتصدر مؤشر السلام بصورة متتالية منذ 2008، وهي توجد في المكان الاول في هذه السنة ايضا. بعدها تأتي ايرلندا، استراليا، نيوزيلندا، سنغافورة، وسويسرا تنهي الخماسية الاولى. اليمن هي الدولة الاخيرة في هذا التصنيف، الذي يشمل 163 دولة. تأتي بعدها السودان، جنوب السودان وافغانستان، اوكرانيا في المكان 159، روسيا في المكان 157، سوريا في المكان 156 واسرائيل في المكان 155.
في هذا العالم المحارب فان المطلوب فقط هو اضافة تكنولوجيا السلاح المتطورة في مجال السايبر والذكاء الصناعي والقدرة على تحديد مكان الغواصات في اعماق المحيطات بعيدا عن الشواطيء، وسيكون لدينا عالم تنفق فيه الدول المزيد على الأمن وتزدهر فيه تجارة السلاح. من اجل فهم من الذي يزدهر بالضبط ومن يشتري، يمكن النظر الى النمو في مبيعات شركات السلاح والتغيير في تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في 2024 في المجلة الامنية “اخبار الدفاع”. 9 شركات من الـ 10 شركات السلاح الكبرى في العالم سجلت نمو في ايراداتها في العام 2023 مقارنة مع العام 2022. المداخيل من بيع السلاح والخدمات العسكرية للشركات المئة الكبرى بلغت 632 مليار دولار في 2023 – ارتفاع 4.2 في المئة – مقارنة بالعام 2022، حسب المعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم.
على خلفية الطلب المتزايد لمنظومات السلاح المتطورة التي تحتاج الى استثمارات كبيرة في التطوير فان الصناعات الامنية قامت بعملية دمج بين الشركات الكبيرة، التي أدت الى السيطرة على عدد من اللاعبين الافراد في هذه الصناعة. جزء من ذلك يعود للتكنولوجيا المتقدمة في تطوير الطائرات القتالية المتقدمة والصواريخ التي سرعتها اكبر من سرعة الصوت وحلول السايبر التي ترتكز الى الذكاء الصناعي.
رغم ذلك، المعهد نشر في الملخص السنوي للعام 2023 بأن منتجي السلاح الاصغر كان اكثر نجاعة في الرد على الطلب الذي وجد على خلفية الحرب في قطاع غزة وفي اوكرانيا والتوتر في شرق آسيا وخطط اعادة التسلح في ارجاء العالم. المعهد اشار الى أن 75 في المئة من الشركات سجلت ارتفاع في المبيعات، وأكد على أن معظم الشركات التي كان لها نمو في المبيعات توجد في النصف الثاني في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم.
ربما هذا يفسر لماذا شركة السلاح الكبرى في العالم، لوكهيد مارتن الامريكية، سجلت ارتفاع متواضع، 2 في المئة، في مداخيلها من السلاح. ايضا السهم في شركة السلاح الامريكية الكبرى ارتفع سعره فقط 19 في المئة منذ بداية السنة بعد أن انخفض في الشهر السابق على خلفية مبيعات اضعف من التوقعات. هذا يعتبر نقص في الاداء مقابل مؤشر “اس آند بي 500” الذي ارتفع 27 في المئة منذ بداية السنة، وربما أن توقعات المستثمرين بشأن العائد على السلاح في العالم يمكن رؤيتها بشكل افضل في مؤشر اسهم الدفاع والطيران في شركة اس آند بي، الذي ارتفع 38 في المئة منذ بداية السنة.
بعض الاسماء الاخرى، الاقل امريكية، تبرز عند النظر الى تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في العام 2024. في المكان الثاني في التصنيف توجد شركة الصناعات الجوية في الصين، التي في 2023 كانت في المكان الرابع (الذي قفزت اليه من المكان الثامن في 2022)، بعد قفزة 45 في المئة في المداخيل السنوية من بيع منظومات سلاح.
رغم العقوبات المفروضة على روسيا إلا أنه حسب عدد من التقارير فان الصناعات الجوية الصينية تبيع لروسيا اجزاء وقطع غيار للطائرات القتالية الروسية، سوخوي 35. وهي ايضا توفر السلاح للزمرة العسكرية في مينمار. ورغم القيود الدولية على تجارة السلاح في مواثيق مختلفة إلا أن تقارير كثيرة لمنظمات تفحص هذا المجال تظهر أن تطبيق هذه المواثيق غير دائم، والسلاح يستمر في الوصول ايضا الى دول خرقت حقوق الانسان أو فرض عليها حظر السلاح. بين الاسود والابيض يوجد الكثير من الرمادي، وشركات خاصة، الى جانب شركات سلاح صينية تعمل ايضا في المجالات المدنية، متهمة في حالات كثيرة بأن المعدات المدنية التي تصدر بالاساس لروسيا، تستخدم ايضا لاغراض عسكرية.
المعدات ثنائية الاستخدام مثل شبه الموصل الضروري لانتاج منظومات السلاح المختلفة، معدات الملاحة، قطع غيار الطائرات وآلات التصنيع الدقيقة (سي.ان.سي)، تمر في شبكة متشعبة من الشركات الوهمية وتصل من الصين الى روسيا، حسب بحث اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الذي يتابع البيانات التجارية. هكذا فان الصين توفر الموارد الضرورية لتحقيق قفزة كبيرة في انتاج السلاح الروسي، التي حتى بداية السنة ستضاعف قدرتها الانتاجية الشهرية للصواريخ بعيدة المدى. بغض النظر عن ذلك فان نصف صادرات الصين من السلاح تقريبا يذهب الى دولة واحدة هي باكستان، من اجل دعم صراعها مع الهند.
من الاسماء الاخرى البارزة هناك، شركة احواض السفن الصينية لبناء الغواصات، التي للمرة الاولى دخلت الى قائمة الشركات العشرة الكبرى للسلاح في العالم، بعد زيادة 19 في المئة على ايراداتها من بيع المعدات العسكرية. وقد اعلنت الشركة مؤخرا بأنها تقوم ببناء غواصة بدون ملاح، بطول 40 متر ويمكنها حمل 12 صاروخ توربيد، اضافة الى مقاتلات والغام وغواصات صغيرة بدون ملاح. من اجل المقارنة فان طول الغواصة غير المأهولة لشركة صناعة الفضاء الاسرائيلية “الحوت الازرق”، حوالي 10 امتار.
لكن ليس كل شيء يسير على ما يرام. ففي 2023 الزيادة في ايرادات الشركات الصينية التسعة في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم التي بلغت 103 مليار دولار، كان الاقل منذ 2019 (نمو 0.7 في المئة في المتوسط)، في جزء منه بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين في السنوات الاخيرة، لكن يوجد اسباب اخرى. مثلا، الصناعات الجوية في الصين سجلت مداخيل كبيرة من بيع الطائرات بدون طيار، لكن في مرات كثيرة تم توجيه الانتقاد لجودة المنتج والدعم السيء، حتى لو كان أقل مما في السابق.
———————————————
إسرائيل اليوم 11/12/2024
الجيش السوري عاد الى نقطة الصفر
بقلم: يوآف ليمور
وفرت أشهر الحرب الـ 14 الكثير من اللحظات التاريخية والدراماتيكية، لكن الساعات الـ 72 الأخيرة كانت استثنائية حتى لمن اعتقد انه سبق أن رأى كل شيء.
ان تدمير القدرات المركزية للجيش السوري هو حدث غير مسبوق في كل معنى ممكن لم يستعد له الجيش الإسرائيلي له مسبقا. من ناحية مدى وعمق الضربة فانها أكبر حتى من الهجوم الذي بدأت به حرب الأيام الستة، لانه لم ينزع قدرات معينة من الجيش السوري: هو اعاده الى نقطة الصفر وهو عار عمليا من كل قدرة استراتيجية ذات مغزى.
حتى قبل بضعة أيام بدا الأسد مستقرا في كرسيه، وان كانت تجمعت معلومات استخبارية متواصلة عن القدرات والوحدات في الجيش السوري وعن منظومات انتاج وبنى تحتية، احد لم يقدر بانها ستصبح هدفا فوريا للتدمير. صحيح أن إسرائيل هاجمت في اثناء العقد الأخير عناصر عسكرية مختلفة في سوريا – وبالاساس منظومات دفاع جوي هددت طائرات سلاح الجو وكذا قدرات انتاج السلاح – لكنها لم تضرب العمود الفقري للجيش السوري كي لا تعتبر كمن تعلن الحرب على سوريا، وكذا خوفا من ان تتورط مع روسيا – السيدة الأساس للرئيس الأسد.
معقول أن في الخلفية كان أيضا تخوف دائم من أن يكون اضعاف اكبر مما ينبغي للجيش السوري كفيلا ان يسمح لخصومه بالسيطرة على الدولة. وكما يقول الكليشيه، في إسرائيل فضلوا الشيطان المعروف على الشيكان غير المعروف، ومع الأسد (وأبيه) كان لإسرائيل تاريخ طويل السنين من الحدود الواضحة والمحددة.
كل هذا انتهى من اللحظة التي انهار فيها حكم الأسد في بداية الأسبوع. كان واضحا لإسرائيل أمران: الأول، أنه توجد في سوريا قدرات ذات مغزى من شأنها أن تكون خطيرة اذا ما وقعت في اياد غير مسؤولة. والثاني ان الثوار – حتى وان كانوا يجتهدون جدا لان يظهروا وجها جديا لثوار في الجينز- يتبنون أيديولوجيا متطرفة جدا للجهاد العالمي والعداء لإسرائيل والرغبة في ابادتها تتدفق في عروقهم.
تدمير ما يمكن
خليط هذين الامرين أدى الى قرار فوري في تدمير كل ما هو ممكن في سوريا: طائرات ومروحيات قتالية ونقل، بطاريات دفاع جوي، سفن من أنواع مختلفة، دبابات ومجنزرات، مخازن ذخيرة، مخزونات من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لجملة مديات، مصانع انتاج وبنى تحتية لأسلحة (بما في ذلك قدرات كيماوية) ومنشآت وقواعد استخبارات كان تخوف ان تسقط في ايدي الثوار. يدور الحديث عن مئات الهجمات التي نفذت بلا انقطاع في كل ارجاء سوريا، بعضها نفذت بأسلحة دقيقة وبعضها بواسطة سلاح “غبي”.
حرية الطيران لسلاح الجو في سماء لبنان وسوريا أتاح الوصول لكل هدف، وفي هذا الجهد الذي دار بتواصل شاركت كل اسراب السلاح.
عمليا، إسرائيل استخدمت كل المعلومات الاستخبارية التي كانت لديها عن الجيش السوري. عشرات الاف ساعات العمل البشري الذي تراكمت على مدى سنوات طويلة تلخصت في هجوم مكثف استهدف إبقاء “تندرات ورشاشات” في ايدي الثوار، على حد قول مصدر كبير. حتى لو كان هذا الوصف مبالغا فيه قليلا، فانه يدل على أن إسرائيل قررت الا تأخذ مخاطر، وذلك بالتوازي مع مد اليد العلنية للثوار – على أمل أن يكون ممكنا أن يدار معهم واقع عديم الحروب.
لكن الى جانب هذا النجاح العملياتي، يتوجب ان نتذكر: لا شيء ينتهي في سوريا. العكس هو الصحيح. كل شيء يبدأ فقط. صحيح ان سوريا ضعفت دراماتيكيا لكن أحدا لا يعرف من سيحكم في الدولة وفي أي أجزاء منها وماذا ستكون نواياه. الاستخبارات الإسرائيلية التي كررت حتى الان أسماء الفرق والقادمة وكم دبابة مؤهلة توجد لهم، ينبغي ان تبدأ بحفظ أسماء منظمات الثوار والنشطاء المركزيين فيها ممن من شأنهم ان يكونوا عدو الغد. ومثلما تعلمت إسرائيل في 7 أكتوبر، فان منظمات الإرهاب من شأنها أن تتبين بسرعة خطيرة ومهددة بقدر لا يقل عن الجيوش النظامية.
———————————————
هآرتس 11/12/2024
جبهة سوريا يمكنها الآن تمكين نتنياهو من العمل على وقف اطلاق النار في غزة
بقلم: نوعا لنداو
مثل الكثير من الحكام في تاريخ العالم الحديث، الذين طوروا شهية متزايدة لتركيز الصلاحيات، ايضا بنيامين نتنياهو وصل في السنة الاخيرة الى وضع فيه استراتيجية بقاءه السياسي تقتضي حالة طواريء دائمة، سواء كايديولوجيا، لأن اليمين في اسرائيل مضطر الى تعزيز دائم للاعداء، في الداخل وفي الخارج، من اجل تبرير القمع الداخلي المتزايد، أو كتلاعب، لأن الادعاء بشأن الانشغال الذي لا ينقطع لنتنياهو بظروف أمنية معينة، التي كما يبدو لا تسمح له بأي وقت، حول ذريعة رئيسية الى تأجيل وتباكي في نضاله القضائي.
في السنة الاخيرة، لسوء الحظ، تم استنزاف الايديولوجيا والتلاعب، ووصلت الى وضع نهائي بالنسبة له. فقد كانت الحرب الاقليمية المستمرة في جبهات كثيرة الارض الخصبة للدفع قدما بموجة كبيرة من التشريعات المناهضة للديمقراطية واحداث تغيير جذري. حملة سياسية تسعى الى تقديمه كقائد كبير يتم الزعم بأنه يتم اضطهاده بسبب امور تافهة، بينما كان يمكنه قيادة ازمة وطنية.
مثلما في النظرية المعروفة لكارل شميدث التي بحسبها السيد هو الذي يمكنه تأجيل أو الغاء القانون في حالة الطواريء، الحرب المتواصلة مكنت نتنياهو وحكومة اليمين المتطرفة برئاسته، من زيادة محاولات قضم استقلالية منظومات القانون والشرطة والجيش ووسائل الاعلام والاكاديميا وما شابه. الحرب مكنت، برعاية النضال المتزايد ضد الارهاب الحقيقي أو الموهوم، من زيادة اعتبار الاقلية الفلسطينية في اسرائيل والمعارضين لحكم نتنياهو “اعداء في الداخل”، الذين يجب ملاحقتهم وتقييدهم.
ايضا العملية الاكثر اهمية، وهي نية المس بحقوق العرب من مواطني اسرائيل في أن ينتخبوا ويترشحوا بصورة يمكن أن تعزز بشكل كبير سلطة الليكود. كل ذلك لأن اخراج الاقلية العربية من اللعبة السياسية غير مدفوع بايديولوجيا عنصرية فقط، بل هو ايضا نسخة محلية للغش الامريكي. منذ افتتاح الدورة الشتوية للكنيست لا توجد أي لحظة لم يحاول فيها الائتلاف أن يدفع قدما وبشكل فعلي بالانقلاب النظامي، الذي سيجعل اسرائيل دولة مستبدة في كل مجال مدني محتمل.
في السنة الاخيرة اشار الكثير من السياسيين والمحللين مرة تلو الاخرى الى هذه الحقائق كسبب رئيسي لغياب الدافع الشخصي لنتنياهو من اجل التوصل الى الصفقة التي ستنهي أخيرا الحرب ايضا في قطاع غزة. ولكن في الفترة الاخيرة يبدو أن الاحداث الجيوسياسية يمكن أن تعزز مصالح اخرى. على الصعيد السياسي فان الدخول القريب لادارة دونالد ترامب الى البيت الابيض يزيد الضغط على نتنياهو من اجل التوصل الى صفقة في القطاع ايضا. وقف اطلاق النار في الشمال وفر له “فصل الساحات” الذي دعا اليه، أي عدم تمكين ايران من الربط بين الساحة الفلسطينية والساحة الشمالية. على الصعيد العسكري فانه يبدو أن نتنياهو يبني في الفترة الاخيرة الرواية عن انجازات اسرائيل في كل المعارك.
بالذات سقوط نظام الاسد يمكن أن يوفر الآن التعزيز الكبير لنتنياهو من أجل وقف اطلاق النار ايضا في قطاع غزة. ليس فقط لأن سقوط نظام الاسد يمكن نتنياهو من رسم الآن الرواية عن هزيمة ساحقة كما يبدو لمحور ايران (الذريعة الوقحة والسريعة في هذه المرحلة)، بل لأنها توفر له البديل عن حالة الطواريء التي هي حيوية جدا بالنسبة له من ناحية سياسية. معركة اخرى مع اجماع مدني شامل، للدفاع عن دولة اسرائيل من امكانية تواجد قوات القاعدة على حدودها، يمكن أن توفر لنتنياهو استبدال الحرب في قطاع غزة بحرب ضد سوريا من اجل مواصلة تغذية، للأسف، ذريعته الساخرة بشأن الانقلاب النظامي والتهرب من المحاكمة.
———————————————
هآرتس: 11/12/2024
استراتيجية نتنياهو الواضحة: تشويه الأدلة بغرض التحريض
بقلم: يوسي فارتر
أكد اليوم الأول من الشهادة مدى ضيق العالم بالنسبة لبنيامين نتنياهو، الذي يركز على صعوبات حياته حتى عندما تتعرض دولة إسرائيل للصدمة، وألمح إلى الطريقة التي لا يزال يأمل أن يتمكن من الهروب بها من المحاكمة.
المتهم بنيامين نتنياهو، الذي قام حتى الأمس بكل الحيل التي يمكن أن يخطر بباله لتجنب الإدلاء بشهادته، تم الاستماع إليه أمس (الثلاثاء) كشخص يحاول الوقوف إلى جانب ادعائه بأنه يشتاق للشهادة وأنه كان ينتظر هذه اللحظة. لمدة ثماني سنوات. بسخاء مع نكهة جبانة، ميزت سير محاكمته لفترة طويلة، سمح القضاة لنتنياهو بالإبحار عبر قصص ألف ليلة وليلة. وصف تفصيلي للأحداث الهامشية والدنيوية في سنواته التي لا تنتهي في منصبه، ومقال موسع عن جذور وتطور عداءه لوسائل الإعلام، وقبل كل شيء – أنا وأنا وأنا.
لمدة ساعة طويلة وصف رئيس الوزراء مصيره، وكشف عن صعوبات حياته، وأعرب عن أسفه لساعات العمل الطويلة. وفي مرحلة ما، شبه نفسه بعامل منجم للفحم، لا أقل من ذلك. وكانت جملته الأكثر إثارة للقلق هي “ليس لدينا حياة هنا”، في إشارة إليه وإلى زوجته (ذكرها عدة مرات خلال الحفل، وهي جزء لا يتجزأ من “ضريبة سارة” التي ربما يتعين دفعها مقدما).
هل ليس لديهم حياة هكذا يقول زعيم بلد مصدوم منذ 14 شهراً، منذ ذلك اليوم اللعين الذي قتل فيه مواطنوه وجنوده واختطفوا. بلد أحصى أكثر من 800 من أفراد قوات الأمن الذين قتلوا منذ ذلك الحين، وأصبحت أسماء سبعة منهم معروفة منذ بضعة أيام، وهو اليوم الذي هاجم فيه الصحفيين وتذمر من مدى صعوبة الأمر عليه. واشتكى في شهادته أمس: «لا أستطيع تدخين السيجار بشكل مستمر». أطلق على رئاسة الوزراء لقب “المجنون”.
لا يوجد شيء أضيق من عالم بنيامين نتنياهو. بالكاد يستطيع احتواء نفسه. لم يكن أي من رؤساء الوزراء الذين عملوا هنا يجرؤ على التحدث بهذه الطريقة عن هذا الموقف. لقد رأوا في ذلك امتيازًا كبيرًا. لم يشتكوا ولم يطلبوا التعاطف من الرعايا. لكن هذا هو الرجل، إنه يقدم لنا معروفًا. فهو دائما يستحق المزيد. وهذا هو الموقف الذي يكمن وراء بعض الاتهامات الموجهة إليه.
في نهاية اليوم الأول من الشهادة، يبدو أن نتنياهو هنا أيضًا سيستخدم استراتيجية التشهير التي يستخدمها هو وفريق دفاعه منذ سنوات. الملاحظات التي ترد، والمناظرات المؤجلة أو المقطوعة، ورؤساء أمريكا الجنوبية، والرحلات إلى الخارج، واجتماعات مجلس الوزراء، وبعد كل هذا، يجلس المتهم ويثرثر بكلمات لا علاقة لها بالقضايا التي يحاكم عليها. من المحتمل أن تستمر هذه الشهادة إلى الأبد (بما أنه حرص على إقرار مشروع قانون يسمح له بتلقي التمويل الكامل لدفاعه القانوني من المانحين، فهو آخر من يحصي الساعات الثمينة لمحاميه). لديه مصلحة واضحة في عدم انتهاء هذه المحاكمة.
لكن تشويه الشهادة له غرض آخر. وهو ينوي تحريض المزيد والمزيد من جمهوره المتعصبين، الذين جاء بعضهم للتظاهر أمس ضد المحكمة والنظام القضائي برمته. سوف يحرضهم على موقف، كما يأمل، حيث ستنشأ موجة من جميع أنحاء البلاد تسعى إلى العفو عنه، أو على الأقل تقديم صفقة إقرار بالذنب له.
ومع عدم وجود كاميرات في قاعة المحكمة، لفتت الأنظار وثيقتين كانتا جزءًا من ذلك اليوم. كلاهما يقول الكثير عن المتهم. يُظهر الأول ملاحظة تم إدخالها في رئيس الوزراء تحمل علامة “سري للغاية” في مظروف. ومن الصعب العثور على زعيم يشك العديد من مواطنيه في وجود مثل هذه المذكرة في مثل هذا المظروف ، ليس بالضرورة أصيلاً.
والثاني كان مقطع فيديو مثير للشفقة له ومهرج بلاطه تساحي برافرمان، الذي بدا وكأنه يوقع سلسلة من الوثائق بسرعة فائقة (لإثبات أن توقيعًا محددًا يساوي مئات الملايين من الشواقل لشاؤول إلوفيتش، شريكه المقرب) والمحسن، تم دون أن يعرف ما كان عليه). ولا شك أن الشاهد كان يعلم أن القضاة كانوا يضحكون في قلوبهم وأن هذا المثل مثير للسخرية يسلم الرسائل ويظهر ما يفكر فيه حول ذكاء معجبيه.
خلاصة ما حدث في اليوم الأول هو أن التحقيق مع محامي الدفاع عميت حداد كان بمثابة مقابلة مع يعقوب باردوغو، ومعلومات لا أهمية قانونية لها ومع ذلك، سيتم فحص كل إفادة يتم الإدلاء بها تقريبًا في استجواب الشهود، ولا أحد يعرف كم شهرًا.
———————————————
معاريف 11/12/2024
تخوفات في إسرائيل والمنطقة من تداعيات الثورة في سوريا على الشرق الأوسط
بقلم: افي اشكنازي
صباح يوم الخميس كان قائد سلاح الجو اللواء تومر بار سيعقد سلسلة لقاءات. ضمن لقاءات أخرى مع حلقة المراسلين العسكريين. قبل وقت قصير من منتصف الليل بين الأربعاء والخميس، وبشكل مفاجيء، الغى بار كل جدول الاعمال الذي كان مقررا له في نهاية الأسبوع وانتقل بهدوء تام من تحت الرادار الى جدول اعمال جديد، كذاك الذي عشية حرب.
عندما بدأ الثوار في سوريا التقدم في الثورة، وقبل كثير من انهائهم السيطرة على حلب وحتى قبل ان يتوجهوا جنوبا الى دمشق، في سلاح الجو الى جانب شعبة الاستخبارات في الجيش انهوا خطة سهم البشان.
في الجيش حددوا مسبقا كل منظومة مضادات الطائرات لدى الجيش السوري كهدف للمعالجة. يدور الحديث عن منظومة صواريخ ارض – جو هي الأكثر كثافة في العالم – كابوس كل سلاح جو اجنبي فكر بان يهاجم في أي مرة سوريا او محيطها. فور تصفية سلاح الجو منظومة الدفاع الجوي السورية، خلق واقعا أول من نوعه في الشرق الأوسط منذ نحو 60 سنة، واقع يكون فيه لسلاح الجو الإسرائيلي التفوق الجوي الكامل والمطلق فوق معظم الشرق الأوسط: لبنان، سوريا، العراق وايران.
المرحلة الثانية كانت ضرب ما لا يقل عن 350 هدف على الأرض: من الطائرات القتالية لسلاح الجو السوري، 15 سفينة صواريخ سورية حديثة، كل مخازن الصواريخ بعيدة المدى والصواريخ من الأنواع المختلفة لمديات قصيرة ومتوسطة، وحتى بطاريات المدفعية، ألوية الدبابات، القيادات، مكاتب وحدات الاستخبارات وغيرها. الجيش الإسرائيلي، بوساطة سلاح الجو أساسا وبمعونة سلاح البحرية دمر نحو 80 في المئة من عموم الجيش السوري.
حتى هنا القسم الإيجابي من الشرق الأوسط الجديد. الخطوة الثانية هي المجهولة. الشرق الأوسط كالمرجل. الان نبدأ بالاحساس بالهزات الثانوية.
لقد خلقت الحرب الاهلية موجة لاجئين سوريين في أوروبا، لكن أيضا في الأردن، تركيا، العراق وغيرها. بعضهم ينتمون للتيارات المختلفة لجماعات الثوار. بعضهم فقط مواطنون أبرياء نجوا في اللحظة الأخيرة من المعارك والفظائع التي وقعت في سوريا. الان هم مثل القنبلة اليدوية التي فلت رفاصها، لكن ممسكة اليد لا تزال ممسوكة ولم تتحرر.
التخوف في هذه اللحظة هو أن الكثير جدا من الجماعات، بما في ذلك جماعات من اللاجئين السوريين، لكن أيضا من معارضي النظام في ارجاء الشرق الأوسط، سيرفعون الرأس. من المملكة الهاشمية في الأردن، عبر العراق الذي له ديمقراطية هشة، وحتى الثورة المتجددة للاخوان المسلمين في السعودية، في البحرين، في الكويت، لكن أيضا في مصر. هذا يقلق حاليا كل رؤساء الدول حولنا. هذا هو السبب الذي جعل المصريين يطلبون امس ان يلتقوا على عجل برئيس الأركان الفريق هرتسي هليفي ورئيس الشباك روني بار. التقى الرجلان امس على مدى ساعات طويلة مع نظيريهما في مصر. معقول الافتراض انه بسبب الوضع الجديد، سيجمع هليفي وبار اميالا كثيرة في نادي “المسافر المثابر”، لان بانتظارهما على أي حال ان يكونا موضع غزل في كل عواصم المنطقة مع التشديد على دول الخليج.
لا يزال ممكنا ان نتوقع في الأيام القريبة القادمة اعمالا وقائية حازمة من وحدات للشرطة وأجهزة الامن في دول المنطقة ضد نشطاء من جماعات انعزالية او جماعات إسلامية متطرفة وذلك منعا لما حصل في سوريا أن يحصل في أراضيهم. بالمناسبة، في إسرائيل أيضا يخشون من ان تشجع احداث سوريا عناصر في مناطق يهودا والسامرة.
ايران هي الأخرى كفيلة بان تصحو في الأيام القريبة القادمة. فبعد الضربة القاسية التي تلقتها ستحاول انتاج خطوة توضح للجميع بانها لا تزال قوة ذات مغزى. والتقدير بالنسبة للخطط الإيرانية واسع: ابتداء من محاولتها تسريع البرنامج النووي بحيث تصبح في غضون أسابيع دولة ذات قدرة نووية، وتقدير آخر هو ان تشجع ايران ثورة في المملكة الأردنية. خطوة كهذه ستلزم الولايات المتحدة وإسرائيل أيضا بالتدخل.
إسرائيل لن توافق على السماح لإيران بان تبني استحكامات متقدمة لها على الحدود الشرقية. كما أن إسرائيل مصممة الا تسمح بإعادة بناء حزب الله في لبنان او كل جسم يرتبط بايران في سوريا. خطوة الجيش الإسرائيلي في سوريا هي ضربة قاضية لحزب الله، الذي مشكوك أن ينجح في ان يتسلح.
الان إسرائيل ملزمة بان تجري بحثا استراتيجيا واسعا. الواقع الجديد يفترض ذلك. المشكلة هي ان المستوى السياسي مشغول حتى الرقبة في اعتبارات حزبية، وفي سرقة الحظوة من المستوى العسكري بالنسبة للخطوات التي نفذها الجيش الإسرائيلي منذ الليلة التي بين الأربعاء والخميس.
———————————————
يديعوت احرونوت 11/12/2024
شهادة نتنياهو في المحاكمة امس لم تكن حدثا قضائيا؛ ولا حتى حدث سياسي
بقلم: ناحوم برنياع
في النهاية جاء. ليس في يد ملاك، ليس في يد شريف، بنفسه، بجسده: لعل هذه هي البشرى الوحيدة من اليوم الأول لشهادة نتنياهو. رغم كل الطلبات، كل المعاذير، كل البطاقات التي كانت ولا بد ستكون، هو كان هناك، في القاعة في الطابق ناقص 2، الحجرة الزجاجية من خلفه، منصة الخطابة امامه. خطوة صغيرة لمحاكمة الالاف، خطوة كبيرة للقانون والنظام في دولة إسرائيل.
شهادة نتنياهو في المحاكمة امس لم تكن حدثا قضائيا؛ ولا حتى حدث سياسي – حقا. أحيانا بدت مثل موعظة بلوغ لطفل نشيط على نحو خاص: فليعلم العالم كم أنا اعمل بكد؛ فليعلم العالم كيف انقذ الوطن كل يوم؛ أحيانا بدت كقصيدة الضحية: انظروا ما فعلوه بي – المحققون، النواب العامون، وسائل الاعلام؛ انظروا ما يفعلونه بي الان. ينبغي أن يقال في صالحه: كل شيء أصيل؛ فهو يؤمن ايمانا كاملا بانه ينقذ الدولة بمجرد ولايته وهو ضحية خونة من الداخل، عملاء للعدو. عندما يدور الحديث عنه، فان نتنياهو هو رجل مؤمن.
يصعب علي ان اصدق بان القضاة سيشترون هذه الحجة: فهي ليست معدة لهم. هي معدة للمتظاهرين في الخارج الذين غطى مكبر صوتهم القوي على هزال الصفوف، وهي معدة للرجل نفسه، لعقيلته، لابنه. فهم ليسوا فقط أصناف القاعدة – هم القاعدة.
***
قاعة المحكمة المركزية في تل أبيب كانت مليئة حتى صفر مكان بالنواب العامين وبالمساعدين، برجال الامن، بالصحافيين، بالوزراء وبالنواب من الائتلاف. وحتى لو كان الحوثيون قرروا إطلاق مُسيرة الى القاعدة ما كانوا سينجحون في أن يجعلوها تتسلل الى داخل القاعة – الى هذه الدرجة كان الوضع مكتظا. السياسيون جاءوا لاظهار التواجد ولنثر قسم ولائهم بين مواقع الاخبار ونشرات التلفزيون الصباحية. فليعلم أعضاء المركز بانهم كانوا هناك، معه وخلفه. ولتعلم أيضا سارة. بن غفير دخل الى القاعة أولا، قبل الحدث بكثير، محوط بحاشية، قال جملة استفزازية للكاميرات وذهب. فرحا ومازحا. وبالتدريج تبخر الجميع الى اشغالهم.
في زاوية صف المقاعد الخلفية جلس أفنر نتنياهو، الحلقة الصامتة في عائلة مفوهة جدا. كل من كان في القاعة رأى حاجة لالتقاط الصور له. وحتى عندما صمتت الكاميرات ونهض المتهم للحديث واصلت عيناه التركيز في نقطة واحدة على ظهر ابيه. عضلة لم تتحرك في وجهه، لا ابتسامة، لا هنة، لا غضب. في لحظات حرجة، ضاغطة كان مخرجنا جميعا هو أن نطل على شاشة الهاتف النقال. اما الابن فلم يسمح لنفسه حتى بهذا.
حزنت له. في وضعه كنت سأشعر كحيوان في سيرك.
***
الشرطة، كما اتهم عميت حداد، محامي نتنياهو، لم تحقق جناية – حققت انسان. على مدى كل الطريق بحثت عن رأس نتنياهو، بصلة او بدون صلة بملفات التحقيق. اعتقد ان ادعاءه، الذي كرره نتنياهو في شهادته، جدير بالبحث. فكروا في ذلك في المستوى المبدئي، على نحو منفصل عن الرأي الذي بلوره كل انسان في إسرائيل عن نتنياهو، معه او ضده: عندما يفتح تحقيق للاشتباه بمخالفة جنائية يشارك فيها زعيم وطني، هل يمكن أن يدار وكأن الحديث يدور عن مواطن عادي، في ملف بوزاغلو؟ هل توقعات المحققين مشابهة؟ هل رد فعل المشبوهين الاخرين في الملف مشابه؟ هل سلوك المحقق معه مشابه؟
ما تعلمته في الثماني سنوات منذ فتح التحقيق هو ان الجواب على كل هذه الأسئلة هو بلا لبس لا: إيجابا وسلبا. بكل معنى الكلمة، قوة ومكانة نتنياهو رافقتا الملفات التي يتهم بها كالظل. من يعتقد خلاف ذلك يتساذج او يدس رأسه في الرمال.
يمكن أن نبدأ بالتسهيلات التي منحهتا الشرطة والنيابة العامة لنتنياهو، عقيلته ومحاميه. بوزاغلو ما كان يتجرأ على أن يطلب. يمكن أن نواصل في المسيرة التي اجتازها المفتش العام روني ألشيخ والمستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت والقرارات التي كانا مطالبين بها على الطريق. مندلبليت كان معجبا بقدرات نتنياهو وبرؤياه وخدمه بإخلاص في اثناء ولايته كسكرتير الحكومة. ألشيخ جاء من المعسكر السياسي ذاته. كل واحد منهما صُدم بدوره حين وصل الى الاستنتاج بان سلوك الرجل اجرامي. ألا تؤثر الصدمة؟ بالتأكيد تؤثر.
المستشار القانوني للحكومة ليس رأسا صغيرا. عندما يتوجه لان يتخذ قرارا على رفع لائحة اتهام ضد رئيس وزراء فانه ملزم بان يقدر مسبقا احتمال الإدانة والطريق التي سيشقها الملف حتى نهايته التامة. ما هو الثمن بالزمن وباستثمار الطاقة، وفي حالة نتنياهو ما هو الثمن في انقسام الشعب، في تدمير قيمة ذاتية وفي ازمة سياسية متواصلة. عندما أرى تمثال تميس، إلاهة العدل في الأسطورة اليونانية، ويدها تمسك بالميزان ومضمدة العينين، لست واثقا بان الثناء كبير بهذا القدر.
مندلبليت تردد بقدر غير قليل. الملف المؤكد الذي كان على طاولته هو ملف 1000، ملف الهدايا. الملفان الاقل تأكيدا كانا 4000 و 2000. نهج عملي كان ينبغي أن يؤدي الى التركيز على ملف 1000. الإدانة – اذا كانت ادانة – كان ستبعد نتنياهو عن الخدمة العامة – عقاب جسيم لانسان بقوته، بمكانته. كان يكفي هذا. لكن مندلبليت ورجال رجالات النيابة العامة أرادوا اكثر. ليس كرها لنتنياهو – بل للخوف منه. يحتمل أن يكون ملف 1000 اصغير مما ينبغي من صورة نتنياهو في نظرهم. فوسعوه أيضا واعطوه تنزيلات كما اطالوا المحاكمة الى حجوم وحشية.
***
ما يجلبنا الى الحدث في الطابق ناقص 2 للمحكمة امس. نتنياهو لم يبدو كمن انتظر ثماني سنوات فرصة ان يقول الحقيقة وقالها أخيرا. بدا كمن يكرر عشرات خطابات الضحية التي القاها على مدى السنين، بما في ذلك الخطاب الذي القاه في البث للامة اول امس. الخطابية إياها، التباهي الذاتي إياه، بعضه مثبت، بعضه مختلق. من جهة قصص عن كيف الانشغال بالامن، بالجيش، ينزع منه نومه ووقت فراغه العائلي، من جهة أخرى تجاهل معنى القول بالنسبة لمسؤوليته عن 7 أكتوبر. مجال الراحة لنتنياهو مليء بالتناقضات.
هكذا سيستمر هذا في الأيام القادمة. من يعول على الاستجواب المضاد ينتظر أكثر مما ينبغي. بالنسبة له ستكون هذه تجربة غير لطيفة، لكن بخلاف تحقيقه في الشرطة الذي صور وأصبح شريطا محرجا، هذا الاستجواب لن يصور. نتنياهو شهد امس بانه طور على مدى السنين جلدا سميكا: لا يهمه ما يقولونه ويكتبونه عنه. اذا كان لا يهمه فلماذا لا يتوقف عن الشكوى.
———————————————
معاريف 11/12/2024
نتنياهو يوظّف الحرب في غزة لمنع أيّ تسوية سياسية بالمستقبل
بقلم: أوري زيلبرشايد
كان نتنياهو مستعداً فجأة لوقف إطلاق النار في الشمال، بعد أن رفض، طوال أشهر، نقل ثقل الحرب إلى الشمال من أجل إخضاع «حزب الله». أمّا في الجنوب فما زال مصراً على استمرار الحرب التي ستزيد الضغط على «حماس»، وتدفع قدماً بتحرير المخطوفين، أي أنه يمدد الحرب في غزة من دون أن تبدو نهاية في الأفق، ومن خلال التخلي عن المخطوفين تحديداً. أمّا في مواجهة إيران، فيواصل الخطاب الحازم ضد البرنامج النووي الإيراني من دون أن يتخذ أيّ خطوة عملية للتصدي له. كيف نفسّر هذا كله؟
إن أيّ سياسة للشؤون الخارجية والأمنية هي استمرار للسياسة في الشؤون الداخلية، أي أن العلاقة بين الشؤون الداخلية والاجتماعية والاقتصادية، والشؤون الخارجية هي علاقة وثيقة. إذ تتحول الخلافات والصراعات الداخلية دائماً إلى صراعات في الموضوعات الأمنية والخارجية.
المفتاح من أجل فهم كل تحركات نتنياهو هو خطته متعددة السنوات، التي يشاركه فيها مسؤولون كبار في «الليكود» وفي أحزاب الائتلاف، من أجل إقامة نظام دكتاتوري. الكلام الذي قاله وزير الاتصالات، شلومو كرعي، في 24 تشرين الثاني 2024، قبل أيام من الموافقة على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، هو دليل آخر على وجود مثل هذه الخطة، إذ قال: «نحن ممثلي الشعب نستطيع أن نغيّر الدستور، إذا شئنا».
لقد جرى توجيه هذه الخطة منذ سنوات كثيرة مع تقدّم وتراجُع. «الانقلاب الدستوري»، الذي بدأ في كانون الثاني 2023 من خلال المبادرة إلى تغيير قوانين أساس تُضعف السلطة القضائية، كان خطوة علنية وواضحة من الناحية القانونية. وكانت الخطوات الأخيرة إصدار قوانين تقضي بإلغاء هيئة الإذاعة العامة، والتحركات من أجل إقالة المستشارة القانونية للحكومة، والتي تُعتبر «معارِضة» لرئيس الحكومة، كأن المقصود حكومة ديمقراطية شرعية، وليس حكومة تريد إقامة نظام دكتاتوري.
تنحو الأنظمة الدكتاتورية بصورة عامة إلى خلق أعداء لها لكي تكون في نزاع دائم معهم. فالنزاع يؤدي إلى استمرار التعبئة العسكرية والمدنية للناس من أجل المجهود الحربي، ويصبح من الصعب عليهم الدفاع عن حريتهم. هذه هي الطريقة التي تجري بوساطتها عرقلة التطورات الديمقراطية. ودولة الرفاه التي تشكل الأساس الاجتماعي – الاقتصادي للديمقراطية، تتقلص بصورة كبيرة. وهذا ما قام ويقوم به نتنياهو.
ألحق نتنياهو الضرر بدولة الرفاه باستمرار، وهو يُلحق الضرر بها اليوم أيضاً بذرائع الحرب. بدأت الأبعاد السياسية والأمنية لخطته تتحقق منذ عودته إلى السلطة في سنة 2009، وظهرت من خلال 3 أمور: تعزيز مدروس لـ»حماس» بذرائع مختلفة، ومنح «حزب الله» حرية التمدد في جنوب نهر الليطاني، بعكس ما نص عليه القرار 1701، وتسريع التسلح النووي الإيراني.
لقد دفع بخطته قدماً بالتدريج، بالتنسيق مع وزراء الدفاع الذين خدموا إلى جانبه. ووصل مسار تعزيز قوة «حماس» الذروة مع «حقائب المال» القطرية التي انتقلت إليها من أجل السماح لها بالتسلح وإقامة إمبراطورية الأنفاق. وكانت مهمة «حماس» إطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل من وقت إلى آخر، والمبادرة إلى عمليات من أجل منع تقدُّم المنطقة نحو السلام. إن عدم وجود أيّ عمل للقضاء على «حماس» ومنع اغتيال قيادتها، وُضعا ضمن إطار سياسة «الاحتواء». وخُدع رؤساء الأذرع الأمنية بهذه السياسة وتبنّوها. وكانت سياسة محسوبة للصراع.
أمّا مهمة «حزب الله»، الذي مُنح حرية بناء إمبراطورية «إرهابية» في المواقع المتقدمة في جنوب الليطاني، فكانت خلق تهديد كبير للجبهة الداخلية الإسرائيلية، تردع إسرائيل عن العمل ضد البرنامج النووي الإيراني. لقد سمح نتنياهو بذلك عن قصد، وعمل من أجل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي أدى، حسبما توقّع الخبراء، إلى التقدم السريع لإيران نحو القنبلة النووية. واليوم، أصبحت إيران دولة على عتبة النووي. وباسم سياسة أُخرى، دفع نتنياهو قدماً بسياسة مخالِفة، وهذا درس في المكيافيلية.
السباق النووي مع إيران، الذي مع زيادة احتدامه سيطلب نتنياهو التخلي عن سياسة الغموض النووية الإسرائيلية، يمكن أن يدفع المنطقة بأكملها إلى سباق على التسلح النووي، وتحويل المنطقة عن مسار التقدم نحو السلام والديمقراطية.
يتعاون حكام الأنظمة الدكتاتورية مع بعضهم على الرغم من عداواتهم، فهُم حلفاء في السر في الصراع ضد التقدم والحرية. والجهات المحافظة في إيران ونتنياهو حلفاء في السر.
صحيح أن الجيش والأذرع الأمنية ووزير الدفاع خُدعوا في 7 تشرين الأول 2023، ولم يتوقعوا هجوم «حماس»، لكنهم أيضاً لم يكونوا ليتوقعوا هجوم «حزب الله» على الجليل في ذلك النهار، لو حدث، نظراً إلى احتفاظهم بقوات كبيرة في الضفة الغربية. المفاجأة خدمت نتنياهو من خلال كبح مساعي السلام مع السعودية، أو الدفع قدماً بالسلام مع الفلسطينيين على أساس حل «دولتين لشعبين».
الحرب المستمرة تخدم نظام نتنياهو الدكتاتوري وحلفاءه في الحكومة. لكن يوجد فخ في الحرب المستمرة التي يدفع بها نتنياهو قدماً، ألا وهو القوة الكبيرة للجيش الإسرائيلي. لقد تلقّت «حماس» و»حزب الله» ضربات قاسية جداً من الجيش الإسرائيلي، بحيث نشأ «خطر» عدم إمكانية الاستمرار في استخدامهما كأعداء.
قرر نتنياهو إعطاء «حزب الله» استراحة من أجل أن يتعافى ويسترجع قواه من جديد، ولكي يكون، مرة أُخرى، قوة لحماية البرنامج النووي الإيراني، ولتبادل الضربات مع إسرائيل. فاستغل هذه الحاجة خصوم نتنياهو في الغرب، وعلى رأسهم بايدن، للدفع قدماً بالاتفاق الذي ينطوي على فرص كبيرة لمنع التعافي الكامل لـ»حزب الله». لكن ثمة تخوّف من أن يبذل نتنياهو كل شيء، بعكس تصريحاته، لكي تخرق إسرائيل الاتفاق (ورد في مقال سرّي أن نتنياهو كان يفضّل عدم سقوط النظام السوري المدعوم من «حزب الله»، لأن هذا التحالف شكّل عاملاً منظماً وقوياً جداً في المواجهة مع إسرائيل التي يمكن أن تتطور إلى مواجهة نووية).
بقيت جبهة أخرى في مواجهة نتنياهو، يجب أن تستمر الحرب فيها، لمنع أيّ عودة إلى مسار التسوية مع الفلسطينيين والسلام الإقليمي، وفي مركزه السلام بين السعودية وإسرائيل، أي الحرب ضد «حماس». نتنياهو لا ينوي إنهاءها، لأن معنى إنهاء الحرب واستعادة المخطوفين نهاية الخطة لبناء نظام دكتاتوري، وسقوطه شخصياً.
إن الصراع بشأن إنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى صفقة مخطوفين هو أيضاً صراع من أجل الديمقراطية.
———————————————
هآرتس 11/12/2024
صراع الدين والدولة
بقلم: أسرة التحرير
لجنة الدستور، القانون والقضاء بحثت في أحد قوانين الانقلاب النظامي وهو قانون يمنح صلاحيات واسعة للمحاكم الحاخامية، الشرعية والدرزية للبحث في نزاعات مدنية مثابة “تحكيم” – والحسم وفقا للقانون الديني. لهذا المشروع آثار بعيدة المدى وهو سيمس مسا شديدا بسلطة القانون وبحقوق الانسان في إسرائيل، وبخاصة حقوق النساء.
مطلوب قدر كبير من ادعاء السذاجة لأجل القول انه كون القانون يتطلب “موافقة الطرفين” على التحكيم، فإنه لا يفرض شيئا على احد سواء كان رجل أم امرأة. وذلك لان بإمكان السكان المتدينين الا “يوافقوا” – واساسا النساء وعديمي قدرة المساومة (مثلا مستأجري الشقق) – امام ضغط اجتماعي وأهلي جسيم هي مهمة ليست سهلة على الاطلاق. فمنذ اليوم يمارس هناك ضغط اجتماعي لا بأس به لمن يتوجهون الى المحاكم المدنية.
إن توسيع صلاحيات المحاكم الدينية سيسمح في أوساط الجماهير الدينية، بقدر واسع للغاية بفرض “الموافقة” على الاحتكام وفقا للقضاء الديني وبالتالي التخلي عن الحقوق التي يمنحها القانون – كالحقوق العديدة التي تمنحها قوانين العمل، حسب القانون المدني.
كما أن الآلية التي تتم فيها الموافقة في اطار استدعاء من المحكمة يزيد الضغط ويخلق حالة “استدعاء ملزم للمحكمة” – وسيكون من الصعب جدا مقاومته. شخص تبحث قضاياه الشخصية في الوقت ذاته في المحكمة الدينية أيضا من شأنه ان يمتنع عن الرفض خشية أن يتأذى في قضاياه موضع البحث. وفضلا عن هذا من الصعب أن نفهم عن أي طيف كبير من الحقوق والحماية توجد في القانون المدني يتخلى عنها الموافق في موقع الموافقة.
محظور النسيان بانه على أي حال يوجد للمحاكم الدينية احتكار لقوانين المكانة الشخصية كالزواج والطلاق وذلك بالطبع حسب القانون الديني الذي بالجوهر وبالاجراء ينطوي على تمييز مؤطر بحق النساء إذ إن النساء لا يحق لهن ان يكن قاضيات في المحاكم الحاخامية. توزيع صلاحيات المحاكم سيمس بالنساء اكثر فأكثر.
لكل من هو معني بإجراءات تحكيم خاصة يوجد اليوم بديل قائم للتحكم الخاص حسب القانون الديني. لكن هناك لا يدور الحديث عن إجراء قضائي برعاية منظومة ممولة بأموال الضرائب – منظومة مشغولة بعبء ثقيل منذ الآن.
——————انتهت النشرة——————