إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 20/2/2025

رون ديرمر، مندوب نتنياهو المخلص للمفاوضات

بقلم: يوسي ميلمان

قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عزل دافيد برنياع، رونين بار ونيتسان الون، من اجراء المفاوضات حول صفقة المخطوفين، وتعيين وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر كرئيس لطاقم المفاوضات، هو قرار صارم ولا يحترم، وحتى أنه مهين، لكنه بالتأكيد معقول.

عند اعادة الاربعة جثامين اليوم والمخطوفين الستة الاحياء في يوم السبت القادم، والمخطوفين الاربعة االاخيرين في الاسبوع القادم، ستنتهي بالفعل المرحلة الاولى في الاتفاق مع حماس. هذه كانت مرحلة في جوهرها حملت طابع أمني – تنفيذي، وتناولت قضايا تشكيل قوائم المخطوفين والمخربين الذين سيتم اطلاق سراحهم، مع استخدام العلاقات الاستخبارية بين الموساد والشباك وبين نظرائهم الامريكيين والمصريين والقطريين. 

المرحلتان القادمتان، حتى تحرير الـ 59 مخطوف من انفاق حماس والذين بينهم حسب تقدير الاستخبارات الاسرائيلية تقريبا 35 مخطوف ليسوا على قيد الحياة، ستحمل طابع سياسي. المستوى التنفيذي الذي اجرى حتى الآن المفاوضات برئاسة برنياع، بار والون، الذي ترأس ادارة الجهود الاستخبارية في موضوع الاسرى والمخطوفين، شعر في الحقيقة أنه مبعد ومهان، وأنه بمثابة “الزنجي الذي فعل ما يجب عليه فعله”. 

لكن كان يجب عليهم معرفة منذ فترة طويلة بأن تأثيرهم على رئيس الحكومة هامشي. فقد حاولوا خلال 16 شهر التأثير على نتنياهو من اجل تحرير المخطوفين. نتنياهو استخف بهم في الجلسات، غضب منهم، طرق على الطاولة وقيد صلاحياتهم، قزم مهماتهم واطلق عليهم “متملقون”. بار اطلق عليه “موظف”. جهات رفيعة سابقة في الموساد والشباك نصحوهم قبل فترة طويلة بالاعلان أنه لا يمكنهم القيام بدورهم لأن رئيس الحكومة تقريبا لا يأخذ رأيهم ولا يستجيب لنصائحهم.

هم عرفوا مرة تلو الاخرى بأن نتنياهو يجعلهم اضحوكة ويضع العقبات امامهم. كلما اقتربت المفاوضات من النضوج كان نتنياهو يخترع ذريعة جديدة ويضع شروط مسبقة، التي احبطت جهود تحرير المخطوفين وانهاء الحرب. هم عرفوا أن اعتباراته ليست في صالح الدولة، بل تحركها دوافع شخصية وسياسية لمنع تفكيك حكومته والتمسك بالكرسي.

العميد (احتياط) اورن سيتر، الذي شغل عدة مناصب في جهاز الاستخبارات وكان نائب الون، قال بشكل صريح في مقابلة اجراها في يوم السبت الماضي مع القناة 12 بأنه بسبب سلوك نتنياهو والحكومة لم يتم تحرير مخطوفين مرتين على الاقل في السنة الماضية. 

هكذا هو كرر ما قاله وزير الدفاع السابق يوآف غالنت، الذي اتهم نتنياهو بافشال المفاوضات واطالة مدة الحرب على حساب قتل الرهائن وعشرات الجنود. نحن نذكر أن نتنياهو قام باقالة غالنت بدون أن يرمش له جفن.

سيتر ترك الخدمة قبل اربعة اشهر بعد أن قرر أنه غير مستعد للتمثيل في مسرح الدمى الذي يمسك فيه نتنياهو بخيوطها. برنياع وبار والون داسوا على كرامتهم بسبب المسؤولية عن المخطوفين وعائلاتهم، وبسبب تمسكهم بقيم الدولة، فقد قرروا البقاء والاستمرار في المهمة التي لا يوجد ما هو أكثر اهمية منها الآن في اسرائيل.

الوزير ديرمر هو في نهاية المطاف مراسل نتنياهو. فهو ليست له تجربة عملياتية ولم يخدم في الجيش ومعرفته بالمجتمع الاسرائيلي محدودة. هو ولد في الولايات المتحدة وتعلم فيها، وشقيقه ووالده كانا رؤساء بلدية ميامي بيتش، بالذات عن الحزب الديمقراطي. ديرمر كان كاتب خطابات ومستشار سياسي وسفير اسرائيل في الولايات المتحدة لثماني سنوات، حتى العام 2021. جذوره مغروسة في امريكا أكثر مما هي في الواقع الاسرائيلي. نتنياهو يقدر مواهبه ومعرفته بالولايات المتحدة، وقد اختاره للوقوف في الجبهة امام ادارة الرئيس ترامب، وفي الاتصالات حول مواصلة المفاوضات لتحرير جميع المخطوفين وطرد حماس من غزة. ولكن محظور نسيان أن ديرمر هو نتاج للمحافظة الامريكية القديمة. مثلما معسكر بيبي حل محل حزب الليكود في اسرائيل. هكذا فان الترامبية تطرد رجال الحزب الديمقراطي التقليدي، ومن غير المؤكد أن مواهب ومعرفة ديرمر ستساعد.

لذلك، من المرجح اكثر الافتراض بأن ديرمر لن تكون له صلاحيات، وهو سيستخدم فقط كانبوب لنقل الرسائل. عمليا، العلاقة المباشرة ستكون بين نتنياهو وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الاوسط، الذي تبين أنه وبحق يريد اعادة جميع المخطوفين. وقد فرض على نتنياهو انهاء المرحلة الاولى في الاتفاق وأجبره على البدء في التفاوض على المرحلة الثانية، التي تهدف ايضا الى ايجاد حل لغزة وانهاء الحرب. 

هذه عملية سياسية – استراتيجية، لا تنعكس فقط على اسرائيل والفلسطينيين، بل ايضا على السعودية، مصر، الاردن وكل العالم العربي. من هذه الناحية ديرمر بصفته حامل ادوات نتنياهو فهو مناسب اكثر لهذه المهمة من رؤساء جهاز الامن. 

في كل الحالات، من اجل الجوانب التنفيذية للمفاوضات يستطيع ديرمر الاستعانة بـ د.، رئيس القسم العالمي في الموساد، وم. الذي كان حتى الفترة الاخيرة نائب رئيس الشباك، وبناء على طلب رونين بار تم ضمه للمحاديات. 

نتنياهو، الذي يفعل كل ما في استطاعته للتخلص في اسرع وقت من بار، يضع م.، الذي كبار قادة الشباك يمدحون تمسكه بالقيم الرسمية، في نوع من المهمة الفاحصة: اذا تصرفت بشكل جيد فربما سأقوم بتعيينك في منصب رئيس الشباك القادم.

——————————————-

إسرائيل اليوم 20/2/2025

تعزيز القوات المصرية في سيناء يبعث على القلق

بقلم: يهودا بلنجا

في الأسابيع الأخيرة كثرت التقارير في وسائل الاعلام الإسرائيلية عن تعزيز القوات المصرية في سيناء، عن خرق مصري فظ لاتفاق السلام بل وعن احتمالات الحرب. في الشبكات الاجتماعية برزت اشرطة وفيها شهادات مصورة لدبابات ومجنزرات، وسائل لوجستية وجنود مصريين يدخلون الى سيناء. اضيفوا الى هذا انه منذ العام 2004 بنى المصريون 60 معبرا (جسور وانفاق) في قناة السويس واقاموا في سيناء عشرات مخازن الذخيرة ومواقع تخزين تحت أرضية، مراكز لوجستية ومخازن وقود، وستحصلون على صورة وضع مقلقة. 

في العقود الأخيرة اجتاز الجيش المصري رفعا جديا لمستواه. المنظومة العسكرية تعاظمت منذ صعد الجنرال السيسي الى الحكم. فقد وسع دور الجيش في الاقتصاد وفي السياسة المحلية، ومن العام 2014 يسرع مسيرة تحديث القوات المسلحة المصرية. والسبب المعلن هو الحاجة الى مكافحة الإرهاب من الداخل الذي يمثله داعش والاخوان المسلمون؛ لاستعراض القوة امام اثيوبيا التي بنت سد النهضة، وحسب الرواية المصرية تهدد بتجفيف النيل، ومنع الإرهاب في الحدود الغربية مع ليبيا من التسلل الى مصر

لكن داعش، اثيوبيا وليبيا هم مجرد ذريعة. عمليا، منذ الازل ورغم اتفاق السلام مع إسرائيل، تعاملت مصر معنا كعدو. في جهاز التعليم، في الثقافة، في وسائل الاعلام – نحن العنصر القامع، الاحتلال المجرم الأجنبي، الامبريالية المهددة لسلام المنطقة.

التطبيع ليس على جدول الاعمال. عندما ثار الجمهور المصري في اثناء الحملة الإسرائيلية في غزة او الاعمال في لبنان، يكون هذا واضحا. حتى بعد أن هدد أوباما بتجميد المساعدات العسكرية لمصر بعد انقلاب السيسي في 2013، فان الشارع، بحركاته السياسية المختلفة، دعا لالغاء اتفاق كامب ديفيد وعلى الطريق قطع العلاقات مع الولايات المتحدة. 

الى جانب ذلك، فان صورة “العدو الخالد” تنبع أيضا من حاجز نفسي: إسرائيل امة صغيرة وحديثة نجحت في ازدهار القفر الصحراوي؛ هي مجتمع متراص الصفوف، رغم الخلافات؛ هي نموذج لديمقراطية مزدهرة رغم التحديات والتهديدات (بعضها وجودية) – حيثما فشلت الدكتاتورية المصرية. 

وعليه، وفي صالح الجواب على التهديد الإسرائيلي تحوز مصر الجيش الـ 21 في حجمه في العالم، الذي يتضمن سلاح جو هائل وفيه نحو 600 طائرة (منها 350 طائرة قتالية)، سلاح مدرعات وفيه نحو 5.300 دبابة، حجم قوات بنحو 460 الف جندي في النظامي و 480 الف في الاحتياط. 

لكن مراجعة لعمق المعطيات تبين أن الحديث يدور عن جيش قديم، يحاول أن يبث تجاه الداخل قوة وعزة قوية، وتجاه الخارج، في الساحة العربية الداخلية صورة عظمى إقليمية. نصف نصف الدبابات هي من العصر السوفياتي. لسلاح الجو الفاخر وان كان يوجد نحو 168 طائرة اف 16، لكن الباقي فطائرات ميراج وميغ 29. 

ان انهيار السلام وحرب مصرية – إسرائيلية هما خط احمر للامريكيين، خطوة تؤدي الى ازمة هدامة في العلاقات مع واشنطن. فهل يمكن للمصريين ان يخوضوا حربا طويلة اذا ما قررت الولايات المتحدة اغلاق صنبور الذخيرة أو قطع الغيار للجيش المصري؟ هل الكمية المصرية، التي كانت دوما تفوقا للجانب العربي، يمكنها أن تقف امام الكيفية الإسرائيلية؟ مصر لم تخض حربا منذ 1973. وعليه، فبخلاف الميول الشعبية، فان الأنظمة المصرية المختلفة، لحسني مبارك، محمد مرسي والسيسي – اختارت الحفاظ على السلام. السلام بالنسبة لمصر هو أساس لاستقرار داخلي، أرضية للتعاون والمساعدة من الغرب والقدرة على تفريغ الميزانيات للتنمية المحلية أيضا (بناء القاهرة الجديدة مثلا). هذا لا يجعل الجيش المصري اقل تهديدا، واساسا ليس بناء البنى التحتية العسكرية المصرية في سيناء. لكن لا حاجة لتصعيب الخطاب وبالتأكيد لا حاجة لخلق تهديد موازِ تجاه مصر.

إسرائيل يمكنها أن تحتج وتطالب بالتفسير، لكن الخلافات يجب حلها بقنوات الاتصال القائمة بين القدس والقاهرة. في النهاية، السلام هو مصلحة متبادلة إسرائيلية – مصرية. 

 ——————————————

هآرتس 20/2/2025 

الجيش الإسرائيلي يجبر الناس على مغادرة مخيمات اللاجئين في الضفة بالقوة

بقلم: هاجر شيزاف

في القاعة التي تحولت الى معسكر مهجرين في كفر اللبد قرب طولكرم، توجد فرشات تغطي الارضية. هنا ينام مهجرون من مخيمات اللاجئين طولكرم ونور شمس، الذين امرهم الجيش باخلاء بيوتهم أو تركوها بارادتهم بسبب الخوف في الفترة الاخيرة اثناء عملية “السور الحديدي” في الضفة الغربية. التحدث معهم يكشف عدد من اساليب عمل الجيش: اقتحام البيوت واجبار سكانها على المغادرة، احيانا بدون أي مساعدة على طول الطريق.  وكشف ايضا أن الفلسطينيين الذين تم استخدامهم كدروع بشرية واحتجازهم لايام بدون التمكن من الاتصال مع العالم الخارجي. 

حسب التقديرات فانه في العملية الحالية للجيش الاسرائيلي عدد المهجرين الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة يتراوح بين 30 – 40 ألف شخص، 500 منهم وجدوا ملجأ في كفر اللبد، سواء في شقق مستأجرة أو في مخيمات للمهجرين. حسب اقوالهم هم لم يأتوا الى هنا عبثا: الى هذا الاتجاه أمرهم الجنود أن يتوجهوا عندما اقتحم المخيم في ليلة ماطرة في 9 شباط، التي بدأت فيها عملية في نور شمس. “في منتصف الليل قام الجيش بتطويق المخيم بالكامل وبدأ ينادي بمكبرات الصوت على الناس”، قال ابراهيم وهو احد سكان المخيم. “بعد ذلك اقتحم الجيش بيتي واخذني. كان الطقس ماطر وبارد، الجنود استخدموني كدرع بشري ومشوا خلفي وصوبوا سلاحهم نحوي من اجل أن تصل كل رصاصة توجه اليهم ايضا لي”. وقال ايضا “الجنود تجولوا معي في ثلاثة – اربعة احياء الى أن وصلنا الى حي المنشية في المخيم، ومن هناك طلبوا منه التوجه نحو الجنوب. لم يكن معي أي شيء، فقط ملابسي التي ارتديها. خرجت حتى بدون جرابين”.

قبل ذلك بدأ الجيش العمل في مخيم طولكرم للاجئين، المخيم الكبير، واخلاء سكانه. فقط أول أمس تم تدمير هناك 11 بيت لتوسيع الشارع الذي يمر في المخيم من اجل السماح للسيارات العسكرية بالوصول الى وسطه. الدمار يثير الرعب في اوساط المهجرين وهم لا يعرفون اذا كان سيمكنهم العودة والى اين. الجيش قام بنفي أن هناك سياسة رسمية لاخلاء السكان من الضفة وقال فقط بأنه يسمح فقط لمن يريد المغادرة فعل ذلك. ولكن شهادات كثيرة تدل على وجود نموذج فيه الجنود يجبرون السكان على المغادرة. وحسب اقوال ابراهيم فان الجنود سمحوا لوالديه بالبقاء في بيتهما الموجود على مدخل المخيم، لكنهما يعانيان من انقطاع المياه ونقص في الطعام. المحلات في المنطقة مغلقة طوال الوقت والطعام يتم ادخاله الى المخيم بشكل غير منظم وبكميات صغيرة.

في غضون ذلك ابراهيم و70 شخص من سكان المخيم وجدوا ملجأ مؤقت في كفر اللبد. على مدخل القاعة التي ينام فيها الرجال كان هناك شخص يقلي الفلافل على غاز بدائي، والى جانبه كانت توجد صناديق خضراوات. قبل بضعة ايام الجيش اقتحم القاعة واعتقل ثلاثة اشخاص. في هذا الاسبوع، في محاولة لتشجيعهم، تم اجراء حفل زفاف لعروس كان عرسها قريب، وأول أمس تمت مشاهدة في القاعة بقايا الزينة. كل ما يوجد هنا، كما يقول سكان القرية المستضيفة، مصدره مبادرات اشخاص افراد تجندوا من اجل المهجرين. “في اليوم الذي بدأ فيه الهجوم (على مخيم نور شمس)، جاء الناس من الصباح الباكر لاستقبال اخوانهم”، قال عبد الله ياسين فقهة، امام مسجد في القرية ويقوم بتنسيق المساعدات. “كلنا تجندنا. شخص أحضر فرشة وشخص آخر احضر بطانية. لم يكن أي رد من التنظيمات الرسمية أو المنظمات الدولية والمحلية. كل ذلك جهد شعبي”.

وليد، من سكان مخيم طولكرم، جاء الى كفر اللبد مع زوجته واولاده الستة. “لقد طردونا في منتصف الليل في الجو الماطر”، قال. “اقتحموا بوابة الجيران وبعد ذلك دخلوا عندنا وقالوا: يلا، اخرجوا من البيت”. الجندي قال لي بأنه يمكننا العودة بعد اسبوعين. في هذه الاثناء أنا موجود هنا منذ 24 يوم”. حسب قوله هو وابناء عائلته تركوا المخيم بدون ملابس واموال لأن الجنود حثوهم على المغادرة، واضطر الى أن يرتدي نفس الملابس عشرة ايام. الاولاد لا يذهبون الى المدرسة التي توجد في المخيم الذي غادروه.

العمليات العسكرية المتواترة تحولت الى عمل يومي لسكان مخيمات اللاجئين في طولكرم. “هم يأتون بصورة اسبوعية”، قال وليد. “لقد بدأنا نحاول توقع متى سيحدث ذلك في كل اسبوع. هل سيدخلون يوم الثلاثاء أو يوم الاربعاء، ونضع خطط لذلك – ملء المياه وجمع الغذاء لاربعة – خمسة ايام. عمليات سابقة اجبرت العائلة على مغادرة المخيم، لكن ليوم أو يومين في كل مرة. بسبب النزوح المتواصل في هذه المرة فقد خطر بباله بأن هدف اسرائيل هو تفكيك المخيم. “ما يفعلونه يعتبر عقاب جماعي”، قال. “أنت لا تريد المسلحين، وتريد معاقبة الجميع. أنت تبحث عن عشرين شخص ومن اجل ذلك تقوم بمعاقبة 40 ألف. هذا يعتبر فشل للجيش”. سكان المخيم يعودون ويذكرون امرأتين من سكان المخيم: سندس شلبي الحامل التي تم اطلاق النار عليها وقتلت عندما حاولت الخروج من المخيم. ورهف الاشقر التي قتلت عندما قام الجنود بتفجير باب بيتها. ايضا القرية المستضيفة عرفت ذلك ولكن في وقت متأخر، بعد أن اطلق الجنود النار وقتلوا صدام رجب ابن السبع سنوات عندما كان يزور والده في طولكرم. 

أول أمس اقامت منظمة “اطباء من اجل حقوق الانسان” عيادة متنقلة في كفر اللبد. خارج العيادة تجمع الكثير من النازحين، وقالوا إنه لم يكفهم اخذ ادوية لامراض مزمنة التي يعانون منها. صلاح الحاج يحيى، مدير العيادة، قال إن الاطباء والممرضين المتطوعين قاموا اليوم بعلاج 400 شخص مهجر. “الوضع فظيع ومحزن جدا”، قال. “هناك مس بالحق في الصحة والسكن والحصول على المياه وحرية الحركة والتعليم. الناس جوعى ولا توجد لديهم ادوية أو مواد أو ملابس دافئة في الطقس البارد جدا”. وحسب قوله فان المس بنشاطات “الاونروا” تفاقم وضع سكان مخيمات اللاجئين بشكل خاص وسكان الضفة بشكل عام. ويضاف الى ذلك ديون وزارة الصحة في رام الله للموردين التي تنبع من احتجاز اموال الضرائب للسلطة الفلسطينية من قبل اسرائيل. هكذا اصبح يوجد نقص في الادوية. “نحن نطلب من حكومة اسرائيل ومن الجيش الاسرائيلي وقف المس بالابرياء الذين يشكلون الاغلبية الساحقة من سكان مخيمات اللاجئين”، قال الحاج يحيى. 

رد المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي

“الجيش الاسرائيلي لا يقوم باخلاء السكان في يهودا والسامرة، لكنه يسمح لمن يريد الابتعاد عن مناطق المعارك فعل ذلك بأمان. القوات تعمل وفقا للقانون الدولي وقيم الجيش الاسرائيلي، مع تقليص المس بالمدنيين بقدر الامكان. التوجيهات تحظر بشكل صريح استخدام الاشخاص غير المتورطين في مهمات عسكرية، وأي خرق للتعليمات يتم التحقيق فيه وعلاجه”.

——————————————

معاريف 20/2/2025 

بعيدون عن النصر

بقلم: افي اشكنازي

نحو سنة وخمسة أشهر تعيش دولة إسرائيل في كابوس متواصل. في هزة قاسية. 

أحداث 7 أكتوبر تحز عميقا في الإسرائيلية. الخوف، الرعب، انعدام الوسيلة، خيبة الامل من ذاتنا، من فشل الجيش الإسرائيلي، فشل الدولة. هذا الى جانب الغضب ومشاعر الثأر تجاه اعدائنا.

كل هذا يتلخص في صورة واحدة. صورة الام شيري بيباس وطفليها الصغيرين، الذين اختطفوا من بيتهم في نير عوز الى الجحيم على ايدي مخربي الشيطان. 

عائلة بيباس هي قصتنا جميعا. هي ألم شعب كامل، ألم لن يلتئم ابدا. اليوم هم سيعودون الى تراب إسرائيل. في الجيش الإسرائيلي قالوا بألم ان “عودة الام وطفليها في توابيت هي فشل الجيش الإسرائيلي، فشل دولة إسرائيل”. 

اليوم نتلقى في الوجه الحقيقة التي يصعب على رئيس وزرائنا بنيامين نتنياهو أن يوافق عليها – في أنه لم يفِ بكلمته. لكن هذا هو الواقع – لم ننتصر في غزة. الجيش الإسرائيلي لم يجلب النصر. 

اليوم تتلقى إسرائيل الام شيري البطلة، الرمز والقدوة، وابنيها ارئيل وكفير في توابيت الدفن، مكسوة بعلم الدولة. الدولة إياها التي خانتهم مرتين: في المرة الأولى حين لم تحميهم في بيتهم. دولة غفت في الحراسة، في التزامها تجاه مواطنيها. وفي المرة الثانية، حين لم تعرف الدولة بمعونة قوتها العسكرية والسياسية كيف تنقذهم احياء من الجحيم.

اليوم سنشاهد في البث، الصور الأليمة والقاسية من حدود غزة. نطأطيء الرأس علما واضحا وأليما باننا فشلنا وتخلينا. 

إسرائيل بعيدة عن النصر. الدولة ملزمة بان تركز على إعادة المخطوفين الاحياء والاموات. وفور ذلك هي مطالبة بان تستعد لحرب حقيقية. ليس مع ثلاث فرق، بل مع خمس وست. الدخول الى غزة بقوة عظيمة. القصف والابادة لكل ما يوجد في قطاع غزة. مع كل الاحترام لاقوال كبار رجالات الجيش، لا يزال يوجد الكثير جدا مما يمكن عمله في غزة. 

ان حقيقة ان حماس تحاول إعادة بناء قوتها ولا تتردد من الاقتراب من المقاتلين، لترصد وتبحث عن الفرص لضربنا – مقلقة جدا. ليس هكذا تعمل منظمة إرهاب هزمت أو ردعت. 

ان حقيقة أننا لا نزال نبحث كيف ننقل الوسائل الى غزة، من المساعدات الإنسانية وحتى الكرفانات والتراكتورات التي ستثري صندوق حماس – هذا ليس نصرا. وان يكون كبار رجالات حماس يتنزهون في الصفوف الأولى بين الدوحة، إسطنبول، بيروت، القاهرة، طهران ومدن أخرى دون خوف هي أيضا مقلقة للغاية. هذا ليس نصرا.

مصدر سياسي في محيط رئيس الوزراء كان مشغولا امس باحاطة وسائل الاعلام بامور اكثر أهمية بكثير من النصر على حماس. كان مشغولا بالمواضيع الحقيقية، الأكثر ايلاما والأكثر دراماتيكية من ناحية امن إسرائيل. وهذا بالطبع اغلاق الحساب مع رئيس الموساد دادي برنياع ومع رئيس الشباك رونين بار. وعلى الطريق تحويل مقاتلي هذين الجهازين الى غير شرعيين. بالضبط مثلما فعل للشرطة ولافرادها، للنيابة العامة، للمحكمة العليا وللقضاة، وللجيش الإسرائيلي ولرئيس الأركان. 

هذا الصباح ستمر القافلة من غلاف غزة الى أبو كبير في تل ابيب. سيارات ودراجات الشرطة في المقدمة، وبعدها مركبات الجيش الإسرائيلي مع توابيت الضحايا. كلنا سنشهد بنظرة مهانة وأليمة القافلة التي ترمز اكثر من أي شيء آخر الى الفشل وتخلي الدولة عن مواطنيها. 

أنا لا أعرف اذا كان احد ما من قيادة الدولة، الجيش، الشباك او الشرطة سيأتي ليطلب المغفرة من أم لبؤة وطفليها الجميلين الصغيرين. لكني اشعر بحاجة ان اطلب منكم المغفرة.

——————————————-

يديعوت احرونوت 20/2/2025 

إعادة الضحايا، قطر والحل لغزة

بقلم: آفي شيلون

رغم أننا منذ 7 أكتوبر ونحن نحاط بقصص الفظائع، فان التقرير عن أن شيلي بيباس وطفليهما لن يعودوا مع المخطوفين يمزق القلب جدا. ثمة في قصة بيباس الرهيبة هذه كل عناصر المأساة: ابتداء من حقيقة أن عائلة شابة اختطفت دون ذنب اقترفته، عبر صورة الام وهي تحمي طفليها في اثناء الاختطاف وحتى الشائعات عما حصل لهم. حقيقة أن يردين تحرر من الانفاق الى الواقع لا تقل قسوة تحطم القلب. في اثناء الفترة التي انقضت منذ 7 أكتوبر تمكنا من العودة الى النزاع حول لجنة تحقيق، الموقف من قطر، المسؤولية عن الحرب وماذا لا. لكن قصة عائلة بيباس تذكرنا بانه بعد كل شيء نحن نعيش في كابوس دائم لم نستوعب بعد آثاره. 

القليل الذي يمكن عمله هو الإصرار على تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة وتحرير كل من يمكن تحريره. أولئك الذين يدعون، مثل سموتريتش ان من الأهم ان نحرص على الا يتكرر 7 أكتوبر من ان نحرر المخطوفين يعرضون منطقا مشوها: فنحن نريد أن نمنع 7 أكتوبر آخر كي لا تكون حالات اختطاف وقتل أخرى، فلماذا إذن لا ننقذ المخطوفين الذين سبق أن اختطفوا؟

قصة علاقة مستشاري نتنياهو مع قطر تحتل اتجاهات مختلفة. في المستوى المتطرف يمكن الإشارة الى علاقات محظورة مع دولة وان كانت لا تعرف في القانون كعدو، لكن بمفاهيم عديدة، بما في ذلك استضافة ودعم حماس، هي كذلك. في المستوى الأكثر اعتدالا في القضية تثور تساؤلات حول الامن الميداني في مكتب نتنياهو. اما في المستوى الأعلى، مثلما ادعى يعقوب بردوغو في القناة 14 فان رئيس الشباك ورئيس الموساد أيضا اللذين شاهدا في احدى زياراتهما هناك مباراة كرة قدم في المونديال فمشبوهان بالاتصال مع دولة عدو. هذا على أي حال ادعاء سخيف اذ ان هذا بالضبط هو دور الشباك والموساد بان يكونا على اتصال وان يشرفا أيضا على دول ومنظمات هي بشكل رسمي معادية لإسرائيل.

لكن يوجد مستوى إضافي للقصة مع قطر وهو يرتبط بالتطورات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي في العقود الأخيرة والتي تؤدي الى الطمع بمركز المنصة. إذ انه اكثر من كل شيء آخر معقول الافتراض بان مستشاري نتنياهو الذين عملوا من أجل قطر لم يروا امام ناظريهم عدوا بل عجل من ذهب. إسرائيل، التي بنيت على قيم اشتراكية تبنت في العقود الأخيرة المنطق الليبرالي الجديد الذي يرى في كل شيء “بضاعة” يمكن تعريفها بتعابير الربح والخسارة. وهكذا أيضا قيم ومؤسسات باتت بضاعة. فالتعبير الاوضح عن هذا المنطق وقع في ذروة الاحتجاج ضد “الإصلاح القضائي”، حيث غضب نتنياهو على سياسة الجيش تجاه وقف التطوع لقسم من رجال الاحتياط. في غضبه قال عن الجيش ان “جيشا يكلف الدولة 70 مليار شيكل في السنة لا يمكنه أن يضرب”. هكذا جعل الجيش أيضا الذي يعتبر مؤسسة مقدسة، منظمة اقتصادية بالاجمال. 

ان حب المال وحلم الثراء هو أيضا جزء من التفسير لحقيقة أن نتنياهو يبعث من جهة على الاعجاب ومن جهة أخرى على النفور. لا يمكن الفصل بين محبة رئيس الوزراء وعائلته للفنادق الفاخرة والحياة الطيبة وبين حقيقة أن الكلمات الشعبية للخطاب الإسرائيلي هي “رفع المستوى”، “التدبر”، “الخلطات” وما شابه. حقيقة أن زعيم الدولة هو أيضا رئيس “الخالطين” هي ضمن أمور أخرى ما يبعث على الفجوة بين محبيه وكارهيه. كلنا نحب ان ننظر الى المرآة ونغضب مما ينعكس منها على حد سواء؟

من الصواب ان نطلب من حماس الا تحكم غزة وكان ينبغي للامر أن يطرح منذ بداية الحرب كي نجند العالم للهدف الشرعي لكن من يصر على ان يمنع السلطة الفلسطينية أيضا المشاركة في الحكم الجديد لا يعرض حلا بل شعارات خيالية مثل تهديد ترامب “لفتح بوابات الجحيم” ونقل مليوني غزي الى مكان آخر. الحقيقة المرة هي انه لا يمكن لاي حل مستقر لغزة أن يتجاوز الشعب الذي نتنازع معه. لقد جرب نتنياهو دحر المسألة الفلسطينية الى الزاوية الى أن تفجرت علينا. الحكمة هي تقريب المعتدلين والمس بالمتطرفين. اما تجاهل الواقع فهو وصفة لكارثة مستقبلية أخرى. 

——————————————-

هآرتس 20/2/2025 

الحكومة تريد اسكات كل نقد وتضع على بؤرة الاستهداف حقوق الانسان

بقلم: مردخاي كرمنتسر

مشروع القانون الذي استهدف الجمعيات التي تحصل على الدعم من دول اجنبية أو من منظمات دولية، تمت المصادقة عليه أمس بالقراءة الاولى في الكنيست. فقط عدد قليل من اعضاء المعارضة كلفوا انفسهم عناء القدوم والمعارضة. الحديث يدور عن الجمعيات التي تدافع عن المجموعات السكانية الضعيفة وحقوق الاقليات، لا سيما العرب، النساء، المثليين، العمال، سكان الضفة الغربية وما شابه. المس بهذه الجمعيات يعتبر مس بكل المجموعات السكانية التي تمثل الاغلبية الساحقة من الشعب. 

الاقتراح يفرض على التبرعات ضريبة كبيرة تبلغ 80 في المئة (بدلا من صفر في المئة). ايضا يسمح للمحاكم بعدم مناقشة طلبات الجمعيات. يبدو أن هذا القانون يمكن أن ينظم نشاطات الجمعيات التي تمولها دول اجنبية، لكن عمليا الحديث يدور عن تصفيتها. أي دولة ستقوم بتبذير اموال دافع الضرائب لديها على تبرعات 80 في المئة منها تذهب للضرائب؟ وفي ظل غياب مقاربة مضمونة للمحاكم فما الذي سيساعد هذه المنظمات؟ من هو الوطني الاسرائيلي الذي يريد أن يكون عضو أو فقط يؤيد، جمعية يسمها المشرع بوصمة “عميل اجنبي”، التي تخدم مصالح دولة اجنبية؟.

هذه العملية غير مفاجئة. فقادة الانقلاب النظامي تعلموا كيفية استخدام قوة انفاذ القانون والتلاعب والكذب ونزع الشرعية. من العار على اليمين في اسرائيل، الذي كان ذات مرة ليبراليا وحول جلده الى ديكتاتورية لا حدود لها، مع ادارة الظهر للارث الذي تفاخر فيه. بدلا من الدفاع عن حقوق الانسان فانه يرفع الفأس على هذه الحقوق ويسمح بسحقها. في هذه الحالة يتم سحق حقوق من الحقوق المهمة: الحق في حرية التعبير السياسي، الحق في اقامة جمعيات والحق في المساواة. وبدلا من اعتبار حقوق الانسان ارث عالمي ويهودي، الذي تتفاخر اسرائيل بالانتماء اليه، تم الصاق بحقوق الانسان الاسم المعيب “اليسار”. 

بدلا من اولوية القضاء الذي تحدث عنه بيغن بالثناء، يتم الآن الدفع قدما بقانون لا مثيل له، يحول حقوق قانونية الى حقوق مشروطة. المحاكم مخولة بتجاهل هذا القانون. وجود القانون اصبح محل تساؤل وتم استبداله بنظام مستبد. فقد تم سلب الحق في المساعدة القانونية ضد خرق القانون على يد السلطة. القانون يغمز للقاضي: عليك توفير وقتك والتخلي عن هذا الحق. وفي ظل عدم وجود قاض أو قانون، بدون خجل تتم حياكة مشروع قانون يصرخ بساسة نتنة من التمييز: منظمات اليمين تواصل الاستفادة من التبرعات الشخصية، التي هي محظورة على منظمات تدعمها دول وهيئات دولية. 

هكذا يتم تشكيل اجندة اجتماعية – سياسية مشوهة. هذا رغم أن المساعدات التي تقدمها الدول هي شفافة اكثر من المساعدات الخاصة. من يقترحون القانون لا يخشون من الدعاية الكاذبة التي تقول بأن منظمات حقوق الانسان هي عميلة لدول ومنظمات اجنبية. وحتى أنها تخدم اجندة اجنبية وتضر بسيادة الدولة. الحديث يدور عن وصمة عار. هل التنظيمات التي تعمل من اجل حقوق النساء أو المثليين تخدم من يمولها، أو أنها تخدم اجندة تعكس باخلاص القيم الاساسية لدولة اسرائيل؟.

مشروع القانون يقوض الارث العالمي لحقوق الانسان، الذي ترتبط به اسرائيل بشكل خاص. الارث الحديث لحقوق الانسان الذي بدأ يتشكل بعد الحرب العالمية الاولى وتشكل بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بدرجة كبيرة في اعقاب الكارثة وبفضل الاسهام الحاسم ليهود مثل رينيه كاسان. حسب هذا التقليد فانه يجب على كل الدول وكل الشعوب احترام حقوق الانسان. بالتالي، الاهتمام بحقوق الانسان لا يعتبر تدخل غير لائق في شؤون دولة اخرى. اسرائيل كانت في السابق تتفاخر (وما زالت احيانا) بأنها جزء من العالم الديمقراطي الليبرالي، وشريكة في قيمه العالمية التي ترتكز الى حقوق الانسان. لكن مشروع القانون، الذي هو قيد النقاش، يصور اسرائيل وكأنها تفتح جبهة ضد حقوق الانسان. الموافقة على مشروع القانون يمكن أن تتسبب بضرر كبير لحجة اسرائيل لصالح الشراكة التي تقوم على القيم مع الديمقراطيات السليمة، الامر الذي يمكن أن يضر مكانتها الدولية، والاسوأ من ذلك هو أن قاعدة قيمها ستتقوض من الاساس كدولة يهودية ديمقراطية.

بدون التزام عميق ودفاع جدي عن حقوق الانسان فان الديمقراطية ستفقد أسسها. في هذه المهمة يوجد لمنظمات حقوق الانسان دور حيوي. مناعة ديمقراطية الدولة يتم فحصها حسب نشاطات المجتمع المدني فيها. في اسرائيل التي تعاني من محاولة تحويلها الى دولة قومية متطرفة – متدينة تحكمها سلطة مستبدة، فان دفاع المجتمع المدني عن الطابع الديمقراطي – الليبرالي – العلماني والوطني الثقافي – هو خط الدفاع الاخير. 

يجب النظر الى مشروع القانون على خلفية التنكيل بكل جهة في المجتمع، التي يمكن أن تكون انتقادية تجاه السلطة: المحاكم، الخدمة العامة، جهات انفاذ القانون، الاكاديميا، رجال التعليم، الاعلام، الثقافة والفن. النظام الذي ينسب لنفسه مهمة سامية يعمل بجهد لضمان أن يتم فقط قول اقوال الموافقة والثناء عليه. اسكات النقد لا يعني القضاء على الديمقراطية وحدها، بل هو يخلق الخطر الوجودي. اذا كان اساس مقارنة حالة الديمقراطية لدينا مع حالة المجر في عهد اوربان، فان اسرائيل تسير الآن نحو روسيا بوتين. وحقيقة أن المعارضة لم تسمع صوتها حتى الآن هي اشارة اخرى على ضعف الديمقراطية لدينا. 

——————————————

هآرتس 20/2/2025

نتنياهو في “انقلابه الأمني”: دريمر أداتي المطيعة ويعي مقاصد “المصدر الكبير”

بقلم: أسرة التحرير

يواصل نتنياهو تطهيراً سياسياً لجهاز الأمن. وتتجه النية للتخلص من كل من ليس مستعداً لتقديم الولاء الشخصي على الولاء لدولة إسرائيل. هذه هي الخلفية التي أقصت رئيس الموساد دافيد برنياع ورئيس “الشاباك” روني بار من فريق المفاوضات على الصفقة لتحرير المخطوفين ولقرار نتنياهو تنصيب وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر على رأس الفريق المفاوض.

لم يقص نتنياهو كلاً من بار وبرنياع لأنهما فشلا في مهمتهما، بل العكس؛ فقد تعاطيا بجدية للمهمة التي كلفا بها وسعيا إلى صفقة لتحرير المخطوفين. غير أن نتنياهو الذي لم يكن معنياً طوال الوقت إلا بمظهر التفاوض وليس بالتحرير نفسه، رأى في برنياع وبار عائقاً ينبغي إزاحته. خصوصاً مع حلول المرحلة الثانية من الصفقة التي تفترض إنهاء الحرب وتهدد بقاء الحكومة.

برأي نتنياهو، ينبغي أن يحل مكان بار وبرنياع دمية خيطان مثل ديرمر، يدرك ما هو على كفة الميزان – حياة الحكومة أو حياة المخطوفين – ويعمل على إنقاذ الحكومة بأي ثمن.

ديرمر هو الرجل المناسب للفعل غير المناسب. يسهل على نتنياهو من خلال ديرمر، عرقلة المرحلة الثانية من الصفقة، دون إزعاج دائم من جانب المستوى المهني. إضافة إلى ذلك، فإن إقصاء برنياع وبار يحدد لليمين المتطرف بأن وجهة نتنياهو مواصلة الحرب حتى بثمن التخلي عن المخطوفين.

كل هذا لم يمنع نتنياهو من التشهير بمن تكبدا العناء على الصفقة، ويأخذ لنفسه الحظوة على إعادة المخطوفين. فقد نسب “مصدر كبير” لنتنياهو “إنجاز الاتفاق لتحرير ستة من مخطوفينا الأحياء دفعة واحدة، إلى جانب إعادة أربعة مخطوفين ضحايا وكأن الأمر “نتيجة قرار رئيس الوزراء لتغيير تركيبة الفريق المفاوض. لقد غير الفريق الجديد الآلية وقاد الأخذ والعطاء بدلاً من العطاء والعطاء”، كما جاء في البيان.

في بيان “المصدر الكبير” حرص على الثرثرة بمؤامرة الخيانة، وكتب أن الفريق الجديد “أوقف عُرف الإحاطات الدائمة والمغرضة ضد رئيس الوزراء والمستوى السياسي، التي لم تؤد إلا إلى جعل حماس تتمترس في موقفها وتضيف مطالب”.

تعيد إلى إسرائيل مواطنين إسرائيليين في توابيت، كانوا قد اختطفوا من بيوتهم وتركوا ليموتوا في وردية نتنياهو. نتنياهو معني بصرف الانتباه عن مسؤوليته عن الكارثة الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل، وإلقاء الذنب على المستوى العسكري، وعملياً ينفذ انقلاباً أمنياً. محظور السماح له بذلك.

الجمهور ملزم بالوقوف إلى جانب عائلات المخطوفين، والتوضيح لنتنياهو وكذا لحامل أدواته ديرمر، بأن ليس لهم تفويض للتخلي عن المخطوفين.

——————————————

عن “N12” 20/2/2025

الانتصار على “المحور الشيعي”: كيف فاتتنا غزة؟

بقلم: تامير هايمن

مرور 500 يوم على اندلاع الحرب هو التوقيت المناسب لإجراء مراجعة بمفعول رجعي.

يتمثل النصف الممتلئ من الكأس، منذ بداية الحرب، في التحرك المذهل ضد “المحور الشيعي”، بقيادة إيران. أمّا النصف الفارغ، فيتمثل في الإحراج الكبير أمام المنظومة الفلسطينية في غزة. لكن الأمر الأكثر أهميةً هو أن الطاولة التي وُضعت عليها هذه الكأس تغيرت تماماً مع دخول ترامب البيت الأبيض.

نبدأ بالأخبار الجيدة: نجحت دولة إسرائيل في تفكيك “المحور الشيعي”. صحيح أنه لم يكن تفكيكاً كاملاً، وأن الإيرانيين أذكياء وعنيدون، ولن يستسلموا، لكن إذا قارننا الوضع الحالي للمحور بوضعه قبل 7 تشرين الأول، فمن الصعب إيجاد أيّ تشابه. لقد حققت إسرائيل إنجازاً مهماً من خلال زعزعة العقيدة الأمنية الإيرانية من أساسها.

إذا كانت إيران، قبل الحرب، ترى أنها أقوى من إسرائيل، فإن هذه الحال تغيرت، اليوم. قبل الحرب، كانت إيران تعتقد أنها قادرة على حسم المواجهة مع إسرائيل في حرب شاملة. صحيح أن أعراض هذا الشعور بالتفوق الإيراني رُصدت من طرف الاستخبارات الإسرائيلية، التي أصدرت تحذيرَين استراتيجيَّين بشأن احتمال اندلاع حرب خلال سنة. كانت هذه الأعراض واضحة للغاية، وبدت جليةً من خلال سلوك “حزب الله”، لكن الإدراك أننا على حافة الهاوية لم يُستوعب بالكامل. فالخيمة في مزارع شبعا؛ الهجوم الذي أُحبط في اللحظة الأخيرة في مجدو؛ محاولة اغتيال رئيس الأركان الأسبق موشيه يعلون؛ التهديد لمنصة الغاز “كاريش”، كانت كلها إشارات واضحة إلى حدوث أمر غير عادي.

للأسف، كان التفسير الإسرائيلي مختلفاً: اعتقدنا أننا أقوى، وأنهم لا يدركون القدرات المذهلة التي نمتلكها (عملية البيجر، على سبيل المثال)، لكن الحقيقة هي أن هذا لا يهم، فما كان مهماً هو وعي المحور الشيعي بقوته وإدراكه ما اعتبره ضعفاً إسرائيلياً. كانت المأساة الكبرى في الفشل في استيعاب أن “حماس” جزء من المحور الشيعي، فالغطرسة والثقة المفرطة اللتان أظهرتهما إيران كان ينبغي أن نُسقطهما أيضاً على “حماس”. هذا هو الجانب الذي لم تتمكن الاستخبارات الإسرائيلية من رصده.

كانت الإنجازات ضد إيران، في الميزان الأمني، مثيرةً للإعجاب، فعلى الرغم من أن إيران لا تزال دولة على عتبة القدرة النووية، الأمر الذي يُفترض أن يردع الأعداء عن مهاجمة أراضيها، فإن إسرائيل هاجمتها مرتين. وعملت أذرع إيران العسكرية من سبع جبهات في وقت واحد، وعلى الرغم من ذلك، فإنها لم تتمكن من إيقاف إسرائيل، أو حتى تأخيرها، بل أكثر من ذلك، تفككت هذه الأذرع بسرعة، وكان حجر الزاوية “حزب الله” أول مَن انهار. حتى الجيش الإيراني نفسه لم يرقَ إلى مستوى التوقعات، ففي غضون ست ساعات فقط من عملية جوية واحدة، نجح سلاح الجو الإسرائيلي في تدمير منظومة الدفاع الجوي الاستراتيجية الإيرانية. وفي المقابل، وعلى الرغم من وابل الصواريخ البالستية الهائل، فإن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية تمكنت من منع وقوع أضرار كبيرة.

“الضربة القاضية” للمحور كانت الانقلاب في سورية. توقيت الانقلاب وقع يوم تنفيذ وقف إطلاق النار مع “حزب الله”، ويتحدث الكثيرون عن العلاقة الوثيقة بين عمليات إسرائيل وسقوط نظام الأسد. يجب أن نفهم أن سورية كانت “محور المحور”، فهي التي مرّ عبرها سلاح “حزب الله”، بالإضافة إلى جميع الأموال التي تدفقت إلى أنحاء المحور (حتى أموال “حماس” مرّت عبر البنك المركزي السوري، ومن هناك إلى لبنان في شاحنات مصفحة، ثم وصلت إلى غزة عبر شبكة تحويل أموال معقدة)، وبعد أن استمعت بعناية إلى خطاب وزير الخارجية السوري في مؤتمر ميونيخ أنا مقتنع بأن إيران وروسيا لن تعودا إلى سورية الجديدة.

“تأثير غزة” يتردد صداه

في مقابل الأخبار الجيدة على جبهة المحور وإيران، فإن غزة والمواجهة ضد “حماس” قصة حزينة. حتى الآن، لم نحقق أياً من أهداف الحرب في غزة بشكل كامل، حيث ما زالت “حماس” القوة العسكرية المسيطرة على القطاع، ولم تتغير قدرتها على الحكم هناك. وعلى الرغم من النجاح الكبير في تصفية سلسلة القيادات، فإن “حماس” ما زالت الجهة التي تحكم غزة، وكل ذلك يحدث في الوقت الذي لم ننجح بعد في استعادة مخطوفينا.

القول إن ليس كل شيء قاتما صحيح، فقد عدت، مؤخراً، من مؤتمر الأمن في ميونيخ، والجميع هناك يتحدثون عن “تأثير غزة”، والدمار الذي نفّذه الجيش الإسرائيلي هناك، والإنجاز التكتيكي في القتال داخل بيئة حضرية مليئة بالأنفاق، ومن الأمور التي يعتبرها الخبراء العسكريون إنجازاً مهماً القدرة على التعامل مع الأنفاق، وتفكيك الوحدات العسكرية لحركة حماس، ومستوى التحصين الذي مكّن الجيش الإسرائيلي من الحفاظ على عدد إصابات منخفض نسبياً، على الرغم من التحديات والتوقعات، تركت هذه العوامل كلها انطباعاً جيداً خلال المئة يوم الأخيرة.

متى تعثرت العملية في غزة، ولماذا؟ هذا غير واضح، وتبادُل الاتهامات بين المستوَيين السياسي والعسكري لا يساعد على الوصول إلى إجابة. نأمل أن تُلقي لجنة التحقيق، التي ستبحث في إدارة الحرب، الضوء على هذا الأمر، فلكلّ طرف استنتاجاته، ولي أيضاً استنتاجاتي، لكن هذا ليس هو المهم في الوقت الحالي. المهم فعلاً هو الإنجاز التكتيكي الهائل الذي يمكن تحويله إلى مكسب سياسي. قبل بدء المناورة البرية، ادّعى كثيرون أننا نواجه مفترق طرق بين خيارَين متناقضَين: إمّا إعادة المخطوفين عبر صفقة، وإمّا شنّ عملية برية لحسم المعركة ضد “حماس”، حينها أكدتُ أن المناورة ضرورية لأنها تمنحنا أدوات وأرصدة إضافية يمكننا استخدامها للحصول على المخطوفين. في هذا الجانب، لم أكن مخطئاً، وفعلاً هذا ما يحدث الآن. في المرحلة الأولى من الصفقة ننسحب من مناطق سيطرنا عليها، في مقابل استعادة المخطوفين. لا يمكن الفصل بين الجهد العملياتي الذي وفّر أوراق المساومة هذه وبين هذا الإنجاز. لم يكن في إمكاننا تحقيق ذلك من دون العملية البرية. نعم، هناك استياء بين الجنود المنسحبين، وكثيرون يتساءلون عن جدوى الثمن الباهظ الذي دُفع. والإجابة عن ذلك هي أن هذا الثمن هو ما يتيح لنا استعادة المخطوفين، بالإضافة إلى أن الحرب لم تنتهِ بعد.

التطور الاستراتيجي الأخير هو الأهم، أي دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فأسلوبه التجاري الجيو – سياسي، وأفكاره غير التقليدية التي تدفع جميع اللاعبين إلى إعادة حساباتهم، تخلق فرصاً جديدة. إن وتيرة الأحداث مذهلة، ولا شك في أن العالم بأسره يرقص على وقع الإيقاع الجنوني القادم من البيت الأبيض، إذ نشهد الآن تغييراً في كل مجال شهد جموداً استراتيجياً. الأردن ومصر يُدفعان إلى التحرك، ويُطلب منهما الفهم كيف يمكن أن يكون لهما دور في حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. أوروبا تستفيق من حلمها المثالي بعالم خالٍ من الحروب، إذ تتكفل الولايات المتحدة بالمهمات الصعبة، بينما تواصل هي تعزيز سياسات الرفاه الاجتماعي المتقدمة. ترامب يدفع بكل قوته نحو فرض نهجه القوي، وصورته الحازمة التي لا تقبل التنازلات. هناك شرطي جديد في الغرب، وهو مَن يضع القوانين. ربما يُعيد ترامب تشكيل الولايات المتحدة بطريقة تُضعف الديمقراطية الأميركية، ومن المحتمل أن تؤثر سياساته في جميع الديمقراطيات الليبرالية في المدى البعيد، لكن في المدى القصير، وحتى الآن، فإن النهج التعطيلي الذي يتبناه يحقق نتائج مفيدة.

ترامب يملأ الفراغ

“اليوم التالي”، هذا المفهوم المجرد الذي كان يجب علينا مناقشته منذ اليوم الثاني للحرب، أصبح واقعاً، لكننا لا نزال نختلف بشأنه. والإنجازات التكتيكية المذهلة لم تُترجم بعد إلى مكاسب سياسية. لقد أصبحنا مجدداً جذابين لدول الخليج، بفضل القوة العسكرية التي أظهرناها، وأيضاً بفضل الدعم الذي نتلقاه من ترامب. الآن، هو الوقت المناسب لاستغلال هذه اللحظة من أجل بلورة إطار جديد لتحالف إقليمي.

حتى الآن، لم تطرح إسرائيل رؤية واضحة للشرق الأوسط تتيح استغلال الوضع الجديد الذي حققناه، لكن في المقابل، مَن قدّم الرؤية هو الرئيس ترامب، لكن هذه الرؤية، في حال تنفيذها، قد تعرّض اتفاقيات السلام بين إسرائيل ومصر للخطر، فهو يطالب بتدخّل العديد من الدول لاستيعاب مزيد من المهاجرين في ساحاتهم الخلفية، في وقت تُعتبر الهجرة واحدة من أكثر القضايا إشكاليةً في العالم.

الخطر في طرح ترامب هو أننا قد نتخلى عن خطة واقعية ومعقدة، مثل تطبيع العلاقات مع السعودية وإنشاء تحالف دفاعي إقليمي، في مقابل حلم غير قابل للتحقيق، يتمثل في اختفاء القضية الفلسطينية. في نهاية المطاف، ما لن يختفي بالتأكيد هو مشكلة “حماس” في غزة، وعندما تنتهي الصفقة سنجد أنفسنا مجدداً أمام هذه المشكلة. الخيارات المطروحة سيئة، سواء الحكم العسكري أو سياسة “اجلس وانتظر”، أو لجنة مدنية فلسطينية، فهي كلها تتطلب استعداداً مسبقاً، وفي هذه الحالة أيضاً، يؤدي التسويف إلى كارثة.

—————–انتهت النشرة—————–