فلسطيني

الحصار الإسرائيلي يخنق غزة.. ارتفاع في الأسعار واختفاء سلع أساسية

المسار الاخباري: على وقع هجمات عسكرية شنتها قوات الاحتلال على مناطق تقع على حدود قطاع غزة، استمرت في فرض الحصار المحكم وحالت لليوم الثالث على التوالي دون دخول أي من المساعدات الإنسانية والأغذية للسكان الذين يعانون من الفقر والجوع، مع استمرار التهديد بتوسيع العقوبات على القطاع والعمليات العسكرية.

هجمات وحصار

واستشهد عماد خالد أبو اسبيتان، متأثرا بإصابته برصاص قوات الاحتلال قبل أيام، خلال تواجده في منطقة تقع على مقربة من الحدود الشرقية لمدينة دير البلح وسط القطاع.

وأصيبت طفلة (16 عاما) بشظايا في الرأس نتيجة رصاصة من طائرة من نوع “كواد كابتر” في حي الجنينة شرق مدينة رفح جنوبي القطاع، وجاء ذلك فيما أبقت قوات الاحتلال على هجماتها على مناطق الحدود وتوغلها البري داخل القطاع، حيث أطلقت آليات الاحتلال المتمركزة في “محور فيلادلفيا” النار من رشاشات ثقيلة على منازل المواطنين في حي تل السلطان القريب غربي مدينة رفح.

كما طالت هجمات مماثلة نفذتها قوات الاحتلال المتواجدة قرب الحدود الشرقية لمدينة خان يونس جنوب القطاع، ومدينة غزة، مناطق وأحياء فلسطينية قريبة، ما حال دون قدرة سكان تلك المناطق على الحركة، وسط مخاوف من تصعيد إسرائيلي أكبر.

وجاء ذلك فيما استمرت قوات الاحتلال ولليوم الثالث على التوالي، في إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري، الذي تمر منه البضائع والسلع والمساعدات لسكان قطاع غزة.

وتواصل ارتفاع أثمان البضائع بما في ذلك الأساسية منها في قطاع غزة، مع إغلاق إسرائيل للمعابر، بشكل يفوق قدرات المواطنين الذين يعانون من ارتفاع معدات الفقر، واختفت كذلك العديد من المواد الغذائية من الأسواق، ما ضاعف من معاناة السكان.

وارتفعت أسعار العديد من السلع الأساسية إلى أكثر من 200% عن الثمن الذي كانت تباع فيه قبل فرض الحصار الجديد، ومنها بضائع مثل الزيوت والسكر، واشتكى المواطنون من اختفاء اللحوم من الأسواق بشكل كامل، ويؤكد سكان القطاع، أن أثمان البضائع في هذا الوقت تفوق قدرة الغالبية العظمى على شرائها.

مخاوف من القادم

وذكر مكتب الإعلام الحكومي في غزة، أن إغلاق الاحتلال معبر كرم أبو سالم، يعد عملا “غير قانوني وغير إنساني”، ويفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، لافتا إلى منع دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود، يهدد حياة أكثر من 2.4 مليون فلسطيني محاصرين في ظروف مأساوية.

وأكد المكتب الإعلامي أن استمرار هذا المنع يعني عودة “شبح المجاعة” من جديد، في ظل توقف عجلة الإنتاج والعمل داخل قطاع غزة، واعتماد سكانه على هذه المساعدات في توفير لقمة عيشهم، ‏لافتا إلى أن منع الوقود يتسبب بتوقف المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، وعدم قدرة البلديات والمرافق العامة عن تقديم خدماتها الإنسانية للمواطنين.

وأشار إلى أن إغلاق المعابر يعني مفاقمة الوضع الصحي سوءا، لمنع دخول الأدوية والمستهلكات الطبية؛ “ما يعني حكما بالموت على آلاف المرضى المزمنين والجرحى لعدم توفر الرعاية الصحية، وحكما بالإعدام على المنظومة الصحية المنهارة أساسا بفعل تخريب وتدمير جيش الاحتلال المتعمد لها طوال 15 شهرا”.

وأكد كذلك أن منع إدخال مستلزمات الإيواء المؤقت، يعني بقاء نحو 1.5 مليون إنسان بلا مأوى بعد تدمير بيوتهم، في ظل أجواء شديدة البرودة، وظروف معيشية قاهرة تنعدم فيها أبسط سبل الحياة من ماء وغذاء وكهرباء، لافتا كذلك إلى أن منع وصول المعدات والآليات الثقيلة التي يحتاجها القطاع، يعني بقاء أكوام الركام التي تزيد عن 55 مليون طن، تحتجز تحت أنقاضها أكثر من 10 آلاف شهيد، وتعيق الحركة بسبب الشوارع المغلقة، كما تشكل مكرهة صحية وبيئية.

وكانت حكومة الاحتلال أعلنت يوم الأحد، ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ورفضها الدخول في المرحلة الثانية، عن فرض إغلاق كامل على القطاع، ومنعت دخول أي من البضائع والمسعدات والأدوية والوقود إلى القطاع.

وتلا ذلك أن توعد نتنياهو بالتصعيد أكثر ضد القطاع، وأنذر بالعودة إلى الحرب من جديد، في حال لم تقبل حركة حماس مقترحات المبعوث الأمريكي للمنطقة ستيف ويتكوف، والتي تحقق مطالب إسرائيل، بعقد صفقات تبادل أسرى، دون الدخول في المرحلة الثانية من التهدئة التي تنص على وقف الحرب كاملة.

عواقب وخيمة

وفي هذا السياق، حذرت منظمة “اليونيسف” من أن توقف تسليم المساعدات إلى قطاع غزة سيؤدي، سريعا، إلى عواقب وخيمة على الأطفال والأسر الذين يصارعون من أجل البقاء في جميع أنحاء القطاع، وطالبت الأطراف وبشكل عاجل، لاحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي احتراما كاملا، بما في ذلك اتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية المطلوبة بشكل عاجل وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق إلى قطاع غزة من خلال معابر متعددة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والتوصل في نهاية المطاف، إلى وقف دائم لإطلاق النار للسماح بإعادة الإعمار وتقديم الخدمات الأساسية للأسر والأطفال.

ونقل موقع الأمم المتحدة عن المدير الإقليمي لـ”اليونيسف” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إدوارد بيغبيدير القول في بيان أصدره “إن القيود المفروضة على المساعدات التي أُعلن عنها الأحد ستؤثر بشدة على عمليات إنقاذ حياة المدنيين”، وأكد أنه “من الضروري أن يظل وقف إطلاق النار قائما، وأن يُسمح للمساعدات بالتدفق بحرية حتى نتمكن من مواصلة توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية”، مشيرا إلى أن “اليونيسف” وشركاءها تمكنوا خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، من جلب المزيد من الإمدادات الأساسية والوصول إلى المزيد من الأطفال المحتاجين.

وأوضح أنه عبرت ما يقرب من 1000 شاحنة تابعة لمنظمته الأممية، محملة بمساعدات منقذة للحياة إلى المنطقة، خلال الفترة بين 19 يناير و28 فبراير، كانت تحمل المياه والإمدادات الطبية واللقاحات والأغذية العلاجية وغيرها من المواد.

وعلى الرغم من زيادة معدل المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة، نبهت “اليونيسف” إلى أن ظروف الأطفال لا تزال مزرية للغاية، مستندة إلى التقارير التي أفادت بوفاة سبعة أطفال حديثي الولادة بسبب انخفاض حرارة الجسم خلال الأسبوع الماضي، بسبب عجزهم عن الحصول على ملابس دافئة وبطانيات أو مأوى أو رعاية طبية كافية، وقال المدير الإقليمي لـ”اليونيسف” إن هذه الوفيات التي يمكن تجنبها “مفجعة وتذكرنا بشدة بالحاجة الماسة إلى المزيد من المساعدات”.

وحذرت “اليونيسف” من أن الأطفال والأسر في جميع أنحاء غزة “يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة نسبة لعدم وجود ما يكفي من الغذاء أو الدواء أو المأوى”، لافتة إلى أن النظام الصحي أصبح مجهدا بشدة، حيث يعمل 19 مستشفى من أصل 35 بشكل جزئي.

وقالت إنه منذ بدء وقف إطلاق النار، عملت مع شركائها على الأرض لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية، بما في ذلك توفير الملابس والأغطية والمياه، وعلاج أكثر من 2600 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وتقديم مساعدات نقدية إنسانية لأكثر من 195 ألف شخص.