
المسار الاخباري: يُصادف الثامن من مارس من كل عام يوم المرأة العالمي، وهو مناسبة للاحتفاء بإنجازات المرأة وتضحياتها في مختلف أنحاء العالم. وفي فلسطين، ولا سيما في غزة، تجسد النساء نموذجًا فريدًا للصمود والقوة في وجه الاحتلال والعدوان، إلى جانب نضالهن المستمر من أجل حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية.
في غزة، يتحول يوم المرأة العالمي إلى محطة تعكس عمق المعاناة التي تعيشها النساء جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي، الذي ارتكب إبادة جماعية على مدار 15 شهرًا، كنّ من أبرز ضحاياها. فقد تعرضت النساء للقتل والاعتقال والإخفاء القسري، إضافة إلى التنكيل والتعذيب، كما واجهن النزوح القسري والحصار والحرمان من أبسط مقومات الحياة، ليعشن في ظروف مأساوية تفوق قدرة أي إنسان على التحمل.
أما في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، فتتحمل المرأة الفلسطينية وطأة جرائم الاحتلال وإجراءاته القمعية، إذ تواجه القصف والاعتقالات والتهجير القسري، إلى جانب هدم المنازل والتوسع الاستيطاني، مما يفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة يومًا بعد يوم.
ورغم هذه التحديات القاسية، تظل المرأة الفلسطينية رمزًا للصمود والإرادة، تواصل نضالها متحملة آلامها بشجاعة. فهي الشهيدة وأم الشهيد، الأسيرة وزوجة وأم الأسير، تكتب بدموعها وقوتها قصة نضال لا تنكسر.
تاريخيًا، كانت المرأة الفلسطينية شريكًا أساسيًا في النضال الوطني، فقد لعبت أدوارًا متعددة كمقاتلة، وأسيرة، وأم لشهيد، ومربية للأجيال، وصانعة للتغيير. ومنذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم، تواصل النساء الفلسطينيات النضال في مختلف الجبهات، من مقاومة الاحتلال إلى التصدي للظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
نساء غزة: معاناة وصمود استثنائي
وتعاني النساء في قطاع غزة من ظروف إنسانية قاسية جراء الحصار المستمر والاعتداءات المتكررة، مما يفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية بشكل كبير. ورغم هذه الظروف الصعبة، لا تتوقف النساء في غزة عن السعي لتحسين حياتهن والمساهمة في المجتمع من خلال التعليم والعمل والنشاط المجتمعي.
وفي هذا الإطار، أشار رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، إلى أن يوم المرأة العالمي يعد تذكيرًا مهمًا للمجتمع الدولي بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق النساء الفلسطينيات، في ظل حرب الإبادة المستمرة في غزة. وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي قتل 12,316 امرأة بدم بارد، وترمل 13,901 امرأة فقدن أزواجهن ومعيلي أسرهن. كما فقدت 17 ألف أم أبناءها، واضطرت 50 ألف امرأة حامل إلى الولادة في ظروف غير إنسانية.
وأضاف معروف أن 162 ألف امرأة أصبن بأمراض معدية نتيجة تداعيات الحرب، في حين ستعاني 2000 امرأة وفتاة من إعاقات دائمة بسبب بتر أطرافهن. كما تعرضت عشرات النساء للاعتقال والتعذيب داخل السجون الإسرائيلية، ما يعكس استمرارية الواقع المأساوي الذي تعيشه المرأة الفلسطينية منذ النكبة وحتى اليوم.
– تحت الحصار والحروب: تواجه النساء في غزة تداعيات الاحتلال والحصار الذي يعيق حياتهن اليومية، من انعدام فرص العمل إلى نقص الخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن المخاطر الأمنية المتواصلة.
– المرأة في الميدان الصحي والتعليمي: برزت العديد من النساء في غزة كطبيبات، ممرضات، معلمات، صحفيات، وناشطات مجتمعيات، حيث يسعين جاهدات لتقديم الدعم لعائلاتهن ومجتمعهن رغم التحديات الهائلة.
الأسيرات في سجون الاحتلال:
تواجه العديد من الفلسطينيات الاعتقال الإداري والتعذيب داخل السجون الإسرائيلية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية.
وأفادت مؤسسات الأسرى بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تعتقل 21 سيدة، من بينهن طفلتان، يتعرضن لجرائم منظمة داخل سجون الاحتلال ومراكز التحقيق. وفي تقرير لها بمناسبة يوم المرأة العالمي، الذي يوافق 8 مارس، أوضحت هذه المؤسسات أن عدد الأسيرات يبلغ 21، 17 منهن ما زلن موقوفات، من بينهن أسيرة من غزة، وهي الأسيرة سهام أبو سالم.
وأشارت إلى أن من بين الأسيرات هناك طفلتان، إحداهما تبلغ من العمر 12 عامًا، و12 أمًا، بالإضافة إلى أسيرة حامل في شهرها الثالث، واثنتين معتقلتين إداريًا، و6 معلمات، وصحفية طالبة إعلام. كما لفتت المؤسسات إلى أن من بين الأسيرات هناك أسيرة مصابة بسرطان.
وأكدت أن هناك أسيرتين لا زالتا معتقلتين منذ ما قبل السابع من أكتوبر، ويرفض الاحتلال أن يشملهما أي من صفقات التبادل التي أُبرمت بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
وأوضحت أن اعتقال الفلسطينيات يُعد أحد أبرز السياسات الممنهجة التي اعتمدها الاحتلال ضدهن عبر التاريخ، حيث يتعرضن لجرائم ممنهجة ومنظمة في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومراكز التحقيق، وهي الانتهاكات التي تصاعدت منذ حرب الإبادة الأخيرة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، وثقت المؤسسات 490 حالة اعتقال بين النساء من الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، بينما لا يوجد تقدير دقيق لعدد النساء المعتقلات من غزة.
دور المرأة الفلسطينية في المجتمع
إلى جانب دورها في النضال الوطني، تسهم المرأة الفلسطينية بشكل فعّال في مختلف المجالات:
– في الاقتصاد: العديد من النساء الفلسطينيات يُدرن مشاريع صغيرة أو يعملن في مجالات مثل الزراعة والحرف اليدوية لدعم أسرهن.
– في السياسة:رغم العقبات، تزداد مشاركة المرأة الفلسطينية في العمل السياسي، حيث تشغل مناصب قيادية في الأحزاب والفصائل في الحكومة والمجتمع المدني.
– في التعليم: تعد المرأة الفلسطينية من أكثر النساء تعليماً في المنطقة، حيث تسعى إلى تحقيق طموحاتها رغم الظروف القاسية.
في يوم المرأة العالمي، نوجّه التحية لكل النساء الفلسطينيات، خاصة في غزة، اللواتي يواصلن الصمود رغم المعاناة. إن تمكين المرأة الفلسطينية وتعزيز حقوقها هو جزء لا يتجزأ من النضال الوطني الفلسطيني، ويجب أن يحظى بدعم محلي ودولي لضمان مستقبل أفضل لهن وللأجيال القادمة.
المصدر : شبكة وطن الإخبارية