عربي

إحالة مخالفات البناء إلى القضاء العسكري تثير جدلا واسعا في مصر

القاهرة- “المسار الاخباري”: أثار قرار إحالة مخالفات البناء إلى القضاء العسكري موجة جدل واسعة في مصر، بعد توجيه الأجهزة الأمنية خطابات رسمية إلى رؤساء مدن بمحافظة الجيزة، تشير إلى أن وقائع التعدي بالبناء بدون ترخيص باتت من اختصاص القضاء العسكري، وفقا لتعليمات صدرت مؤخرا.

وكشف خطاب صادر عن مساعد مدير الأمن للشؤون الأمنية، بناءً على كتاب مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة رقم 4492 المؤرخ في 16 أبريل/نيسان الجاري، أن القضاء العسكري أصبح مختصا، اعتبارا من هذا التاريخ، بالنظر في جميع قضايا التعديات بالبناء بدون ترخيص.

وشدد الخطاب على مسؤولية المختصين بالمحليات – سواء بالحي أو المركز – في تحرير المحاضر اللازمة بشكل فوري داخل أقسام الشرطة، مع ضرورة أن تكون تلك المحاضر مستوفاة لجميع البيانات، والتي تشمل بيانات مالك العقار، والمقاول المنفذ، وشركات الخرسانة الجاهزة المتورطة، مع إيضاح موقف التعدي السابق إن وُجد، وتضمين الرقم القومي لكل طرف.

رفض سياسي ودستوري

وعبّر حزب المحافظين عن رفضه التام لإحالة مخالفات البناء إلى القضاء العسكري، مشددا على ضرورة احترام الدستور ومبدأ سيادة القانون.

وقال الحزب، في بيان رسمي، إن هذا التوجه يُعد مخالفة صريحة للمادة (97) من الدستور، التي تنص على أن “لا يُحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة”. وأضاف أن الأصل في التعامل مع المخالفات المدنية هو القضاء المدني المختص، الذي يكفل العدالة ويضمن حق الدفاع.

ودعا الحزب إلى توسيع دور الأجهزة المحلية ليشمل الرقابة الفعلية ومنع وقوع المخالفات قبل تفاقمها، من خلال تفعيل أدوات الرقابة الإدارية والتخطيطية ومحاسبة المقصرين ضمن منظومة الحكم المحلي، بما يحقق الانضباط العمراني دون المساس بحقوق المواطنين.

كما حذّر من الزج بالمؤسسة العسكرية في منازعات مدنية، مؤكدا أن ذلك لا ينسجم مع طبيعة دورها الوطني، ويُعد تراجعا عن المفهوم المدني للدولة، وينذر بتداخل غير صحي بين السلطات، قد يؤثر على العلاقة بين المواطن والقوات المسلحة.

وأكد الحزب احترامه العميق للقوات المسلحة ودورها في حماية الوطن، لكنه حذّر من أن إدخالها في قضايا مدنية قد يُحدث شرخا مجتمعيا، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز التماسك الوطني لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

انتقادات قانونية

بدوره، أكد المحامي طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، رفضه إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري في قضايا المباني المخالفة.

وقال العوضي، في بيان، إن القرار يُعد انتهاكا صريحا للدستور، ولا سيما المادة (204) التي تنص على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرا على المنشآت العسكرية أو ما في حكمها، وهي شروط لا تنطبق على قضايا البناء المخالف أو التعدي على أراضي الدولة.

وأضاف أن هذا التوجه يمثل تراجعا خطيرا عن مبدأ استقلال القضاء الطبيعي، ويُعد انتقاصا من حقوق المواطنين وضماناتهم القانونية، ما يُعد ضربا لمبدأ المحاكمة العادلة.

وأكد أن مصر تملك نظاما قضائيا مدنيا قادرا على الفصل في جميع النزاعات، بما فيها قضايا التعديات العمرانية، ما يجعل اللجوء إلى القضاء العسكري غير مبرر قانونيا أو دستوريا.

وطالب العوضي السلطات المختصة بالتراجع عن القرار، وضمان حق المواطنين في المثول أمام قاضيهم الطبيعي، داعيا جميع القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى التكاتف من أجل وقف هذا “الانتهاك الخطير” للمبادئ الدستورية، وصون ثقة المواطن في منظومة العدالة.

3 ملايين مخالفة

يُذكر أن عدد مخالفات البناء في مصر يُقدّر بنحو 3 ملايين مخالفة، وفق تصريحات سابقة للنائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب.

وفي هذا السياق، نشرت الجريدة الرسمية، في عددها رقم 16 “مكرر” الصادر بتاريخ 20 أبريل/نيسان الجاري، قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1386 لسنة 2025 بشأن مد العمل بقانون التصالح في مخالفات البناء وتقنين أوضاعها رقم 187 لسنة 2023.

ونصت المادة الأولى من القرار على تمديد مهلة تقديم طلبات التصالح إلى الجهة الإدارية المختصة لمدة ستة أشهر إضافية، تبدأ من 5 مايو/أيار المقبل.