المسار …
في وقت يتقدم الجيش السوداني في ولايات كردفان، وتواصل قواته فتح الطريق نحو إقليم دارفور، أعلنت الإدارة المدنية في ولاية جنوب دارفور التابعة لـ«الدعم السريع»، أمس الأربعاء، الطوارئ والتعبئة والاستنفار الكامل، لجميع شرائح ومكونات مجتمع الولاية، مشددة على أن من يخالف القرار سواء بالمنع أو التحريض سيعرض نفسه لعقوبة الغرامة أو السجن أو كليهما. وأشار رئيس الإدارة يوسف إدريس، عبر بيان له، الى أن «الاستنفار جاء نتيجة ظروف طارئة تمر بها البلاد إلى جانب التهديدات التي يشنها العدو»، في إشارة للجيش.
وإعلان التعبئة في جنوب دارفور، هو الثالث من نوعه في مناطق سيطرة الدعم السريع، فقد سبق وأن دعا مسؤولو الإدارة المدنية في كل من ولايتي غرب وشرق دارفور إلى الخطوة ذاتها.
وقال مصدر محلي في مدينة المجلد في ولاية غرب كردفان لـ«القدس العربي» إن الدعم السريع اعتقلت عددا من الشباب الذين أبدوا رفضهم للتجنيد القسري في صفوفها، واتهمتهم بالتعاون لصالح الجيش، مشيرا إلى إلزام الدعم السريع الإدارات الأهلية بالتكفل بتوفير الغذاء للمقاتلين المستنفرين.
ووفقاً للمصدر، تلجأ «الدعم السريع» للاستنفار في محاولة تعويض وحشد الجنود في مواجهة متحركات الجيش الضخمة التي تتحرك في كردفان واستطاعت استعادة مدن استراتيجية يمكن من خلالها التقدم وتوجيه ضربات إلى عمق الدعم السريع.
وكشف المصدر عن فتح معسكرات تسجيل وتدريب للمستنفرين في المجلد ونيالا والضعين في ولاية غرب دارفور.
كذلك قالت شبكة «أطباء السودان»، إن «الدعم السريع» اعتقلت 178 شخصاً في مدينة الضعين في ولاية شرق دارفور، بينهم كادر طبي وأجبرتهم على الاختيار بين القتال في صفوفها أو دفع فدية مالية.
وقال الناطق الرسمي باسم «الدعم السريع» الفاتح قرشي، إن المتعاونين الذين ينقلون خطط قواتهم للجيش سيعزلون مجتمعياً ويحاكمون بموجب القانون العسكري.
وبين خلال مخاطبته ملتقى الإدارات المدنية في شرق دارفور أن الولاية أصبحت ملاذاً آمناً لكل النازحين ما ساهم في تمكنهم من استنفار أكثر من 9 آلاف مقاتل في فترة وجيزة.
الجيش يتقدم: أعلن التعبئة… ونفذ اعتقالات شملت كادراً طبياً
وأضاف: «دقت ساعة الاستنفار والحرب، ولا وجود للتخاذل».
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه مصادر عسكرية لـ«القدس العربي»، إحكام الجيش السوداني السيطرة على منطقة السعاتة الواقعة شمال غرب مدينة أبو زبد في ولاية غرب كردفان والتي كانت أحد مواقع التمركز المهمة للدعم السريع.
وأفادت المصادر بإن الجيش شن هجوماً مباغتا على قوات «حميدتي» في المنطقة صباح أمس، ما أسفر عن تكبدها خسائر في الأرواح واغتنام كميات من الأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصالات.
وقالت إن الطيران الحربي والمسير التابع للجيش نفذ ضربات الأربعاء، على تجمعات للدعم السريع في مدينتي أبوزبد والنهود وبلدة جبرة الشيخ في كردفان، ما أدى إلى تدمير عدد من العربات القتالية.
في المقابل قال شهود عيان لـ«القدس العربي»، إن الطيران المسير التابع للدعم السريع قصف يوم الثلاثاء بلدتي «الله كريم» و«السميح» في محلية «الرهد أبودكنة» في ولاية شمال كردفان.
وكان الجيش قد بسط سيطرته الأسبوع الماضي على مدينة الدبيبات في ولاية جنوب كردفان وقبلها الخوي في ولاية غرب كردفان، كما أبعد «الدعم السريع» من العاصمة الخرطوم وعموم وسط البلاد، في حين دفع بمزيد من القوات إلى ميادين القتال في ولايات كردفان ودارفور.
ويسعى الجيش خلال عملياته الحربية في ولايات كردفان ودارفور إلى فك الحصار عن قواته الموجودة في مدن بابنوسة غرب كردفان والدلنج في الجنوب إلى جانب مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن ثم التوسع واستعادة المناطق التي تخضع لسيطرة «الدعم السريع».
وتفيد المتابعات بأن الجيش دفع السبت الماضي، بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى مدينة الأبيض التي تعد مركز متقدماً لإدارة العمليات الحربية في عموم غرب السودان. في المقابل حشدت «الدعم السريع» قوات ضخمة في مدينة النهود ومناطق أخرى بالقرب من مدينة الخوي بهدف الحد من تحركات الطرف الآخر.
وفي السياق، قال مصدر عسكري مطلع لـ«القدس العربي»، إن «الدعم السريع بعد تلقيها هزائم متواصلة في الخرطوم ووسط السودان تحاول الآن التمركز في الأطراف ومدن وبلدات غرب السودان والمحافظة على مناطق سيطرتها والدخول في معارك استنزاف طويلة تجبر الجيش على الذهاب إلى تسوية سياسية».
وأوضح أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن معركة كردفان باتت محسومة إلى حد كبير لصالح الجيش بعدما استطاع السيطرة على أهم المدن والنقاط الاستراتيجية المرتبطة بطرق الإمداد الرئيسية، وتوقع أن تكون معارك دارفور أكثر تعقيدا نسبة لطبيعة الجغرافيا والتركيبة الاجتماعية.
ولفت إلى أن الجيش قد يلجأ قبيل الدخول في معارك إقليم دارفور إلى اختيار وتدمير أهداف مؤثرة مثل المخازن وغرف الاتصالات ومحطات التشويش وقوافل الدعم، والقيام بعمليات عدائية استنزافية عبر متحركات جوالة.
وبين في الوقت نفسه أن «الدعم السريع» أصبحت تعاني من تقلص كبير وتشتت وحالة إجهاد واضحة بسبب تسابقها إلى سد الثغرات التي أحدثها تآكل القوة الصلبة، بالإضافة إلى فقدانها التسلسل والاتصال والقيادات التي استهدفت بعمليات نوعية من قبل الجيش.