
المسار …
أثار قيام الشرطة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، الاستدعاء والتحقيق مع عدد من مؤذني المساجد ومصادرة مكبّر صوت من مسجد في بلدة مجد الكروم في منطقة الجليل، شمالي البلاد، ردود فعل شعبية غاضبة وموجة تنديدات ضد سياسة قمع حرية العبادة.
وتأتي هذه الحملة بإيعاز من وزير الأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير، والمفتش العام للشرطة داني ليفي، وبدعم وتعاون ومطالبة من وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية، عيديت سيلمان، باتخاذ خطوات فورية لتطبيق القانون ضد ما وصفته بـ”التجاوزات الحادة في استخدام مكبرات الصوت داخل المساجد”، مع التركيز على ثلاثة مساجد في القدس ويافا واللد.
وهددت الشرطة مؤذني المساجد بفرض غرامة قدرها 10 آلاف شيكل في حال أُعيد تركيب مكبرات الصوت التي صودرت، وذلك في أعقاب مداهمة الشرطة يوم الأربعاء الماضي، 6 مساجد في الرملة واللد وكفر قاسم والطيرة والطيبة وتحرير مخالفات ضد 3 مساجد بادعاء “تجاوز بالضوضاء بشكل مخالف للقانون”.
وقال رئيس المجلس المحلي في مجد الكروم، سليم صليبي لـ”عرب 48″ إنه “فوجئت منذ أسبوع بتوجه الشرطة لي بأن هناك شكوى بخصوص ارتفاع صوت الأذان، ولم يوضّح مصدر الشكوى خصوصا أنه لا يوجد بلدة ملاصقة لمجد الكروم، ولم يكن أي اعتراضات أو شكاوى خلال كل السنوات الماضية من مدينة كرميئيل، زيادة على أن درجة الصوت هي ذاتها ولم يتم رفعها”.
وأضاف صليبي أن “هذه الهجمة على الأذان خطوة سياسية استفزازية من بن غفير وتصب في حملاته الدعائية التي يستغلها مع كل انتخابات”.
وأشار إلى أنه “ستكون لنا جلسة، اليوم، مع الشرطة لمعرفة مصدر الشكوى وإذا ما تم قياس درجة ارتفاع الصوت وهناك إثبات على ذلك. في الماضي كان شكوى من بلدية كرميئيل للمجلس المحلي في البلدة دون إقحام الشرطة حول صوت الأعراس وجلسنا وتحدثنا وحُلّ الإشكال، أما الأذان فلم يكن بتاريخ المنطقة أي شكوى حوله”.
وختم صليبي حديثه بالقول: “نحن مستمرون، واليوم سيُعقد اجتماع جماهيري في مسجد الهجرة، إذا حُلّت المشكلة بالتفاهم كان به، وإذا لم تُحل فنحن مستمرون بعملنا ونشاطنا الجماهيري”.
من جانبه قال إمام مسجد الهجرة في مجد الكروم، الشيخ عبد الله إدريس إنه “ادعت الشرطة، مؤخرا، أن هناك شكاوى من كرميئيل بسبب ارتفاع صوت الأذان، على الرغم من أن المسجد في الجهة الغربية للبلدة، أي لا يؤثر نهائيا على كرميئيل”.
وأردف الشيخ إدريس أنه “صادرت الشرطة مكبّر صوت من محطة أذان تابعة لمسجد الهجرة في الحي الغربي، وهذه المحطة مقامة هناك لإيصال صوت الأذان لمنطقة الحي الغربي”
وعن التحقيق معه، قال الشيخ إدريس: “استدعتني الشرطة ومؤذن مسجد آخر للتحقيق، وهددوا بفرض غرامات على المساجد في حال لم يتم خفض صوت الأذان، وأكدنا لهم أن هذا انتهاك صارخ لحرية العبادة ومخالف لقانون المؤذن الذي لا يعارض درجة الصوت الحالية، فيما اتصلت الشرطة بأئمة ومؤذني باقي المساجد في البلدة وطلبوا منهم خفض صوت الأذان”.
وأشار إلى أنه “دعينا لاجتماع شعبي، مساء اليوم، وما أن صعدّنا الأمر إعلاميا حتى اتصل قائد محطة الشرطة في البلدة بالمجلس المحلي وطلب الجلوس مع رئيس المجلس وأئمة المساجد، مساء اليوم، لإرجاع مكبّر الصوت الذي صودر بشرط وضعه على منزل آخر، لأن صوته يشوّش على محطة الشرطة كما ادعى. يبدو أن الشرطة قامت بهذا الفعل بسبب صوت التشويش الحاصل لها كما تدّعي وليس بسبب ورود شكاوى من كرميئيل”.
من جهتها، أصدرت اللجنة الشعبية في مجد الكروم بيان تنديد لممارسات الشرطة، جاء فيه أن “التصعيد ضد الأذان وأئمة المساجد والمؤذنين امتداد لسياسة الهدم والتضييق وقمع حرية العبادة. تستنكر اللجنة الشعبية في مجد الكروم بشدّة ما أقدمت عليه الشرطة الإسرائيلية من استدعاء وتحقيق مع عدد من مؤذني المساجد في البلدة، ومصادرة مكبّر صوت يُستخدم لبث الأذان في الحارة الغربية، وتهديدهم بفرض غرامة قدرها 10,000 شيكل في حال أُعيد تركيب السماعات”.
وأكمل البيان: “إنّ هذا التصرف يُعد انتهاكًا صارخًا لحرية العبادة، واعتداءً على أحد أبرز الرموز الدينية في مجتمعنا، ويأتي في ظل تحريض سياسي متواصل ضد المواطنين العرب، تقوده شخصيات رسمية، وفي مقدّمتها الوزير إيتمار بن غفير، الذي يسعى إلى قمع كل الديانات غير اليهودية، في محاولة لتحويل الدولة إلى يهودية خالصة، وهو ما ينسجم مع العقيدة الصهيونية الدينية التي يؤمن بها”.
وأكد أن “ما جرى ليس حالة فردية، بل جزء من سياسة ممنهجة للتضييق على بلداتنا العربية، تتجلّى أيضًا في تصعيد أوامر الهدم في مجد الكروم، ضمن نهج تمييزي يُعامل المواطنين العرب كأنهم ضيوف في وطنهم، ويمهّد لخطوات عنصرية أخرى. نطالب بوقف هذا التصعيد فورًا، وندعو أهلنا إلى الوقوف صفًا واحدًا في وجه هذه السياسة التي تمسّ كرامتنا ووجودنا اليومي”.