
المسار الإخباري :في تطور غير مسبوق في السباق السياسي الأمريكي، يواجه زهران ممداني، أول مسلم يُرشح عن الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، حملة شعواء من الهجمات العنصرية والإسلاموفوبية، تصاعدت بعد فوزه الكاسح في الانتخابات التمهيدية الأسبوع الماضي.
ورغم أنه نال دعم الأحياء الراقية، وشرائح من المتعلمين والطبقة المتوسطة، إلا أن صعوده السياسي أزعج التيار اليميني المتشدد، إذ شن كبار الشخصيات الجمهورية والإعلام المحافظ، وعلى رأسهم دونالد ترامب ومستشاره السابق ستيفن ميلر، هجوماً حاداً على ممداني، متهمين إياه بدعم “الإرهاب” والترويج لـ “الشريعة الإسلامية”.
الانتقادات تجاوزت السياسة إلى المطالبة بـ سحب الجنسية الأمريكية منه، كما دعا أحد نواب الحزب الجمهوري إلى ترحيله خارج البلاد، في مشهد يعيد إلى الأذهان حملات التشكيك في أوباما قبل رئاسته، حينما أصر اليمين على وصفه بـ”المسلم الكيني” رغم ولادته في هاواي.
ابن أكاديمي ومخرجة سينمائية شهيرة
زهران، البالغ من العمر 33 عاماً، ليس غريباً على عالم الفكر والثقافة؛ فهو نجل المفكر والأكاديمي المعروف محمود ممداني، المتخصص في دراسات الاستعمار وحقوق الإنسان، والمخرجة العالمية ميرا نايير، المرشحة سابقًا لجائزة الأوسكار. وقد تلقى تعليمه في بيئة متعددة الثقافات، تقول عنها والدته: “زهران نشأ في بيت يشهد نقاشات دائمة عن العالم، والعدالة، والفن، والحياة السياسية”.
ورغم أن والداهما أكدا أنه مستقل في قراراته السياسية، إلا أن بعض دوائر اليمين تعتبر نشأته الفكرية أحد أسباب “خطورته”، خاصة مع نشاط والده المؤيد للحقوق الفلسطينية، ومشاركته في احتجاجات ضد الحرب على غزة في جامعة كولومبيا العام الماضي.
زوجته فنانة سورية وتدعم القضية الفلسطينية
في عام 2025، تزوج زهران من الفنانة السورية راما دوجي، المعروفة بمواقفها الداعمة لفلسطين، والتي تعبر عنها من خلال رسومات فنية تنشرها على إنستغرام. كما رفضت والدته، قبل أعوام، دعوة لحضور مهرجان سينمائي إسرائيلي، قائلة إنها “لن تزور إسرائيل إلا بعد سقوط الأسوار”.
المعركة الأشرس في سباق العمدة
ممداني، الذي كان يعمل قبل دخوله المعترك السياسي مستشارًا للسكن للأسر ذات الدخل المنخفض، يُعد وجهًا بارزًا في التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، وينتمي إلى التيار الاشتراكي الديمقراطي. وبدعم من نقابات عمالية وتحالفات يسارية، خاض الانتخابات ضد مرشحين يمثلون المؤسسة السياسية التقليدية، وعلى رأسهم الحاكم السابق أندرو كومو.
وعلى الرغم من حملات التشويه، يرى المراقبون أن ترشح ممداني يمثل تحولاً في وعي الناخب الأمريكي، خاصة في نيويورك التي تعاني من أزمات إسكان وفقر متصاعدة.
الإسلاموفوبيا في قلب نيويورك
يرى مراقبون أن الحملة الشرسة ضد ممداني تفضح ازدواجية الخطاب الأمريكي، الذي يفاخر بالتعددية بينما يحارب تمثيل الأقليات في مواقع السلطة. وقد وصف عابد أيوب، المدير التنفيذي للجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز، الحملة بأنها “ذعر عنصري من نجاح مسلم في كسر احتكار السلطة”.
الانتخابات المقبلة في نوفمبر 2025 لن تكون مجرد استفتاء على سياسات محلية، بل اختبارًا لقيم أمريكا الحقيقية: هل ستقبل بقيادة سياسية تنتمي حقًا للتنوع، أم ستنحاز مرة أخرى للعنصرية المقنعة؟