وزير مغربي في مرمى الانتقادات بسبب التبرّؤ من صفته الحكومية أمام شباب “جيل زد” واكتفائه بقبعته الحزبية

المسار : واصل التلفزيون المغربي، من خلال القناة الثانية، فتح النقاش على مصراعيه حول احتجاجات “جيل زد”، بحثًا عن الأجوبة الممكنة من طرف الحكومة. واستضاف برنامج “نكونو واضحين” في حلقة أمس الأحد عددًا من الضيوف، من بينهم وزير التجهيز والماء نزار بركة، بالإضافة إلى عدد من الشابات والشبان المنتمي لحركة “جيل زِد”، ونائبة برلمانية عن حزب “الأصالة والمعاصرة” المشارك في الحكومة.

وأثار المسؤول الحكومي جدلا واسعا بعد بث البرنامج، لأنه ـ في رأي المراقبين ـ تبرّأ من الحكومة، مؤكدًا للصحافي جامع كولحسن أنه حاضر بصفته أمينًا عامًا لحزب “الاستقلال”، ما فسّره البعض بأنه تهرب من المسؤولية، فيما وصفه آخرون بأنه “موقّف جبان”. وهي عبارة وردت في تدوينة للصحافي سمير شوقي الذي فسّر ذلك بالقول: “يعني أنه يتنصل من مسؤوليته الحكومية ويتبرّأ من الحكومة ككل.”

وخاطب شوقي الوزير بقوله: “لا، السي بركة، أنت عضو في الحكومة، وعليك أن تتحلى بالشجاعة وتواجه النقاش العمومي بقبعتك الحكومية التي تحظى بموجبها بأجر وامتيازات وتعويضات سمينة ونفوذ وحظوة. فالقائد هو من يبقى على ظهر السفينة حين تغرق، لا أول من يقفز منها.”

ورأى عبد الحميد جماهري، مدير صحيفة “الاتحاد الاشتراكي”، أن نزار بركة بتركيزه على صفته الحزبية كأمين عام لحزب “الاستقلال”، أفقد تواجده في البرنامج معنى في سياق التوتر بين الشباب والحكومة. “ويمكن أن نرى فيه نوعا من التخلص من الصفة الحكومية”، كما كتب في تدوينة على “الفيسبوك”.

ولاحظ مشاهدو البرنامج أن نائبة برلمانية من الأغلبية سارت على النهج نفسه، ويتعلق الأمر بنجوى كوكوس عن حزب “الأصالة والمعاصرة”، التي قالت “لن أجيب نيابة عن الحكومة لأنني لست عضوا فيها”، وأضافت “نحن كأغلبية برلمانية شيء، والحكومة شيء آخر، ويجب أن نفصل بينهما، والحكومة بينها تضامن، وهي مسؤولة عن قراراتها”.

هذه التصريحات دفعت الكاتب محمد أقديم إلى تدوين ملاحظة جاء فيها: “الجميع يريد أن يتبرأ من حكومة المفترسين، ولذلك يؤكدون على حضورهم للبرنامج بصفاتهم الحزبية لا الحكومية. لا أحد يريد أن يدافع عن المفترسين.”

أما الصحافية حنان باكور فأكدت أن برنامج القناة الثانية كشف أن “الكل يتبرأ من أخنوش”، قائلة: “نزار بركة، المشارك في الحكومة كوزير التجهيز والماء، يقول إنه حضر كأمين عام لحزب الاستقلال، ونجوى كوكوس من الأصالة والمعاصرة قالت بضرورة التفريق بين الأغلبية الحكومية والبرلمانية..”

وأثار الحديث عن فصل البرنامج الحكومي عن برامج الأحزاب المشكلة له غضب فئات واسعة من المغاربة، الذين تذكروا آخر بيان لرئاسة الأغلبية، والذي أكدت فيه تفهمها لمطالب الشباب والعمل على تلبيتها.

وكتب موقع “كود” أن المسؤول الحزبي والحكومي، بركة، تحدث بلغة الخشب، وتهرب من المسؤولية رغم إشرافه على قطاع حساس، معتبرةً أنه استغل المناسبة لتصفية حساباته مع خصومه في الحكومة.

وكان الوزير هدفا لانتقادات أخرى على الهواء خلال البرنامج المذكور، حيث خاطبه عادل بوكمازي، عضو الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية” المعارض، قائلاً: “لا يمكن التنصل من المسؤولية، فهناك قرارات اتخذتها الحكومة ومن ورائها أحزاب الأغلبية.”

وكتب القيادي في الحزب نفسه نزار خيرون تدوينة قال فيها إنه “يشفق على حزب الحمامة” (رمز حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأس الحكومة) بعد أن “تبرأ الجميع منه”، مضيفًا أن “حزب أخنوش نموذج صارخ لتأجيج الأزمات وتبخيس العمل السياسي الجاد والمسؤول”.

وتعددت التدوينات حول الواقعة؛ فبين من رآها “بداية غرق السفينة”، ومن اعتبرها “مناورة سياسية لحزب يسعى للنجاة بنفسه مع اقتراب الانتخابات”، رأى آخرون أن تضخيم تصريح بركة “تهويل إعلامي”، خاصة أن القناة الثانية قدمته بصفته الحزبية لا الحكومية.

الشباب الذين حركوا المشهد السياسي باحتجاجاتهم ومطالبهم الاجتماعية، حضروا بقوة في البرنامج وقالوا كلمتهم؛ منهم المنتمون للأحزاب، ومنهم من عبّر عن وعي مستقل خارج أي إطار سياسي. وأثنى عليهم الصحافي عبد الحميد جماهري قائلًا: “شباب بأفكار واضحة ومهيكلة، فيها إشراقات غاية في الالتزام السياسي”، واستشهد بقول إحدى الشابات: “أغلب الشباب لديه ميل للسياسة، لكنه لا يدخل مجالها لأنها مليئة بالفساد والشبهات.” وختم جماهري بأن “هناك التزامًا سياسيًا جديدًا يبعث الأمل.”

وإذا كانت تداعيات الاحتجاجات، التي تواصلت الأحد لليوم التاسع على التوالي، قد ظهرت في ضعف التواصل الحكومي والأحزاب المشكلة للتحالف، فإنها انعكست أيضًا على بعض المصحات الخاصة العاملة في مجال الصحة، أحد أبرز مطالب الإصلاح لدى المحتجين. ووفق صحيفة “العمق” الإلكترونية، فقد شهد سهم مجموعة رائدة في قطاع الصحة الخصوصي بالمغرب تقلبات حادة في بورصة الدار البيضاء خلال الأسابيع الأخيرة، متأثرًا بزخم الاحتجاجات ومخاوف المستثمرين من تغييرات محتملة في السياسات الحكومية.

Share This Article