تشكيل حكومة فرنسية جديدة من السياسيين والتكنوقراط

المسار : أعلن رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو الأحد تشكيلة حكومية تضمّ سياسيين وعددا من التكنوقراط وشخصيات من المجتمع المدني، في محاولة لتجنيب البلاد مزيدا من التأزم السياسي.

وفي ما يبدو أنه مسعى لإبعاد شبح تقديم مذكرة فورية لحجب الثقة، قال لوكورنو إن مهمة الحكومة الجديدة هي منح البلاد “موازنة قبل نهاية العام”.

وتقع على عاتق رولان ليسكور المنتمي إلى معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون إعداد مشروع موازنة للعام 2026 قادرة على نيل ثقة البرلمان، في حين بلغ الدين العام للدولة 3300 مليار يورو، أي أكثر من 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتمرّ البلاد بفترة طويلة من انعدام الاستقرار السياسي منذ حل الرئيس ماكرون الجمعية الوطنية في يونيو/ حزيران 2024، ما أسفر عن برلمان من دون غالبية ومشرذم بين ثلاث كتل هي اليسار واليمين والوسط واليمين المتطرف مع تعاقب أربعة رؤساء وزراء لقيادة الحكومة.

وفي الحكومة الجديدة التي “شُكّلت لكي تحظى فرنسا بموازنة قبل نهاية العام”، أسند لوكورنو حقيبة الداخلية إلى قائد شرطة باريس لوران نونيز، خلفا لزعيم حزب الجمهوريين برونو روتايو، وحقيبة العمل إلى الرئيس السابق لشركة السكك الحديد “إس إن سي في” جان-بيار فاراندو.

وأعيد إسناد حقيبة الخارجية إلى جان-نويل بارو، فيما ذهبت حقيبة الدفاع إلى وزيرة العمل في الحكومة المستقيلة كاترين فوتران.

وشدّد لوكورنو في منشور على منصّة إكس على أن الأهم “مصلحة البلاد”، شاكرا الوزراء “المشاركين في هذه الحكومة بكامل حريتهم بعيدا من المصالح الشخصية والحزبية”.

ومن بين الوجوه الحكومية الجديدة مونيك باربو، موفدة ماكرون الخاصة إلى مؤتمر “قمّة الكوكب الواحد” التي أسندت إليها حقيبة التحوّل البيئي، فيما أسندت حقيبة التربية الوطنية إلى إدوار جوفريه، خلفا لإليزابيت بورن.

وسيكون مصير الفريق الحكومي الذي سيقوده لوكورنو مهددا جدا. فباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل القوى اليسارية من الآن إلى عدم منح حكومة لوكورنو الثانية الثقة، فضلا عن التجمّع الوطني اليميني المتطرّف، واتحاد اليمين من أجل الجمهورية بزعامة إريك كوتي.

أما المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية التي تضمّ 69 نائبا فتهدد أيضا بذلك بسبب استيائها جراء مداولات غير مثمرة بشأن مطالبها منذ أربعة أسابيع.

وكان لوكورنو استقال الإثنين بعد 14 ساعة على تشكيل حكومته “لعدم توافر الظروف” لاستمرارها. وقد أعاد ماكرون تكليفه مساء الجمعة. وأكد لوكورنو أنه سيقدم على الخطوة نفسها في “حال لم تعد الظروف متوافرة”.

مستقبل هش

ويجري ماكرون الإثنين زيارة إلى مصر لحضور “قمّة شرم الشيخ للسلام” في غزة، وبالتالي سيعرض النصّ صباح الثلاثاء في مجلس الوزراء.

وتتمثل المشكلة الكبرى في أن فرنسا لا تزال من دون ميزانية للعام 2026 فيما الوقت يداهم. فعلى البرلمان بحسب الدستور أن يحظى بما لا يقلّ عن 70 يوما للنظر في مشروع الميزانية قبل 31 ديسمبر/ كانون الأول.

وباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل التشكيلات اليسارية إلى تقديم مذكرة لحجب الثقة فورا، وهو ما دعا إليه أيضا التجمّع الوطني اليميني المتطرّف وحلفاؤه.

وستكون المجموعة الاشتراكية التي تمتلك 69 مقعدا وحدها قادرة على إنقاذ حكومة لوكورنو الثانية. إلا أنها وضعت شروطا عالية السقف، مطالبة بتنازلات مهمة من بينها التعليق الفوري لإصلاح النظام التقاعدي.

أما حزب الجمهوريين، فأكد للحكومة المقبلة “دعمه مشروعا بمشروع” في البرلمان، الأمر الذي يعني أنه لن يحجب الثقة عنها.

وهذا الإصلاح الرئيسي في ولاية إيمانويل ماكرون الثانية الذي مرر في العام 2023 لرفع سنّ التقاعد القانونية إلى 64 عاما، رغم تظاهرات استمرت لأشهر، يتعرّض لحملة قوية من جانب اليسار.

وقال أوليفيه فور الأمين العام للحزب الاشتراكي في صحيفة “لا تريبون ديمانش”، إن تعليق الإصلاح “لن ينهي النقاش حول الميزانية ومستقبل فرنسا، لكنه سيكون ضمانة حسن نية من جانب الحكومة وإرادة على فتح مرحلة جديدة”.

وأكد رئيس الوزراء من جهته “ما من صفقة مخفية (..) فإما تحجب الثقة ويتمّ حلّ البرلمان وإما لا”.

وتظهر استطلاعات الرأي أن التجمّع الوطني اليميني المتطرّف سيكون المستفيد الأول من احتمال حلّ الجمعية الوطنية مجددا من جانب ماكرون الذي لم يستبعد هذا الاحتمال.

Share This Article